وسائل الدعم الدوائية والطبيعية خلال سن اليأس

غالباً ما تُترَك النساء المُسِنات يُعانين هبات الحرارة والتقلُّبات المزاجية وزيادة الوزن والتغيُّرات المفاجئة في مستويات الطاقة إضافة إلى تغييرات جذرية في أجسامهنَّ التي عَرَفْنَها سابقاً، وكأنَّ أجسادهنَّ تحاول إيصال رسالة ترحيبية للكثير منهنَّ بمناسبة بلوغهنَّ سن اليأس، لكن ينبغي لكلِّ امرأةٍ أن تُدرِكَ بأنَّها ليست وحيدةً في ذلك، إلى جانب وجود عدة طرائق للتعامل مع هذه الفترة من الحياة سواء من خلال العلاجات الدوائية أم الطبيعية.



إنَّ سن اليأس ليس مرضاً؛ وإنَّما يمثِّل جزءاً طبيعياً من حياة كلِّ امرأة؛ فكما توجَد مراحل وإيقاعات ونُظُم مُختلِفة لجميع جوانب الطبيعة كذلك يختبر الإنسان عدةَ مراحل وإيقاعات في حياته؛ إذ تدخل المرأةُ في مرحلة سن اليأس بعد 12 شهراً اعتباراً من آخر دورة طمثية لها؛ ولكنَّها تمرُّ بصورة طبيعية قبل ذلك بمرحلة انتقالية تُدعَى فترة ما حول الإياس، والتي يحدُث خلالَها عدم انتظام في الدورة الطمثية مع بدء ظهور علامات سن اليأس.

العلامات الشائعة لفترة ما حول الإياس وسن اليأس:

  1. الحيض غير المُنتظَم.
  2. التقلُّبات المزاجية.
  3. القلق والاكتئاب والغضب والتهيُّج.
  4. التعب.
  5. اضطرابات النوم.
  6. زيادة الوزن.
  7. تغيُّرات في الشهية.
  8. تبدُّلات في الجلد.
  9. انخفاض الدافع الجنسي.
  10. جفاف المهبل.
  11. تغيُّرات في ضغط الدم الشرياني.
  12. تناقُص كثافة العظام.
  13. هبَّات الحرارة والتعرُّق.
  14. ضبابية الدماغ وفقدان الذاكرة.

يشمُل العلاج التقليدي المُتعارَف عليه لمرحلة سن اليأس مضادات الاكتئاب والعلاج الهرموني والإستروجين المهبلي والغابابنتين (يُستخدم هذا الدواء أصلاً لعلاج الصرع، وحالياً يُستخدَم استخداماً واسعاً لتخفيف الآلام وخصوصاً الآلام العصبية)، وأدوية الضغط الشرياني، ويُوصى باستخدام أدوية هشاشة العظام، إضافة إلى وجود خيارات علاجية أخرى.

العلاج الهرموني:

إنَّ أعراض سن اليأس ما هي إلَّا نتيجة لتراجُع مستويات هرمونات البروجسترون والإستروجين والتستوستيرون في الدم؛ ولذلك فإنَّ معظم النساء يَشعُرنَ بتحسُّن جذري عند استخدام العلاج بالهرمونات البديلة؛ إذ يُعَدُّ بديل الإستروجين أحدَ أشيع العلاجات المُستخدَمة، كما ثَبُتَ أنَّه يحسِّن الوظائف الإدراكية المعرفية عند المرأة ويخفِّف من حدوث هبَّات الحرارة، ويحسِّن من كثافة العظام والتي تُعدُّ مسألةً هامة للغاية في وقتٍ لاحقٍ من الحياة ومن الضروري جداً الحفاظُ عليها ومعالجة انخفاضها عاجلاً وليس آجلاً.

من الضروري للغاية إعطاء البروجسترون بالترافق مع الإستروجين؛ وذلك لضمان عدم دخول الجسم في حالة من سيطرة الإستروجين دون مُقاوَمة والتي قد تزيد من خطورة الإصابة بسرطان الثدي والرحم، كما أنَّ البروجسترون لا يَقي من سرطان الثدي فقط؛ ولكنَّه يساعد أيضاً على تهدئة الجهاز العصبي المركزي واسترخائه وتحسين الحالة المزاجية ونوعيَّة النوم.

مع ذلك لا يخلو العلاج بالهرمونات البديلة من الجَدَل؛ فقد ربطَه أحد الأبحاث بعديد من المخاطر الصحية المُحتمَلة، وقد نتج عن ذلك أنَّ الوكالات الصحية ومن ضمنها "إدارة الغذاء والدواء" (FDA) نصحَت بعدم الإفراط في استخدام هذه العلاجات البديلة، كما أدَّى هذا البحث إلى ترويج صانعي الأدوية للمُعالَجة المُعيضة بالهرمونات الحيوية المُطابقة والتسويق لاستخدامها.

لقد أصبح مُصطلَح (الهرمونات الحيوية المُطابِقة) شائعاً وطنَّاناً في مجموعات مُكافحة الشيخوخة؛ ويعني ببساطةٍ أنَّ هذه الهرمونات التي تُدخَل إلى الجسم مُشابهة ومُتماثلة مع الهرمونات التي يُنتجها الجسم بصورة طبيعية؛ إذ يُفضَّل مُحاكاة الجُزَيئات الهرمونية الطبيعية للجسم قدرَ الإمكان، ممَّا يقلِّل من احتمالية الإصابة بالتأثيرات الضارة طويلة الأجل.

لقد ارتبط استخدام الهرمونات التركيبية الاصطناعية غير المُطابِقة حيوياً مع زيادة خطورة الإصابة بسرطان الثدي والسرطانات النسائية المرتبطة بالهرمونات والجلطات الدموية واحتشاء عضلة القلب والسكتة الدماغية.

رغم أنَّ مسوِّقي الهرمونات الحيوية المُطابقة يقدِّمونها ويصوِّرونَها على أنَّها بديلٌ أكثر أماناً من الهرمونات التركيبية الاصطناعية، إلَّا أنَّ "إدارة الغذاء والدواء" و"جمعية السرطان الأمريكية" (American Cancer Society) قد لاحظَت عدم وجود دراسات واسعة النطاق ومُصمَّمة جيداً لدعم هذه الادِّعاءات والمزاعم؛ ومن ثَمَّ ما يزال يجب على الأطباء السريريين توخي الحذر واتِّباع إرشادات "إدارة الغذاء والدواء" باستخدام أقل جرعة ممكِنة من الهرمونات بنوعَيها لأقصر فترة زمنية؛ وذلك للتخفيف من أعراض سن اليأس.

يُعَدُّ بديل التستوستيرون وديهيدرو إيبي أندروستيرون أيضاً من العلاجات الهرمونية الحيوية المُطابقة والتي تُساعِد على تخفيف الأعراض عند النساء خلال سن اليأس، كما ثَبُتَ أنَّ العلاج بالأندروجين مفيدٌ في تحسين انخفاض الدافع الجنسي، إضافة إلى تحسين الإدراك والمزاج وكثافة العظام.

شاهد: 5 نصائح للنساء لاستقبال سن الأربعين بنجاح

العلاج بتعديل أسلوب الحياة:

يعتمد جزءٌ كبيرٌ من المداواة الطبيعية على تشجيع الجسم البشري على الشفاء ودعم نفسه بنفسه؛ وهذا يستلزم استخدام العلاج بتعديل نمط الحياة والعلاج الغذائي والتداوي بالأعشاب وطب التجديد؛ إذ تعمل هذه العلاجات من خلال دعم الفيزيولوجيا الأساسية للمرأة.

لأنَّ سن اليأس هو عملية طبيعية عند المرأة وفي ظلِّ وجود مخاطر مرتبطة باستخدام العلاج بالهرمونات البديلة؛ فمن الأفضل استخدام العلاجات والأساليب الطبيعية قبل الخيارات الدوائية عند الاستجابة لمرحلة سن اليأس والتعامل معها، وإن لم توفِّرْ هذه الأساليب الطبيعية راحةً تامةً من الأعراض، فإنَّها تقلِّل الجرعات المطلوبة من العلاجات الهرمونية البديلة عند النساء اللواتي يسعَيْنَ لاستخدامها بعد ذلك.

أولاً التغذية؛ والتي تؤدي دوراً كبيراً في تعديل حالة زيادة الوزن والحالة المزاجية عند المرأة، إضافة إلى دعمِها الجسمَ لإنتاج الهرمونات والنواقل العصبية الخاصة به، وغالباً ما يُحدِث الحفاظُ على مستويات جيدة وصحية لسكر الدم من خلال تناول مزيد من البروتينات والصيام المتقطِّع وتجنُّب تناول السكر بالكامل تأثيراً عظيماً فيما يخصُّ هبات الحرارة والاكتئاب وزيادة الوزن غير المرغوبة خلال سن اليأس.

ينبغي لمَن يُريد أن يعلمَ مدى فاعلية حِميته الغذائية ودورِها في خدمته استشارة الطبيب في إجراء معايرة لسكر أو غلوكوز الدم وهرمون الأنسولين والهيموغلوبين الغليكوزيلاتي أو السكري (HbA1c)؛ وذلك للتأكُّد من أنَّها ضمن المجالات الطبيعية المُثلى.

كما يُعَدُّ الحصول على نومٍ جيد وكافٍ هاماً للغاية، فهو يساعد على تقليل التوتُّر والتأثيرات الضارة للالتهاب والهرمونات الناجمة عن التوتر على الجسم، كما استُخدِمَ العلاج المعرفي السلوكي لعلاج الأرق الذي يُصيب النساء في سن اليأس، وكانت له نتائج وتأثيرات جيدة؛ فقد ساعد على تحسين قدرة المُشارِكات على النوم، ولكن بقي بعض منهنَّ يُعانين الاستيقاظ خلال الليل.

التداوي بالأعشاب:

زوَّدتنا الطبيعة بأدوات إضافية لمساعدتنا على تنظيم الهرمونات في أجسامنا في جميع مراحل الحياة، وقد استُخدِمَت الأعشاب في علاج سن اليأس لعدَّة قرون، وما سنذكره تالياً من أنواع الأعشاب ما هوَ إلَّا عدد قليل من الأعشاب التي استُخدمت ودُرست:

1. عشبة كوهوش السوداء أو الأقتى العنقودية:

تُعَدُّ عشبة كوهوش السوداء أو الأقتى العنقودية ممتازةً للمساعدة على تخفيف أعراض سن اليأس؛ فهي تساعد على تعديل الهرمونات وتنظيمها وتهدئة واسترخاء الجهاز العصبي، وتؤدي دوراً داعماً مُضاداً للاكتئاب، كما أنَّها معروفة جيداً في مساعدتها على تقليل هبات الحرارة، وقد أظهرت إحدى الدراسات التي أجراها الباحثون في "ألمانيا" (Germany) أنَّ عشبة الكوهوش السوداء تحسِّن من أعراض سن اليأس بدرجة أكبر من العلاج الوهمي الذي استُخدِم في الدراسة.

يمكن لهذه العُشبة أن تُؤخَذ وحدها؛ ولكنَّها توجد أيضاً في المُنتَجات المُركَّبة المُستخدَمة لتعديل الهرمونات، ويمكن أن تتراوح الجرعة المُوصَى بها بين 40 ملغ وَ2 غرام يومياً من مسحوق جَذر النبات المُجفَّف اعتماداً على الأعراض التي تعانيها المرأة والتاريخ المرضي.

شاهد أيضاً: 6 نصائح للتعامل مع الزوجة في سن اليأس

2. عشبة الماكا أو حبة الرشاد:

وهي نوعٌ آخر من الأعشاب الفعَّالة في تنظيم وتعديل الهرمونات، ولطالما استُخدِمَت أيضاً في تحسين الدافع الجنسي والخصوبة الإنجابية منذ وقتٍ طويل، وقد أظهرت الدراسات التي أُجرِيَت على الحيوانات إمكانية هذه العشبة وقدرتها على تقليل الآثار السلبية لفقدان هرمون الإستروجين على كثافة العظام، ممَّا سيمثِّل نعمةً بالنسبة إلى المريضات المُعرَّضات للإصابة بهشاشة العظام.

مع ذلك ينبغي توخي الحذر؛ إذ تشير بعض الأبحاث إلى أنَّ الماكا قد تنظِّم بعض العمليات في الجسم والتي تزيد من هجرة أنواع مُعيَّنة من خلايا سرطان الثدي، ويفضِّل مُعظَم المرضى تناول الماكا على شكل غليسيريت بدلاً من أكل النبتة، فطعمُها يُشبه إلى حدٍّ ما حلوى الزبدة؛ ولكنَّها متوافرة أيضاً بسهولة على شكل مكمِّل غذائي.

3. حشيشة الملاك الصينية أو "أنجليكا أرخانجيلكا" (Angelica sinensis):

وهي عشبةٌ أخرى تُستخدَم منذ قرون مضَت لمساعدة النساء على إدارة أعراض سن اليأس وعلاجها والتخفيف منها؛ فهي عامل تعديل هرموني قوي وفعَّال.

تساعد على خفض ضغط الدم الشرياني وتقليل الالتهاب الجهازي، بينما تُعَدُّ الأبحاث المُجراة على استخدام هذه العشبة وحدها خلال سن اليأس مُختلَطة أو متضاربة؛ إذ تُظهِر بعض الدراسات تحسُّناً طفيفاً أو معدوماً عند استخدامها نسبةً إلى الحالات القياسية أو المعيارية لسن اليأس والتي لم تُستخدَم فيها هذه العُشبة.

إقرأ أيضاً: 6 وصفات طبيعيّة للتخلص من أعراض سن اليأس

في ضوء ما سبق ومن الناحية السريرية فقد لُوحِظَت نتائج استثنائية وعجيبة لاستخدام حشيشة الملاك الصينية بالاشتراك مع عشبة كوهوش السوداء وعشبة الماكا وغيرِها من الأعشاب المعدِّلة للهرمونات أكثر من أيِّ عشبةٍ تُستخدَم وحدها؛ فثمة تأثير تآزريٌّ قيِّمٌ للغاية في طب الأعشاب ما يزال قيدَ الدراسة والتقييم؛ إذ تتفاعل المكوِّنات العشبية مع بعضها تماماً كما قد تتفاعل الأدوية مع بعضها، ويمكنها أحياناً أن تضاعفَ التأثيرات المُفيدة لها على المريضات.

إقرأ أيضاً: 6 فيتامينات ومعادن تحتاجها المرأة بعد انقطاع الطمث

في الختام:

إن كنتِ من النساء اللواتي يُعانين أعراض سن اليأس، ننصحكِ ببدء العمل وإجراء التدخُّلات المناسبة على حميتك الغذائية ونوعية نومِكِ وأسلوب حياتكِ، واعتمدي على الأعشاب الداعمة وفقاً لنصيحة طبيبكِ وعُدِّي العلاج الهرموني بوصفه ملاذاً أخيراً؛ وذلك لزيادة دعم صحَّتك الجسدية على الأمد الطويل وجعل عملية انتقالك إلى مرحلة سن اليأس صحيةً والتقليل من أعراضها قدرَ الإمكان.




مقالات مرتبطة