مرض الكساح أسبابه وأعرضه وسبل علاجه

يعدُّ الكساح أكثر شيوعاً عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وثلاث سنوات، ويختلف انتشار الكساح حسب المنطقة؛ إذ يوجد أعلى المعدلات في البلدان النامية؛ حيث يكون الوصول إلى ضوء الشمس والأطعمة المدعمة بفيتامين (د) والمكملات الغذائية محدوداً، ويعد الكساح أكثر شيوعاً لدى الأشخاص ذوي البشرة الداكنة؛ إذ ينتج جلدهم كمية أقل من فيتامين (د) استجابةً لأشعة الشمس.



بعد هذه الإحصاءات وُجِدَ أنَّه من الهام للجميع التعرف جيداً إلى مرض الكساح؛ لذلك سنستعرض في هذا المقال أبرز أسباب مرض الكساح، وأهم أعراضه، ومتى ظهر أول مرة، وأهم الإجراءات التي يمكننا استخدامها في سبيل معالجة مرض الكساح أو حتى التقليل من أعراضه، فإذا كنت من المهتمين بهذا الأمر فما عليك إلا أن تتابع معنا.

أسباب حدوث مرض الكساح؟

1. نقص التعرض لأشعة الشمس:

من المعروف أنَّ فيتامين (د) يتم تصنيعه في الجلد عند تعرضه لأشعة الشمس، فعندما يتعرض الجلد لأشعة الشمس يتم تحويل نوع معين من الكوليسترول الموجود في الجلد إلى فيتامين (د 3) (كولي كالسيفيرول)، ثم يتم نقل فيتامين (د 3) إلى الكبد والكلى؛ حيث يتم تحويله إلى شكله النشط وهو الكالسيتريول؛ إذ إنَّ الكالسيتريول ضروري للجسم لامتصاص الكالسيوم والفوسفور من النظام الغذائي وبناء عظام وأسنان قوية.

لذلك يمكن أن يؤدي التعرض غير الكافي لأشعة الشمس إلى نقص فيتامين (د)، وهذا قد يؤدي إلى الإصابة بالكساح؛ وهي حالة تصبح فيها العظام ضعيفة ودون كمية كافية من فيتامين (د)، فلا يستطيع الجسم امتصاص الكالسيوم والفوسفور بشكل صحيح من النظام الغذائي، وهذا يؤدي إلى نقص هذه المعادن في العظام، ويمكن أن يتسبب ذلك في ضعف العظام وتعرضها للكسور، فضلاً عن تشوهات الهيكل العظمي مثل تقوس الساقين أو تضخم الجمجمة؛ لذا فإنَّ التعرض لأشعة الشمس هام لإنتاج فيتامين (د) الضروري لنمو العظام والأسنان والحفاظ عليها.

2. سوء الامتصاص:

يمكن أن يسبب سوء الامتصاص الكساح؛ وذلك لأنَّ فيتامين (د) الضروري لامتصاص الكالسيوم والفوسفور في الجسم قد لا يتم امتصاصه بشكل صحيح من النظام الغذائي في هذه الحالة.

يمكن أن يحدث سوء الامتصاص نتيجة مجموعة متنوعة من الأسباب، مثل اضطرابات الجهاز الهضمي مثل مرض الاضطرابات الهضمية، ومرض التهاب الأمعاء، والتليف الكيسي، وحالات أخرى تؤثر في امتصاص العناصر الغذائية في الأمعاء الدقيقة، إضافة إلى ذلك يمكن أن تؤثر بعض الأدوية مثل الأدوية المضادة للتشنج والكورتيكويدات السكرية والأدوية المضادة للفطريات في امتصاص فيتامين (د).

3. الرضاعة الطبيعية دون مكملات غذائية:

يعد حليب الأم مصدراً جيداً لتغذية الأطفال، ولكنَّه قد لا يوفر ما يكفي من فيتامين (د) الضروري لنمو عظام صحية والحفاظ عليها، لذلك فإنَّ مرض الكساح يمكن أن يحدث عند الرضع الذين يرضعون من الثدي ولا يتلقون مكملات فيتامين (د) كافية.

يتم الحصول على فيتامين (د) بشكل أساسي من خلال التعرض لأشعة الشمس، ولكنَّه موجود أيضاً في بعض الأطعمة مثل الحليب المدعم والأسماك الدهنية وصفار البيض، ويحتوي حليب الثدي عادةً على كمية صغيرة فقط من فيتامين (د)، ويمكن أن تختلف الكمية اعتماداً على نظام الأم الغذائي والتعرض لأشعة الشمس.

للوقاية من الكساح يوصى بأن يتلقى الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية مكملات يومية من فيتامين (د) على شكل قطرات أو فيتامينات متعددة تحتوي على فيتامين (د).

شاهد بالفديو: 6 طرق لعلاج مشكلة السمنة عند الأطفال

4. تناول بعض الأدوية:

يمكن أن تساهم بعض الأدوية أيضاً في تطور الكساح من خلال التدخل في قدرة الجسم على امتصاص أو استخدام فيتامين (د) والكالسيوم أو الفوسفات.

تتضمن بعض الأمثلة عن الأدوية التي يمكن أن تسبب الكساح ما يأتي:

  • مضادات الاختلاج: يمكن أن تتداخل هذه الأدوية التي تُستخدم في علاج الصرع واضطرابات النوبات الأخرى مع استقلاب فيتامين (د) وتؤدي إلى الكساح.
  • القشرانيات السكرية: يمكن لهذه الأدوية التي تُستخدم لعلاج مجموعة واسعة من الحالات، مثل الربو واضطرابات المناعة الذاتية أن تقلل من امتصاص الكالسيوم وتزيد من فقد الكالسيوم، وهذا يؤدي إلى الكساح.
  • مضادات الحموضة المحتوية على الألمنيوم: يمكن أن تتداخل هذه الأدوية مع امتصاص الفوسفات الضروري لصحة العظام وتساهم في تطور الكساح.
  • الفينيتوين: يمكن أن يتداخل هذا الدواء الذي يُستخدم لعلاج النوبات مع قدرة الجسم على امتصاص فيتامين (د)، وهذا يؤدي إلى الكساح.

ليس من الضروري أن يصاب كل الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية بالكساح، ومع ذلك إذا كنت تتناول أياً من هذه الأدوية وكنت قلقاً بشأن خطر الإصابة بالكساح، فيجب عليك التحدث مع مقدِّم الرعاية الصحية الخاص بك لمناقشة المخاطر والفوائد المحتملة لعلاجك.

5. الخداج:

قد لا يكون لدى الأطفال الخدج الوقت الكافي في الرحم لبناء مخازن كافية من فيتامين (د) والكالسيوم، وهذا يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالكساح.

إقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن الطفل الخديج؟

ما هي الأعراض المبكرة للكساح؟

يمكن أن تختلف الأعراض المبكرة للكساح من شخص لآخر، وقد لا يعاني بعض الأفراد من أي أعراض على الإطلاق، ومع ذلك تتضمن بعض الأعراض المبكرة الأكثر شيوعاً للكساح ما يأتي:

1. تأخُّر النمو:

قد يعاني الأطفال المصابون بالكساح من نمو أبطأ من النمو الطبيعي، سواء من حيث الطول أم الوزن.

2. ألم العظام:

يمكن أن يسبب الكساح ألماً في العظام وخاصة في الساقين والعمود الفقري والحوض.

مرض الكساح

3. ضعف العضلات:

يمكن أن يسبب الكساح ضعفاً في العضلات، وهذا ما يجعل من الصعب المشي أو أداء النشاطات البدنية الأخرى.

4. التشوهات:

مع تقدُّم الكساح يمكن أن يسبب تشوهات في العظام، وخاصة في الساقين والعمود الفقري، كما يمكن أن يؤدي هذا إلى ظهور تقوس الساقين وانحناء العمود الفقري وغير ذلك من تشوهات الهيكل العظمي.

5. تأخُّر نمو الأسنان:

يمكن للكساح أن يؤخر نمو الأسنان، وهذا الأمر يؤدي إلى تأخر ثوران الأسنان أو تكوُّن الأسنان بشكل سيئ.

6. تليين العظام:

في حالات الكساح الشديدة يمكن أن تصبح العظام ضعيفة جداً، وهذا يزيد من خطر الإصابة بالكسور.

إذا كنت تعاني أنت أو طفلك من أي من هذه الأعراض، فمن الهام التحدُّث مع مقدِّم الرعاية الصحية الخاص بك، وقد يكون فحص الدم أو التصوير الشعاعي ضروريين لتشخيص الكساح وتحديد العلاج المناسب.

متى ظهر مرض الكساح لأول مرة؟

تم التعرف إلى الكساح بوصفه حالة طبية لقرون عدة، ويمكن إرجاع تاريخه إلى العصور القديمة، ويُعتقد أنَّ أول وصف مكتوب للكساح يعود إلى القرن السابع عشر عندما تمت الإشارة إليه باسم (المرض الإنجليزي)؛ وذلك لانتشاره في (إنجلترا)، ومع ذلك من المحتمل أن تكون الحالة موجودة من فترة أطول، وقد تم العثور على أدلة على الكساح في بقايا بشرية من الحضارات القديمة.

زاد انتشار الكساح في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ولا سيما في المناطق الحضرية؛ وذلك بسبب عوامل مثل سوء التغذية والتعرض المحدود لأشعة الشمس والظروف المعيشية المكتظة، ولم يُكتشف حتى أوائل القرن العشرين أنَّ سبب الكساح هو نقص فيتامين (د).

منذ ذلك الحين بُذلت الجهود لمنع وعلاج الكساح من خلال تدابير، مثل تحسين التغذية ومكملات فيتامين (د) وزيادة التعرض لأشعة الشمس، وبينما ما يزال الكساح موجوداً في بعض أنحاء العالم، فقد انخفض معدل حدوثه انخفاضاً كبيراً في العديد من البلدان بسبب هذه التدخلات.

إقرأ أيضاً: تقوس الساقين عند الأطفال

كيف نعالج الكساح؟

يُعالَج عادة من خلال معالجة نقص المغذيات الأساسية وتزويد الجسم بالفيتامينات والمعادن الضرورية التي يحتاج إليها لتكوين عظام صحية والحفاظ عليها بشكل صحيح، وفيما يأتي بعض العلاجات الشائعة للكساح:

1. مكملات فيتامين (د):

هذا هو العلاج الأكثر شيوعاً للكساح؛ إذ إنَّ نقص فيتامين (د) هو سبب شائع، ويمكن أن تساعد مكملات فيتامين (د) على زيادة مستويات فيتامين (د) في الجسم، وهو أمر ضروري لنمو العظام وتطورها بشكل سليم.

2. مكملات الكالسيوم والفوسفات:

إضافة إلى فيتامين (د) فإنَّ الكالسيوم والفوسفات هامان أيضاً لنمو العظام بشكل صحي، ويمكن تناول المكملات الغذائية لضمان حصول الجسم على ما يكفي من هذه العناصر الغذائية.

3. التعرض لأشعة الشمس:

يمكن أن يساعد قضاء الوقت في الشمس الجسم على إنتاج فيتامين (د) بشكل طبيعي، وهذا قد يساعد على تحسين أعراض الكساح.

4. التغييرات الغذائية:

تناول الأطعمة الغنية بفيتامين (د) والكالسيوم والفوسفات يمكن أن يساعد أيضاً على معالجة نقص المغذيات، ويمكن أن تكون الأطعمة مثل الأسماك الدهنية وصفار البيض ومنتجات الألبان المدعمة والخضروات الورقية مصادر جيدة لهذه العناصر الغذائية.

5. الدعامة أو الجراحة:

في حالات الكساح الشديدة قد يكون من الضروري استخدام الدعامة أو الجراحة لتصحيح تشوهات العظام.

في الختام:

بعد أن فصَّلنا في مرض يعد من الأمراض العصرية نوعاً ما، نكون قد أصبحنا على بيِّنة من أمرنا بشأن هذا المرض، فبعد قراءة هذا المقال نكون قد أصبحنا مدركين لأسبابه، ومن ثم نستطيع تجنُّبها، ومدركين أيضاً لأعراضه، وهذا يجعلنا على علم به إن حصل لنا أو لأحد أقاربنا، وعارفين بآفاق علاجاته، وهذا بدوره يجعلنا نباشر العلاج فور التأكد من حدوث هذا المرض، وبذلك نكون قد حققنا الفائدة المثلى من هذه المقالات التي تغني ثقافتنا الطبية.




مقالات مرتبطة