ما هي فضائل ليلة القدر؟ وما هي علاماتها؟ وما أفضل الدعاء فيها؟

قال الله تعالى في كتابه الكريم: {حم ﴿1﴾ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿2﴾ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ﴿3﴾ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴿4﴾ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا ۚ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴿5﴾ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿6﴾}. [سورة الدخان]. ليلة القدر من الليالي المُباركة، وهي أفضل الليالي، كما أنَّ الله سُبحانه وتعالى أخبر عنها بأنَّها خيرٌ من ألف شهر، قال الله سُبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿1﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴿2﴾ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴿3﴾ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴿4﴾ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴿5﴾}. [سورة القَدْر].



سنعرِّفكم في السطور القادمة على فضل ليلة القدر، وعلاماتها، وكيف نتحرَّى عنها، وبعض الأدعية لهذه الليلة المُباركة.

فضائل ليلة القدر:

  1. هي الليلة التي أُنزِل فيها القرآن الكريم على النبيِّ محمد - صلَّى الله عليه وسلم. قال الله سُبحانه وتعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}. [سورة القدر، الآية: 1].
  2. العبادة فيها والأعمال الصالحة أفضل عند المولى عزَّ وجلَّ من عبادة ألف شهر، وإنَّ ألفَ شهرٍ يُعادل ثلاثةً وثمانين سنةً وأربعةَ أشهر. قال الله سُبحانه وتعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}. [سورة القدر، الآية: 3].
  3. تتوزع الأرزاقُ، والآجال، والصحة، والمرض، ومن هم السُّعداء، ومن هم الأشقياء - في ليلة القدر؛ فيأمُر الله سُبحانه وتعالى الملائكة بكتابة مقادير البشر، وكلِّ ما يُريده الله سُبحانه وتعالى من العام نفسه؛ ونسخها في لوحٍ محفوظ. قال الله تعالى في كتابه العزيز: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)}.[سورة الدخان، الآيات 3، 4].
  4. في ليلة القدر يعمّ السلام، والسكينة، والأمن، والأمان؛ وهي ليلةٌ خاليةٌ من الشرِّ والأذى، ووصف الله سُبحانه وتعالى هذه الليلة بالسلام؛ لأنَّ المؤمن لا يُصيبهُ فيها إلَّا الخير والراحة، وهي من مغيب الشمس إلى طُلوع فجر اليوم التالي؛ كما أنَّ فضلَّ هذه الليلةِ لا يقتصر على الثُلث الأخير من الليل فحسب، بل يشمل جميع أجزاء الليل، وإنَّ السلام يشمل كلَّ مؤمنٍ أراد القيام بهذه الليلة. قال الله سُبحانه وتعالى: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. [سورة القدر، الآية: 5].
  5. تنزُّل الملائكة وجبريل عليه السلام بالخير والبركة في ليلة القدر المُباركة، قال الله عزَّ وجل: {تنزَّلُ المَلائكَُة والرُّوحُ فيها بإذنِ رَبِّهم من كُلِّ أمرٍ} [سورة القدر، الآية: 4]. فيُسلِّمون على عباد الله القائمين العابدين، ويدعون لهم بالمغفرة والرحمة، ولا تبقى أيُّ قطعةٍ في هذه الأرض لا تنزَّلُ فيها الملائكة حتَّى تكاد تضيقُ بهم الأرض. عن أبي هُريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ الملائكة تلك الليلةِ في الأرضِ أكثرُ من عددِ الحَصى".
  6. ليلة القدر هي الليلة التي يَغفِرُ بها الله سُبحانه وتعالى الذنوب لكلِّ من قامها خالصةً لوجهه سُبحانه وتعالى، ورغبةً ومحبةً بنيلِ رِضوانه وغُفرانه؛ وهذه الليلةُ هي ليلةُ الغُفرانِ الواسعةِ التي تَشمل حتَّى صغائر الذنوب من السنين الماضية، فعن أبي هُريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من قام ليلةَ القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه، ومن صَام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه".
إقرأ أيضاً: أحاديث نبوية عن فضل ليلة القدر

تحرّي ليلة القدر:

تأتي ليلة القدر في الليالي العشرة الأخيرة من شهر رمضان الفضيل، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "تحرّوا ليلة القدر في الوِترِ من العَشرِ الأواخرِ من رمضان". وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "هي في العشرِ، هي في تسعٍ يمضين، أو في سبعٍ يبقين". وعن ابن عُمر -رضي الله عنهما- قال: "أُرِيَ رجلٌ أنَّ ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم: أرى رؤياكم في العشر الأواخر، فاطلبوها في الوِترِ منها". وعن ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "التمسوها في العشر الأواخر في رمضان، ليلة القدر في تاسعةٍ تبقى، في سابعةٍ تبقى، في خامسةٍ تبقى".

أمّا بالنسبة لليالي الفردية في العشر الأخير من رمضان فهي كالتالي:

  1. ليلة 21 تبدأ من مغرب يوم 20 من رمضان، وتنتهي فجر يوم 21 من رمضان.
  2. ليلة 23 تبدأ من مغرب يوم 22 من رمضان، وتنتهي فجر يوم 23 من رمضان.
  3. ليلية 25 تبدأ من مغرب يوم 24 من رمضان، وتنتهي فجر يوم 25 من رمضان.
  4. ليلة 27 تبدأ من مغرب يوم 26 من رمضان، وتنتهي فجر يوم 27 من رمضان.
  5. ليلة 29 تبدأ من مغرب يوم 28 من رمضان، وتنتهي فجر يوم 29 من رمضان.

علامات ليلة القدر:

عن عبادة بن الصامت أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ أَمَارة ليلة القدر أنَّها صافيةٌ بلجةٌ، كأنَّ فيها قمراً ساطعاً، ساكنةً ضاحيةً لا برد فيها ولا حَرَّ، ولا يحلُّ لكوكبٍ أن يُرمَى به فيها حتَّى يُصبح، وإنَّ أَمَارتها أنَّ الشمس صبيحتَها تخرج مُستويةً ليس لها شعاعٌ، مثل القمرِ البدرِ، لا يحلُّ للشيطان أن يخرج معها يومئذٍ".

يدلُّ حديث الرسول الكريم على علامات ليلة القدر، وهي:

  1. تطلع الشمس في صبيحتها لا شعاع لها، وفي حديثٍ آخر للرسول -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها كأنَّها طست حتَّى ترتفع".
  2. ليلة القدر ليلةٌ مُعتدلة، لا حارةٌ ولا باردة، وجاء في حديثٍ آخر أيضاً للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- أنّه قال: "ليلةٌ طلقة لا حارةٌ ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة".
  3. يطلع القمر فيها أشبه بشق جفنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّهُ قال: "تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: أيُّكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة؟".
  4. ليلةٌ قوية الإضاءة لا تُرَى فيها الشُهب التي تنزل على الشياطين. قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم: "ليلة القدر ليلة بلجةٌ، لا حارةٌ ولا باردة، ولا سحاب فيها ولا مطر، ولا ريح، ولا يُرمَى فيها بنجم".
  5. تمتاز هذه الليلة بالسكينة والطمأنينة والراحة النفسية وهدوء القلب وصفائه. قال الله سُبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴿4﴾ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴿5﴾}. [سورة القدر].

دعاء ليلة القدر كما ورد عن النبي محمد - صلَّى الله عليه وسلم:

سألت عائشة -رضي الله عنها- رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقالت: "يا رسول الله، إن وافقت ليلة القدر فما أقول فيها؟"، قال -صلَّى الله عليه وسلم- قولي: "اللهُّمَّ إنَّك عفوٌ تحبُّ العفو فاعفُ عني". كما أنَّ الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- علَّم عائشة جوامع الدعاء، فقال لها: "يا عائشة عليكِ بالجوامع والكوامل، قولي: اللهم إنِّي أسألك من الخير كلِّه، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم؛ وأعوذ بك من الشر كلِّه، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم". وتابع صلَّى الله عليه وسلم: "اللهم إنِّي أسألك الجنة وما قرّب إليها من قولٍ أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قولٍ أو عمل، اللهم إنِّي أسألك ممَّا سألك منه محمد صلَّى الله عليه وسلم، وأعوذ بك ممَّا استعاذ منه محمد صلَّى الله عليه وسلم، اللهم ما قضيت لي من قضاءٍ فاجعل عاقبته لي رُشداً".

أدعية ليلة القدر:

  • اللَّهم ما قسمت في هذه الليلة المُباركة من خيرٍ وعافيةٍ وصحةٍ وسلامةٍ وسعة رزقٍ فاجعل لنا منه نصيباً، وما أنزلت فيها من بلاءٍ وسوءٍ وشرٍ فاصرفه عنَّا وعن جميع المُسلمين.
  • اللهم لا تصرفني من هذه الليلة إلَّا بذنبٍ مغفور، وسعيٍ مشكور، وعملٍ متقبلٍ مبرور، وتجارةٍ لن تبور، وشفاءٍ لما في الصدور، وتوبةٍ خالصةٍ لوجهك الكريم.
  • اللهم اجعلني أنا ووالديّ وذريتي وأهلي والمُسلمين جميعاً من عُتقائك من جهنم.
  • اللهم افتح لنا الليلة باب كلِّ خيرٍ فَتَحْتَهُ لأحدٍ من خلقك وأوليائك وأهل طاعتك، ولا تسده عنَّا، وارزقنا رزقاً من رزقك الطيب الحلال تُغيثُنا به.
  • ربَّنا لك الحمد ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيءٍ بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلُّنا لك عبد؛ اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجِّد منك الجد.
  • اللهم اجعل اسمي في هذه الليلة من السُعداء، وروحي مع الشهداء، وإحساني في عليين، وإساءتي مغفورة.
  • اللهم ما كان فيها من ذكرٍ وشُكرٍ فتقبَّلهُ منَّا وأحسن قبوله، وما كان فيها من تفريطٍ وتقصيرٍ فتجاوز عنَّا بسعة رحمتك يا أرحم الراحمين.
  • اللهم امدد لي في عمري ووسِّع لي في رزقي، وأصحَّ لي جسمي، وبلِّغني أملي، واكتبني من السُعداء.
  • اللهم أسألك في ليلة القدر وأسرارها وأنوارها وبركاتها، أن تتقبَّل ما دعوتك به، وأن تقضي حاجتي يا أرحم الراحمين.
  • اللهم إن كانت هذه ليلة القدر فاقسم لنا فيها خير ما قسمت، واختم لنا في قضائك خير ما ختمت، واختم لنا بالسعادة فيمن ختمت.

وبذلك عزيزي القارىء نكون قد بيَّنا لك في أيَّ الليالي تأتي ليلة القدر، وما هي علاماتها، وفضل هذه الليلة المُباركة، وما هو أفضل الدعاء في هذه الليلة.




مقالات مرتبطة