ماهو علم الفراسة وكيف تستفيد منه في تحليل الشخصيات؟

لقد عُرِّف علم الفراسة قديماً عند العرب الذين اعتبروه كعلمث من العلوم الطبيعيَّة التي تساعد على اكتشاف أخلاق الناس الباطنة عن طريق النظر إلى أشكالهم الخارجية وتفاصيل وجوههم، فيما يلي سنُبحر أكثر في هذا العلم الشيِّق وسنتوقَّف عند مجموعةٍ من أهم المعلومات المتعلقة به.



ما المقصود بعلم الفراسة؟

يُطلَق على الفراسة اسم "علم التنظير"، وهو علم يعتمد على تحليل شخصية الإنسان من مظهره الخارجي وملامح وجهه. يعود تاريخ فكرة تحليل الشخصية إلى الأسرة البابلية، لكن توجد سجلات تبيِّن أنَّ هذا التحليل يعود بالأصل إلى أرسطو، والذي قد أطلق عليه اسم "علم الفراسة"

من هو مؤسس علم الفراسة؟

لا يوجد دليل قاطع على الحضارة الأولى التي استخدمت علم الفراسة؛ وذلك لأنَّ علم الفراسة يُعَدُّ موضوعاً تاريخياً وثقافياً مرتبطاً بمعتقدات وتقاليد عدة قديمة تعود إلى العصور القديمة.

توجد أمثلة عدة من التاريخ على استخدام علم الفراسة منذ القدم، مثل الأوراق التوراتية التي كانت تُستَخدَم في القرن الثامن عشر في أوروبا للتنبؤ بالأحداث المستقبلية، وكذلك الأبراج التي كانت تُستَخدَم في الحضارة البابلية لتوقُّع مستقبل الأفراد والأمم.

تشير بعض الأبحاث التاريخية إلى أنَّ مؤسس علم الفراسة هو "ديلا بورتا" الباحث الإيطالي في أوائل القرن السابع عشر، الذي نشر الأفكار حول الشخصية والمظهر في أوروبا، ووصل إلى فكرة علم الفراسة، وكان كتابه (De humana physiognomia) يصور الرسوم التوضيحية لرؤوس البشر والحيوانات، ويعتمد علم الفراسة على الصور والرسوم التوضيحية والأشكال المرئية الأخرى لتحديد شخصية الأشخاص وملامحهم الفردية.

في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، اشتُهِر "يوهان كاسبر لافاتر" بعلم الفراسة، ونشر مقالات عدة حوله، وكان يدرس الصورة الظلية والملف الشخصي والبورتريه والنسب في قراءته للوجوه، وعلى الرغم من أنَّه كان يضع المثالية على المألوف، إلا أنَّه كان ينحاز انحيازاً واضحاً لصالح ثقافته في قراءته للوجوه، وهذا ما أثار انتقادات بعض النقاد الذين قالوا إنَّه يجد "أوجه القصور" في وجوه الأفارقة وأصحاب الجنسيات المختلفة عنه.

علم الفراسة

فوائد علم الفراسة:

  • يُساعد علم الفراسة على تنمية قدرات الإنسان لينجح في اكتشاف الشخص الذي أمامه.
  • الإفصاح عن مواهب الإنسان المدفونة والتي تساعد في حمايته من الوقوع في الممارسات الخاطئة.
  • حماية الإنسان من الوقوع بالمشاكل.
  • يُساعد هذا العلم على تطوير ذات الإنسان وتنمية قدراته المعرفيَّة.
  • يستطيع الإنسان الذي يُتقن فن الفراسة أن يقرأ الوجوه وكأنها كتابٌ مفتوح.

علم الفراسة وتحليل شخصية الإنسان:

نحلل من خلال علم الفراسة شخصية الإنسان عن طريق ملامح وجهه، فالعلاقة بين علم الفراسة وتحليل شخصية الإنسان علاقة وطيدة وقديمة أيضاً، فقد شاع الاعتماد على علم الفراسة من القدم، ويظهر هذا واضحاً في كتاب "الفراسة" لـ "فخر الدين الرازي".

الحقيقة أنَّ الفراسة ما تزال متداوَلة في الأحاديث الدارجة حتى اليوم، كما تحولت إلى كتب ومقالات بمئات الدولارات ومواقع إلكترونية كاملة بأسماء مختلفة، مثل تعلَّم الفراسة والذكاء، واعرف شخصيتك من ملامح وجهك، وغيرها الكثير.

هل تُحَدَّد شخصية الإنسان عن طريق ملامح وجهه؟ وهل تكون نتائج الفراسة في الشخصية دقيقة وحاسمة؟ في الواقع، لا يتحقق هذا الأمر تحققاً دقيقاً، ولا ينبغي الاستناد إليه، وحتى يُعتَمَد، لا بد أن يكون مدعوماً بالأدلة العلمية الموثوقة لتحقيق الصحة والرفاهية النفسية.

لقد طور "مايكل كوزينسكي" من جامعة "ستانفورد" - اعتماداً على علم الفراسة - خوارزمية جديدة تكشف الميول الجنسية للأشخاص من الصور الخاصة بهم بنسبة وصلت إلى 91%، كما يزعم "كوزينسكي" ورفاقه قدرتهم على تحديد بعض المعايير الأخرى من خلال وجه الإنسان، مثل التوجه السياسي، ومعدلات الذكاء، ويرى الوجه البشري كتاباً مفتوحاً مسكوناً بالمعلومات، وقد تُستَخدَم آليات التعلم العميق المرتبطة بالذكاء الاصطناعي لاستخراج هذه المعلومات.

ما هي الفراسة في علم النفس؟

من الهام الإشارة إلى أنَّ بعض العلماء والباحثين ينظرون إلى علم الفراسة على أنَّه موضوع يدرسه العلماء النفسيون وعلماء السلوك البشري، بدلاً من علماء الخوارق والظواهر الشاذة، وهذا ربما يكون إجابةً عن تساؤل طرحه الكثيرون وهو "ما هي الفراسة في علم النفس؟".

ينمي علم الفراسة قدرة الإنسان على اكتشاف الأشخاص الموجودين أمامه، والكشف عن المواهب المدفونة التي تُستَخدَم في حماية الإنسان من الأخطاء والمشكلات، وأيضاً إذا أردت أن تعرف ما هي الفراسة في علم النفس، وكيف يستفاد من هذا العلم استفادة تنعكس إيجاباً على الجانب النفسي في شخصية الإنسان، فاطَّلع على النقاط الآتية:

  1. يساعد علم الفراسة وفن الفراسة على قراءة وجوه الناس والتعرف إلى الرسائل غير المنطوقة التي ينقلها، وهذا هام جداً في التواصل مع الآخرين.
  2. علم الفراسة أداة هامة في حماية الإنسان من المشكلات والخطر.
  3. علم الفراسة أسلوب يُتَّبَع لفهم البيئة المحيطة بالإنسان.
إقرأ أيضاً: العلوم الزائفة: ما هي؟ وما صفاتها؟ ولماذا يصدقها الناس؟

ما هو علم الفراسة في الإسلام؟

علم الفراسة في الإسلام هو الاستدلال بالأمور الظاهرة على الأمور الخفية، ففي حديث "أبي سعيد الخدري" رضي الله عنه يخبرنا بأنَّ الفراسة تعني النظر بنور الله والاطلاع على ما في الضمائر بسواطع أنوار أشرقت في قلب المؤمن.

 أما أنواع الفراسة في الإسلام فهي نوعان:

  1. الأول يتعلم بالدلائل، والتجارب، والخلق، والأخلاق، ويُستَخدَم للتعرف إلى أحوال الناس.
  2. الثاني يوقعه الله تعالى في قلوب أوليائه، ويعرفون به أحوال بعض الناس بنوع من الكرامات، وإصابة الظن، والحدس.

ولكنَّ الإسلام دين عقل، لذلك يحذرنا من بعض الأشخاص الذين يدَّعون الفراسة، وهم في الواقع أهل حيل ومخرقة، ولهم اتصال بالجن ليمارسوا أنواعاً من الدجل والخرافة، لكن باستخدام الإنسان فراسته، يعرف وظيفة الآخر وما هو عليه.

لقد تحدَّث الشيخ "محمد بن صالح العثيمين" عن علم الفراسة في الإسلام، وقال: "هي القدرة التي يمنحها الله سبحانه وتعالى لبعض الأشخاص لمعرفة حال الآخرين بملامح وجوههم ونظراتهم وعباراتهم"، وأشار إلى أنَّ هذه الفراسة تعتمد على قوة الإيمان لصاحبها، وأنَّها تأتي من الحياة والنور اللذين يهبهما الله لمن يشاء من عباده، وتحدَّث الشيخ أيضاً عن "قراءة الوجه"، وهي تدخل في نوع آخر من الفراسة يسمى "الفراسة الخَلقية".

إقرأ أيضاً: برنامج تحليل الشخصية عن طريق خط اليد

في الختام:

مع التطور الكبير الذي يشهده العالم اليوم، هل بقي سؤال "ما هو علم الفراسة؟ وكيف نستفيد منه في تحليل الشخصيات؟" قائماً؟ في الحقيقة، يدرس العلماء اليوم علم الوجوه وتأثير الصفات والتعبيرات المختلفة في وصف الشخصية في علم الفراسة، وعلى الرغم من أنَّ مصطلح "علم الفراسة" لم يعد له صدى، فإنَّ افتراض المظهر الجسدي بوصفه مؤشراً أخلاقياً ما يزال موجوداً في المجتمع.

 




مقالات مرتبطة