مفهوم التسويق الفكاهي وأهميته وكيفية استخدامه

وأنت تتصفح الفيسبوك قد يلفتك منشور لإحدى المسوقات تتحدث فيه عن المُنتج الذي تسوِّقه بطريقة مضحكة جداً. قد تعتقد للوهلة الأولى وقبل أن تبحث عن الموضوع أنَّ هذه الطريقة الناجحة التي حققت لها تفاعلاً كبيراً على منشورها قياساً بالمنشورات الأخرى التسويقية العادية من بنات أفكارها، لكنَّك ستُفاجئ بمنشور آخر تبحث فيه إحدى السيدات عن نادٍ صيفي لأطفالها وقد كتبت الإعلان بطريقة مضحكة أيضاً تقول فيه: أبحث عن نادٍ صيفي يستقبل عصافير الجنة من السابعة صباحاً حتى التاسعة مساءً؛ وفي حال وُجِدَت منامة كان هذا أفضل بكثير.



ببحث بسيط ستعرف أنَّها كانت قد نشرت إعلانها نفسه بطريقة عادية قبلاً، ولكنَّها لم تحصل على المساعدة التي تحتاج إليها وإعلانها لم يصل إلَّا إلى عدد قليل من الناس، وهذا ما يدفعنا إلى البحث أكثر عن هذا الأسلوب بالتسويق الذي يُعرف باسم التسويق الفكاهي.

ما هي إذاً هذه الاستراتيجية؟ ما مدى نجاحها وأهميتها؟ وكيف تُستَخدَم؟ هذا ما ستعرفه عند قراءتك هذا المقال.

أولاً: ما هو التسويق الفكاهي؟

إثارة المشاعر هي إحدى أهم الطرائق التي تضمن لك استقطاب عدد كبير من الجماهير، وتحقق لك أيضاً تعاطفاً كبيراً، وقد اعتُمِدَ على هذه الفكرة المثيرة في عالم التسويق، والدعابة إحدى الوسائل الناجحة في إثارة مشاعر الناس وكسب محبتهم وإقامة علاقة ودية معهم، فالجميع دون استثناء وعلى اختلاف أعمارهم ومستوياتهم التعليمية ومكانتهم الاجتماعية يحبون الضحك وتلفتهم الحملات الإعلانية والدعائية التي يظهر فيها الحس الفكاهي بشكل واضح وقريب من القلوب.

تسمى هذه الوسيلة في الإعلان والتسويق باستراتيجية التسويق الفكاهي، وتلقى هذه الاستراتيجية انتشاراً أكبر من غيرها في صفوف الناس وقبولاً أكثر، لكن يجب الانتباه والحذر عند استخدامها؛ فهي سلاح ذو حدين والاستخدام السيئ لها يجعل النكتة سمجة وغير مقبولة، وبدلاً من جعل الناس يقبلون على منتجك أو خدمتك أو إعلانك تنفِّرهم منه وتبعدهم عنه.

لذلك على المسوِّق الذي اختار الدعابة لتسويق منتجاته أو علامته التجارية أو خدماته أن يتمتع بالحنكة وبُعد النظر والحس الفكاهي العالي والذكاء، فلا تقبل جميع الموضوعات أو المنتجات عرضها بشكل فكاهي، وحتى اختيار التوقيت المناسب يؤدي دوراً كبيراً عند استخدامك لهذه الاستراتيجية، فلا تصلح كل الأوقات لإلقاء النكات حتى لو كان الهدف هو التسويق.

تعتمد هذه الاستراتيجية بشكل أساسي على إنشاء رابط بين المنتج والمستهلك من خلال الدعابة التي يحكيها المسوِّق، فالناس بطبيعتهم كما أشارت الكثير من الدراسات يحبون الفكاهة والضحك، ويجب اختيار النكات إذ تكون مرتبطة بشكل أو بآخر بالمنتج الذي تسوقه أو أن تساهم في تعزيز الفكرة التي تريد إيصالها وعرض ما تريد قوله بطريقة محببة ولطيفة ومستوحاة من الواقع.

على سبيل المثال، شركة سنيكرز اعتمدت لسنوات طويلة على عبارة: "إنت مش إنت، وإنت جوعان"، وأنتجت استناداً إليها العشرات من الفيديوهات المضحكة والمحبوبة جداً من قبل الجمهور، والتي لاقت رواجاً وانتشاراً كبيراً.

شاهد بالفيديو: ما هي مراحل عملية التسويق؟

ثانياً: ما أهمية التسويق الفكاهي؟

لا شك أنَّ طرائق التسويق كثيرة ومختلفة ومرتبطة بشكل أساسي بطبيعة المُنتج أو الخدمة المقدمة، لكن في النهاية فإنَّ المسوق الذكي يبحث عن الطريقة الأفضل والأكثر جدوى والتي تقرب منتجه إلى الجمهور وتحقق له الهدف الذي يريده، وهذا بالضبط ما تتميز به استراتيجية التسويق الفكاهي عن غيرها.

يمكننا القول إنَّ أهمية هذه الاستراتيجية تنبع عن النقاط الآتية:

  1. لفت انتباه الناس وجذبهم إلى المنتج أو العلامة التجارية أو الموضوع المعروض، فهذه الطريقة تجذب عدداً كبيراً من المتفاعلين، وهذا ما يساهم في انتشارها أكثر من غيرها، ومن ثم تحقيقها النتائج التسويقية المطلوبة، وخاصةً اليوم؛ إذ يعتمد أغلب المسوقين على مواقع التواصل الاجتماعي لتسويق منتجاتهم وحتى أفكارهم.
  2. الضحك الذي يطغى على استراتيجية التسويق الفكاهي يجعلها طريقة ممتعة ومسلية ومحببة ومقنعة، وهذا ما يزيد من نسبة انتشارها على حساب الطرائق الأخرى العادية والجامدة والبعيدة عن قلوب المشاهدين واهتماماتهم الحقيقية.
  3. الفكاهة والدعابة المستخدمة في إعلانك تجعل من محتواك أكثر رسوخاً في الذاكرة؛ فالأشياء المضحكة تعلق في الذهن ومن السهل استرجاعها، وهذا ما سينطبق على علامتك التجارية أو منتجك إذا ما سُوِّق بهذه الطريقة.

فمَن منا لم يستخدم العبارة الشهيرة "صار بدها سكويز" للإشارة بشكل فكاهي إلى حاجتنا إلى بعض الانتعاش؟ أو "ريد بول بيعطيك جوانح" للدلالة على شعورك بالطاقة؟ حتى لو لم تكُن قد استخدمتَ المنتج نفسه بالاسم، وهذا بالطبع إن دلَّ على شيء، يدل على نجاح هذه الفكاهة ورسوخها في أذهان الناس.

في حال كان منتجك ذا جودة عالية تكون قد حققت ثنائية هامة ومفيدة جداً لك، والتسويق الجيد لمنتج جيد يكسبك ثقة الجمهور ومحبتهم ويدفعهم ليس فقط إلى الإقبال على منتجك؛ بل إلى أن يشاركوه وينصحوا الناس به؛ مما يساهم في انتشاره بشكل كبير.

لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ التسويق الفكاهي ليس إيجابياً بالمطلق وفيه بعض السلبيات التي يجب العمل على تفاديها، ومن هذه السلبيات سنذكر ما يأتي:

  1. اختيار نكتة سيئة قد يكون الأسوأ؛ وذلك لأنَّه يكرِّه الناس بالخدمة أو المنتج ويبعدهم عنه، وهذا ما دفعنا إلى ذكر هذه السلبية أكثر من مرة.
  2. التركيز في بعض الأحيان في النكتة أكثر من معلومات المنتج لا يحقق النتائج التسويقية المطلوبة.
  3. يشعر بعض الناس بعدم جدية الإعلان إن كان كوميدياً بشكل كبير ومبالغ فيه.
  4. إن لم يكُن الإعلان - وخاصةً للماركات العالمية الراقية - مبتكراً جداً وذكياً، فسيقلِّل من قيمة الماركة بشكل كبير، وقد يؤثر في اسمها بشكل كبير.
إقرأ أيضاً: 6 دروس عن التسويق بالمحتوى يمكن أن تفيد المبتدئين

ثالثاً: كيف أستخدم التسويق الفكاهي؟

استخدام هذا التسويق الفكاهي حساس ودقيق جداً؛ وذلك لأنَّك كما ذكرنا آنفاً لو فشلتَ في توظيفه بطريقة صحيحة، لسببت نفور الناس منك وابتعادهم عن منتجك؛ لذلك سنقدم لك مجموعة من النصائح الهامة لتتمكن من استخدام التسويق الفكاهي بشكل ناجح:

حدِّد الجمهور المستهدف، فإذا لم تعرف مَن تستهدف بالضبط وبشكل دقيق، فلن تستطيع اختيار النكتة المناسبة له، فما يضحك شاباً في العشرين قد لا يضحك رجلاً في الستين، وما تجده فتاة في الخامسة عشر من عمرها مثيراً للضحك قد يكون سخيفاً وتافهاً لامرأة في الأربعين.

لذلك يجب تحديد الجمهور ومعرفة خصائصه وإجراء بحث عن الأشياء المثيرة للضحك عند الفئة المستهدفة، وتوجد العديد من الطرائق التي تساعدك على إدراك هذا؛ مثل نوعية البرامج التي تتابعها الفئة المستهدفة، ومراقبة تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ومتابعة اهتماماتهم، ثم استخدام هذه المعلومات جميعها بطريقة ذكية.

  1. حدِّد نوع الطريقة الكوميدية التي تستخدمها، فمن الممكن أن تكون صورة أو فيديو أو حتى أغنية.
  2. ركِّز في المحتوى والمادة أو المنتج الذي تريد تقديمه ولا تجعل الفكاهة طاغية، وإلَّا فإنَّ كل ما تكون قد فعلته هو إثارة ضحك الناس دون تحقيق أيَّة فائدة لك؛ لهذا اجعل من الدعابة وسيلةً وليس هدفاً، فالرسالة يجب أن تتعلق بأهمية خدماتك ومنتجاتك وليس فقط في إضحاك الناس.
  3. اتَّبع البساطة فهي من أهم الأمور التي يجب أن تضعها في بالك، فلا تجعل من دعابتك طويلة ومعقدة؛ بل يفضَّل أن تكون سهلة وبسيطة وتفهمها الشريحة الأكبر من الفئة المستهدفة؛ إذ إنَّ الاصطناع والتعقيد لن يحقق لك الانتشار الذي تريده وتبحث عنه.
  4. ابتعد عن التقليد والتكرار وحاول أن تبتكر دائماً شيئاً جديداً، حتى لا يمل الناس من طريقتك.
  5. استخدِم الميمز بشكل ذكي؛ إذ يساعد ذلك أيضاً بشكل كبير على تسويق المنتج أو الفكرة، ومصطلح الميمز يشير إلى استخدام النصوص والعبارات المصاحبة للصور، وتلقى الميمز انتشاراً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي.

يمكن القول إنَّ أيَّة فكرة أو صورة أو رابط أو مقطع فيديو يلقى رواجاً وانتشاراً إلكترونياً كبيراً يمكن إدراجه تحت هذا المصطلح الذي يمكن توظيفه في مواقف كثيرة ومنها التسويق الفكاهي.

ابتعد قدر الإمكان عن الموضوعات والأفكار المثيرة للجدل والتي قد يرى بعض الأشخاص فيها إساءة أو إهانة، كالموضوعات الدينية والجنسية والعرقية؛ وذلك لأنَّ هذا يجعل العلامة التجارية سيئة بنظر المشاهدين وغير أخلاقية؛ فمثلاً طالت الكثير من الانتقادات إحدى العلامات التجارية السورية التي تحمل اسم ليفة العبد أو ليفة رأس الزنجي مع رسم لرجل أسود، وما يتضمنه هذا الاسم من إشارات عنصرية لا معنى لها.

إقرأ أيضاً: النجاح في التسويق: 5 طرق هامة تساعد على جذب العملاء

في الختام:

يمكن أن يُعَدَّ التسويق الفكاهي من طرائق التسويق الناجحة والمجدية، والتي يمكن أن يعتمد عليها المسوقون بشكل كبير، فكما رأينا تتميز هذه الاستراتيجية بالعديد من الميزات التي تساعد على إنشاء علاقة عاطفية بين المنتج والجمهور، وهذا ما يساهم في انتشارها بشكل كبير وجعلها تعلق في الذاكرة، وقد أوردنا من خلال هذا المقال العديد من العلامات التجارية التي استخدمت عبارات فكاهية أصبحت جزءاً من ثقافة الجمهور، فباتوا يستخدمون هذه العبارات في حياتهم اليومية.

إذا كنتَ مسوقاً، ننصحك باستخدام هذه الطريقة الناجحة والمميزة لتسويق منتجاتك وخدماتك، أَبدِع وابتكر وصمِّم إعلانك الفكاهي الخاص ولا تعتمد أبداً على أفكار غيرك، فقط أَطلق العنان لخيالك.

المصدر




مقالات مرتبطة