وقت ومواضع تكبيرات الحج

إن تكبير الله سبحانه وتعالى من أول الأوامر التي نزلت على رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد جاء هذا الأمر في سورة المدثر، وهي من أوائل السور التي نزلت على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾ [المدثر:1-7]

والتكبير هو لغة التعظيم، لهذا فإنّ تكبيرات الحجاج أثناء أداء فريضة الحج تهدف إلى تعظيم الله تعالى وتبجيله، ولقد أمر الله عز وجل بالتكبير في القرآن حيث قال تعالى ((وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) (البقرة:185)

فيما يلي سنُسلّط الضوء على هذا الموضوع وسنتحدث عن وقت ومواضع التكبيرات الخاصة بالحج.



أولاً: معنى التكبير وقول الله أكبر

التكبير اعتقاد جازم وإيمان راسخ بأن الله جلّ وعلا هو الكبيرُ المتَعَال وأنه سبحانه لا أكبر منه، يتصاغر عند كبريائه كل كبير وإذا أيقن المسلم أنّ ربّه جلّ وعلا هو الكبير المُتَعال وأنّه سبحانه لا أكبر منه يُدرك بذلك أنّ عظمة الله عز وجل وكبرياءه أمر تعجِز العقول عن إدراكه أو تصوره أو معرفة كيفيته، وإذا كانت العقول قاصرة عاجزة ضعيفة أن تدرك عظمة كثير من المخلوقات فكيف بربِّ المخلوقات وخالقها العظيم الكبير سبحانه وتعالى؟!

ثانياً: صيغة التكبير

اختلف أهل العلم حول تحديد صيغة واحدة للتكبير، منها:

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أو: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.

أو: الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.

ثالثاً: منزلة التكبير عند الله سبحانه وتعالى

  1. إن أول حركة او فعل من أفعال المصلي التي يبتدأ بها الصلاة، هي تكبيرة الإحرام هذه التكبيرة التي إذا كبرها الإنسان، دخل رسمياً في حقل اللقاء مع رب العالمين.
  2. أمر الله تعالى بالتكبير خلال الحج، وذلك عن طريق العديد من الآيات الكريمة، حيث قال: (ولتُكملوا العدة ولتُكبروا الله على ما هداكم ولعلّكم تشكرون).

وهنا يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وقوله تعالى "عَلَى مَا هَدَاكُمْ" هذه الهداية تشمل هداية العلم وهداية العمل، وهي التي يعبّر عنها أحيانًا بهداية الإرشاد وهداية التوفيق.

  1. وبالتكبير تُفتحُ أبواب السماء فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: ((بينما نحنُ نُصلِّي مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال رجلٌ من القوم: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بُكرةً وأصيلاً، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: من القائلُ كذا وكذا؟ فقال رجلٌ: أنا يا رسول الله، قال: عجِبتُ لها، فُتِّحت لها أبوابُ السماء. قال ابنُ عمر: فما تركتُهنَّ منذ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ ذلك)).
  2. إنّ أفضل الكلام عند الله تعالى بعدالقرآن الكريم هو التكبير.
  3. عدّ الله تعالى التكبير قرين التهليل، كما وعدّ التسبيح قرين التحميد.
  4. هو من أذكار الباقِيات الصالِحات، وأحبّ الكلام إلى الله أربع: «سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ»
  5. خصّ الله تعالى التكبير بالعديد من المزايا واعتبرهُ أعلى أنواع الذكر وأرفعهُ.
  6. والتكبيرُ مصاحبٌ للمسلم في عباداتٍ عديدةٍ وطاعاتٍ متنوعةٍ؛ يقول الله تعالى في شأن الصيام ((وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) [البقرة:185]، ويقول جلّ وعلا في شأن الحج: ((لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (((لحج:37).
  7. التكبيرِ في الصلاةِ وهي وظيفةُ المسلمِ اليوميةُ، فإنّ التكبيرَ يتكرر مع المسلمِ في يومه وليلته مرّاتٍ عديدةٍ ومراتٍ كثيرةٍ، مما يدلُّ على مكانةِ التكبيرِ العُظْمى ومنزلتُه العليا في حياةِ المسلم.
  8. إنّ الله سبحانهُ قد شرع العديد من العبادات التي يجب على المسلم أن يقوم بها خلال الحج من أجل التكبير وذكر الله، كالطواف، رمي الجمرات، والسعي بين الصفا والمروة.
إقرأ أيضاً: أركان الحج وواجباته وسننه ومحظوراته

رابعاً: أقسام التكبير وأوقاته

التكبير في عيد الأضحى نوعان: تكبير مطلق، وتكبير مقيد:

التكبير المُطلق: وهو التكبير المفتوح والغير مُقيّد بأي شيء، أي أنّه يُسنّ قبل الصلاة وبعدها، في الصباح والمساء، وفي جميع الأوقات، وعادةً ما يبدأ هذا النوع من التكبير منذُ دخول شهر ذي الحجة إلى آخر يوم من أيّام التشريق. وله أن يكبر في الطرقات وفي الأسواق، وفي منى، ويلقى بعضهم بعضًا فيكبر الله. 

التكبير المُقيّد: وهو التكبير الذي يكون مُقيداً بأدبار الصلوات الفرائض، وخاصة إذا أديت في جماعة، كما يشترط أكثر الفقهاء، ويُسن في عشر ذي الحجة، وفي كل أيّام التشريق، ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى غروب شمس آخر يوم من أّيام التشريق.

فيؤدى في مصلى العيد وفي الطريق إليه، وفي الجلوس فيه، وعلى الإنسان أن يكبر، ولا يجلس صامتًا في عيد الأضحى. لأن هذا اليوم ينبغي أن يظهر فيه شعائر الإسلام.

إقرأ أيضاً: موعد الحج وأركانه بالترتيب

رابعاً: مواضع تكبيرات الحج

  1. يُشرع للحاج أن يُكبر عندما يستوي على مركوبهِ أو دابتهِ، فيقول الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
  2. يُستحب أن يُكبر الحاج ثلاث مرات عندما يعلو مكاناً مرتفعاً من الأرض، كالوقوف على الكثبان الرمليّة والجبال، أو عند الإشراف على القفار، ويكون هذا في مسيره من بلده إلى مكة، وفي مسيرهِ في مكة، ومسيره في المشاعر كعرفة، ومنى، ومزدلفة، وفي سعيهِ كذلك بين الصفا والمروة.
  3. يُشرع للحاج أن يُكبّر إن وصل إلى الميقات، واستعدّ للدخول في النسك، واستوى على المركوب.
  4. يُشرع للحاج أن يُكبر عند رؤية الكعبة أو البيت الحرام، وأن يُكبر كذلك عند استلام الحجر الأسود أو مُحاذاتهِ.
  5. يجب على الحاج أن يُكبر عند الاقتراب من نواحي الكعبة، وعند الدخول إلى جوفها، كما ويُشرع لهُ أن يُكبر عند عودتهِ من مِنى إلى عرفات.
  6. يسنّ للحاج التكبير عند المشعر الحرام في مُزدلفة، وذلك بعد أن يُصلي صلاة الفجر من يوم النحر في العاشر من ذي الحجة، حيث يقف عند المشعر الحرام مستقبلاً القبلة لذكر الله وتكبيرهِ.
  7. يُشرع للحاج أن يُكبر صباح يوم النحر، في العاشر من ذي الحجة، بعد أن يسير الحاج من مزدلفة إلى مِنى لرمي جمرة العقبة.
  8. التكبير في عيد الاضحى وهذا التكبيرَ يُشيرُ إلى معنى الهداية في قوله تعالى: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: 185]، وجاء عن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه: "أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كبَّر في عيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرةَ تَكبيرةً، سبعاً في الأولَى، وخمساً في الآخرة، ولم يُصلِّ قَبلَها ولا بَعدَها".
  9. التكبير عند رمي الجمرات والطواف بالكعبة.

وقد ورد في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد). وقال الإمام البخاري في صحيحه: [وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته ب مِنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر ب مِنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً].

 

وأخيراً فإن التكبيرَ ذِكر جليل، وعبادةٌ عظيمةٌ، دعا الله عبادَه إليها ورغَّبَهم فيها، وهو دليل على كبرياء الله سبحانه، وتكراره في هذه المواطن بهذا العدد له أثر إيماني في حياة المسلم، والارتقاء بصاحبه إلى المنازل العالية، والدرجات الرفيعة.




مقالات مرتبطة