ماذا يحدث عند تطبيق نماذج القيادة في المنزل؟

تصرخ في صباح أحد الأيام في وجه أحد أعضاء فريقك: "اخرج من هنا الآن!" أو عندما يستفسر أحدهم عن جزئية ما تخص العمل، فإنَّك تجيب: "لأنَّني قلت ذلك"؛ أو تقول خلال عشاء عمل: "لا يهمني إن أعجبك ذلك أم لا، فهذا هو الموجود".



قد تكون أي من هذه لحظات قيادة سيئة في مكان العمل؛ ولكن من هي تلك الأم التي لم تصرخ على أطفالها الصغار باستخدام إحدى هذه العبارات؟

في الواقع؛ تؤكد كلٌّ من جوانا فابر (Joanna Faber) وجولي كينج (Julie King) عبر قصتهما التي تحمل عنوان "كيف نتحدث لكي يُنصتُ الأطفال الصغار؟" (How to Talk so Little Kids Will Listen) على هذه النقطة بالذات:

"لن نتعامل أبداً مع شخص بالغ آخر بالطريقة التي نتعامل بها مع أطفالنا، ولا نحب أن يعاملنا الآخرون بالطريقة التي نتعامل بها غالباً مع أقرب الناس وأعزهم إلينا؛ وبينما يعترفون بأنَّه: "لا يمكننا معاملة أطفالنا كما نتعامل مع أصدقائنا البالغين"، أكدت كل من فابر وكينج النقطة الحاسمة التي تقول: "إذا أردنا منهم أن يتعاونوا معنا بمشيئتهم بدلاً من كسب عِداءهم، فنحن بحاجة إلى إيجاد طريقة لاستخدام مبدأ الاعتراف بالمشاعر نفسه" الذي نستخدمه مع البالغين الآخرين".

إقرأ أيضاً: التعامل الصحيح مع الطفل في مراحل العمر المختلفة

هناك طريقة أخرى للتفكير في هذا وهي التفكير في الانفصال الصادم الناجم عن تجاهل تطبيق تقنيات الإدارة المُتَّبعة في العمل على المنزل؛ إذ نفكر دائماً في أهمية القيادة في مكان العمل؛ ولكن ماذا عن تطبيقها في منظمة صغيرة داخل جدران منازلنا؟

بدلاً من ذلك، من المجدي أن نفكر في تطبيق نماذج القيادة الأكثر إنتاجية على حياتنا العائلية. لنأخذ مثالاً واحداً فقط: انظر بعين الأهمية إلى مقياس ليكرت (Likert scale) الذي يميز بين أربعة أنواع من القيادة، بما في ذلك النماذج الأقل إنتاجية: نموذج: "القيادة الاستغلالية"، ونموذج: "القيادة اللطيفة"، والنموذج الأكثر إنتاجية: "القيادة الاستشارية"، ونموذج: "القيادة التشاركية"، فقد تستشعر الفرق بين تقنيات الإدارة الأكثر إنتاجية والأقل إنتاجية وإن بدون الحصول على شهادة في الإدارة؛ إذ يصنع النموذجان الأول والثاني قائداً أكثر تسلطاً ذا منصب رفيع يطبق العقوبات والمكافآت؛ وسواءٌ كان بأسلوب "استغلالي" أكثر قسوة أم بأسلوب "لطيف" أكثر ليونة، فله الحُكم النهائي في المنظمة؛ في هذه الحالة، تُستخدم عبارة "لأنَّني قلت ذلك" بوصفه نموذجاً عن تربية الأطفال، ولا يؤدي هذا إلى مشاركة حقيقية ولطيفة.

وكما نعلم، تعمل المؤسسات في حياتنا المهنية بكفاءة أفضل عندما يسعى أعضاء الفريق إلى تحقيق هدف مشترك ويشعرون بأنَّهم شركاء مهمون في هذه العملية؛ ففي عالم الأعمال، تحاول نماذج القيادة "الاستشارية" و"التشاركية" تسهيل هذا النوع من الطاقة الإيجابية بوصفها طريقةً لإظهار الثقة بالموظفين وإثبات تقدير المهارات التي يجب على كل عضو في الفريق إظهارها ومشاركتها مع الآخرين؛ ففي النموذج الاستشاري: قد يطلب القادة المشورة من أعضاء الفريق مع الاحتفاظ بالحق في اتخاذ القرارات النهائية، أو قد يضعون المبادئ الأساسية للمنظمة ثم يتركون القرارات الصغيرة للفريق؛ أما في النموذج التشاركي: يُشرك القادة أعضاء الفريق في جميع المستويات، بما في ذلك تحديد أولويات المنظمة.

شاهد بالفديو: 5 أسئلة تساعدُكَ على تحديد الأولويات

ألا تعتقد أنَّ طفلك الصغير لديه خبرة في هذا المجال؟ انظر بعين الأهمية إلى ما يلي: من في أسرتك قد يعرف الأطعمة التي يُرجَّح أن تكون جذابةً طفلَك الصغير؟ إذا أردنا التعامل مع الموضوع بطريقةٍ أكثر تعمقاً نرى أنَّه حتى الأطفال الصغار يفهمون معنى العدالة (تذكَّر كلماتٍ مثل "حان دوري)، ولديهم فكرة أنَّ العنف ليس جيداً، وأنَّ المشاركة لطيفة.

إذاً، كيف يمكن أن يبدو هذا في المنزل؟ أولاً: فكر في المصادر المشتركة للنزاع؛ فقد تشمل النزاعات المعتادة بين الوالدين والطفل الخلاف حول الطعام أو ارتداء الملابس والخروج من المنزل في الصباح؛ وبينما تُقِرُّ فابر وكينج بأنَّ الأطفال ليسوا بالغين، إلا أنَّ النسخ المعدلة من الاستراتيجيات المرتبطة بنماذج القيادة التشاركية والاستشارية قد تنجح في المنزل.

إذاً، ما إن يعرف الطفل أنَّ المذاق الحلو أفضل من المر لا يعني أنَّه لن يكون هناك سوى الحلوى لتناولها على العشاء؛ ومع ذلك، لا يزال بإمكانك تقدير حكمة الأشخاص الصغار في حياتك والاستفادة منها؛ على سبيل المثال: في النموذج الاستشاري: قد يملأ أحد الوالدين درج خزانة ملابس الطفل بملابس مناسبة للطقس الحالي فقط، وفي الصباح، قد يختار الطفل أي قميص بأكمام طويلة يرغب فيه (حتى لو كان غير متناسق مع البنطال، أو كان القميص نفسه الذي ارتداه في اليوم السابق)؛ أو وفق النموذج نفسه، قد يقوم أحد الوالدين بإعداد عشاء صحي والسماح للطفل بتناول الطعام بمفرده والتحكم في مقدار الطعام الصحي الذي يرغب في تناوله وكميته (حتى لو كان عشاء الليلة الجزر، وعشاء الليلة التالية الدجاج).

وفي النموذج التشاركي: قد يطلب أحد الوالدين من الأطفال تبادل الأفكار حول شعار الأسرة أو مجموعة القواعد، ويسأل: "ما هو الأهم بالنسبة لنا بوصفنا عائلة؟" أو ربما يكون الأمر أكثر متعة إن طلبت منهم المساعدة في وضع جدول أعمال عائلي كأن تسأل: "ما الذي يجب القيام به هذا العام؟" ثم اعتمد على هذه المبادئ لاتخاذ قرارات عائلية حول كيفية قضاء عطلة نهاية الأسبوع، وماذا تفعل في أيام العطلات، وما إلى ذلك.

إقرأ أيضاً: انعكاسات المشاكل الأسرية على الأطفال ونصائح للتلّخص منها

قد تكون الاستراتيجيات نفسها صحيحة حتى بدون أطفال؛ على سبيل المثال: إذا كان الزوجان يتشاجران حول السلوك المالي، فماذا عن مناقشة أهداف الأسرة المشتركة؟ إذا كان الشيء الرئيس الذي تعملان من أجله بوصفكما فريقاً واحداً هو الادخار لتسديد الدفعة الأولى للمنزل، فقد يكون من الأسهل على العضو الأكثر إنفاقاً من الزوجين التقليل من إنفاق المال على الأمور غير الهامة مثل احتساء القهوة باهظة الثمن؛ ومع ذلك، إذا كان الهدف هو الاستمتاع بالصداقات وتنميتها، فقد يكون احتساء القهوة مع جيران أو زملاء جدد أمراً هاماً، ومهما كانت أولوياتك، فإنَّ العمل معاً لتحقيق أهداف الأسرة هو الوسيلة الأكثر متعة وإنتاجية في المنظمات التي نطلق عليها اسم المنزل.

 

المصدر




مقالات مرتبطة