مخاطر "الجلوس المَرَضي" على المتقاعدين

يسارع الكثيرون في الإعلان عن أخطار كثرة الجلوس التي توازي بضررها أضرار التدخين على الصحة العامة، خصوصاً بعد الانتشار الواسع لنمط الحياة كثير الجلوس في العالم الغربي.



تُظهِر أبحاثٌ نُشِرَت عام 2020 عبر مجلة "أوكيوباشنال أند إينفايرومينتال ميدسن" (Occupational & Environmental Medicine) أنَّ ظاهرة التقاعد المبكر المتزايدة تسبب كثرة الجلوس بلا هدف، والذي قد يستمر لعامين على الأقل، مصحوباً بمجموعة من المخاطر والاضطرابات الصحية.

وتحذر الدراسة السابقة التي أُجريَت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 من الارتفاع الحاد في معدل الجلوس بلا عمل، والذي يستمر وسطياً من 20 دقيقة فأكثر في اليوم بين المتقاعدين الجدد، وقد يستمر حتى عامين أو أكثر؛ إذ يزداد خطره بالتدريج على الرجال في الأمد القصير؛ ولكنَّ آثاره الضارة بعيدة الأمد تشمل كلا الجنسين.

الآثار السيئة والمرَضيَّة لنمط الحياة كثير الجلوس:

أبرزت الدراسات السابقة الآثار السلبية للجلوس المستمر مثل: زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب ومتلازمة الأيض، في حين أنَّ ممارسة النشاط البدني الخفيف ستقلل من ذلك، كما ارتبطت كثرة الجلوس خلال اليوم بارتفاع معدل بالوفيات.

وفقاً لبحثٍ نُشِرَ في مجلة "أميريكان جورنال أوف بريفينتف ميديسن" (American Journal of Preventive Medicine) عام 2019، فقد أوضح 45% من المتقاعدين عدم رغبتهم في ممارسة أي نشاط بدني.

وبالعودة إلى الدراسة السابقة المنشورة في تسرين الثاني/ نوفمبر 2020 فقد شرع الباحثون في تحديد ما إذا كان مُتَّبعو نمط الحياة التي يُكثِر فيها المتقاعدون الجلوس يشمل تمديد فترات الجلوس كل حين، أم أنَّه يستمر على وتيرة واحدة.

حيث وضع الفريق 689 مشاركاً من أصل 908 مشارك مؤهلاً تحت المراقبة في دراسة بعنوان "دراسة التقاعد والشيخوخة الفنلندية" (Finnish Retirement and Aging Study)، وشملت الدراسة العاملين المتقاعدين في البلديات الفنلندية؛ إذ شملت الدراسة 85% من النساء العاملات بمناصب إدارية أو مهنية البالغات من العمر 63 سنة كونه السن المتوسط للتقاعد.

وطلب الفريق من عيِّنة البحث ارتداء جهاز تتبع النشاط لمدة 10 ساعات على الأقل في أثناء فترات الاستيقاظ لمدة سبعة أيام متتالية، وتم ذلك على فترتين؛ مرة قبل التقاعد ومرة بعده، ومن ثم قاسوا "إجمالي متوسط وقت الجلوس" متناسباً مع مقدار الوقت الذي يقضونه، مقسماً إلى فترات طويلة "30 دقيقة أو أكثر" وفترات مطوَّلة للغاية "ساعة أو أكثر" محدداً بنقاطٍ زمنية معينة.

شاهد بالفديو: 8 نصائح لتخفيف مخاطر الأعمال المكتبية الطويلة

تزايد مخاطر الجلوس لفترات طويلة:

وأظهرت النتائج؛ مصاحبة ظاهرة التقاعد لارتفاعٍ مفاجئ في وقت الجلوس المطوَّل لدى النساء، في حين تطور الأمر تدريجياً لدى الرجال.

ازداد وقت الجلوس لدى النساء بمعدل 22 دقيقة في الفترات العادية، وارتفع زمن الجلوس المطوَّل إلى 34 دقيقة يومياً، وازداد وقت الجلوس المطول جداً - أي ما يتجاوز الساعة - بمقدار 15 دقيقة في الفترة الانتقالية، ثم ثبتت الأرقام على أعلى مستوىً لها في السنوات التي تلت التقاعد، وسُجِّلَت أكبر زيادة في وقت الجلوس لدى "النساء المتقاعدات من الوظائف اليدوية".

من ناحية أخرى، سجَّل الرجال وقت جلوس أكثر وأطول مقابل ما سجلَته النساء، في حين لم يلحظ أي تغيير خلال الفترة الانتقالية، فقد تلاها صعود تدريجي لأوقات الجلوس الطويلة بمقدار 33 دقيقة ابتدأت من فترة ما قبل التقاعد إلى ما بعده.

وفقاً لدراسة رصدية لعيِّنة البحث السابق فقد استمرت التغييرات بعد عامين أو أكثر من تقاعدهم، وحذر الباحثون من ضرر الاستمرار في الجلوس لفترات طويلة على الصحة الذي يفوق ضرر الجلوس لفترات متقطعة.

وقد خَلُصت دراسة ذات صلة، إلى ازدياد عدد الساعات اليومي للجلوس في أثناء وقت الفراغ من 4 ساعات ونصف إلى ست ساعات في المتوسط خلال الفترة الانتقالية من التقاعد، وازداد الوقت الذي يقضيه المتقاعد/ة في مشاهدة التلفاز على وجه التحديد.

وقد بيَّن موقع "غرين ميد إنفو.كوم" (GreenMedInfo.com) وجود مخاطر صحية كبيرة جرَّاء الجلوس الطويل المستمر، كما أظهر الموقع ضمن ملخص لدراسات عدَّة حول "الجلوس المَرَضي" بأنَّ النشاط البدني يأتي بنتائج مذهلة للصحة البدنية لكبار السن، كما يتفوَّق كبار السن الذين لا يعانون من الجلوس المَرَضي المستمر في الوظائف التنفيذية والذاكرة، بالمقارنة مع نظرائهم المولعين بالجلوس.

إقرأ أيضاً: ما هي أضرار الجلوس الطويل؟ وما هي الأنواع المفيدة منه؟

بالنسبة إلى الذين لم يتقاعدوا بعد ولكنَّهم يعانون من مخاطر الجلوس المَرَضي الناجمة عن طبيعة المهن، فإنَّ مقرَّات العمل النشطة ستكون إحدى الخيارات المساعدة؛ إذ يمكن العمل والتحرك في آنٍ واحد؛ إذ أظهر استعمالها تأثيراً إيجابياً في بذل الجهد العضلي وممارسة النشاط البدني على الأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.

المصدر




مقالات مرتبطة