نموذج التواصل الفعال ذو العناصر الأربعة (The 4Cs Model)

ما الذي يجعلك تتذكر إعلاناً تلفزيونياً، أو تصميماً لأحد المنتجات، أو حملةً تسويقية؟ لماذا تستمع إلى سياسيين أو قادة أعمال معينين وتشيح بوجهك عند ذكر آخرين؟ لماذا تخشى فتح الرسائل عندما تعلم أنَّها مُرسلةٌ من أشخاص محددين، وتسارع إلى فتحها حال وصولها إلى صندوق واردك عندما تعلم أنَّها مُرسلةٌ إليك من أشخاصٍ آخرين؟



يتعلق الأمر كله بالتواصل. فعندما تكون عملية التواصل في صلب الموضوع، وذات صلةٍ به، ومثيرةً، وتستحق الاهتمام، فإنَّها ستدفعك – أنت المستمع أو القارئ – إلى التحرك.

إنَّ التأثير في الناس ليس عمليةً سحرية، فكل ما تحتاج إليه هو التواصل الفعال. يمكن لأيِّ شخصٍ أن يكون قادراً على التواصل بشكلٍ فعال باستخدام أداةٍ بسيطة تتمتع بقدرةٍ عجيبة على تحديد السبب الكامن وراء كون أي رسالة تواصل فعالة أو غير فعالة، وكيف يمكن تحسين هذه الرسالة. تُدعى هذه الأداة نموذج العناصر الأربعة: الفهم، والارتباط، والمصداقية، والانتشار.

لقد طُوِّر نموذج العناصر الأربعة في الأصل بوصفه أداةً لتقويم تأثير المواد الإعلانية والتسويقية. فقد استخدمته شركات بارزة مثل "دونكين دوناتس" (Dunkin’ Donuts)، و"سويف شامبو" (Suave Shampoo)، و"بريرز آيس كريم" (Breyers Ice Cream) في تطوير حملاتها التسويقية التي لاقت بالفعل قبولاً لدى الناس ونجحت في بناء رابطٍ عاطفي بينها وبين مستهلكيها. الجيد في الأمر أنَّك لست في حاجةٍ إلى أن تكون كاتباً خبيراً أو أحد عباقرة التسويق لكي تتقن التواصل، والجميل في نموذج العناصر الأربعة أنَّه سهل الفهم، كما أنَّه يُطبَّق بسهولة على أيَّة عملية تواصل تقوم بها في العمل سواءٌ كانت من خلال سيرةٍ ذاتية، أو بريدٍ إلكتروني، أو مقالةٍ، أو عملية تسويق، أو عرضٍ تقديمي، أو مدونة. وعندما تعتاد على تطبيق نموذج العناصر الأربعة على أيِّ شكل من أشكال التواصل التي تصدر عنك، فإنَّ المديرين، والزملاء، والعملاء، والمستهلكين سيلاحظون ذلك.

لمحة عن نموذج التواصل الفعال ذو العناصر الأربعة:

يُعَدُّ نموذج العناصر الأربعة أداةً مفيدةً لتقويم فعالية العديد من أشكال التواصل بشكلٍ موضوعي: ما الذي يعمل، وما الذي لا يعمل، ولماذا لا يعمل. يمكن لنموذج العناصر الأربعة أن يُقوِّم عمليات التواصل في مجال التسويق، بالإضافة إلى عمليات التواصل التجارية، والسياسية، والترفيهية، وعمليات التواصل الشخصية اليومية البسيطة، ابتداءً بالبريد الإلكتروني والمدونات وحتى المحادثات الشخصية.

العنصر الأول: الفهم

هل فَهِمَ الجمهور الرسالة، والفكرة الأساسية، والغاية؟ ما الذي تتضمنه الرسالة؟ هل في إمكان الجمهور إعادة توضيحها؟ تجعلنا الإجابة عن هذه الأسئلة نتأكد من أنَّ الجمهور قد فهم الرسالة وأنَّ العنصر الأول يعمل بشكلٍ جيد. إليك هذه النصائح الثلاث للحصول على فهمٍ أفضل:

  • فلتكن الرسالة واضحةً وجلية.
  • التكرار أمرٌ مفيد، قدم لهم لمحةً في البداية عمَّا تودُّ أن تخبرهم به، ومن ثمَّ أخبرهم بالتفصيل بما تريد أن تخبرهم به، وبعدها أعد عليهم مرةً أخرى ما أخبرتهم به منذ قليل.
  • كن بسيطاً ولا تتعمق كثيراً.

العنصر الثاني: الارتباط

إنَّ ارتباط الجمهور بالرسالة أو الفكرة المُرسلة إليه لا يعني أنَّ الجمهور "فهم هذه الرسالة" وحسب بل يعني أيضاً أنَّها لاقت صدىً عنده، وأنَّها ذات معنى وأهمية بالنسبة إليه، وأثارت استجابةً عاطفيةً عنده: إما إحباطاً، أو حماسةً، أو غضباً، أو فرحاً، أو سعادةً، أو حزناً، أو غير ذلك. عندما يكون ثمَّة ارتباطٌ بين الرسالة وبين الجمهور، فإنَّ هذا الرابط يؤدي إلى بروز سلوكاتٍ وأفعالٍ جديدة.

العنصر الثالث: الثقة

يجب أن يصدق الجمهور الشخص الذي يرسل لهم الرسالة، وماذا يُقال فيها، والطريقة التي تُرسل لهم من خلالها، ومن دون ذلك فإنَّ أيَّ رابطٍ سيبدأ بالتفكك بشكلٍ مباشر. إنَّ الثقة هي العنصر الأهم من بين هذه العناصر الأربعة لأنَّ الجمهور قد يفهم الرسالة التي يتلقاها بشكلٍ كامل، ومن الممكن أن يرتبط بها أيضاً برابطٍ عاطفي، ولكن قد يلتفت أحدهم فجأةً ليقول أنَّ هذه الرسالة مُرسلةٌ من جهة معينة سواءٌ كانت شركة، أو مرشحاً سياسياً، أو مشرفاً، أو أيَّاً كان، وأنَّه غير مُستعدٍّ لتقبُّلها من هذه الجهة.

العنصر الرابع: الانتشار

إنَّ الانتشار هو أمرٌ هام في عمليات التواصل، فأنت تأمل بكل تأكيد أن يتلقى الجمهور رسالتك ويبدأ بنشرها. فكر في آخر مرةٍ شاهدت فيها إعلاناً تجارياً مسلياً وذو فكرةٍ ذكية فناقشته مع أصدقاءك، ووجدت أنَّك تعيد تمثيله، وترديد الشعارات والعبارات التي ذُكرت فيه في محادثاتك. هذا هو الانتشار. لكي تحظى الرسالة بالانتشار فإنَّها يجب أن تجعل من يسمعها مفعماً بالطاقة، ويجب أن تكون جديدةً، ومختلفةً، وراسخةً في الذاكرة، كما يجب أن تحفز استجابة عاطفية عند المتلقي، وتدفعه للقيام بفعلٍ ما، وتوجهه للقيام بردود فعل واضحة.

تطبيق العناصر الأربعة للوصول إلى تواصل فعال:

إذا طبقت عناصر التواصل الفعال الأربعة هذه، فإنَّ ذلك سيصبح مع مرور الوقت أمراً اعتياديَّاً بالنسبة إليك. جرب أن تُطبّق هذه العناصر الأربعة على إحدى القصص أو المواد الإخبارية التي رأيتها في التلفاز أو سمعتها في الراديو. هل فهمتها مباشرةً؟ وهل تثير عندك استجابةً عاطفية؟ وهل يمكن تصديقها أو تصديق من أرسلها؟ هل شعرت بأنَّك قد استوعبت هذه الرسالة وبأنَّها جعلتك ترغب بالقيام بشيءٍ ما؟ أو جرب أن تطبِّق هذا النموذج على بعض الرسائل الإلكترونية التي تلقيتها اليوم وستدرك بشكلٍ سريع لماذا كانت هذه الرسالة مؤثرةً أو غير مؤثرة.

ستجعلك رؤية عمليات التواصل من خلال عدسة هذه العناصر الأربعة أكثر إدراكاً للتحديات التي تكمن أمامك في عملية التواصل وإرسال الرسائل. فعندما تبدأ بتطبيق نموذج العناصر الأربعة على الرسائل الصادرة عنك وعن الأشخاص الآخرين، فإنَّ استخدام عناصر التواصل الفعال هذه المتمثلة في الفهم، والارتباط، والثقة، والانتشار، سيصبح أمراً اعتيادياً عندك وستصبح بارعاً في قراءة رسائل التواصل بكل بساطة وفهم لماذا جعلتك هذه الرسائل مفعماً بالطاقة ومتحمساً للقيام بشيءٍ ما، أو لماذا قمت بسرعة برمي هذه الرسالة في سلة المهملات. فكلما فكرت في هذه العناصر الأربعة وطبقتها على رسائلك، كلما أصبحت أكثر فعاليةً في أيِّ تواصلٍ تقوم به.

 

المصدر




مقالات مرتبطة