نصائح لزيادة الإنتاجية بأقل جهدٍ ممكن (الجزء الأول)

ينعم جميع الأفراد بـ 24 ساعة يومياً، وتتعلَّق الإنتاجية الفردية بكيفية استثمار هذه الساعات اليومية.

يختلف مفهوم إنتاجية العمل عن الانشغال أو إنجاز أكبر عدد ممكن من المهام في مدة زمنية قصيرة، ويعرِّف الخبراء الإنتاجية بأنَّها المشاركة الفاعلة في عمل هادف، بحيث تكون جودة الناتج مساوية أو أكبر من مقدار الزمن المنقضي في العمل عليه.

يستخدم الفرد المنتج وقته بحكمة في تحقيق نتائج عالية الجودة بمعزل عن المقاطعات ومصادر التشتت التي تسبب هدر الوقت، وقد يكون تطبيق بعض النصائح الأساسية المتعلقة بالإنتاجية وتقنيات إدارة الوقت جلَّ ما تحتاج إليه لتحقيق المزيد من التقدُّم في حياتك المهنية.



نقدِّم فيما يأتي نصائح يومية بسيطة لتعزيز الإنتاجية:

1. نظِّم مهامك اليومية ضمن قائمة مهام:

بيَّنت التجارب أنَّ إعداد قائمة مهام يعدُّ من أهم نصائح زيادة الإنتاجية، ذلك لأنَّ الأفراد الناجحين يعتمدون عليها بصورة يومية؛ لذا يجب إعداد قائمة رئيسة تتضمن جميع المهام الواجب إنجازها لتحقيق أهدافك، ثم تضع قوائم مهام يومية اعتماداً عليها وعلى المهام الشخصية والأخرى المتعلقة بالأعمال التي تحتاج إلى تنفيذها.

سواء كنت تحتفظ بقائمة المهام الخاصة بك في دفتر ملاحظات، أم على التقويم، أم باستخدام تطبيق على هاتفك الجوال، فإنَّ تدوين المهام التي تحتاج إلى إنجازها يعدُّ طريقة فعالة لإبقائك منظماً وزيادة إنتاجيتك.

إنَّ إنشاء قائمة مهام يجعل المرء متحمساً لإنجاز مهامه وإزالتها من القائمة واحدة تلو الأخرى، إذ إنَّ مجرد التفكير بهذه القائمة يبعث على التوتر، أما تدوينها فيجعلها خطة عمل.

2. اكتب قائمتك في اليوم السابق:

عليك أن تكتب في نهاية كل يوم عمل قائمة مهام لليوم التالي، وتحدد المهام التي أنجزتها اليوم والمهام التي يجب أن تعمل عليها في الغد، فيتيح لك التخطيط المسبق لأعمال اليوم التالي بهذا الأسلوب إمكانية الاستعداد الذهني للأعمال المقبلة، ويمكِّنك من الشروع بقائمة المهام حالما يبدأ الدوام مباشرةً.

بدلاً من ذلك، يمكنك تخصيص بضع لحظات قبل الذهاب للنوم لإعداد أو مراجعة قائمة مهامك، ويمكن أن يباشر عقلك الباطن في أثناء النوم بالعمل على الأفكار الجديدة والمساعدة على حل المشكلات الشائكة التي تؤدي بدورها إلى زيادة الإنتاجية خلال النهار التالي.

3. رتِّب قائمة المهام وفق الأولويات:

بعد إعداد القائمة، عليك وضع بنودها بالترتيب الذي تخطط لإنجازها وفقه، بحيث تكتب رقم 1 بجانب المهمة الأولى، و2 بجانب الثانية وهكذا دواليك حتى يتم ترتيب جميع بنود القائمة.

حدد توقيت بعض المهام بناءً على الالتزامات المحددة مسبقاً في جدول أعمال يومك، كالاجتماعات، والمواعيد، واستراحة الغداء، والمكالمات الجماعية، فأنت مَن تقرر إدارة وقت بقية البنود، بحيث يتسنى لك تطبيق تقنيات هامة في إدارة الإنتاجية، ويُنصح بالمباشرة بالمهام الضرورية في بداية يوم العمل.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح للعمل بذكاء وزيادة إنتاجيتك

4. باشر بالمهام الضرورية:

إذا كنت قادراً على إنجاز المهام الصعبة في بداية يوم العمل، سيتسنى لك مواصلة يومك وأنت تعرف أنَّك أزلت عبئاً كبيراً عن كاهلك بدلاً من القلق حيال المهمة التي تخشاها طوال اليوم، ولأنَّ القلق والتوتر عوامل مناهضة للإنتاجية، فإنَّ المباشرة بإنجاز المهام الشاقة يعدُّ طريقة فعالة لزيادة الإنتاجية.

تعدُّ المهمة ضرورية عندما يكون موعد التسليم قريباً؛ أي إمَّا في اليوم نفسه أو بعده بقليل، وفي حال كان لجميع مهامك مواعيد تسليم بنفس القدر من الأهمية، عندئذٍ تُحدد المهمة الأكثر أهمية بوصفها المهمة التي تقربك من تحقيق أهم أهداف حياتك.

قد تكون مهمتك الأولى في يوم العمل، تلك التي ينتظرك موظف آخر لإنجازها حتى يتمكن من اتخاذ الخطوة التالية في المشروع أو القيام بالبند التالي على قائمته.

5. اجمع المهام المتشابهة مع بعضها:

يُنصح أيضاً بجمع المهام، وهي عبارة عن تقنية إدارة وقت يقوم الفرد فيها بجمع المهام ذات الصلة بحيث يتم إنجازها بشكل متزامن، ويمكن جمع المهام المتشابهة بناءً على مستوى الجهد المبذول، أو نوعية الأعمال التي تستلزم التنفيذ، أو بحسب المشروع.

يزيد جمع المهام من الإنتاجية عبر تقليل الوقت الذي يستغرقه دماغك للتبديل بين مهمة إلى أخرى، وتفيد الدراسات بأنَّ الدماغ يحتاج إلى 23 دقيقة وسطياً لاستعادة التركيز على المهمة على نحوٍ منتج عندما يتعرض للمقاطعة، مما يسبب مضيعة كبيرة للوقت.

تشمل فوائد جمع المهام المتشابهة زيادة الإنتاجية إلى حدٍّ كبير، ورفع مستويات التركيز، وتخفيض مستويات التوتر والإحباط، كما أنَّ هذه الطريقة تتطلب جهداً عقلياً أقل لتحقيق الإنتاجية، وتخفض هذه الاستراتيجية الزمن اللازم للعمل على المهمة الواحدة، وتقلل من التعرض للاحتراق الوظيفي.

6. جزِّئ المشاريع الكبيرة إلى مهام صغيرة:

يمكن أن تسبب المشاريع الكبيرة الشعور بالإرهاق، وقد تفضي إلى التسويف في بعض الحالات؛ لذا بدلاً من الشعور بالإحباط تحت وطأة المشاريع الكبيرة، يمكن تجزئتها إلى مهام صغيرة والتعامل مع كل واحدة منها على حدة.

عليك تحديد المهمة ذات الأولوية القصوى والتي تتطلَّب الإنجاز في البداية، ثم ترتيب المهام المتبقية وفق جدول زمني بحيث يتم الانتهاء منها جميعها في موعد التسليم النهائي.

يؤدي تخصيص بضعة أيام أو أسابيع لإتمام مشروع إبداعي ضخم إلى تقليل التوتر ومساعدتك على الشعور بأنَّك شخص منتج عندما تقوم بتحديد المهام الصغيرة المنجزة وحذفها من القائمة بشكل يومي.

7. ابدأ العمل على المهمة المجهدة:

يمكن القول إنَّ المهام الباعثة على القلق أسوأ من المشاريع الكبيرة التي تسبب التسويف آنفة الذكر؛ إذ يميل الفرد لتأجيل هذه المهام لفترات زمنية طويلة ويدَّعي بأنَّه سينجزها لاحقاً.

تبرز المشكلة عندما يستهلك القلق وقتاً أطول من الزمن الفعلي المطلوب لإتمام المهام، إذ يخفض التوتر الناتج من مستويات الإنتاجية ويؤثر في صحتنا الجسدية والنفسية؛ لذلك بدلاً من تأجيل المهام التي لا ترغب في خوضها، عليك أن تعتزم التخلص منها وتتحدى نفسك بإنجازها قبل موعد التسليم بيوم.

عليك استخدام استراتيجية الإنتاجية القائمة على تحديد مواعيد نهائية في صالحك، إذ لا شيء يبعث على التحفيز مثل مواعيد التسليم النهائية، ويمكنك الاستفادة من هذه الميزة عبر وضع قيود زمنية معقولة، ومفروضة ذاتياً على المهام التي يجب تنفيذها، وإذا كنت قادراً على التعامل مع هذه القيود الزمنية بنفس جدية التعامل مع مواعيد التسليم الرسمية، عندئذٍ لا شك ستتحسن إنتاجيتك.

8. تعلَّم الرفض:

تنعدم الإنتاجية عند تولي مسؤوليات تتجاوز إمكانات الفرد، ويؤدي الإفراط في الالتزام بالأعمال بما يتجاوز قدرتك على الإنجاز إلى التعرض للتوتر والقلق، لدرجة أن يتعذَّر عليك إنجاز أي مهمة.

في حين أنَّك لا يجب أن تقلل من قدرتك على الإنجاز، فإنَّك من ناحية أخرى يجب أن تتجنب تولِّي مسؤوليات تتجاوز نطاق إمكاناتك؛ لذا من الهام إيجاد هذا التوازن الدقيق لتعمل وفق أقصى مستويات إنتاجيتك.

شاهد بالفيديو: 9 تقنيات لزيادة الإنتاجية الشخصية

9. حافظ على أولوياتك:

من الهام أن تعرف كيف تتجنب المسؤوليات دون أن تخذل زملاء العمل، أو تحدَّ من فرصك في المؤسسة، أو تخيِّب أمل أحبتك، ويكمن الحل في تحديد الأولويات، ويمكن تعريف الأولويات بأنَّها الأمور الأكثر أهمية في حياتك، بحيث ترتبط بشكل مباشر بأهدافك الحياتية.

لنفترض أنَّ أحد أهدافك الرئيسة تستدعي توفير المال لدفع رعبون منزل بحلول نهاية السنة، ووجدت أنَّها تتطلب مقداراً معيناً من الإيرادات الإضافية كل أسبوع لجمع المبلغ، عندئذٍ يجب أن ترفض الطلبات الإضافية التي تبعدك عن جمع مقدار الدخل المستهدف.

أما إذا كان هدفك تسليم روايتك الأولى للناشر في غضون شهرين، عندئذٍ يجب إعطاء الأولوية وتخصيص ساعات الإنتاجية العالية للكتابة، وطلب الدعم من العائلة والأصدقاء في أثناء تركيزك على المهام الضرورية التي تحتاج إلى إنجازها.

عليك أن تخصص بعض الوقت للتفكير في أولوياتك وتدوينها، فيكوِّن الأفراد المنتجون تصوراً محدداً عن أهدافهم اعتماداً على قيمهم، وتراهم يتخذون إجراءات وخطوات فعلية يومية لتحقيق غاياتهم.

10. فوِّض المهام للآخرين:

عندما تكثر مسؤولياتك ومهامك، يمكنك إدارة الإنتاجية عبر تفويض الأعمال إلى باقي أفراد الفريق.

عليك التمييز بين المهام التي تتطلب مواهبك ومعارفك ومهاراتك الخاصة، وبين المهام التي يمكن للآخرين إنجازها، فقد تواجه بعض الصعوبة في تفويض المهام للآخرين في البداية، إلا أنَّ استراتيجية تعزيز الإنتاجية هذه يمكن أن تعود بالفائدة عليك وعلى باقي أفراد الفريق على حدٍّ سواء.

يتيح تفويض المسؤوليات الجديدة للآخرين فرصة تعلُّم مهارات جديدة، وتكوين أفكار مبتكرة، وتنمية قواعدهم المعرفية، وبالمقابل، يتيح لك إمكانية تكريس أوقات الإنتاجية العظمى في العمل على المهام التي تحقق أقصى استفادة من قدراتك المتفردة.

يستفيد جميع الأطراف من التفويض عندما يتم بصورة استراتيجية وعادلة، وإذا اضطررت لدفع المال لشخص آخر حتى يتولى أعمالك، فإنَّ إنتاجيتك الإضافية في هذه الحالة تعوض الأموال الإضافية التي تم إنفاقها على الرواتب والوقت الأولي في التدريب.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لزيادة الإنتاجية من خلال استثمار الوقت الضائع

11. لا تلجأ إلى تعدُّد المهام:

قد يبدو تعدد المهام أسلوباً بسيطاً لزيادة الإنتاجية، إلا أنَّه يفضي إلى نتيجة مناقضة تماماً للهدف؛ لذا لا بد أن تنخفض إنتاجيتك وجودة عملك عندما تشتت انتباهك بين عدة مهام.

أفادت إحدى دراسات جامعة "ستانفورد" (Stanford) الأمريكية أنَّ سلبيات تعدُّد المهام لا تتوقف على تخفيض الإنتاجية، بل إنَّها ترفع مستويات التوتر، وتؤثر سلباً في المزاج وتضعف الحماسة.

يتم تقسيم انتباهك في أثناء تعدُّد المهام على مهمتين أو أكثر، ولذا تعجز عن التفكير بعمق والتركيز على مهمة واحدة، ويؤدي نقص التركيز بدوره إلى صعوبة في استيعاب المعلومات بفاعلية أو حتى فهم الأشياء التي تقرؤها أو تكتبها أو تستمع لها أو تفعلها بشكل كامل.

بالنتيجة ستبدأ باقتراف الأخطاء، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى جودة إنتاجك ويكلفك وقتاً وجهداً لتصحيح الأخطاء، فيجعل تعدُّد المهام من الصعب أو المستحيل تذكُّر الأمور؛ وذلك لأنَّك لا تركِّز أبداً على المعلومات من الأساس.

بدلاً من تعدُّد المهام، عليك أن تركز انتباهك على مهمة واحدة حتى تنجزها قبل أن تنتقل إلى أخرى تالية لها، وستكتشف زيادة إنتاجية وجودة حياتك على حدٍّ سواء بهذا الأسلوب.

إقرأ أيضاً: 3 نصائح لزيادة الإنتاجية في العمل

في الختام:

لقد تحدَّثنا في هذا الجزء من المقال عن نصائح يوميَّة بسيطة لتعزيز الإنتاجية، وناقشنا نصائح تتعلق بتنظيم المهام اليومية، وتحديد الأولويات، وجمع المهام المتشابهة، والمباشرة بالمهام الضرورية، وتجزئة المشاريع الكبيرة إلى مهام صغيرة، والامتناع عن تعدد المهام، وسنكمل في الجزء الثاني والأخير من المقال بقية النصائح؛ لذا تابعوا معنا.




مقالات مرتبطة