مفارقة النجاح

عندما كنت صغيراً في السن، كان والدي يقول: "لا أحد يمتلك النجاح حقاً" عندما ينسب أحد أفراد الفريق فضل تحقيق النجاح لنفسه؛ فعندما تكون جزءاً من فريق ناجح، من الطبيعي أن تعتقد بأنَّك السبب في نجاحه، وأنَّه لولا مساهماتك لما حقق الفريق النجاح، ويمكن أن يؤدي هذا إلى ادعاء معظم الأشخاص الفضل في نجاح فرقهم حتى الذين كانوا أقل مشاركة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن رجل الأعمال ديف نيميتز (Dave Nemetz)، ويُحدِّثنا فيه عن مفارقة النجاح.

كنت أعدُّها واحدة من الأشياء التي يقولها الآباء، والآن بعد أن أصبحت أباً، أقول هذه الأشياء أيضاً، وبعد أن عملت في بعض الفرق الناجحة، فهمت الأمر؛ فيمكن للنجاح أن يُضللك بطرائق أخرى، فبخلاف تحديد من هو سر النجاح، ليس من الواضح ما هو العنصر الناجح؛ إذ يمكن أن يكون عزو النجاح إلى عوامل خاطئة خطأً فادحاً في التقدير يقودك من القمة إلى الفشل.

مفارقة النجاح:

كلَّما زاد النجاح، أصبح من الصعب تحديد العوامل التي ساعدت على تحقيقه.

غالباً ما تؤدي محاولات تكرار النجاح إلى تأكيد العوامل الخاطئة. لقد اختبرت هذا التنافر المعرفي شخصياً، فبعد أن انضممت إلى الفريق الناجح الذي قاد شركة بليتشر ريبورت (Bleacher Report) إلى النجاح، بدأت في بناء شركة وسائط رقمية جديدة تدعى إنفرس (Inverse) وحدي، وكانت فرضيتي بسيطة وهي أخذ العوامل الناجحة، وإزالة الجوانب غير الضرورية، وتكرار النجاح بطريقة أكثر فاعلية.

أطلقتُ شركة إنفرس (Inverse) في عام 2015 بثقة كبيرة، واتضح أنَّ معظم افتراضاتي كانت خاطئة، ومنذ ذلك الحين، تعلَّمت أساليب مجربة لإعادة ضبط تفكيري وتجنب مفارقة النجاح.

شاهد بالفديو: 8 خطوات تضمن لك بداية رحلة النجاح

فوضى منظمة:

بناء الشركات الناشئة هو عملية معقدة للغاية؛ إذ يبدأ المؤسسون برؤية أساسية موحدة واحدة، لكن نادراً ما يحققون ما تصوروه، وتمر معظم فرق الشركات الناشئة في حالة مستمرة من التجريب والتكرار؛ أي يختبرون ويتعلمون، وخلال فترة التنافس من أجل ملاءمة المنتج للسوق، يختبر الفريق ويعمل على تحسين معظم المناهج المختلفة.

إضافة إلى ذلك، غالباً ما يكون لدى أعضاء الفريق المختلفين أفكاراً متنافسة عن الاتجاه الذي يجب أن يسلكوه، فقد يحتاجون إلى تغيير فكرتهم الرئيسة أو إجراء سلسلة من الإصلاحات، ومع القليل من الحظ والتوقيت المناسب والقدرات، تحقق الشركة الانطلاقة المطلوبة، لكن إذا كان بناء شركة ناشئة يستلزم اختباراً فوضوياً متعدد المتغيرات، فكيف يمكن للمديرين تحديد الأسباب الفعلية للنجاح؟

في كثير من الأحيان، لا يفعلون ذلك، بالتأكيد من السهل تحديد الأفكار الفاشلة والتخلص منها على الفور، لكن كما هو الحال مع أيِّ اختبار، تؤدي المكاسب قصيرة الأمد الوهمية أحياناً إلى استخلاص المؤسسين استنتاجات خاطئة.

الفكرة هي أنَّ إنشاء شركة من لا شيء يتطلب هدوءاً وتوازناً دقيقاً ودعماً كبيراً للحفاظ عليها، فإذا فقد المؤسسون التركيز أو ألغوا عاملاً حاسماً فقد ينهار كلُّ شيء، وهذا الخوف من الانهيار يعزز الظروف الأساسية لمفارقة النجاح؛ إذ يتردد مديرو الشركات الناشئة في اتخاذ أيِّ خطوات مفاجئة وإحداث خلل في توازنهم، ويصبحون حذرين، ويتحول نهج عملهم إلى نهج حذر.

فإذا كانت العملية أو الوظيفة لا تؤثِّر في نمو الشركة؛ وربما تساهم في نموها، فإنَّهم يقررون الاحتفاظ بها، وعلى الرَّغم من أهمية التركيز الشديد عند إنشاء شركة جديدة، فإنَّ الخوف من فقدان التوازن قد يشتت تفكير المؤسسين.

عندما يكون المؤسس محظوظاً بما يكفي للنجاح، فمن المحتمل أن يكون قادراً على تحديد بعض الأسباب الرئيسة، والتي جعلته ناجحاً، لكن عندما ينهار من الإرهاق، فقد لا يتوقف لتحليل الأخطاء، وإذا فعل ذلك، فسيجد أنَّ استنتاجاته قد تختلف عن المؤسسين المشاركين والمتعاونين ومجلس الإدارة، وبمرور الوقت، تتخذ الشركة الناشئة قصة خاصة منفصلة عن الواقع، وهنا تكمن مفارقة النجاح.

إقرأ أيضاً: 4 طرق لاستعادة التركيز والتوازن عندما يضربك الإرهاق في العمل

في الختام:

أنا أعرف مفارقة النجاح جيداً، فلقد مررت بتجربة فاشلة نتيجة تأثيراتها السامة، فبعد إنشاء شركة بليتشر ريبورت بنتيجة إيجابية رائعة، شرعت في تكرار العملية وإنشاء شركة أخرى، فلقد امتلكت القواعد لبناء شركة وسائط رقمية مربحة، وتوجيهها نحو النجاح، ومع الحكمة التي يوفرها العمر والخبرة، اعتقدت أنَّني أستطيع تجنُّب المنعطفات الخاطئة في تجربة سجل أعمالي، وكم كنت مخطئاً!

The success paradox




مقالات مرتبطة