هل التغيير المحوري محاولة يائسة أم استراتيجية عمل فعالة؟

يدلُّ مصطلح "التغيير المحوري" الآن على تغيُّر ملحوظ في العمل يتراوح بين معتدل إلى جذري، ويهدف التغيير المحوري عادة إلى مساعدة الشركات التجارية على التعافي بعد فترة قاسية.



 أو الاستمرار بعد مواجهة منافسة جديدة أو عوامل أخرى تجعل نموذج العمل الأصلي غير مستدام، ولكن هل تُعدُّ التغييرات المحورية استراتيجية عمل سليمة حقاً، أم أنَّها مجرد محاولة يائسة لإنقاذ شركة فاشلة؟

أمثلة متضاربة:

استناداً إلى القصص المتداوَلة، توجد أمثلة لا حصر لها على تغييراتٍ محورية أجرتها شركاتٌ ناشئة نجح بعضها وفشل بعضها الآخر، على سبيل المثال: بدأ تويتر أولاً (Twitter) كمنصة تُدعى أوديو (Odeo) تهدف إلى العمل كقناة توزيع وشبكة اجتماعية لنشر وسماع البودكاست، وعندما أطلقت شركة آبل التقنية (Apple) بودكاست آيتيونز (iTunes)، لم تستطع أوديو (Odeo) المنافسة؛ لذلك اشترك مؤسِّساها إيفان ويليامز (Evan Williams) وبيز ستون (Biz Stone) مع أحد الموظفين فيها ويُدعى جاك دورسي (Jack Dorsey) لإنشاء منصة تويتر (Twitter) من البداية؛ واستجابةً للمنافسة، غيَّر المؤسِّسون نموذجهم الأصلي.

كذلك تأسَّس موقع غروب أون (Groupon) بعد فشل تطبيق اجتماعي يسمى ذا بوينت (The Point) في اللحاق بالركب، ولم يظهر إنستغرام (Instagram) إلَّا بعد الركود الأولي لتطبيق مشابه يسمى بوربون (Burbn).

الإبلاغ عن الشركة المنهارة:

يمكن أن تؤدي دراسة النجاحات إلى حالةٍ تُعرَف باسم انحياز البقاء؛ لذلك دعونا نلقي نظرة على بعض حالات الفشل.

توضِّح قاعدة بيانات شركة سي بي إنسايت (CB Insights) لتحليل الأعمال التي تتحدث عن 242 شركة ناشئة كان مصيرها الانهيار المشكلة إلى حد ما، فوفقاً لتلك الدراسة، عزا ما يقرب من 10% من روَّاد الأعمال الفاشلين الذين شملهم الاستطلاع فشلهم في بعض الجوانب على الأقل إلى سوء التغيير المحوري، بينما عزا 7% ذلك جزئياً إلى الفشل في التغيير المحوري؛ لكن لا تعطي هذه الإحصاءات الصورة الكاملة بالطبع، والعمل الذي يتطلب التغيير المحوري في المقام الأول هو عمل تجاري تشوبه مشكلات أخرى أكثر تعقيداً ودوافع للفشل.

وينطبق الأمر كذلك على الأعمال التجارية التي فشلت في التغيير المحوري، فلا بد أنَّها خرجت من المنافسة نتيجة صعوبات أخرى، على سبيل المثال: تشير 42% من الشركات إلى نقص حاجة السوق كسبب لفشل استئناف العمل، وهذا هو السبب الأكثر شيوعاً؛ ومع ذلك، يشير انتشار مشكلات فشل التغيير المحوري وسوء التغيير المحوري إلى أنَّ التغيير المحوري خيار هام يجب على الشركات الناشئة النامية مراعاته؛ ولكن من الشائع حدوث الأخطاء.

وبالنظر إلى قدرة التغيير المحوري المجدية على إصلاح أيِّ سبب من أسباب الإخفاق، لا ينبغي عد التغيير المحوري فعلاً يائساً؛ بل هو استجابة معقولة لبعض المشكلات والظروف الشائعة.

شاهد بالفيديو: 8 أسباب وراء فشل المشاريع التجارية

استئناف الأعمال:

يلجأ قلَّة من روَّاد الأعمال إلى التغيير المحوري كفرصة أخيرة للنجاة، وفي كثير من الأحيان، يواجه روَّاد الأعمال قراراً صعباً في موقف تتصاعد فيه التحديات مثل خسارة المال أو مواجهة منافسين لا يمكنهم التغلب عليهم، وبناء على ذلك فإنَّهم يعرفون أنَّ شركتهم الناشئة لا يمكنها أن تسير على النهج نفسه، فأحياناً يكون التغيير المحوري هو الخيار المنطقي الوحيد إذا أرادوا أن يستمر عملهم التجاري.

التغيير المحوري استراتيجية شائعة إلى حد ما، فوفقاً لرائد الأعمال فريد ويلسون (Fred Wilson): "من بين الشركات الـ 26 التي تعاملت معها خلال حياتي، أجرت 17 منها تحوُّلات كاملة أو تحوُّلات جزئية لأعمالها بين الوقت الذي تستثمره والوقت الذي تتقاضى عليه الأجر"، وعلى الرغم من صغر حجم العينة؛ إلا أنَّ هذا يشير إلى احتمال أنَّ ثلثي الأعمال التجارية تتطلب تغييراً محوريَّاً في مرحلة ما لتحقيق النجاح.

إقرأ أيضاً: 5 استراتيجيات تساعدك على استئناف العمل بعد أن تفقد حماستك تجاهه

الخسائر:

إذاً ما هي سلبيات التغيير المحوري؟ إن شعرت بأنَّ عملك في طريقه إلى الفشل، فعليك بإصلاح نموذج العمل إصلاحاً جذرياً على أنَّه وسيلة لتقليل الخسائر مصمَّمة خصيصاً للحد منها بدلاً من تراكم خسائر جديدة، ومع ذلك يمكن أن يكلِّفك التغيير المحوري مبالغ كبيرة، فإن استثمرت سلفاً 1.5 مليون دولار في مشروع، فقد تحتاج إلى ضخ مليون دولار إضافي للموارد والتوظيف والبنية التحتية اللازمة للحفاظ على التغيير الحاصل.

يجب ألا نغفل أيضاً تكلفة إعادة بناء السمعة؛ إذ لا بد لك من التغيير المحوري إذا كان عملك يواجه الصعوبات، وإن حوَّلت مسار عملك وواجه الصعوبات مرة أخرى، مما يتطلَّب تغييراً محوريَّاً ثانياً، وهنا تظهر مشكلة، فقليلةٌ هي الشركات الناشئة التي تنجح في التغيير المحوري الثاني؛ وذلك لأنَّ المستثمرين سيكونون قد خسروا التمويل مرتين، وسوف يُحمِّلون القرارات السيئة التي اتُّخِذَت والموظفين مسؤولية خسارتهم.

إذاً هل التغيير المحوري استراتيجية عمل سليمة؟ هذا سؤال غير موضوعي ومفتوح للنقاش؛ ولكن يشير العدد الهائل لعمليات التغيير المحوري الناجحة وتوقُّعات أصحاب رأس المال المجازفين إلى ضرورة التغيير المحوري على أنَّه أهم من أن يكون مجرد استراتيجية يائسة للهروب من انهيار محتوم.

ولنكون أكثر دقة، يجب ألا تتَّكل على التغيير المحوري لإنقاذك من مأزق صعب، ويجب ألا تفترض أنَّ التغيير المحوري سوف يعيد لشركتك عافيتها على الفور؛ لكن تستحق الاستراتيجية النظر فيها كخيار عملي لتحويل نهج عملك وزيادة فرص استمراره.

 

المصدر




مقالات مرتبطة