هل يمكن أن تكون مصاباً بفيروس كورونا دون أن تعلم؟

مع التقارير التي يُصدِرها مسؤولو الصحة حول نتائج الفحوصات الإيجابية، وامتلاء وحدات العناية المركَّزة بمزيدٍ من المرضى؛ يتزايد القلق من كوفيد-19. توحي عديدٌ من هذه التقارير بأنَّ الفيروس لم يبدأ الانتشار بهذه الأعداد الضخمة إلَّا مؤخَّراً، لكنَّ خبراء الصحة يقولون أنَّ الفيروس كان موجوداً في بعض البلدان منذ أسابيع سبقت اكتشافه، وأنَّ بعض الناس أُصيبوا به بلا شكٍ، لكنَّهم لم يعلموا ذلك.



يقول الطبيب (لي رايلي)، رئيس قسم الأمراض المُعدية وعلم اللقاحات في كلية بيركلي للصحة العامة في جامعة كاليفورنيا: "نعم، من الممكن أن تُصاب دون أن تعلم"، ويضيف الطبيب (رايلي)، قائلاً: "كلَّما كان تاريخ مرضك أحدث، ازداد احتمال أن يكون ذلك المرض كوفيد-19، لكن يبقى هذا الاحتمال ضعيفاً".

يبيِّن الطبيب (رايلي) أنَّ الخضوع إلى فحوصات الكشف عن كوفيد-19 لم يبدأ بشكلٍ جدِّيٍّ إلَّا مؤخَّراً، إذ يقول: "لا زال ظهور نتائج الاختبارات يحتاج إلى بضعة أيام، ولا تُبلَّغ النتائج -عادةً- إلَّا بعد إجراء عددٍ معيَّنٍ من الاختبارات". بمعنى آخر: ثمَّة فجوةٌ زمنيةٌ بين الأرقام التي نراها وحقيقة انتشار الفيروس، ومن المحتمل -بحسب المنطقة التي يقطنها الفرد- أن يكون ثمَّة بعض الأشخاص الذين أُصيبوا بكوفيد-19 قبل عدة أسابيع -أو حتى قبل شهرٍ أو أكثر في بعض الحالات- دون أن يعلموا ذلك.

بينما تختلف الجداول الزمنية الخاصة بانتشار الفيروس من مكانٍ إلى آخر، يُقدِّم الطبيب (رايلي) لنا قاعدةً من واقع خبرته، تقول هذه القاعدة: "حينما تشهد مدينتك أو بلدتك حالة وفاةٍ مؤكَّدةً بسبب كوفيد-19، فالفيروس موجودٌ في محيطك منذ حوالي أسبوعَين على الأرجح". يقول أيضاً: "اعتماداً على المعلومات التي جُمِعَت حول الفيروس في الصين، فإنَّه لمن المحتمل جدَّاً أن يُصاب الأشخاص الذين يحملون الفيروس بأعراضٍ خفيفة؛ وفي بعض الحالات، قد لا تظهر عليهم أعراضٌ إطلاقاً".

إقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن فيروس كورونا الجديد؟

يقول الطبيب (ساندرو جليا)، عميد كلية الصحة العامة في جامعة بوسطن: "معظم الناس في الحقيقة تظهر عليهم أعراضٌ خفيفةٌ جدَّاً"، ويضيف الطبيب (جليا): "إنَّ حوالي 80% من الأشخاص الذين يصابون بالفيروس لا تظهر عليهم إلَّا أعراض خفيفة، مثل: ارتفاعٍ طفيفٍ في درجة الحرارة، أو السعال؛ وإنَّ أولئك الناس قد يَعزُون تلك الأعراض -خطأً- إلى نزلات البرد الشائعة، أو إلى بعض الأمراض العادية الأخرى". يقول (جليا): "من الممكن بكل تأكيدٍ أن تُصاب بالمرض، وألَّا تعرف ذلك".

فلنفترض أنَّك عانَيتَ أعراضاً تشبه أعراض نزلات البرد أو الإنفلونزا في وقتٍ من الأوقات خلال الأسابيع القليلة الماضية، ما احتمال أنَّك كنت مصاباً بكوفيد-19؟ لا يستطيع أحدٌ أن يعطي جواباً مؤكَّداً، لكنَّ (رايلي) يقول: "إنَّ 10% تقريباً من الناس الذين خضعوا لاختبار الكشف عن الفيروس حتَّى هذه اللحظة، تبيَّن أنَّهم مصابون به فعلاً". يقول (رايلي): "هذا يعني أنَّ كثيراً من هؤلاء الناس الذين يعانون أعراضاً ظاهرةً على أجهزتهم التنفسية، والذين خضعوا للاختبار، مصابون بأمراضٍ أخرى".

حتَّى لو ظهرت عليك جميع أعراض فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الأساسية -والتي هي وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها: ارتفاع درجة الحرارة، والسعال، وضيق التنفُّس- فأنت تعاني على الأرجح مرضاً آخر.

لكن أثمَّة طريقةٌ للتأكُّد من ذلك؟ إذا اختفَت الأعراض، فأنت غير مصابٍ بالمرض على الأرجح. يقول (رايلي): إنَّ الطريقة الوحيدة للتحقق من حالات المرض السابقة هي إجراء "اختبار الأجسام المضادة" (antibody test)، الذي قد لا يستطيع التفريق بين كوفيد-19 والأشكال الأخرى المعروفة من فيروسات كورونا. وفي الوقت الحالي، فإنَّ هذا الاختبار ليس متاحاً بالنسبة إلى كوفيد-19". حتَّى لو كنت تعاني سعالاً دائماً، أو بعض آثار المرض الأخرى؛ لا ينصحك الدكتور "رايلي" أن تجري اختبار كوفيد-19. إذ قد يفرض عليك الذهاب إلى الأماكن التي تتوافر فيها المواد اللازمة لإجراء الاختبار، مقابلة أشخاصٍ يحملون الفيروس، ومرضى آخرين مصابين بجراثيمٍ قد تنتقل إليك.

لا معنى لأن تفرض على نفسك مقابلة أشخاصٍ مريضين، إلَّا إذا كنت مضطراً تماماً إلى ذلك، ويُفضَّل أن تبقى في منزلك عوضاً عن ذلك.

يضيف (رايلي) قائلاً: "إنًّ الاستثناء الوحيد في هذه الحالة، أن تكون مضطراً إلى الاحتكاك بقريبٍ لك كبيرٍ في السن، أو بشخصٍ يعاني ضعفاً في جهاز المناعة. في هذه الحالة يجب عليك أن تعلم إن كانت الأعراض التي تظهر عليك مرتبطةً بكوفيد-19 أم لا". يقول (رايلي): "في حالاتٍ فردية، قد يكون ثمَّة ما يُبرِّر الحاجة إلى إجراء الاختبار".

إقرأ أيضاً: كيف تحصن جهازك المناعي في ظل تفشي فيروس كورونا؟

لكن، تذكَّر أنَّك لن تحصل على نتائج الاختبار إلَّا بعد بضعة أيام، وحتى لو جاءت نتيجة اختبار كوفيد-19 سلبية، فيجب عليك ألَّا تنشر المرض الذي لديك أيَّاً كان إلى الأشخاص العزيزين على قلبك، سواءً كانوا مرضى أم كباراً في السن.

سواءً أجريتَ الاختبار أم لا، وإذا كنت تعتقد بأنَّك أُصِبت بكوفيد-19؛ فقد تتساءل أيضاً إن كان من الممكن أن تُصاب به مرةً أخرى. يقول الطبيب (جليا): "سؤالٌ جيِّد. لا زالت إجابة هذه السؤال غير مؤكَّدةٍ بعد، لكن من المحتمل أن تتشكَّل لدى الشخص بعض المناعة، بعد أن يُصاب بكوفيد-19. لكن من غير الواضح إن كانت تلك المناعة كاملةً أم لا". هذا يعني أنَّك في حال أصبت به مرةً أخرى، فمن المحتمل جدَّاً أن تكون الأعراض خفيفةً، أو ألَّا تظهر أيُّ أعراض.

 

المصدر




مقالات مرتبطة