10 أسباب تجعلك تقول وداعاً للخصوصية

تبيّن في العام 2013 أنَّ حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تتجسّس على مواطنيها ومواطني البلدان الأخرى كذلك وهذا ما جعل الجميع يدركون أنَّ الخصوصية أصبحت سلعةً نادرة الوجود، فبينما تستمر التقنية في التقدم لتحيط شيئا فشيئاً بالمزيد من جوانب حياتنا، أصبح من الواضح شيئاً فشيئاً أيضاً أنَّه أصبح في إمكان الجميع أن يودعوا الخصوصية إلى الأبد.



1. القراصنة الإلكترونيون (الهاكرز):

في الوقت الذي تزداد فيه كمية البيانات الشخصية الهامة التي نخزنها عبر الإنترنت، فإنَّ عدد المجرمين والكيانات الخارجية الذين يرغبون في سرقة هذه المعلومات ينمو أيضاً – نحن لا نتحدث هنا فقط عن القراصنة الإلكترونيين الذين يرسلون رسائل التصيُّد الإلكتروني (Phishing) والتي يُطلق عليها في بعض الأحيان رسائل "الأمير النيجيري" (Nigerian Prince). ففي منتصف العام 2014، سُرق 1.2 مليار عنوان بريد إلكتروني واسم مستخدم، بالإضافة إلى 500 مليون سجل تحتوي معلوماتٍ شخصيةً وتجارية من بينها بيانات مصرفية وطبية، وأرقام ضمان اجتماعي.

المشكلة الأكبر هي أنَّك حتى لو كنت حريصاً وحفظت اسم المستخدم وكلمة المرور الخاصين بك على ورقة ودَفنت تلك الورقة في غرفة تحت الأرض تخضع لحراسة عسكرية، ستبقى تلك المعلومات عُرضةً للخطر. ذلك لأنَّ الشركات التي تخزن معلوماتك الشخصية على مخدِّماتها تبقى هي بدورها عُرضةً للقراصنة الإلكترونيين. لذلك إذا كنت تستخدم اسم المستخدم وكلمة المرور نفسيهما في جميع المواقع الإلكترونية، فكل ما يتوجب على القرصان الإلكتروني القيام به حينئذٍ هو أخذ هذه البيانات من أحد المواقع وإدخالها في المواقع الأخرى موقعاً تلو الآخر والتأكُّد ممَّا إذا كانت البيانات هي نفسها في جميع المواقع. لا نستطيع حينها إلا أن نأمل ألَّا يكتشف أين تضع نقودك.

2. برمجيات التعرّف على الوجه:

ليس من المفاجئ أن يصبح موقع "فيسبوك" واحداً من أكبر قواعد بيانات الصور على وجه الكرة الأرضية، ولكن الجزء المثير للخوف من هذه الحقيقة هو السهولة التي تستطيع من خلالها مواقع التواصل الاجتماعي التعرف على وجهك من بين عددٍ لا يحصى من الوجوه الأخرى. وما يثير الخوف أكثر من ذلك هو نظام التعرف على الوجه الخاص بشركة "جوجل" (Google)، حيث يمكن لهذا النظام أن يرسم صور المستخدمين الحاليين عندما كانوا أطفالاً، على الرغم من أنَّ هؤلاء المستخدمين لم يسبق لهم أبداً وأن قاموا برفع صور لطفولتهم على الإنترنت. ولكنَّ الأدهى من كلِّ ما سبق هو أنَّ وكالات الاستخبارات تستخدم الآن كاميرا سرية موضوعة في الأماكن العامة لمراقبة جميع الأشخاص في جميع الأوقات.

لقد أصبحت توضع الكاميرات في الملاعب، والمهرجانات، وحتى دور العبادة لملاحقة المجرمين، والإرهابيين، وغيرهم من الأفراد المطلوبين. المشكلة هي أنَّ قواعد البيانات لا تجمع صور المجرمين فقط، ولكنَّها تجمع أيضاً صوراً لأشخاصٍ عاديين ليس لديهم أيُّ سجلٍ إجرامي وهذا يعني أنَّه يمكن التعرّف على موقعك حيثما كنت، وفي أيِّ وقتٍ كان وذلك بمجرد مطابقة صورتك الشخصية على حسابك على الفيسبوك مع ما لديهم من صور في قواعد بياناتهم.

 

اقرأ أيضاً: 6 معلومات خاصة تجنّب وضعها على فيسبوك

 

3. تقنية التعقّب التجاري:

بعد أن أصبحت برمجيات التعرّف على الوجوه متطورةً مثلما هي الآن، لا عجب ألَّا تكون الحكومة هي الجهة الوحيدة المهتمة باستخدام تلك البرمجيات. فالبائعون أيضاً مهتمون جداً بالإمكانية التي تتمتّع بها برمجيات التعقب في تحليل الإيماءات، والنظرات، وأية إشارات أخرى تصدر عن المستهلك وتؤثر في عملية الشراء. من المهم أن نلاحظ أنَّ التقاط الكاميرات لصورٍ لك عند تواجدك في المتجر ليس شيئاً جديداً، فهذه الكاميرات تُستخدم منذ مدة من الزمن لمنع سرقة المتاجر والتخريب. ولكنَّ الاختلاف في وقتنا الحالي يكمن في أنَّها أصبحت تُستخدَم الآن لمحاولة التنبؤ بعواطف المستهلك واستنتاج نواياه بحيث تستطيع أن تقدم لك الإعلانات في الوقت الذي يزداد فيه احتمال قيامك بعملية شراء. لذلك فإنَّ أنظمة الكاميرات العامة المتواجدة في كل مكان لن تكون مهمتها التعرف على المكان الذي تتواجد فيه بشكلٍ دائم فحسب، ولكنَّها أيضاً ستعرف ما تشعر به وما أنت على وشك فعله، وقريباً سيعرف البائعون عنا أكثر ممَّا نعرف نحن عن أنفسنا.

4. جهاز الـ "كينيكت" (Kinect):

يتضمَّن جهازاً (Xbox One) و(PS4) الخاصَّيْن بشركتي "مايكروسوفت" (Microsoft) و"سوني" (Sony) على التوالي خيار اللعب باستخدام جهازين طَرْفِيَّين إضافيَّين يدعيان الـ (Kinect) بالنسبة لـ (Xbox One) والـ (PlayStation Camera) بالنسبة لـ (PS4) وهما عبارةٌ بشكلٍ أساسي عن كاميرا مرتبطة بميكروفون. يُستخدم كلٌّ من الكينيكت (Kinect) و(PlayStation Camera) عند اللعب لتعقُّب الحركات، وتلقي الأوامر الصوتية، وتهيئة الأجواء للاستمتاع بتجربة لعبٍ أفضل وأكثر شمولاً بالنسبة إلى المستخدمين. ولكن للأسف فإنَّ هذه الأجهزة لديها القدرة أيضاً للتجسس عليك.

إلَّا أنَّ شركتي "مايكروسوفت" (Microsoft) و"سوني" (Sony) أنكرتا بالطبع احتمال استخدامها لهذه الأنظمة للتنقيب عن البيانات أو التجسس على المستخدمين. وادَّعت "مايكروسوفت" (Microsoft) أيضاً أنَّها لن تقوم أبداً بعرض البيانات بشكلٍ طوعي على الحكومة لاستخدامها في برنامج "بريزم" (PRISM program) على الرغم من أنَّها كانت من أوائل الشركات الموقِّعة على هذا البرنامج. وسواءٌ كان هذا التعاون طوعياً أم لا، فإنَّ هذا يطرح السؤال الآتي: هل ستقوم "مايكروسوفت" (Microsoft) بالسماح طوعياً للحكومة باستخدام الـ "كينيكت" (Kinect) للتجسس علينا، أم أن الحكومة ستمضي قدما وتقوم بذلك على أية حال؟

5. تطبيقات التجسس:

ممَّا يثير الذعر أيضاً كيف أنَّ استخدام العديد من هذه التطبيقات جعل من فكرة أنَّ هواتفنا النقالة تتجسّس علينا طوال الوقت أمراً واقعاً. فنحن نعلم أنَّ هذه التطبيقات مزودة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والذي يعطي الشركات وشركات النقل مواقعنا الجغرافية في أي لحظة، ونعلم أنَّ هذه التطبيقات تقوم بجمع أرقام هواتفنا وأسماء حساباتنا. ولكن هل نحن نعلم أنَّها تتجسَّس علينا باستخدام ميكروفونات هواتفنا؟

هذا ما تفعله بالضبط بعض التطبيقات، بما فيها تطبيق "فيسبوك" (Facebook). هذه التطبيقات تجمع البيانات الصوتية من هاتفك في مسعىً منها لكشف كل ما يتعلق بك، بما في ذلك متى تذهب إلى السرير، ومتى تستيقظ، والأوقات التي تشاهد فيها التلفاز، وحتى نوع المواصلات التي تستقلُّها عند ذهابك إلى العمل. والهدف من كل ذلك هو التسويق إلى المستخدمين بشكلٍ أفضل، حتى لو كان ذلك على حساب افتقارنا إلى الخصوصية بشكلٍ كبير. ولكن أكثر ما يثير السخرية في هذا الأمر هو أنَّ قدرة هذه التطبيقات على التجسس عليك تُسوَّق على أنها إحدى الميزات الجميلة بدلاً من كونها غزواً لخصوصيتك.

6. رادار الشرطة الذي يسمح بالرؤية باستخدام الأشعة السينية:

على الرغم من أنَّ القوانين تمنع عمليات التفتيش والمطاردة غير المبررة من دون وجود مذكرة، إلَّا أنَّ هذا لم يمنع أقسام الشرطة من استخدام نظامٍ راداريٍّ جديد يمكنه الرؤية عبر الجدران. تتعقب هذه الرادارات أدنى التحركات لدرجة أنَّها من الممكن أن تشعر بأنفاس الشخص حتى ولو كان يقف على بعد خمسين قدم من الجدار، هذا يعني أن في إمكانها إضافةً إلى إخبارنا ما إذا كان الشخص في المنزل أم لا، معرفة مكان وجوده داخل المنزل، وما إذا كان يتحرك أم لا.

على الرغم من القرارات القضائية التي تشير إلى أنَّه يجب على الضباط الحصول على مذكرة عند استخدام أجهزة المراقبة الإلكترونية التي يمكنها الرؤية من خلال الجدران، إلَّا أنَّ الضباط استخدموا الرادار الجديد للقيام بعملية بحث من دون الحصول على مذكرة وذلك في أواخر العام 2014. لقد أعطت هذه التقنية بعداً جديداً لمقولة "في إمكانك الهرب، ولكن ليس في إمكانك الاختباء".

7. الطائرات من دون طيار:

منذ أن بدأت الطائرات التجارية والخاصة التي تعمل من دون طيار بغزو سماءنا، بدأت تظهر المزيد من المخاوف فيما يتعلق بخصوصيتنا في ظل وجودها. فقد بدأت تظهر المزيد من الشكاوى من قِبَل المواطنين حول الطائرات الخاصة التي تعمل من دون طيار، وفي الوقت نفسه بدأت تتّجه أنظار الشركات الكبرى نحو هذه التقنية لاستخدامها في أغراضٍ تجارية. فقد قامت الشركتان العملاقتان "جوجل" (Google) و"أمازون" (Amazon) بإجراء اختبارات على الطائرات من دون طيار، ولكن الأجهزة المعنية بفرض القوانين بدأت في استخدامها بالفعل لمراقبة الحدود، والقيام بعمليات البحث، والمساعدة في مجالاتٍ أخرى.

لا تعمل الطائرات من دون طيار من دون صوت، ولكنَّه ليس بكل تأكيد مثل ضجيج طائرات الهليكوبتر، بالإضافة إلى أنَّها يمكن أن تطير ضمن مساحاتٍ أصغر. عندما تُزوَّد هذه الطائرات بتقنياتٍ أخرى كالكاميرات، وبرمجيات التعرّف على الوجه، وحتى الأسلحة، تأخذ هذه التقنية المسالمة بعداً أكثر شروراً. تخيّل أسطولاً من العيون في السماء، لا يستريح، ولا يتعب، ويعرف دائماً مكان تواجد أي شيء وأي شخص.

8. كاميرات الأقمار الصناعية:

بعد كل هذا الحديث عن الكاميرات وعن برمجيات التعرّف على الوجوه ستبدأ بالتساؤل من أين ستُلتقَط لي الصورة الآتية. قد تكون الكاميرا ضمن أي متجر، أو في أي طائرة من دون طيار تحوم فوق المدينة، أمَّا الآن فقد أصبح ذلك ممكناً من أبعد مكانٍ تتخيله: من الفضاء. حيث بدأت العديد من الشركات، بما فيها شركة "جوجل" (Google)، بإعداد شبكات من الأقمار الصناعية تستطيع التقاط صور عالية الدقة لأيِّ مكان على سطح الأرض وذلك لاستخدام هذه الصور في برامج الخرائط الخاصة بها والتي تحظى بانتشارٍ واسع، بالإضافة إلى غيرها من الشركات الأصغر حجماً والتي تخطط لبيع هذه الخرائط العالمية.

فبينما أسالت هذه التقنية الكثير من حبر الثناء والإعجاب، لا يمكن لعينٍ أن تخطئ المخاوف المتعلقة بالخصوصية فهذه الأقمار الصناعية ليست طائراتٍ من دون طيار تحوم فوق رؤوسنا ويمكننا رؤيتها بسهولة، ولكنها أجهزةٌ غير مرئية ترى وتسجل كل ما يتعلق بك من شبكتها المدارية التي تعلو سماءنا بأميال عديدة. لقد أكدت "جوجل" على أنَّه على الرغم من قدرتها على تصوير الأشياء بدقة متناهية، إلَّا أنَّ هذه الأقمار الصناعية غير قادرة على تحديد أرقام لوحات السيارات أو ملامح الوجه – حتى الآن على الأقل. ولكنَّ اليوم الذي ستستطيع فيه هذه الأقمار الصناعية رؤية البثور على وجهك أو المكان الذي دفنت فيه كنزك في الحديقة الخلفية آتٍ لا محالة.

9. المقياس الحيوي:

إحدى أجمل الميزات الجديدة التي يُسوَّق لها في الهواتف والأجهزة اللوحية هي المقاييس الحيوية – مسح بصمة اليد بشكلٍ خاص. وعلى الرغم من أنَّ هذه الميزات قد صُمِّمت لجعل الأجهزة أكثر تحصُّناً، فقد ثبت أنَّ بعضها يمكن أن يساعد على اختراق إلى الجهاز، كما أنَّ ثمَّة تحذيراتٍ أيضاً من استخدام البيانات الحيوية بوصفها كلمات مرور (كبصمتك أو علاماتك الوراثية على سبيل المثال).

ومثل بيانات بطاقة الائتمان، فإنَّ بياناتك الحيوية عندما تُخزّن في ملفات على المخدِّمات الحكومية أو على مخدِّمات الشركات، فلن تكون ملكاً لك أو خاضعةً لحمايتك بعد اليوم. والأسوأ من ذلك أنَّه بينما في إمكانك تغيير بيانات بطاقة الائتمان واستبدالها، لا يوجد ثمَّة طريقة لتغيير بياناتك الحيوية (حتى الآن على الأقل). ولسوء الحظ، لم يقِ ذلك الشركات الكبرى من الإصابة بحمى البيانات الحيوية، حيث طوّرت إحدى الهيئات كاميرا تستطيع القيام بعمليات مسح ذات جودة عالية لقزحيات عيون مجموعة من الأشخاص يقفون على بعد عشرة أمتار من الكاميرا. يبدو أنَّ الوقت قد حان لارتداء النظارات الشمسية بشكلٍ دائم.

10. رقائق التحديد عن طريق موجات الراديو:

إنَّ رقائق التحديد عن طريق موجات الراديو هي عبارة عن رقائق صغيرة جداً بحجم حبة رز، وقد استخدمتها شركة عدة مثل "والمارت" (Walmart) عن طريق تثبيتها في منتجاتها مثل الجينزات والثياب الداخلية، وذلك لتتبُّع تحركات المستخدمين والتعرف على عاداتهم. وفي حين أن تثبيتها في الثياب قد يكون أمراً سهلاً، إلَّا أنَّ الأمر يبدو أكثر رعباً إذا ما علمنا أنَّ بعض الأشخاص بدأوا يضعونها في أجسادهم – موظفي إحدى الشركات في السويد بدأوا بالفعل بالقيام بذلك.

من فوائد رقائق التحديد عن طريق موجات الراديو والتي تُعّدُّ قابلة للتثبيت أنّك يمكن أن تخزن عليها معلوماتٍ مثل سجلك الصحي بشكلٍ كامل، حيث يمكن الاستفادة من ذلك في زياراتك للطبيب، أو في حالة الشركة السويدية يمكنها أن تكون بمثابة بطاقات للتعريف عن هوية الموظفين. ولكن لسوء الحظ، يمكن لهذه الرقائق أن تكون بمثابة رقائق تعقب، حيث يمكن لأي شخص يمتلك اهتماماً كافياً بالقرصنة الإلكترونية أن يقرصنها بكلِّ سهولة. يشعر المدافعون عن الخصوصية بقلقٍ بالغ حيال تقديم الشركات وشركات العناية الصحية لحلولٍ تتضمن رقائق التحديد عن طريق موجات الراديو، وتدريجياً مع مرور الوقت سيصبح قبولها والتعامل معها أمراً اعتيادياً، ولاحقاً سيكون إجبارياً (كما كان عليه الحال عند ظهور الإنترنت). عندما يحدث هذا سنصبح جميعاً موسومين بتلك الرقائق، ولن يتبقَّ لنا من الخصوصية إلا ما تبقى منها للحيوانات في الحظائر.




مقالات مرتبطة