مهارات تساعدك لتصبح مفاوضاً جيداً

يجب أن نعلم أنَّ أفضل المفاوضين في العالم ليسوا الذين يبرمون أفضل الصفقات؛ فأنا أفترض أنَّ ذلك قد يعتمد على كيفية تعريفك لكلمة الأفضل، لكن في مجالي لا يعني الأفضل أنَّني فزت أو أنَّني هزمتُ خصمي؛ فبالنسبة إليَّ إنَّ أفضل صفقة هي تلك التي تجعل كلا الطرفين سعيدين ومتحمسين لتكرار تلك المفاوضات مرةً أخرى؛ لذا فإنَّ أفضل المفاوضين ليسوا هم من يحقِّقون أفضل الصفقات بالنسبة إليهم؛بل من يحقِّقون صفقاتٍ عظيمة لكل فرد مشارك في هذه المفاوضات.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "تايلر تيرفورن" (Tyler Tervooren)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في أن يصبح مفاوضاً ماهراً.

المفاوضون البارعون هم الذين يمنحون الفوز لجميع الأطراف:

السبب في أنَّ المساومة والتفاوض تُعدُّ تجارب مقلقة أو غير سارَّة لكثير من الناس، هو أنَّ الجميع يظنُّ أنَّها معركة يخرج منها الآخرون مهزومين لتكون نتيجة هذا التفاوض صحيحة؛ وهذا يعني أنَّه سيكون هناك فائز واضح وخاسر واضح؛ فعلى سبيل المثال إذا كان هناك أشخاص يتفاوضون على مبلغ 100 دولار يجب على شخص واحد أن يفوز بذلك المبلغ والآخر لن ينال شيئاً.

إذا كنت شخصاً لبقاً، وهذه هي الطريقة التي تعامل بها التفاوض، فمن المحتمل أنَّك تشعر بعدم الارتياح؛ لأنَّه إمَّا أنَّك تشعر بعدم الرضى عن محاولة خداع الناس، أو أنَّك تشعر بعدم الرضى عن أن تكون مخدوعاً، فيجب أن تعرف أنَّ في إمكانك إبرام صفقات رائعة دون مواجهة أي من تلك المشاعر غير المرحَّب بها؛ فكل ما عليك هو أن تلعب لعبة مختلفة لم يعلِّمك أحد كيف تلعبها من قبل.

الفن في صفقة يكسب فيها الجميع:

إذا كنت ترغب في أن تصبح مفاوضاً رائعاً فأول ما عليك القيام به هو التخلُّص من كل ما كنت تظنُّ أنَّك تعرفه عن كيفية إبرام صفقة رائعة؛ إذ لا علاقة له بهزيمة الآخرين أو التظاهر بعدم الاهتمام أو الإشارة إلى العيوب والنقد المستمر أو الترويج المبالغ به لمنتجك؛ إذ لا يركِّز المفاوض الرائع على ما يمكنه الحصول عليه لنفسه؛ بل يركِّز على إعطاء الشخص الآخر ما يريد.

قد يبدو هذا غير طبيعي تماماً؛ فالفنُّ الحقيقي في التفاوض الفعَّال هو أن تكون قادراً على تنحية ما تسعى إليه من زمن طويل بما يكفي للإصغاء جيداً وفهم ما يسعى إليه الجانب الآخر، فعندما يكون لديك صورة واضحة تماماً لِما سيرضي الطرف الآخر، يمكنك التحكم تحكُّماً كاملاً بالموقف.

شاهد بالفيديو: مهارات التفاوض في أثناء البيع

تفضيل الطرف الآخر:

الحقيقة هي أنَّك لن تحصل أبداً على أفضل صفقة ممكنة حتى تقدِّم أفضل صفقة ممكنة، وعندما تفهم الظروف التي سترضي الشخص الآخر يمكنك أن تكسبه زميلاً لك في الفريق بدلاً من أن يكون خصماً دون أن يشعر بذلك؛ لذا أصغِ واهتم بما يريده، لكن انتبه إلى المشاعر التي تنتابه.

عندما يقول شخصٌ ما إنَّه يريد شيئاً فإنَّ ما يقصده بذلك أنَّه يريد أن يشعر بطريقة معيَّنة ويظنُّ أنَّ ما يطلبه سيجعله يشعر بهذه الطريقة؛ فإذا تمكَّنت من تحديد هذا الشعور، فإنَّك تفتح عالماً من الاحتمالات لِما يمكنك تقديمه له بديلاً للحصول على ما تحتاج إليه من الصفقة، أمَّا إذا ذهبت في الاتجاه المعاكس وحاولت طرح كل ما تريده أولاً فلن تصل إلى أي مكان، ومن المرجَّح أن تُخدَع إذا كان الشخص الآخر ينتبه لك بالفعل.

التفاوض الجيد لا يتعلق بك؛ بل بالطرف الآخر:

هذه لعبة مقايضة، ففي أي مساومة تقريباً من المحتمل أن يكون يوجد أكثر من عنصر أو فكرة واحدة للمناقشة؛ فعلى سبيل المثال إذا كنت تشتري منزلاً فأنت تفاوض أكثر بكثير على مجرد سعره؛ فثمَّة الأجهزة والإصلاحات وشروط التمويل ومجموعة كاملة من الأشياء الأخرى التي يجب التفاوض عليها، وأنا متأكِّد من أنَّه يمكنك تذكُّر إحدى المرات التي كان عليك فيها العمل على أكثر من تفصيل عندما كنت تتفاوض بشأن شيءٍ ما.

يمكن أن يذهب كل ما بذلته من جهد سُدىً، أو أن تشغل نفسك دون تحقيق أي نتيجة تُذكر إذا حاولت مواجهة جميع تلك التفاصيل في وقت واحد؛ لكنَّ المفاوض الجيد سيقوم بتحديد أولويات تلك البنود ومعالجتها بهذا الترتيب؛ لذا افهم كل جانبٍ من جوانب عملية التفاوض جيداً قبل الانتقال إلى الجانب التالي.

إذا كان عليك طلب المساعدة من أحدهم لاحقاً لإنجاح الصفقة فلا بأس بذلك؛ فمن خلال التوصُّل إلى اتفاق على أهم الشروط أولاً، تزيد من فرص إتمامها فعلياً؛ إذ يسمح هذا أيضاً بالتفاوض المتبادل حول كل قضية عند ظهورها، فهذا أكثر فاعلية بكثير من قيام شخص واحد بطرح كل شروطه دفعة واحدة ثمَّ إجبار الآخر على الرد.

إقرأ أيضاً: 8 أخطاء قاتلة يرتكبها رواد الأعمال أثناء التفاوض

يمكنك أيضاً أن تلعب لعبة الفوز للجميع مع مفاوض يؤمن بمبدأ فائز واحد والباقي خاسرون:

الجمال الحقيقي في تغيير اللعبة واللعب باستراتيجية فوز الطرفين هو أنَّها تبقى فعَّالة عندما تفاوض شخصاً يؤمن بمبدأ فائز واحد والباقي خاسرون؛ إذ إنَّها تصبح فعَّالة بصورة أفضل بالنسبة إليك؛ لأنَّه لا يدرك عادةً أنَّ الأمور تحت سيطرتك طوال الوقت؛ إذ يسعده أن يظن أنَّك تسمح له بأن يصدر لك الأوامر بطريقة فظَّة، ويمكنك أن تكون سعيداً بنفس القدر للسماح له بالتفكير في ذلك.

عندما تكون قادراً على العثور على شخص يفضِّل اتباع سيناريو الفوز للجميع مثلك تماماً فتلك متعة حقيقية؛ لأنَّك عندما تتبع هذه العقلية ستكون منفتحاً على رؤية الشراكات التي لا تُلاحَظ في الحالات التي يحصل الفائز فيها على كل شيء، فهذه هي العلاقات التي تبقى مثمرة ومزدهرة لفترة طويلة قادمة.

إقرأ أيضاً: فن المفاوضات وكيفية إتقان مهارة التفاوض

فإذا كنت تريد أن تكون مفاوضاً رائعاً تحتاج إلى تطوير ثلاث مهارات أساسية، وإليك ما هي هذه المهارات:

  1. مهارات الإصغاء الجيد إلى ما يريده الطرف الآخر حقاً، وكيف يمكنك منحه ذلك؟
  2. الصبر: اعتنِ به، وقلِّل من اعتراضاته قبل أن يعرف حتى ما تطلبه.
  3. المساومة: ما الذي يمكنك التنازل عنه حتى تحصل على ما تريده بالضبط في المجالات الأكثر أهمية بالنسبة إليك؟
شاهد بالفيديو: مهارات تساعدك لتصبح مفاوضاً جيداً

في الختام:

إنَّ تحويل لعبتك إلى استراتيجية الفوز للجميع ليس مجرد خطوة ذكية؛ بل هي مستدامة أيضاً؛ لذا فكِّر في الأمر على أنَّه نوع من توسيع للفطيرة كي يحصل الطرفان على نفس النسبة من الفائدة؛ فأنت بذلك لا تحاول فقط الحصول على أكبر قطعة ممكنة؛ بل في الواقع أنت تجعل الفطيرة بأكملها أكبر بحيث يمكن للجميع الحصول على قطعة كبيرة كما يريدون.




مقالات مرتبطة