مغالطة الوصول إلى الهدف: تجربة بيع شركتك

أبرمنا أنا وشركائي المؤسسين بعد سبع سنوات من بناء شركة وإجراء عملية استحواذ مدتها تسعة أشهر، صفقة لبيع شركة بليتشر ريبورت (Bleacher Report) لشركة تيرنر سبورتس (Turner Sports)، فلقد أسسنا الشركة بعد التخرج من الجامعة، وكانت الفكرة الأعظم التي كنا نعمل من أجلها منذ ذلك الحين، وقد فاق نجاحنا ما تخيلناه أيضاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن رجل الأعمال ديف نيميتز (Dave Nemetz)، ويُحدِّثنا فيه عن مغالطة الوصول وتجربة بيع شركته.

لقد حفزتني الرغبة في الوصول إلى القمة خلال معظم التقلبات؛ إذ حققنا إنجازات عديدة؛ لكنَّنا مررنا بتجارب صعبة أيضاً، وكان يجب أن أشعر بالبهجة العارمة والثقة المطلقة، ومع ذلك في يوم إبرام الصفقة، شعرت بالإرهاق، فلقد أجهدني العمل في السنوات القليلة الماضية في شركة بليتشر ريبورت كثيراً، ومع نمو الشركة، نما شعوري بعدم الرضى معها.

فلقد سيطرت الصرامة على الثقافة التنظيمية، ولم يعد فيها أيُّ مرح، ولم أعد أشعر بأنَّ الشركة ملكي، فلقد اتخذت منحى خاصاً بها، وكان ذلك مقبولاً بالنسبة إلي؛ إذ شعرت بإحساس كبير بالإنجاز فيما بنيناه، وكانت رؤية الأموال تصل إلى حسابي المصرفي أمراً خيالياً، لكن لم يكن لدي الدافع للاحتفاء كما كنت أعتقد، وبدلاً من ذلك، شعرت بالراحة، فلقد حققنا ذلك، بعد أن واجهنا عقبات كثيرة كان من الممكن أن توقفنا.

كلُّ ما أردت فعله هو الشعور بالراحة:

لقد أصبح بإمكاني أخيراً أخذ استراحة ذهنية بعد حمل هذا العبء لوقت طويل، كما تلاشى شعوري بملكية الشركة تلاشياً أسرع ممَّا كنت أتوقع، ووجدت أنَّه يمكنني إيقاف "عقلية المؤسس" التي كانت تدفعني ليلاً ونهاراً إلى العمل لسنوات؛ إذ بنينا شيئاً أحبَّه الناس، على الرَّغم من كلِّ الصعوبات، وصلنا إلى الوجهة التي سعينا إليها منذ فترة طويلة، وحان الوقت الآن لتسليم الراية لشخصٍ آخر، والابتعاد عن الشركة.

تمجد وسائل الإعلام التقنية، وتضع توقعات لكيفية تصرف المؤسسين وشعورهم بها، وخلال العملية، حاولت محاكاة ذلك، لكن في داخلي، شعرت بشعور مختلف، فلقد احتفلنا وقبلت التهاني، وبعد أسابيع قليلة من إبرام الصفقة، أخذنا طاقم الشركة بأكمله إلى لاس فيغاس (Las Vegas) لإقامة حفل كبير، ولقد حضرت من أجل فريقي، لكن في تلك المرحلة، لم يكن يعنيني الأمر بعد الآن، ويُسمَّى هذا الشعور غير المتوقع بالخيبة بعد تحقيق إنجاز كبير مغالطة الوصول إلى الهدف (Arrival fallacy).

ذُكِر هذا المصطلح في كتاب "السعادة: تعرف على أسرار الفرح اليومي والرضى الدائم" (Happier: Learn The Secrets To Daily Joy And Lasting Fulfillment) الذي ألَّفه عالِم النفس في جامعة هارفارد (Harvard) "تال بن شاهار" (Tal Ben-Shahar)، يفرز دماغك هرمون الدوبامين بينما تسعى جاهداً إلى تحقيق هدف وتحرز تقدماً نحوه، وكلَّما اقتربت من خط النهاية، يزداد إفراز الدوبامين، لكن بمجرد وصولك إلى هدفك، تتلاشى الرحلة وكلُّ هذا الكفاح، وبدلاً من الشعور بالرضى المتوقع، يتبقى لك شعور بالفراغ، ويستمر ذلك حتى تقرر ما الهدف التالي الذي تسعى إلى الوصول إليه وتعود إلى تكرار العملية نفسها.

شاهد بالفديو: 6 خطوات لإنجاز أيّ شيء تريده

الإنجاز لا يعادل السعادة:

بعد تحقيق النجاح، ما تزال الشخص نفسه الذي كنته عندما بدأت في السعي إلى تحقيقه، وقد تزداد أموالك، لكن ما تزال لديك الشكوك والمخاوف والقلق، وقد ينظر إليك الناس بطريقة مختلفة، ويعتقدون نظراً لأنَّك ناجح، فقد فهمت كلَّ شيء؛ لذا عليك أن تقرر ما إذا كنت ستحاول التصنع للارتقاء إلى مستوى تلك التوقعات، أو ما إذا كنت تريد أن تكون حقيقياً وتتصرف على طبيعتك بما يشمله ذلك من إظهارٍ لنقاط الضعف.

هل يستحق الأمر أن تكون طموحاً وتحقق أهدافاً كبيرة؟ بالنسبة إلي إنَّه يستحق ذلك؛ لكنَّني أدركت أنَّ المكافأة هي الرحلة، وليست الوجهة؛ فالفوائد الحقيقية لأيِّ نشاط هي الدروس التي تتعلمها والعلاقات التي تبنيها والنمو الشخصي الذي تحققه، فإذا نظرت إلى الأشياء بهذه الطريقة، فستحقق دائماً شيء ما سواء وصلت إلى القمة أم لا.

إقرأ أيضاً: أهم 9 أمور في الحياة للإنجاز والسعادة

في الختام:

تعلمتُ بمرور الوقت الاعتماد على مصادر السعادة الأبسط والأكثر قابلية للتحقيق، وأجد هذه المصادر في الأسرة والعلاقات الوثيقة وإحساسي بتقدير الذات والمعنى الذي أحصل عليه من الحياة في كلِّ لحظة، ونظراً لأنَّني أعطيت الأولوية لهذه الجوانب من حياتي، فقد زاد رضائي، ومن خلال تركيز الاهتمام على مصادر الفرح غير المرتبطة بالإنجازات، فقد حررت نفسي من البحث عن أهداف جديدة وبدء رحلات جديدة، ومضيت قُدُماً دون الشعور بالخوف من الفشل أو نقد الناس.




مقالات مرتبطة