ماذا يجب أن تفعل خلال فترة الركود الاقتصادي؟

دائماً ما يكون هناك محادثات كثيرة عمَّا إذا كنا نتجه نحو الركود الاقتصادي أم لا، ونظراً لأنَّنا لم نمر في فترة ركود حقيقية منذ فترة من الزمن، لننظر إلى تعريف الركود الاقتصادي: "هو انخفاض ملحوظ في النشاط الاقتصادي ينتشر عبر السوق ويستمر لعدة أشهر، وعادةً ما يظهر في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، والدخل الحقيقي والعمالة والإنتاج الصناعي وتجارة الجملة والتجزئة".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن فترة الركود الاقتصادي وماذا يجب أن نفعل خلالها.

ينظر معظم الناس إلى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لتحديد ما إذا كنا في حالة ركود أم لا، وقد يبدو الأمر منطقياً عند التفكير به بعد حدوثه؛ لكنَّني لا أجد أنَّه إجراء مفيد لاكتشاف الركود الاقتصادي، إنَّ الناتج المحلي الإجمالي هو ببساطة القيمة السوقية لجميع السلع والخدمات التي تنتجها البلدان في فترة زمنية محددة، لكنَّ هذا الأمر لا يعبِّر كثيراً عمَّا نشعر به عندما ندير شؤوننا المالية وإنفاقنا للمال.

الدخل الحقيقي هو أهم جانب من جوانب الوضع الاقتصادي:

إنَّ العمالة هامة أيضاً، لكنَّ الدخل الحقيقي هو الذي يؤدي إلى حالات الركود الاقتصادي وينهيها، فإذا كنت تملك مزيداً من المال لإنفاقه، ستشعر بمزيد من الثقة وستنفقه، بينما العكس هو ما يحدث الآن.

إذا كنت ترغب في اكتشاف فترات الركود الاقتصادي، فلا تنظر إلى الأخبار؛ بل انظر حولك، ما الذي يقوله الناس:

  1. "إنَّ أسعار الوقود غير معقولة".
  2. "لقد كان سعر هذه المواد الغذائية نحو النصف في العام الماضي".
  3. "لقد تضاعفت فاتورة الكهرباء ثلاثة أضعاف".
  4. "لقد ارتفعت أسعار المنازل جداً".

يشعر المستهلكون بمشاعر سيئة جداً بسبب التضخم، لكن أوضح الكاتب بن كارلسون (Ben Carlson)، العلاقة بين التضخم والركود الاقتصادي بأفضل طريقة؛ إذ قال: "لا يسبب ارتفاع معدل التضخم كلَّ حالات الركود الاقتصادي، لكن لا ينخفض معدل التضخم، إلا من خلال حالات الركود الاقتصادي".

نظراً لازدياد احتمالية حدوث حالة ركود هذا العام، فأنا أفضِّل أن أتوقع حدوثها، فهذا يساعدني على التصرف جيداً عند حدوثها، وإذا لم تحدث، فسوف أتصرف جيداً أيضاً؛ فالاستعداد لحالة الركود الاقتصادي لا يوجد فيها خسارةٌ، كما قال الفيلسوف سينيكا (Seneca): "يخالف الحظ أولئك الذين لا يتوقعونه، ويحالف من يترقبونه".

إليك 4 نصائح تساعدك على تجاوز الركود الاقتصادي:

أولاً: استمر في الاستثمار في السوق في أثناء الركود

دعنا ننظر إلى الأوقات التي يعتقد معظم الناس أنَّها الأكثر رعباً بالنسبة إلى سوق الأسهم، في الثلاثينيات كان يحب معظم مَن يتوقعون المصائب "تحذير" العالم من انهيار كبير آخر من هذا القبيل.

بالتأكيد، لقد كان انهياراً شديداً، لكن ليس بالنسبة إلى الأشخاص الذين لم يتخذوا كثيراً من المخاطر، وقد كان أحد الأسباب الرئيسة لانهيار السوق في عام 1929 هو الحجم الهائل للديون في النظام، والأشخاص الذين اقترضوا اقتراضاً هائلاً لشراء الأسهم قد تدمَّروا تماماً.

لكنَّ الأشخاص الذين استمروا في الاستثمار خلال فترة الثلاثينيات كانوا سيربحون على الأمد الطويل، لقد كانت فترة من الانكماش المالي، ممَّا يعني أنَّه كان لأموالك قوة شرائية أكبر؛ لذلك كنت بحاجة إلى نقود أقل على أيَّة حال.

إذا واصلت الاستثمار في أثناء فترات الانهيار، فستشهد الازدهار الكامل لسوق الأسهم؛ لهذا السبب كنت أضع مزيداً من المال في صندوق مؤشر إس آند بي 500 (S&P500) على الرَّغم من انخفاضه ​​هذا العام؛ فأنا لا أعتمد على هذا المال، وفي غضون سنوات قليلة، سنكون أعلى من حيث بدأنا؛ إنَّها حقاً أفضل طريقة لتكوين ثروة في أثناء الركود الاقتصادي.

شاهد: أكبر 5 تحديات في الاقتصاد العالمي الجديد وطرق مواجهتها

ثانياً: استثمر في ذاتك

خلال فترة الركود الاقتصادي الأخيرة التي بدأت في عام 2008، كان والدي يعتقد أنَّه سيترك عمله قريباً، لقد عمل في شركة مغاسل صناعية، والتي قامت بتنظيف كثير من الكتان للفنادق والمطاعم والمستشفيات وما إلى ذلك.

لقد انهار السوق، وبدأت الشركة في خفض التكاليف، لقد كان والدي مديراً فنياً في الشركة؛ لذلك هو من اضطر إلى تسريح الأشخاص في البداية؛ لكنَّه كان يعلم أنَّه بعد كلِّ شيء، كان عليه أن يترك الشركة أيضاً.

لذلك أخذ الوقت الكافي لتعلم كيفية بدء مشروعه الخاص، وتعلَّم بعض الأشياء من صديقه الذي كان رائد أعمال، وبحلول عام 2010، أنهيت دراستي في كلية الدراسات العليا وانضممت إلى والدي لبدء مشروعنا التجاري الخاص في الصناعة نفسها، لكن بدلاً من فتح مغسلة، وفَّرنا المعدات.

كان الأمر صعباً في البداية؛ لأنَّ العمل كان ما يزال بطيئاً، لكن عندما بدأ الاقتصاد بالتعافي في عام 2011، شهدنا التعافي منذ البداية، ولو بقي والدي راضياً عن وضعه ولم يستثمر في ذاته، فلن يكون كما هو اليوم، فهو ما يزال صاحب عمل حتى الآن، وقد استحوذنا منذ فترة على شركة أخرى في صناعتنا.

تُعدُّ فترة الركود الاقتصادي فترةً مثاليةً لإحداث تغيير ما، سواء تغيير في المهن أم تعلُّم مهارات جديدة أم بدء عمل جديد أم الانتقال إلى قسم آخر داخل الشركة التي تعمل بها، لكن كلُّ ما يهم هو أن تبقى متيقظاً، وألا تدع الركود الاقتصادي يحدث لك أيضاً.

ثالثاً: أنشئ مصدراً ثانياً للدخل

عندما يحدث الركود الاقتصادي، ستكون ثمة فرصة أكبر لفقدان الدخل، على سبيل المثال إذا كنت تمتلك عملاً تجارياً، فقد يقلُّ دخلك، وإذا كنت تعمل في وظيفة، فربما لن تحصل على علاوة، وفي أسوأ السيناريوهات، قد يفقد الناس وظائفهم أو أعمالهم.

لكن سوف يساعدك وجود مصادر دخل متعددة على تخفيف التأثير السيئ لهذه الأمور، إنَّه شيء نريده جميعنا، لكن معظم الناس لا يستثمرون الوقت والطاقة من أجل إنشاء دخل إضافي.

يمكنك إنشاء عمل تجاري رقمي، أو تأجير غرفة أو شراء عقار أو البدء في شراء المنتجات المستعملة وبيعها وما إلى ذلك، لكن يحب الناس استخدام الأعذار مثل: "لا أملك كثيراً من المال لشراء عقار"؛ لكنَّك تملك الوقت، أليس كذلك؟ استخدم ذلك لتكون واسع الحيلة.

في وضعنا الاقتصادي، القيمة تعني المال، وإذا تمكنت من إنشاء قيمة، فستكسب المال، لكن عليك أن تكون مستعداً للتخلي عن الأمور التي لا فائدة منها.

إقرأ أيضاً: تكييف الثقافة التنظيمية خلال فترة الركود الاقتصادي

رابعاً: عش في حدود إمكاناتك

إنَّ الاعتدال من أعظم فضائل الحياة؛ إذ قالها الفيلسوف إبكتيتوس (Epictetus) بأفضل طريقة: "إذا تجاوز المرء حدود الاعتدال، فإنَّ أعظم الملذات ستتوقف عن إرضائه".

خلافاً للاعتقاد السائد، فإنَّ الحياة لا تتعلق بالعيش على أكمل وجه؛ بل تتعلق بفهم ما هو أكمل وجه؛ فعندما تعرف ما أنت قادر عليه، فلن تضطر إلى استخدامه، مثل محترف الفنون القتالية الذي لا يبدأ بالقتال أبداً.

إقرأ أيضاً: أفضل الوظائف التي لا تتأثر بالأزمات المالية وفترات الركود الاقتصادي

أنت لا تريد أن تستنفد كلَّ ثروتك؛ لأنَّه ليس أمراً مشرِّفاً، ولا تريد أن تفقد ضبط النفس؛ لذلك ابقَ متحكماً في أموالك، وأفضل طريقة للتعبير عن ذلك في الحياة اليومية هي أن تعيش حسب إمكاناتك، ادَّخر المال وتخلَّص من النفقات غير الضرورية وعش ببساطة؛ فثمة رضى كبير دائماً، والشرف في عيش حياة فاضلة بدلاً من حياة البذخ سيشعرك بشعور أفضل حيال نفسك، وإذا انهار الاقتصاد أو اضطررت إلى إجراء تغيير في مهنتك، فسوف تتعامل مع الأمر دون خوف، وهذا هو الأمر الأساسي.

من المحتمل ألا تحصل حالة الركود الاقتصادي، لكن هذا لا يفرق بالنسبة إلى الشخص المستعد لكلِّ شيء.

المصدر




مقالات مرتبطة