هل أنت قائد استراتيجي؟

يتواجد في معظم الشركات قادةٌ ذوو مهاراتٍ تشغيليّةٍ قويّةٍ تَلزَمُ لإبقاء الوضع الراهن في أفضل حال، لكنّهم يواجهون عجزاً خطيراً؛ فهم يفتقرون إلى وجود أشخاص في مناصب قياديّة ممن لديهم الدراية والخبرة والثقة اللازمة لمعالجة ما يسميه علماء الإدارة باسم "مشكلات مستعصية - Wicked Problem". ليست هذه المشكلات يومية أو سطحيّة؛ إذ لا يمكن حلّها عن طريق إصدار الأوامر فقط، فقد تبدو أسبابها غير مفهومة وحلولها غير مؤكّدة، وغالباً ما تتطلّب من الشركات تغيير الطريقة التي تؤدي بها أعمالها. بالمناسبة؛ تواجه معظم مؤسسات اليوم نوعاً من هذه التحديات وبشكلٍ مستمر.



ففي دراسةٍ أجرتها مؤسسة (PwC) عام 2015 على 6000 من كبار التنفيذيين للوقوف على مدى انتشار هذا النقص؛ سُئل المشاركون سلسلةً من الأسئلة المفتوحة وكشفت إجاباتهم عن تفضيلاتهم القياديّة، والتي تمّ تحليلها بعد ذلك لتحديد أكثر أنواع القادة بروزاً. ليتبيّن أنَّ 8% فقط من المشاركين هم قادة استراتيجيون أو مؤثرون في مجال قيادة التغيير.

تشير الدراسة إلى أنَّ القادة الاستراتيجيين هم على الأرجح من النساء (تمّ تصنيف 10% من المشاركات نساء في مقابل 7% من الرجال). ويزيد عدد القادة الاستراتيجيين مع تقدّم العمر (كانت أعلى نسبة من القادة الاستراتيجيين بين المشاركين في سن 45 وما فوق).

يميل هؤلاء القادة إلى امتلاك عدّة سمات شخصيّة مشتركة:

  • بحيث يمكنهم تحدّي النظرة السائدة بذكاءٍ شديدٍ ودون إثارة الغضب أو السخرية.
  • وكذلك يمكنهم العمل على الصور الكبيرة والصغيرة في الوقت نفسه.
  • ويتحلّون بالشجاعة اللازمة لتغيير مسارهم إذا تبيّن عدم صواب منهجهم.

تتنوّع أساليب القيادية بين توجيه التساؤلات وتوفير الدعم عند الحاجة، وبين المشاركة والتشاور، وبين إصدار الأوامر والتوجيهات؛ وذلك في ظلٍّ من التواضع وإظهار الاحترام والتقدير تجاه الآخرين.

قد يبدو من المحبط أن نرى مثل هذه النسبة الصغيرة من كبار القادة والذين يمكنهم أن يكونوا قادة استراتيجيون. والتوجه مع مرور الوقت لا يبشّر بأيّ تحسّن في المدى القريب. حيث أُجرِيَ الاستطلاع نفسه في عام 2005، فتمّ تحديد 7% فقط من المشاركين كقادة استراتيجيين. وبعبارةٍ أخرى، خلال عقدٍ تميّز بتحولاتٍ متذبذبةٍ وتغييراتٍ كبيرةٍ في الاكتشافات التكنولوجيّة والأزمات الماليّة والتغيرات الديموغرافية، وغيرها من القوى العالمية الرئيسة؛ بالكاد تحرّكت مؤشرات القيادة من 7% في عام 2005 إلى 8% في عام 2105.

ماذا نقصد بالقيادة الاستراتيجيَّة؟

تشير القيادة الاستراتيجيّة إلى: إمكانات القائد للتعبير عن رؤية استراتيجيّة للمؤسسة، أو عن جزءٍ منها. ليس ذلك فحسب، بل وإلى تحفيز وإقناع الآخرين بالعمل وفقاً لتلك الرؤية.

كما يمكن تعريف القيادة الاستراتيجية أيضاً على أنَّها: توجيه استراتيجية المؤسسة من أجل قيادةٍ أفضل للموظّفين والتأثير عليهم وتنفيذ التغييرات التنظيميّة المناسبة وفقاً لذلك.

يقوم القادة الاستراتيجيون بإنشاء هيكلٍ تنظيميٍّ وتخصيص الموارد والتعبير عن الرؤية الاستراتيجية، ويعملون في بيئة عملٍ غامضةٍ وعلى موضوعاتٍ شائكةٍ تُؤثر وتتأثر بالأحداث والمتغيرات الداخلية والخارجية.

بالنظر إلى النسبة المئوية الصغيرة من القيادات الاستراتيجية المجهزة لإدارة التغيير على نطاقٍ واسع، غالباً ما تضطر الشركات إلى جلب قادةٍ من الخارج. وهنا مكمن الخطورة؛ فقد لُوحظ في عددٍ لا يحصى من المؤسسات وعلى مرّ السنين، أنَّ التغيير الكبير في المؤسسات يُحقِّقُ نجاحاً أكبر إن تمّت قيادته من الداخل من خلال قيادة المؤسسة نفسها.

والأكثر إثارةً للقلق أن تغيّب هذه الفجوة القيادية عن الأنظار بحيث لا يُدرِك أحدٌ أنَّ كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة لا يتصرفون بشكلٍ استراتيجي. والأسوء من ذلك أن لا أحد يرغب في لفت الانتباه إلى تلك الفجوة. وبالتالي، لا تظهر هذه الفجوة إلا عندما تواجه الشركات تحدياً كبيراً لطريقة عملها التقليدية وتتطلع إلى من ينقذها في لحظات حياة أو موت الشركة. عندها فقط تكتشف الشركات أنَّ القيادة الحالية ليست على مستوى المهمّة الاستراتيجية المُناطَةِ بها.

ما الذي تهدف إليه القيادة الاستراتيجية؟

الهدف الرئيس للقيادة الاستراتيجيّة هو تحسين الإنتاجيّة بشكلٍ استراتيجيٍّ مستدامٍ على المدى الطويل، الهدف الآخر للقيادة الاستراتيجية هو تطوير بيئة يحقق فيها الموظفون احتياجات المنظمة في سياق أداء وظائفهم الفردية، حيث يشجع القادة الاستراتيجيون الموظفين على تحقيق أهدافهم الخاصة التي تتوافق مع استراتيجية المؤسسة وتحقق أهدافها. ويمتلك القادة الاستراتيجيون القدرة والمهارة للاستفادة بشكلٍ أكبر من نظام المكافآت والحوافز لتشجيع الموظفين المنتجين وذوي الكفاءة على إظهار أفضل أداء خدمة لمؤسساتهم.

تتمحور القيادة الاستراتيجية في المؤسسات حول الإبداع والتصوّر والتخطيط لمساعدة الفرد في تحقيق أهدافه وغاياته.

إقرأ أيضاً: الشخصيّة القياديّة وأهم الصفات التي تجعل منك قائدًا ناجحًا

هل تمتلك خصائص القيادة الاستراتيجية؟

عادةً ما تتطلّب القيادة الاستراتيجية القدرة على التنبؤ ببيئة العمل وفهمها بموضوعيّة، والقدرة على إلقاء نظرةٍ على الصورة الكبيرة للمؤسسة. لذا سنتطرق في السطور القادمة إلى عشرة صفات رئيسة تقود القادة الاستراتيجيين الفاعلين إلى التفوق في الأداء ضمن مؤسساتهم، والتي سنقوم بتقسيمها إلى 3 مجالات على الشكل الآتي:

خصائص القيادة الاستراتيجية

1. المجال الأول، المهارات القيادية:

  1. الولاء للرؤية المؤسسية: يُظهِر القادة الأقوياء والفاعلون ولاءهم لرؤيتهم من خلال كلماتهم وأفعالهم وقراراتهم وطرائق تفكيرهم. ويمكن أن ترى ذلك في تصرفاتهم وسلوكاتهم ونتائج أعمالهم؛ إذ يمكن للقادة الاستراتيجيين بناء الرؤية، والتعبير عنها وإبرازها بحماسةٍ ودفعها إلى الإنجاز.
  2. الاستخدام الحكيم للسلطة: يستخدم القادة الاستراتيجيون سلطتهم وقوتهم بشكلٍ حكيمٍ جداً؛ فهم حريصون على استثمار نفوذهم ومهاراتهم في بناء إجماعٍ داخليٍّ طوعي حول الأفكار والقرارات التي يطرحونها، بدلاً من فرض أفكارهم على الآخرين. كما يقدمون أفكارهم بصورةٍ تدريجية هادئة بُغية الحصول على القَبول والموافقة؛ فيما يعرف بمهارة "بيع القرار".
  3. الاستعداد لتفويض المسؤوليات: القادة الفعّالون يتقنون فنَّ التفويض الإداري. إنَّهم يدركون جيداً أنّ التفويض سيجنبهم تحمّل المسؤوليات المتزايدة. كما أنَّهم يدركون حقيقة أنَّ تفويض المرؤوسين لاتخاذ القرارات سيحفزهم لتحقيق أداءٍ أفضل.

2. المجال الثاني، المهارات المعرفية:

  1. الاطلاع على المستجدات: يطلع القادة الاستراتيجيون على ما يجري داخل مؤسساتهم، ويمتلكون العديد من مصادر المعلومات الرسمية وغير الرسمية في المؤسسة التي تبقيهم على اطلاعٍ مستمرٍّ بالمستجدات وتوظيفها بما يخدم أهداف المؤسسة.
  2. امتلاك طيفٍ واسعٍ من المعرفة: بالإضافة إلى تَمَكُّنِهِم العملي في مجال تخصصهم؛ فإنَّ القادة الاستراتيجيون لديهم قدرٌ معقولٌ من المعرفة حول الكثير من الأشياء حولهم؛ فهم يطبقون مفهوم "من كلّ بستانٍ زهرة، ومن كلّ علمٍ قطرة".
  3. الحافز للإنجاز: لدى القادة الاستراتيجيين الحماسة للعمل الذي يتجاوز حدود المال أو السلطة؛ فلديهم رغبةٌ جامحةٌ لتحقيق الأهداف مع وجود كثيرٍ من الدافع النفسي والتصميم والإرادة، والتعلّم المستمر للمعارف والمهارات.

3. المجال الثالث، المهارات الاجتماعية:

  1. الوعي الذاتي: يجب أن يكون لدى القادة الاستراتيجيين القدرة على فهم الحالة المزاجية والعواطف الخاصة بهم، وكذلك تأثيرهم على الآخرين.
  2. ضبط النفس: بحكم الوعي الذاتي العالي لدى القادة الاستراتيجيين؛ فهم يمتلكون القدرة على التحكم في المزاج والرغبات المقلقة، والقدرة على التفكير بعمق قبل الإتيان بأيّ تصرّف.
  3. إظهار التعاطف: يُظهِرُ القادة الاستراتيجيين تفهمهم لوجهات نظر ومشاعر مرؤوسيهم، واتخاذ القرارات بعد النظر فيها ومراجعتها.
  4. بناء شبكة علاقات استراتيجية: يكون القادة الاستراتيجيون على درجةٍ عاليةٍ من الودّ والقدرة على إنشاء شبكة علاقات اجتماعية؛ وتوظيفها من أجل تحقيق مصالح المؤسسة وأفرادها.
إقرأ أيضاً: استشراف المستقبل والفجوة الاستراتيجية للقادة

كيف ندرب القادة الجدد على المهارات الاستراتيجية؟

تمنحنا معرفتنا لمهارات القائد الاستراتيجي الفرصة على بناء منهجيةٍ دقيقةٍ وبيئة عملٍ مناسبةٍ لتطبيق المهارات. وفيما يلي أهم 3 استراتيجيات تُمَكِّنُ من تحقيق ذلك:

1. منح الثقة والمسؤولية:

يكتسب القادة الاستراتيجيون مهاراتهم من خلال الممارسة التي تتطلّب قدراً كبيراً من الاستقلال الذاتي؛ لذا يجب على كبار القادة منح بعض الصلاحيات للصف الثاني ولمن هم دونهم في الهيكل التنظيمي، إلى أن تعمَّ هذه المبادئ في المؤسسة. بعبارةٍ أخرى؛ تمكين الموظفين على جميع المستويات من اتخاذ القرارات ذات الصلة في مجالهم.

يتيح مبدأ منح الثقة والمسؤوليّة للقادة المحتملين الفرصة لمعرفة ما يحدث عندما يخاطرون، وما هي درجة المخاطرة المقبولة، ويزيد من ذكاء القادة وقدرة المنظمة على التكيّف مع المتغيرات والتحديات بمرور الوقت؛ وذلك من خلال الاستفادة من خبرات من هم خارج التسلسل الهرمي في صنع القرار.

لننظر من خلال هذه القصة ماذا يحدث عندما نمنح جزءاً من المسؤولية: ففي مصفاة لتكرير النفط على الساحل الغربي للولايات المتحدة الامريكية، كاد أن يتسبب عطلٌ تقنيّ في إحدى محطات المعالجة بتوقّف المحطة عن العمل لمدة ثلاثة أسابيع. عادةً ما يحدث في مثل هذه الحالات، أن يُؤخذ قرارٌ مباشرٌ وسريعٌ بالإغلاق، لكنَّ الشركة كانت قد وضعت مؤخراً سياسة منح المسؤولية؛ حيث شجعت هذه السياسة إحدى العاملات في المحطة باقتراحٍ عن حلٍّ ممكن، وهي التي كانت تعلم لسنواتٍ بوجود طريقةٍ أفضل لمعالجة المشاكل الفنيّة في المصفاة، لكنَّها لم تَبُح بها من قبل؛ لأنَّها لم تشعر بأيّ مسؤوليةٍ أو ملكيةٍ تجاه المصفاة قبل ذلك. اعترض المهندسون على فكرتها في البداية، لكنَّ بعض الفنيين وقفوا معها، وكذلك فعل كبير الفنيين. وفي النهاية، تمّ تبنّي فكرتها ولم تفقد المصفاة نتيجةً لذلك ساعةً واحدةً من الإنتاج.

عندما يتمّ منح الأفراد جزءاً من المسؤولية والصلاحية، فإنَّهم يكتسبون المزيد من الثقة والمهارة. وعندما تكون فرص إحداث الفرقْ متوافرة في جميع أنحاء المؤسسة، يصبح مفهوم "نحن قادرون" جزءاً من هويتها.

2. الشفافية وتدفق المعلومات:

جاءت فكرة الهياكل التنظيمية في المؤسسات -والتي تمّ تبنيها من قِبل المنظمات الكبيرة- من المؤسّسة العسكريّة؛ حيث تمّ تصميمها خصيصاً للحدّ من تدفّق المعلومات. ولربما كانت الحاجة إلى ذلك وفقاً للمفهوم العسكري من منطلق أنَّ المعلومات تعادل القوة الناعمة. وعند تطبيق ذلك في المنظمات المعاصرة بحيث تتوفّر المعلومات لأشخاصٍ محددين ولمن يهمه الأمر فقط؛ يتعيّن على المسؤولين -غير المحددين- اتخاذ القرارات بغير هدىً وفي ظلّ غياب المعلومات اللازمة؛ فهم لا يعرفون ما هي الموجّهات لاستراتيجية المؤسسة وقراراتها. وقد يكون من الصعب تخمين ذلك عندما لا تتوفر بيئة عملٍ تشجّع على فهم الصورة الكبيرة في المؤسسة، أو توفّر الإجابات المقنعة حول الأسئلة أو الاستفسارات التي تبرز عند تنفيذ القرارات أو التعليمات.

علاوةً على ذلك، عندما يفتقر الناس إلى المعلومات الصحيحة، فإنَّ ذلك قد يقوّض ثقتهم في قادتهم أو شجاعتهم في اقتراح أفكار تختلف مع توجهات القادة. وصحيحٌ أنَّنا قد نحتاج إلى إبقاء بعض الأسرار التنافسيّة -مثل التي تتعلّق بالمنتجات قيد التطوير أو الخطة التسويقية أو فتح أسواق جديدة- قيد الكتمان، لكن إن أردنا للموظفين أن يكونوا قادة استراتيجيين؛ فهم بحاجة إلى قاعدةٍ عريضةٍ من المعلومات. ومن بين الشركات التي تستخدم هذه الممارسة شركة ساوث ويست إيرلاينز (Southwest Airlines)، وهارلي ديفيدسون (Harley-Davidson) وغيرها؛ ممن يتمتعون جميعاً بنموٍّ مستمرٍّ بعد تبنّي ممارسات واضحة للشفافية.

إقرأ أيضاً: دور القائد في بناء الصورة الكبيرة في المؤسسات

3. إنشاء مسارات لطرح الأفكار المبتكرة وتجربتها:

تقديم وتطوير الأفكار مهارةٌ رئيسةٌ للقادة الاستراتيجيين. والأهمّ من ذلك هو القدرة على ربط أفكارهم مع رؤية المؤسسة والصورة الكبيرة بحيث تخلق قيمةً مضافةً إليها. وإيجاد طرق ميسّرة للموظفين لإبراز أفكارهم الإبداعية، إذ يساعد القادة موظفيهم على تعلّم كيفية الاستفادة من إبداعاتهم وأفكارهم في تطوير المؤسسة. يختلف هذا النهج بوضوحٍ عن النهج الذي تتبعه المؤسسات التقليدية، حيث يقتصر مسار الأفكار الإبداعية على المدير المباشر للموظف؛ والذي قد لا يقّدر قيمة الفكرة، أو قد يسرقها من صاحبها أو ينسبها لنفسه أو يمنعها من المضيّ قُدُمَاً ويخنق بذلك الحماس المتّقد.

قد يظنّ البعض أنَّه من المفيد القيام بخلاف ذلك؛ والسماح للموظفين بتقديم الأفكار دون تمييز ودون إيلاء الكثير من الاهتمام للأفكار وجعلها تأخذ مسارها الطبيعيّ في التطوّر بحيث تتكاثر مع مرور الوقت وتظهر بعدئذٍ إلى السطح وتتبلور. لكن قد يصبح من المستحيل تقريباً فرزها ومعرفة صاحبها، وبذلك تضيع أفضل الفرص والأفكار في ظلّ فوضى تشابك الأفكار تلك. لذا ينصح بإنشاء مجموعةٍ متنوعةٍ من القنوات لتقديم الأفكار الإبداعية، والتي قد يكون بعضها عبارةً عن منتديات متعددة الوظائف تُمكِّنُ الموظفين من تقديم الأفكار إلى مجموعةٍ من أقرانهم المتشابهين معهم في طريقة التفكير، ومن وضعها موضع الاختبار.

يمكن أن يكون هناك أيضاً توجيهٌ شخصيٌّ (Coaching)، حيث يقوم المفكرون الواعدون في بداية حياتهم المهنية، بالتسجيل في برامج الإرشاد الشخصيّ للحصول على إرشاداتٍ من قادة مهيئين جيداً لمساعدتهم على بناء مهاراتهم. والعكس صحيح؛ يمكن أن تأتي بهيئة توجيهٍ شخصيّ (Coaching) من الأقل خبرةً إلى الأكثر خبرة؛ بحيث يشارك فيها الموظفون الأصغر سناً ويتشاركون معرفتهم بالتكنولوجيا الجديدة مع أحد الموظفين الأكثر رسوخاً وخبرة. وقد قدمت غوغل (Google) مثلاً يُحتذى عن مجموعةٍ واسعةٍ من القنوات لتشجيع الابتكار في الشركة.

في الختام:

قد تصل في مرحلةٍ ما إلى النقطة التي لا تهتمّ فيها بدورك كقائدٍ استراتيجيٍّ فحسب، بل وترغب أيضاً في منح الفرصة للآخرين ليصبحوا قادةّ استراتيجيين؛ لكن سيتطلّب ذلك امتلاكك رؤيةً واضحةً لقيمة المواهب من حولك.

إنَّه لمن الصعب على أيّ قائدٍ القبول بحقيقة أنَّ القادة المحتملين قد لا يمتلكون ما يلزم من الخبرات والمهارات لقيادة المؤسسة مستقبلاً. والأصعب هو معرفة أنَّ الأشخاص الذين لديهم القدرة القياديّة الاستراتيجيّة مقيدون بالممارسات التنظيمية الحالية، وأنَّه لا يجري استثمارُ طاقاتهم تلك فتذهب أفكارهم وقدراتهم هباءً منثوراً. لذا عليك أن تكون شجاعاً ومقداماً لتمهيد الطريق أمام من يستحق، وتطبيق المبادئ العشرة المذكورة في هذا المقال بدقّةٍ واحترافيّة. وقد تكون هذه الخطوة الأهمّ في ختام مسيرتك المهنية لنجاح شركتك - وربما حتى لبقائها.

 

المراجع:




مقالات مرتبطة