متلازمة تيرنر: مفهومها وأهم المعلومات المتعلقة بها

متلازمة "تيرنر" هي حالة وراثية تؤثر في نحو 1 من كل 2500 ولادة، وتحدث عندما يكون أحد الكروموسومات (X) مفقوداً جزئياً أو كلياً في الإناث، ويمكن أن يؤدِّي هذا إلى مجموعة من الأعراض الجسدية والنمائية، مثل قصر القامة وفشل المبيض وعيوب القلب وصعوبات التعلم.



لا يوجد علاج نهائي لمتلازمة "تيرنر"، لكنَّ التشخيص المبكر والإدارة الطبية المناسبة يمكن أن تساعد على معالجة هذه الأعراض وتحسين نوعية الحياة للمصابات؛ لذلك في هذا المقال سوف نستكشف الأسباب والأعراض والتشخيص وأهم الاختبارات لمتلازمة "تيرنر"، إضافة إلى التحديات التي تواجهها أولئك اللواتي تعشن مع هذه الحالة، فإذا كنت من المهتمين، فتابعي معنا.

ما هي متلازمة "تيرنر" بمفهومها العام؟

متلازمة "تيرنر" هي اضطراب وراثي يصيب الإناث، ويحدث عندما يكون أحد الكروموسومات (X) مفقوداً كلياً أو جزئياً، وهذا يؤدي إلى مجموعة من السمات الجسدية والنمائية، وعادةً ما يكون للإناث كروموسومان (X)، بينما لدى الذكور كروموسوم (X) واحد وكروموسوم (Y) واحد، لكن في متلازمة "تيرنر" يمكن أن يؤدي فقدان أو عدم اكتمال الكروموسوم (X) إلى مجموعة متنوعة من المشكلات الصحية.

ما هي أهم أسباب متلازمة "تيرنر"؟

تحدث متلازمة "تيرنر" بسبب خلل جيني يشمل الكروموسوم (X)، ويمكن أن تشمل الأسباب المحددة لمتلازمة "تيرنر" ما يأتي:

1. الفسيفساء:

يمكن أن تسبب الفسيفساء متلازمة "تيرنر" عندما يحدث خطأ في أثناء انقسام الخلية في إحدى مراحل تطور الجنين المبكرة، ففي التطور الطبيعي تنقسم الخلايا وتتمايز إلى أنسجة وأعضاء مختلفة، وتحتوي كل خلية على مجموعة كاملة من الكروموسومات، ومع ذلك في متلازمة "تيرنر" الفسيفسائية يحصل خطأ في عملية انقسام الخلايا، وهذا يؤدي إلى وجود بعض الخلايا التي تحتوي على كروموسوم (X) مفقود أو غير مكتمل، في حين أنَّ بعضها الآخر لديه النمط النووي (XX) الطبيعي.

السبب الدقيق للفسيفساء في متلازمة "تيرنر" غير مفهوم تماماً، لكن يُعتقد أنَّه يحدث بشكل عشوائي في أثناء انقسام الخلية، وتتضمن بعض العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بالفسيفساء في متلازمة "تيرنر"، سن الأم المتقدِّم والتعرُّض للإشعاع أو المواد الكيميائية في أثناء الحمل أو بعض الطفرات الجينية.

يمكن أن تختلف أعراض متلازمة "تيرنر" وشدتها تبعاً لنسبة الخلايا التي تحتوي على كروموسوم (X) مفقود أو غير مكتمل، وعموماً قد تعاني المصابات بمتلازمة "تيرنر" الفسيفسائية من أعراض أقل حدة من أولئك اللاتي لديهن النمط النووي (45+X)؛ إذ إنَّ بعض الخلايا يكون لديها كروموسوم (X) طبيعي للتعويض عن المادة الوراثية المفقودة، ومع ذلك ما تزال المصابات تعانين من بعض الخصائص الجسدية والنمائية المرتبطة بمتلازمة "تيرنر"، مثل قصر القامة وعيوب القلب ومشكلات السمع وصعوبات التعلم.

2. وجود مادة الكروموسوم (Y):

يمكن أن يتسبب وجود مادة كروموسوم (Y) في المصاب بمتلازمة "تيرنر" في حدوث حالات طبية معينة مرتبطة بمتلازمة "تيرنر"، ويُعرف هذا باسم فسيفساء كروموسوم (Y) أو مادة كروموسوم (Y) في متلازمة "تيرنر"، ففي التطور الطبيعي ترث الإناث اثنين من الكروموسومات من النوع (X)؛ أي يكون نمطها (XX)، بينما يرث الذكور كروموسوم (X) واحد وكروموسوم (Y) واحد (XY).

مع ذلك في بعض الحالات النادرة قد يكون لدى المصابات بمتلازمة "تيرنر" مادة كروموسوم (Y) في خلاياهن، إما نتيجة خطأ في انقسام الخلية أو بسبب الإزالة غير الكاملة لمادة الكروموسوم (Y) في أثناء النمو الطبيعي، كما يمكن أن يؤدي وجود مادة كروموسوم (Y) في متلازمة "تيرنر" إلى زيادة خطر الإصابة بحالات طبية معينة، مثل الورم الأرومي في الغدد التناسلية؛ وهو نوع من الورم يمكن أن يتطور في الغدد التناسلية.

يزداد خطر الإصابة بالورم الأرومي في الغدد التناسلية مع زيادة نسبة مادة الكروموسوم (Y) الموجودة في خلايا المصابة، كما يمكن أن تؤدي مادة الكروموسوم (Y) في متلازمة "تيرنر" أيضاً إلى خصائص جسدية ونمائية أخرى مرتبطة بمتلازمة "تيرنر"، مثل قصر القامة والعقم وعيوب القلب وصعوبات التعلم.

عادةً ما يتم الكشف عن مادة كروموسوم (Y) في متلازمة "تيرنر" من خلال الاختبارات الجينية التي يمكن أن تحدد وجود ونسبة مادة كروموسوم (Y) في خلايا الفرد المصاب، وقد يتضمن علاج متلازمة "تيرنر" وإدارتها باستخدام مادة الكروموسوم (Y) مراقبة تطور الورم الأرومي في الغدد التناسلية، والإزالة الجراحية للغدد التناسلية، والعلاج بالهرمونات البديلة.

3. التشوهات الهيكلية في الكروموسوم (X):

يمكن أن تنتج متلازمة "تيرنر" عن تشوهات هيكلية في الكروموسوم (X)، مثل الحذف أو التكرار أو النقل، ويمكن أن تسبب هذه التغييرات الهيكلية مادة وراثية مفقودة أو مكررة، وهذا يؤدي إلى مجموعة من الخصائص الجسدية والنمائية المرتبطة بمتلازمة "تيرنر".

تعد عمليات حذف الكروموسوم (X) أكثر التشوهات الهيكلية شيوعاً المرتبطة بمتلازمة "تيرنر"، وفي هذه الحالة يكون جزء من الكروموسوم (X) مفقوداً، وهذا قد يؤدي إلى مجموعة متنوعة من الأعراض اعتماداً على مدى ومكان المادة الوراثية المفقودة، وفي حين أنَّ بعض عمليات الحذف صغيرة وقد لا تسبب أعراضاً كبيرة، يمكن أن تؤدي عمليات الحذف الكبيرة إلى أعراض أكثر حدة.

يمكن أن تسبب مضاعفات الكروموسوم (X) أيضاً متلازمة "تيرنر"، وفي هذه الحالة يتم تكرار جزء من الكروموسوم (X)، وهذا ينتج عنه مادة وراثية إضافية، ومثل عمليات الحذف يمكن أن تختلف شدة الأعراض اعتماداً على مدى ومكان المادة الوراثية المكررة.

يمكن أن تتسبب عمليات إزاحة الكروموسوم (X) أيضاً في الإصابة بمتلازمة "تيرنر"، ويحدث هذا عندما ينكسر جزء من الكروموسوم (X) ويلتصق بصبغي آخر، وهذا يؤدي إلى إعادة ترتيب المادة الجينية، ويمكن أن تختلف الأعراض المحددة لمتلازمة "تيرنر" التي تسببها عمليات النقل حسب مكان ومدى إعادة الترتيب.

عموماً يمكن أن تؤثر التشوهات الهيكلية للكروموسوم (X) في تطور ووظيفة الأعضاء والأنسجة المختلفة، وهذا يؤدي إلى الخصائص الجسدية والنمائية المرتبطة بمتلازمة "تيرنر"، ويمكن أن تختلف الأعراض المحددة وشدة متلازمة "تيرنر" الناتجة عن التشوهات الهيكلية اعتماداً على مدى وموقع الخلل الجيني.

ما هي التغيرات الفيزيولوجية التي تسببها متلازمة "تيرنر" في الجسم؟

يمكن أن تسبب متلازمة "تيرنر" مجموعة من التغيرات الفيزيولوجية في الجسم؛ وذلك لأنَّها تؤثر في تطور ووظيفة مختلف الأجهزة والأنظمة، وتتضمن بعض التغيرات الفيزيولوجية الشائعة المرتبطة بمتلازمة "تيرنر" ما يأتي:

1. النمو والتطور:

عادةً ما تكون المصابات بمتلازمة "تيرنر" أقصر من المتوسط؛ وذلك ​​بسبب النمو البطيء خلال الطفولة والمراهقة، وقد يكون لديهن أيضاً تأخر في النمو الجنسي، وقد لا يبدأ البلوغ في العمر المتوقع.

2. الجهاز التناسلي:

تعاني معظم المصابات بمتلازمة "تيرنر" من نقص في نمو المبيضين أو حتى غيابهما، وهذا يؤدي إلى العقم، وقد يكون لديهن أيضاً خطر متزايد من بعض مشكلات الصحة الإنجابية، مثل الأورام الليفية الرحمية أو بطانة الرحم.

3. نظام القلب والأوعية الدموية:

يمكن أن تؤثر متلازمة "تيرنر" في نمو القلب والأوعية الدموية، وهذا يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل ارتفاع ضغط الدم أو تمدد الأوعية الدموية الأبهرية أو تضيُّق الأبهر.

إقرأ أيضاً: 8 خطوات لقلب أكثر صحة

4. الكلى:

يمكن أن تؤثر متلازمة "تيرنر" أيضاً في نمو الكلى ووظيفتها، وهذا يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بتشوهات الكلى والتهابات المسالك البولية.

5. وظيفة الغدة الدرقية:

قد يكون لدى بعض المصابات بمتلازمة "تيرنر" مخاطر متزايدة للإصابة باضطرابات الغدة الدرقية، مثل قصور الغدة الدرقية التي يمكن أن تؤثر في التمثيل الغذائي ومستويات الطاقة.

6. السمع والبصر:

يمكن أن تؤثر متلازمة "تيرنر" أيضاً في السمع والبصر، وهذا يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بفقدان السمع وقصر النظر وإعاقات بصرية أخرى.

من الهام ملاحظة أنَّه ليس كل المصابات بمتلازمة "تيرنر" ستواجهن كل هذه التغيرات الفيزيولوجية، ويمكن أن تختلف شدة الأعراض اختلافاً كبيراً، وقد يشمل العلاج معالجة مشكلات صحية معينة عند ظهورها، وقد تشمل العلاج الهرموني أو الجراحة أو التدخلات الأخرى.

ما هي الاختبارات التي نستطيع إجراءها لمعرفة ما إذا كان الجنين مصاباً بمتلازمة "تيرنر"؟

توجد عدة اختبارات يمكن إجراؤها لتشخيص متلازمة "تيرنر" عند نمو الجنين، أهمها:

1. اختبار ما قبل الولادة غير الجراحي (NIPT):

اختبار دم يقوم بتحليل الحمض النووي للجنين في دم الأم، ويمكنه الكشف عن تشوهات الكروموسومات الشائعة، مثل متلازمة "تيرنر" بدقة عالية.

2. أخذ عينات الزغابات المشيمية (CVS):

يتضمن هذا الاختبار أخذ عينة من المشيمة لتحليل كروموسومات الجنين، ويمكنه الكشف عن متلازمة "تيرنر" والتشوهات الصبغية الأخرى بدقة عالية، ومع ذلك هناك خطر ضئيل للإجهاض المرتبط بهذا الاختبار.

3. بزل السلى:

يتضمن هذا الاختبار أخذ عينة من السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين لتحليل كروموسومات الجنين، ويمكنه أيضاً الكشف عن متلازمة "تيرنر" والتشوهات الصبغية الأخرى، وهناك خطر ضئيل أيضاً للإجهاض المرتبط بهذا الاختبار.

من الهام ملاحظة أنَّ هذه الاختبارات تُجرى عادةً فقط إذا كانت الأم معرَّضةً بشكل متزايد لخطر إنجاب طفل مصاب بمتلازمة "تيرنر"، أو إذا كانت هناك مؤشرات على وجود تشوهات جنينية في الموجات فوق الصوتية أو اختبارات الفحص الأخرى، ويمكن لمزود الرعاية الصحية الخاص تقديم مزيد من المعلومات والإرشادات المتعلقة بالاختبارات المناسبة للحالة.

إقرأ أيضاً: 5 أسباب تؤدي لإصابة الجنين بالتشوهات

في الختام:

تعد متلازمة "تيرنر" حالة وراثية معقدة يمكن أن يكون لها تأثير كبير في حياة المصابات، ومع ذلك من خلال التشخيص المبكر والإدارة الطبية المناسبة، يمكن معالجة العديد من الأعراض المصاحبة، وهذا يسمح لأولئك اللاتي يعانين من متلازمة "تيرنر" بأن يعشن حياة صحية ومُرضية.

تساعد الأبحاث الجارية على تحسين فهمنا للأسباب الكامنة وراء متلازمة "تيرنر" وتطوير علاجات وتدخلات جديدة لدعم المصابات، ومن خلال زيادة الوعي والتعليم يمكننا المساعدة على ضمان حصول المصابات بمتلازمة "تيرنر" على الرعاية التي يحتجن إليها للنمو.




مقالات مرتبطة