هل شركتك بيئة سيئة لأصحاب الأداء العالي؟

عندما تقول الشركة: "الموظفون هم أهم ما يميزنا"، فإنَّها عادةً ما تعني أنَّ أصحاب الأداء العالي هم الأهم؛ فالأشخاص ذوو الأداء العالي هم الذين يعقدون الصفقات ويبتكرون المنتجات ويحافظون على العلاقات مع العملاء.



ونظراً لأهمية الموظفين الرائعين، فمن الطبيعي افتراض أنَّه لا يوجد مسؤول تنفيذي يخطط لإنشاء ثقافة تنظيمية غير جذابة، ناهيك عن الإضرار بأصحاب الأداء العالي، ومع ذلك وبقدر ما يبدو هذا صادماً، فإنَّ هذا ما يحدث في العديد من المؤسسات.

في الدراسة الأخيرة التي أجرتها شركة "ليدرشيب آي كيو" (Leadership IQ)، تبيَّن أنَّ ما يقرب من نصف المؤسسات قد شكلت تجربة سيئة لأفضل موظفيها، وكان ذلك سيئاً بما فيه الكفاية؛ ففي تلك الشركات كان أصحاب الأداء المنخفض هم الأكثر سعادة؛ لذا فإنَّ أفضل الأشخاص هم الذين سيستقيلون، بينما من المرجح أن يبقى الأقل فاعلية.

من خلال مطابقة نتائج استطلاع مشاركة الموظف مع بيانات تقييم الأداء السنوي لـ 207 مؤسسة، تبيَّن أنَّ كونك موظفاً ذا تصنيف عالٍ لا يعني السعادة أو الإنجاز. وفي الواقع، في 42% من الشركات التي تمت دراستها، كان الأشخاص الذين حصلوا على أعلى درجات تقييم الأداء، لديهم مشاركة أقل للموظفين من أولئك الذين حصلوا على أقل درجات التقييم.

كيف يمكن أن يكون موظفوك معظمهم ذوو التصنيف العالي أقل تفاعلاً من الأشخاص الذين لديهم أقل درجات تقييم؟ فكر في شكل حياة العديد من أصحاب الأداء العالي. تخيل أنَّك "المدير" وقد سمعت للتو بأنَّه يجب عليك تقديم عرض تقديمي رئيس في غضون 48 ساعة، وإذا أفسدت الأمر، فسوف تنهار حياتك المهنية. ستحتاج إلى أحد العاملين لديك ليقضي الليل كله ويساعدك على إعداد هذا العرض التقديمي، لذا فممَّن ستطلب أن يعاني معك في اليومين المقبلين؛ أفضل موظف لديك أم الأسوأ؟ بالطبع سوف تطلب من أفضل شخص لديك.

شاهد بالفديو: 6 مهارات يبحث عنها أصحاب العمل عند اختيار الموظفين

عندما يحدث هذا الموقف نفسه مرة أخرى بعد بضعة أسابيع، مَن الذي ستكلفه بالعمل طوال الليل؟ مرة أخرى سوف تطلب من أفضل موظف لديك. في كل قسم يوجد شخص أو شخصان أو ثلاثة أشخاص يُكلَّفون باستمرار بأصعب المشاريع والمواعيد النهائية الحرجة والمواقف الأكثر إرهاقاً؛ وذلك ليس لأنَّهم فظيعون ونريدهم أن يعانوا؛ بل لأنَّهم الأفضل، ولكن في العديد من الشركات، يعني الأداء العالي أن تكون لديك أصعب وظيفة.

ومما يزيد الأمور سوءاً أنَّه بينما يبقى صاحب الأداء العالي دون نوم لمدة 48 ساعة لإنشاء مجموعة شرائح مذهلة لعرضك التقديمي الكبير، يكون في هذه الأثناء أسوأ موظف لديك قد تناول عشاءً مريحاً في المنزل متبوعاً بساعات نوم كاملة. ربما تُكافِئ أصحاب الأداء العالي على جهودهم غير العادية بقليل من التقدير الإضافي أو مكافأة أكبر، ولكن للأسف هذا لا يحدث كثيراً، وحتى عندما يحدث، فإنَّه عادةً ما يكون غير منطقي.

في دراسة أخرى وجدنا أنَّ 96% من الموظفين والمديرين والمديرين التنفيذيين يوافقون على أنَّ أصحاب الأداء العالي يجب أن يحصلوا على مكافآت وتقدير أكثر من أصحاب الأداء المنخفض، ولكنَّ 22% فقط قالوا إنَّ قائدهم يميز دائماً بين أصحاب الأداء العالي والمنخفض، بينما قال 45% إنَّ مديرهم نادراً أو أبداً ما يفعل ذلك.

من الواضح أنَّ الكثير من الشركات تكافح للتمييز بين أصحاب الأداء الأفضل ومكافأتهم أو تكريمهم بشكل مناسب، وربما لن يكون هذا مشكلة إذا كانت هذه المنظمات تقدم بدلاً من ذلك فرص نمو وتطور مذهلة لأصحاب الأداء العالي. للأسف، أظهرت دراسة أخرى أنَّ 20% فقط من الموظفين يقولون إنَّ قائدهم يؤدي دائماً دوراً نشطاً في مساعدتهم على النمو وتطوير إمكاناتهم الكاملة؛ وعلى النقيض من ذلك، يقول 29% من الموظفين إنَّ قائدهم نادراً ما يؤدي دوراً فعالاً في مساعدتهم على التطور.

إقرأ أيضاً: هل الأشخاص الكسالى هم أفضل الموظفين؟

نحن لا نتحدث عن الأمر هذا لإخافتك أو لإحباطك؛ بل نريد منك أن تدرك المخاطر؛ فغالباً ما يعمل الموظفون ذوو الأداء العالي بجدية أكبر ويتطوعون أكثر ويستجيبون في جميع الأوقات؛ إذ إنَّ هذا رائع وهو جزء من كونهم من ذوي الأداء العالي، ولكنَّ الجانب السلبي هو أنَّنا إذا جعلناهم يعملون بجهد باستمرار ودون راحة أو مكافأة أو فرص للتطوير، فإنَّنا نجازف بخسارتهم.

المصدر




مقالات مرتبطة