هل تحديد الهدف في منتصف المهمة أفضل من تحديده في نهايتها؟

تقول نظرية تحديد الأهداف الكلاسيكية أنَّك تحدد هدفاً أولاً، ثمَّ تضع خطَّة لتحقيقه، وأخيراً تبدأ في التنفيذ، وفي الآونة الأخيرة بدأت أشكِّك في حكمة هذا النهج، ولكن الآن أنا أميل إلى الاعتقاد بأنَّه بالنسبة إلى أنواع معينة من الجهود فالأفضل تحديد الهدف في منتصف المشروع، في البداية قد تتساءل كيف يمكن تحديد الهدف في منتصف المشروع، ألا يحدد الهدف المشروع نفسه؟

بشكل عام توجد عدة جوانب مختلفة لعمل خطة، وقد لا يكون بعضها ضروريَّاً للبدء.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "سكوت ه. يونغ" (Scott H. Young)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته في تحديد الأهداف في منتصف المهمة.

صفات المشروع:

عادة ما يكون لأيِّ هدف أو مشروع الصفات الآتية:

1. طموح عام أو دافع:

على سبيل المثال الحصول على جسمٍ رشيق أو تعلُّم اللغة الفرنسية.

2. هدف محدَّد:

على سبيل المثال خسارة 7 كيلوغرامات أو التحدُّث بطلاقة.

3. إطار زمني أو موعد نهائي:

على سبيل المثال خلال 6 أشهر.

4. القيود أو الأساليب:

على سبيل المثال عن طريق تناول سعرات حراريَّة أقل وممارسة الرياضة كل يوم.

5. الانطباع العام عن الجهد / الوقت المطلوب:

على سبيل المثال بضع ساعات أسبوعياً من الجهد المعتدل.

هذا هو الأساس فقط، يمكن أن تحتوي الخطة على كثير من التفاصيل مثل: المحطات الرئيسة، والجداول الزمنية، والمقاييس، وأنظمة المساءلة، والتدريب، وما إلى ذلك.

يتضح من هذه الفكرة أنَّ الهدف ليس في الحقيقة شيئاً واحداً؛ بل مجموعة من الميزات المختلفة مجتمعةً، من المحتمل أن يكون بعضها ضروريَّاً لأيِّ عملٍ تؤديه طوعاً في اتجاه معين؛ لكنَّ بعضها اختياري.

في الواقع ما لم تكن شخصاً يحدد أهدافه بأسلوبٍ ممنهج فمن المحتمل أن تنفِّذ المشاريع غالباً من دون العناصر المذكورة أعلاه.

السؤال الذي نحتاج إلى الإجابة عنه إجابة صحيحة عند تحديد الأهداف: "متى يجب أن تكون هذه العناصر كلها موجودة؟".

يذكُر بعضهم بأنَّ هذه العناصر كلها يجب أن تكون موجودة قبل بدء العمل، في حين يذكر بعضهم الآخر أنَّه بالنسبة إلى مجموعة فرعية من الأهداف قد يكون من الأفضل تأجيل تحديد الشكل النهائي منها.

شاهد بالفيديو: 8 أخطاء شائعة في تحديد الأهداف

ما هي الأهداف التي يجب أن تُحدَّد في منتصف العمل؟

كانت المرة الأولى التي تعثرتُ فيها في عملية تحديد الأهداف في منتصف مشروع لتعلم اللغات مع أحد أصدقائي.

أُصلِحَت عدة جوانب من خطتنا: الإطار الزمني (ثلاثة أشهر في كل بلد)، الطريقة (عدم التحدث باللغة الإنجليزية، بعض الدراسة) والجهد المطلوب (على مدار الساعة قدر الإمكان).

ما كان ينقصنا هو وجود هدفٍ محدد، بصراحة لم نكن متأكدين من المستوى الذي سنصل إليه؛ لذلك لم نتكلف عناء وضع هدف محدد (مثل التحدث بطلاقة أو اجتياز اختبار لغة معين).

في البداية ظننتُ أنَّ هذا قد يكون سلبياً قياساً بالطريقة المعروفة في تحديد الهدف من البداية، بعد إجراء هذه العملية وجدتُ أنَّها أفضل بكثير من النهج المعتاد؛ إذ يتيح تحديد هدف في المنتصف ضبط مستوى التحدي والتوقعات عندما يكون لديك قدرات معينة، ولقد طبقت هذا النهج نفسه عندما كنت في الصين لإجراء اختبار اللغة الصينية في نهاية إقامتي، ولكن الأهم من ذلك أنَّني اتَّخذت هذا القرار فقط بعد شهر ونصف في الصين، فكان بإمكاني توقُّع تقدُّمي وتحديد المستوى الذي يمكن تحقيقه.

يشير هذا إلى قاعدة عامَّة محتملة: عندما لا نكون على يقين بشأن المستوى الذي يمكن تحقيقه خلال إطار زمني معيَّن، فمن الأفضل تعيين الهدف المحدد في منتصف العملية، وليس في البداية.

هذا لا يعني أنَّه لا يمكن حدوث أي تخطيط؛ ببساطة يمكنك أن تخطط باستخدام المتغيرات التي لديك قدرة على التحكم بها: الاتجاه العام، والإطار الزمني، ومستوى الجهد، والاستراتيجيات، والقيود.

مزيد من الأفكار التي تبرر تحديد الهدف في منتصف العمل:

حتى الآن كنت أجادل في أنَّه يجب تحديد الأهداف غير المؤكَّدة في منتصف العمل؛ من أجل تحديد مستوى التحدي المناسب تحديداً فعالاً يحقق أقصى استفادة من الجهد المبذول، ومع ذلك فقد صدفت أخيراً بحثاً يشير إلى أنَّه قد يكون هناك سبب آخر.

تُجمِع الأبحاث المنشورة في هذا الصدد إلى حد ما على أنَّ تحديد الأهداف يحسِّن الأداء، وأنَّ الأهداف الصعبة عادةً ما تكون أفضل من الأهداف السهلة، وأنَّ التغذية الراجعة جيدة، وهذه جميعها أشياء مُتوقَّعة، ولكن ما وجدته مثيراً للاهتمام هو أنَّ بعض الأمثلة معاكسة لهذا الاتجاه، خصوصاً على مستوى المهام الفردية.

تُظهر بعض الأبحاث أنَّه بالنسبة إلى المهام المعقدة على وجه الخصوص يمكن أن يقلل تحديد الأهداف فاعلية الأداء؛ مُبرِّر ذلك هو أنَّ المهام المعقَّدة تتطلَّب مواردك المعرفية الكاملة، وعندما تراقب أداءك فإنَّ هذا يتطلَّب أيضاً موارد معرفية، وعبء العمل الإضافي هذا يعرقل الأداء.

يُشكل هذا ضربةً مزدوجة لمشاريع التعلم التي يكون موضوعها أو المهارات التي فيها غامضة نسبيَّاً، فتعاني هذه المشاريع من درجة عالية من القلق؛ لذلك من السهل جداً تحديد أهداف ذات سقف توقعات إمَّا مرتفع جدَّاً أو منخفض جدَّاً.

تُعَدُّ هذه المشاريع مُرهِقة معرفيَّاً في البداية، وغالباً ما تكون محبطة؛ لأنَّك لا تستطيع تنفيذها على نحو مناسب، قد يؤدي تحديد الأهداف في ظل هذه الأجواء إلى إعاقة التقدم.

هل هذا ينطبق على جميع الأهداف؟

أظنُّ أنَّ النَّهج السائد في وضع أهداف محددة يُجدي نفعاً في المجالات المعروفة نسبيَّاً، فيمكن استخدام الإنجازات السابقة على أنَّها معايير للنجاح في المستقبل، هذه الأهداف أكثر وضوحاً ومن المرجَّح أن تستفيد من الدِّقة والتَّحفيز المتزايدين اللذين يمكن أن يعززهما هدف صعب منذ اليوم الأول.

إقرأ أيضاً: كيف تحدد أهدافك في الحياة؟

على مستوى المشروع غالباً يكون تحديد الأهداف أكثر فائدة بمجرد أن تصبح مهارتك أكثر نُضجاً، ويعدُّ تحديد الأهداف عنصراً هاماً في التطبيق المدروس، عندما يكون الفرد قد حقق بالفعل أداءً مناسباً وأصبح الهدف الآن هو التحسين المستمر، ومع ذلك فقد تؤدِّي إلى نتائج عكسية في مجالات جديدة تماماً؛ فمن الممكن أن تربكك.

إقرأ أيضاً: تحديد الأهداف: كيف تحدد أهدافاً قابلة للتحقيق؟

في الختام:

إذا وجدت نفسك تسأل كيف يمكنك معرفة ما يمكن أن تحققه فهذه علامة جيدة ولكن عليك الانتظار لتحديد هدف محدد، يمكنك الحفاظ على الجهد والجدول الزمني مقيداً بدلاً من ذلك، ولكن بالنسبة إلى معظم الناس يعني هذا عادةً حالةً من الشك، ومن ثمَّ يكون من الأسهل متابعة الهدف دون بذل جهد (لأنَّه سهلٌ جدَّاً) أو التخلي عنه (لأنَّه كان صعباً للغاية).




مقالات مرتبطة