10 أشياء تتميز بها العائلات السعيدة

جاء صديقي من المدرسة الثانوية إلى منزلنا لتناول العشاء في الليلة الماضية، إنَّه رجل أعمال ناجحٌ جداً، وأكنُّ له احتراماً كبيراً، فهو يمتلك شركةً كبيرةً للتداول العام ويديرها شخصياً، بعد تناول عشاءٍ لذيذ تجاذبنا أطراف الحديث معه لبضع ساعات، وتحدَّثنا عن الأيام الخوالي، وفي النهاية قال لي: "إنَّني معجبٌ بك؛ معجبٌ بالحب الذي في هذا المنزل، والحب الواضح بينك وبين زوجتك والعلاقات الوثيقة التي بنيتها وحافظت عليها، وعندما أكون هنا أشعر بأنَّني جزء من العائلة، وإنَّ تكوين أسرةٍ سعيدة هو أحد الأشياء التي لم أتمكن من القيام بها مطلقاً؛ لذا كان من الرائع أن أراها وأشعر بروعتها، وأن أكوِّن جزءاً منها الليلة، شكراً جزيلاً لك".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب مارك كِرنوف (Marc Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن سمات العائلة السعيدة.

عندما جلست لأكتب هذا الصباح، تذكرت على الفور ما قاله لي صديقي، مما جعلني أتساءل: ما الذي يعنيه حقاً تكوينٌ أسرةٍ سعيدة؟ وما هي الأشياء التي تفعلها العائلات السعيدة بطريقة مختلفة؟

فيما يأتي بعض الأفكار التي يجب مراعاتها، لإنشاء عائلة سعيدة:

1. ليس بالضرورة أن تتكون عائلتك ممن تربطك بهم قرابة فقط:

أولاً وقبل كل شيء، لا تتكون الأسرة من الأشخاص الذين تربطك بهم قرابةٌ فقط؛ بل أيضاً الأشخاص الذين يقدِّرون وجودك في حياتهم ويشجعونك على التحسن بطرائق صحية وممتعة، والذين يتقبلونك كما أنت الآن، إضافةً إلى من تريد أن تكون في المستقبل؛ إذ يمكن لأفراد الأسرة أن يكونوا أفضل أصدقائك، كما أنَّ أصدقاءك المفضلين، سواء أكانوا من ذوي القربى أم لا، يمكن أن يكونوا عائلتك.

تُبنى الأسرة بالحب، وليس من خلال شهادات الزواج والطلاق، كما تنمو العائلات من القلب، من خلال الحب والاحترام المتبادلَين، فإذا قطعتَ الروابط العاطفية، سوف تفقد أسرتك، وإذا حافظت عليها، سوف تحافظ عليها؛ لذا ابنِ الروابط مع الأشخاص المناسبين وحافظ عليها، وغذِّها بالحب كل يوم.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح بسيطة لحياة أكثر سعادة

2. يفعلون كل ما في وسعهم لأجل بعضهم بعضاً:

نبني الروابط الأسرية بالحب الحقيقي، والحب الحقيقي ينطوي على الاهتمام والوعي والانضباط والسعي والقدرة على الاهتمام بشخصٍ ما والتضحية من أجله باستمرار بطرائق بسيطة؛ لذا عليك أن تتقبلهم وتحبهم بصرف النظر عن كل شيء، وإن لم يكونوا جديرين بالمحبة، وعليهم بالطبع أن يفعلوا المثل من أجلك.

الأسرة السليمة هي الأسرة التي يستيقظ فيها كل فرد صباحاً، ويقول: "هذه الأسرة تستحق كل العناء، وأنتم جميعاً تستحقون ذلك، إنَّني سعيدٌ جداً لأنَّكم في حياتي"؛ إذ يتعلق الأمر بالتضحية، فسوف يتعين عليك في بعض الأيام القيام بأشياء لا تحبها لجعل الأشخاص الذين تحبهم يبتسمون، والشعور بالسعادة في أثناء القيام بذلك، فهذا ما تعنيه العائلة.

3. يتعاونون في السراء والضراء:

يدعم أفراد الأسرة بعضهم بعضاً خلال التقلبات الحياتية التي لا مفر منها، ويقفون بجانب بعضهم بعضاً في السراء والضراء، فلا شيء ولا أحد سيمنحك ذلك غيرهم، لا مهنتك، ولا رب العمل، ولا عملاؤك، ولا المال، ولا الشهرة.

لا يمكنك أن تَعِدَ شخصاً بأنَّك ستقف بجانبه إلى بقية حياته، لكن يمكنك بصدق أن تقف بجانبه إلى بقية حياتك، ساند أولئك الذين تهتم لأمرهم في أحلك لحظاتهم؛ لأنَّك لا تريد لهم مواجهة الصعاب وحدهم، وواجه الظلمة بجانبهم حتى يتمكنوا من العثور على الضوء، وفي المقابل، قف بجانب هؤلاء الأشخاص أنفسهم في أسعد أيامهم؛ لأنَّك تسعد برؤيتهم يتألقون.

تذكر أنَّ التوقيت هام جداً؛ ففي بعض الأوقات، عليك أن تمنح أحباءك الصمت الذي يحتاجون إليه، وقد تضطر حتى إلى التخلي عنهم لكي ينطلقوا وحدهم سعياً إلى قدرهم، وفي أوقاتٍ أخرى عليك أن تحتفي بنجاحاتهم، أو تساعدهم على استعادة أنفسهم بعد أن ينتهي كل شيء.

4. الجميع قادر على التصرف على طبيعته بارتياح:

أعمق شغف عند الإنسان هو الحاجة إلى أن يُقدِّره الآخرون على طبيعته؛ ففي بعض الأحيان نحاول أن نصور الآخرين بالصورة التي نريدهم أن يكونوا عليها، حسب احتياجاتنا ورغباتنا؛ لكنَّ هذه التصورات تتعارض مع الواقع، وتخالف مصلحتهم ومصلحتنا، وتنتهي دائماً بخيبة الأمل لأنَّها لا تناسبهم.

تذكر أنَّ أساس الحب هو السماح لمن نهتم لأمرهم بأن يكونوا على طبيعتهم، وألا نغيرهم لكي يناسبوا أفكارنا الأنانية، وإلا فإنَّنا نحب أوهامنا فقط، ونغفل جمالهم الحقيقي تماماً.

5. كل فرد مسؤولٌ عن سعادته:

السعادة خيار، وهي لا تعني أنَّ كل شيء على ما يرام؛ بل تعني أنَّك تغضُّ النظر عن النواقص، ولديك خيارات يمكنك اتخاذها كل يوم لتشعر بالسعادة، اختر أن تفعل شيئاً ذا مغزى، والعناية بنفسك، وأن تحيط نفسك بالأشخاص المناسبين، تحلَّ بعقليةٍ إيجابية وعبِّر عن شكرك وامتنانك، واختر أن تسامح الآخرين، وركِّز على ما لديك، وليس على ما ليس لديك.

ابدأ اليوم بتحمل المسؤولية عن سعادتك؛ فالخيار لك، ويمكن لعائلتك دعمك، لكن لا يمكنهم اختيار السعادة لك.

6. يستخدمون لغةً إيجابيةً دائماً:

عليك أن تتجنب التلفظ بالكلمات الحادة والغاضبة في أيِّ علاقةٍ وثيقة في حياتك، وكن حذراً فيما تقوله، فمن السهل أن تقول كلمةً جارحة، لكنَّ الألم قد يدوم وقتاً طويلاً، لا تؤذِ عائلتك أو أي شخصٍ آخر بهذه الطريقة، فكلُّ كلمةٍ تنطقها لها تأثير، وكن صادقاً، لكن أيضاً واعياً لما تقوله وكيفية قوله، واستخدم الكلمات التي تشجع الآخرين وتلهمهم وتعبِّر عن تقديرك لهم.

7. يقولون الصدق ويحفظون الوعد:

إنَّ الكذب والخيانة هما سببان أساسيان لتفكك العائلات؛ لأنَّ الأمور العظيمة تتحطم بسهولة تامة عندما تُبنى على الأكاذيب.

ليست العلاقات العاطفية ما يؤذينا؛ بل الكذب والغش وتحريف الواقع والتلاعب بمشاعر الناس هو ما يؤلم حقاً، وبعد أن تنقض الوعد، لن يفيد الاعتذار شيئاً؛ لذلك لا تعبث أبداً بمشاعر شخص ما لمجرد أنَّك لست متيقناً من مشاعرك، وإن كنت غير متأكد منها بأيِّ شكل، عليك الاعتراف بذلك، وكن صريحاً وصادقاً وثابتاً على مواقفك، وتذكَّر أنَّه عندما تصمت بدلاً من قول الحقيقة، يصبح الصمت كذبةً أيضاً.

8. يخصصون الوقت لبعضهم بعضاً:

إليك حقيقة قاسية عن الحياة: بصرف النظر عن مدى العلاقة التي تربطك مع والديك أو أشقائك أو أقربائك أو أصدقائك، سوف تفتقدهم عندما يرحلون عن حياتك، ويوماً ما سيرحلون حتماً.

عليك أن تخصص وقتاً لمشاركة حبك الصادق مع من تحبهم، واعلم أنَّك مهما قضيت من وقتٍ مع شخص تهتم لأمره ومهما قدَّرته، ستشعر في بعض الأحيان أنَّك لم تحظَ بوقت كافٍ معه، ولا تنتظر المرور بتجربةٍ مؤلمة حتى تتعلم هذا الدرس؛ لذلك عبِّر عن حبك، وأخبر الناس بما تريد أن تخبرهم به، لا تخجل من إجراء المحادثات الهامة؛ لأنَّك تشعر بالحرج أو عدم الارتياح، فلا تعرف أبداً متى قد تفقد فرصتك.

لذا حافظ على تواصل وثيق مع أحبائك وابقَ على اطلاع على ما يحدث في حياتهم، وتواصل دائماً بصدق وشفافيةٍ، وليس لأنَّه الأمر المناسب الذي يجب فعله؛ بل لأنَّهم يستحقون الجهد الإضافي الذي تبذله من أجلهم.

إقرأ أيضاً: كيف تجعل قضاء الوقت مع العائلة أهم أولوياتك؟

9. يقدِّر كل فرد وجود الآخر:

إنَّ الحب يُحدِث تأثيراً إيجابياً في أيِّ علاقة، ولكي نحب علينا أن نتقبل بعضنا بعضاً، وأن نسمح لكل شيءٍ بأن يكون كما هو، دون أن نحاول تغيير الأشياء.

علينا أن نعترف بأنَّنا جميعاً مرتبطون ببعضنا بعضاً ارتباطاً وثيقاً، وأنَّ ارتباطنا يكمن في اللحظة الحالية، وعليك أن تعيش واقع اللحظة قبل أن تتمكن من المساهمة مساهمة فعالة بأي شيء إيجابي فيها؛ فذلك يولد إحساساً بأنَّ حياتنا لها هدفٌ ومعنى، ويسمح لنا بمحبة الآخرين كما هم.

لكن من الصعب أن تعطي كل اهتمامك لشخصٍ ما؛ لأنَّ ذلك يتطلب منك مشاركة نفسك بالكامل معه، بكل ما فيك من ضعف، وأن تكون صادقاً تماماً مع هذا الشخص، وقد يؤذيك هذا الشخص، وقد تؤذيه أنت أيضاً في بعض الأحيان، لكن هذه هي ضريبة الاهتمام؛ فلكي تنعم بدفء الصيف، عليك أن تتحمل برد الشتاء، وعندما تمنح شخصاً اهتمامك، عليك تحمل غيابه.

إقرأ أيضاً: عن التفاؤل وتقدير الذات

10. يتحلَّون بالصبر والتسامح:

مهما كنت صادقاً ولطيفاً، فسوف تؤذي الأشخاص الأقرب إليك أحياناً، وهنا بالضبط تكمن أهمية الصبر والتسامح؛ فالصبر هو القدرة على مسامحة من تحبهم على الرَّغم من استيائك الشديد منهم، والتسامح هو التصديق بأنَّهم لم يقصدوا إزعاجك في المقام الأول.

قد يصعب عليك التحلي بالصبر والتسامح في البداية؛ لكنَّ البذور التي تزرعها الآن ستؤتي ثمارها الحلوة في النهاية.




مقالات مرتبطة