مظاهر تكريم الله والدين الإسلامي للإنسان

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن تقويم، وميّزه عن باقي مخلوقات الأرض بالكثير من المزايا والأشياء أهمها العقل وحسن المظهر، وذلك لأن الإنسان هو الأرقى والأفضل على هذهِ الأرض، إضافةً إلى هذا فقد سعى الدين الإسلامي من أجل تكريم الإنسان، والحفاظ على كل الحقوق الواجبة له، فيما يلي سنُسلّط الضوء على هذا الموضوع المهم، وسنتحدّث بشكلٍ مفصّل عن مظاهر تكريم الدين الإسلامي والله سبحانه وتعالى للإنسان.



أولًا: تعريف الإنسان في الدين الإسلامي والقرآن

الإنسان هو عبارة عن كائن بشري يتألف من طبيعة ماديّة وروحيّة، وهو خليفة الله سبحانه وتعالى على الأرض لأنّه هو المسؤول الأساسي عن إعمار الأرض وبثّ الحياة فيا واستصلاحها، والعمل بشكلٍ مجد من أجل تطوير كل المجتمعات التي تعيش عليها من مختلف النواحي إن كانت ماديّة، معنويّة، ودينيّة. 

والإنسان في الإسلام هو عبارة عن روح، وذلك لأنه يتحرك وهو مادة لأنّه محسوس، وهو الأمانة التي أرادها الله إليهِ ماديّة، وموجودة في روحهِ، لهذا فإنّ الروح في جسم الإنسان هي التي تحرّكه، وإيمانهِ بالغيب هو الذي يجعله يُطبق كل أركان الإسلام، حيثُ لا يستطيع الإنسان أن يقوم بالأمانة التي كلّفه رب العالمين بها إلّا في ظل التزامهِ بالشريعة الإسلاميّة والمبادئ التي جاءت بها، وهذهِ المبادئ هي حفظ الدين والعقل والنفس والمال والنسل.

وخَلق الإنسان في الإسلام مرّ بمراحل عديدة، كلها ذكرت في القرآن الكريم وهي:

المرحلة الأولى: وهي مرحلة خلق الإنسان من تراب، وذلك لأنّ القرآن الكريم وضّح لنا بأنّ سيدنا آدم عليهِ السلام أبو البشرية، خلق من تراب، حيثُ قال تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ).

المرحة الثانية: وهي مرحلة خلق الله سبحانه وتعالى للإنسان من طين، والطين هو عبارة عن تراب مختلط بالماء، لهذا فإنّ الماء هي عنصر أساسي في حياة الإنسان، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ). (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ).

المرحلة الثالثة: وهي مرحلة خلق الإنسان من طين لاذب، ويُعرّف الطين اللاذب بالطين الذين يلتصق باليدين عند ملامستهِ، حيثُ قال تعالى: (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ).

المرحلة الرابعة: والحمأ المسنون هو الطين الذي يُترك لفترةٍ من الزمن ويتحول إلى حمأ مسنون، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ).

المرحلة الخامسة: وهو الطيب اليابس الذي يخرج منه صوت يُسمى صلصة عند النقر عليهِ، حيث قال تعالى في آياتهِ الكريمة:

(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ).

المرحلة السادسة: هي المرحلة التي يُصبح الإنسان فيها كالفخار، حيثُ قال الله تعالى في سورة الرحمن: (خلق الإنسان من صلصال كالفخار).

المرحلة السابعة: وهي المرحلة الأخيرة التي نفخ فيها الله سبحانه وتعالى روحه في الإنسان، ليُصبح كائن جديد، حيثُ قال الله سبحانه وتعالى في آياتهِ الكريمة: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ).


اقرأ أيضاً:
نصائح وإرشادات إسلامية مهمة لكل مسلم


ثانيًا: مظاهر تكريم الله والدين الإسلامي  للإنسان

  • خَلق الإنسان من طين:

لقد كرّم الله سبحانهُ وتعالى الإنسان بأن خلقهُ من طين ونفخ فيهِ من روحهِ، وهذا كلهُ يدل على عظمة وعلو مكانة الروح التي حلّت في الإنسان، والمنزلة السامية التي خصهُ الله بها، كما وأنّ الاستقبال الذي خصصهُ الله تعالى عند خلق الإنسان الأول فيهِ عظمة كبيرة لمكانة الإنسان، حيثُ اجتمع الملائكة لاستقبالهِ، وأمرهم الله تعالى بالسجود لهذا الكائن العظيم أي الإنسان، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين).

  • الصورة الحسنة للإنسان:

لقد خلق اللهُ تعالى الإنسان في صورةٍ حسنة وجميلة، وبقامةٍ معتدلة، وخلق لهُ اليدين لكي يعمل ويأكل بها، والقدمين لكي يسير عليها، وميّزهُ بالعقل، والفطرة، لكي يلم بكل أنواع العلم والمعرفة، وهذا ما لم يمنحهُ لأي كائنٍ آخر على هذهِ الأرض كالحيوان مثلًا أو النبات، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، كما وقال الله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ).

  • تسخير مافي السماء والأرض للإنسان:

لقد كرّم الله سبحانهُ وتعالى الإنسان بتسخير كل النعم التي توجد في السماء والأرض لهُ، كإنزال الماء من السماء على هيئة مطر، لينمو الزرع الذي يُغذي الإنسان، ولتتفجر الينابيع والأنهار التي يشرب منها، حيثُ قال سبحانهُ وتعالى: (الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم).

كما وسخر الله سبحانه وتعالى للإنسان الشمس والقمر، وكل ما ينفعه من تعاقب الليل والنهار، وفصول السنة، حيث يُمكن للإنسان أن يستخدم الشمس للإضاءة والدفئ، وكذلك يُمكنه أن يستفيد من ضوء القمر وحركة النجوم لتنظيم حياتهِ خلال السنة، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب).

كما وقال تعالى: (وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون).

  • تفضيل الإنسان على كل الخلق:

لقد فضّل الله تعالى الإنسان على كل مخلوقات الأرض،  وسمح له بالتسلّط على كل ما في الأرض وتسخيرهِ بما يُقدم له النفع والفائدة، حيث قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا).

كما وقال تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا).

  • إرسال الرسل لهداية الإنسان:

من أهم مظاهر تكريم الله سبحانهُ وتعالى للإنسان، هو إرسال الرسل له إلى الأرض، وذلك لكي يهديهِ إلى الطريق الصحيح، والسراط المستقيم، الذي يجعله يفوز بمحبة الله ورضاه عنهُ وبدخول الجنة، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (أيّها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون).

كما وقال اللهُ تعالى: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم).

  • حمل الأمانة:

لقد كرّم الله سبحانهُ وتعالى الإنسان عن طريق تحميلهِ للأمانة، حيث تحمّل مسؤوليته عن نفسهِ ومهمة صونها والحفاظ عليها وتكريمها، وذلك كفرد، وأسرة ومجتمع، حيثُ قال اللهُ سبحانهُ وتعالى في آياتهِ الكريمة: (إنّا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا).

  • حب الله للإنسان:

وهي من أكبر النعم التي كرّم بها الله سبحانه وتعالى الإنسان وإرشاده لهُ وتقديم تعاليمه عن طريق القرآن الكريم، وذلك لكي يحيا حياة سعيدة وهادئة، ولكي يفوز بالجنة في الآخرة، حيثُ قال الله تعالى في آياتهِ الكريمة: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

ولقد خص الله تعالى محبتهُ للمحسنين، المتقين، الصالحين، المُتطهرين، الصابرين، المتوكلين، التوابين، المجاهدين، والمقسطين.

  • معيّة الله سبحانه وتعالى للإنسان:

من أهم مظاهر حب وتكريم الله سبحانهُ وتعالى للإنسان، هو قربهُ منهُ في كل وقت وحين، واستجابته لكل أدعيتهُ الصادقة، ومساعدتهِ على تخطي أزمات الحياة ومشاكلها، وكلّما كان الإنسان قريبًا من ربهِ، كلما استجاب لهُ أدعيتهِ وهداهُ في الدنيا والآخرة، حيثُ قال تعالى في آياته الكريمة: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).

  • حفظ الإنسان ورعايتهِ:

لقد كرّم الله تعالى الإنسان عن طريق الحفاظ عليهِ، وحمايتهِ من كل سوء، حيثُ سخّر لهُ الملائكة ليحرسوهُ أينما ذهب، وليُبعدوا عنهُ كل سوءٍ وأذى، كما وحفظ الإنسان المؤمن من وساوس الشيطان الرجيم، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (وإمّا ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم).

كما وقال تعالى في آيةٍ أخرى: (إنّ كل نفس لما عليها حافظ).

  • المساواة بين جميع البشر:

لقد كرّم الله تعالى الإنسان عن طريق إعطاء حق المساواة لجميع البشر بمختلف أجناسهم وأعراقهم، ولا يُفضل أي إنسان على آخر إلّا بالتقوى، فالناس جميعًا متساون في تطبيق أحكام الشرع، ويحصلون على حقهم في العمل، والتعليم، والعلاج، ولا يوجد فرق بين غني، وفقير، وقوي، وضعيف، وعربي، وأعجمي، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: ( إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم).

  • حق دخول الجنّة:

تعتبر الجنة هدية من الله سبحانهُ وتعالى ليُكرّم فيها الإنسان في الآخرة، وكلّما كان عملهُ صالحًا، كلّما كان مقامهُ في الجنة عظيمًا، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوانمن الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم).


اقرأ أيضاً:
الجنة في الإسلام وأهم النصائح لتفوز بها


ثالثًا: آيات قرآنية تتحدّث عن الإنسان

  1. قال الله تعالى: ( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِّنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصارَ والافْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
  2. قال الله تعالى: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة).
  3. قال الله تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى).
  4. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
  5. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).
  6. قال الله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
  7. قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).

 

اقرأ أيضاً: أقوال وحكم عن الإنسان

 

كما رأيت عزيزي فإنّ الله سبحانه وتعالى، خصّ الإنسان بالعديد من المكارم والأشياء التي لم يمنحها لأي مخلوق على هذهِ الأرض، وكل هذا ورد في العديد من آيات القرآن الكريم.

 

المصادر:




مقالات مرتبطة