ما هي أسباب تراجع إدماج الموظفين؟

عندما نتحدث عن اتجاهات إدماج الموظفين، فإنَّنا نميل إلى التفكير فيما يحدث مع الموظفين عموماً؛ ففي المتوسط، يتم ذلك بجمع كل موظفٍ من كل شريحة معاً، ومن ثم تحديد ما إذا كانت الأشياء تسير في الاتجاه الصحيح أم لا.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن "غريغ هاريس" (Greg Harris)، المدير التنفيذي لشركة "كوانتوم ووركبليس" (Quantum Workplace)، يُحدِّثنا فيه عن تجربته في معرفة أسباب انخفاض إدماج الموظفين.

على سبيل المثال، وجد تقرير هذا العام لاتجاهات إدماج الموظفين من شركتي "كوانتوم وورك بليس" (Quantum Workplace) أنَّ 65.3% من الموظفين في المتوسط كانوا متفاعلين في عام 2015، ولكن إذا ألقيت نظرةً أكثر تفصيلاً، فسترى اختلافات حسب شرائح الموظفين؛ إذ إنَّ 77% من الموظفين الذين أعمارهم فوق 66 عاماً متفاعلون، بينما تكون نسبة المتفاعلين 67% فقط بين الموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين 26 و35 عاماً، وكذلك، فإنَّ أكثر من 90% من المديرين التنفيذيين متفاعلون، بينما تكون النسبة 69% فقط بين المشرفين.

إذا بدت هذه الأرقام عاليةً بشكل مذهلٍ مقارنةً باستطلاعات الإدماج الأخرى، فلا تظن أنَّ المشكلة في طريقها إلى الحل؛ ذلك لأنَّ جميع المشاركين في هذا الاستطلاع يعملون لمصلحة الشركات التي تتنافس للحصول على أفضل الأماكن في ساحات العمل، وتنفق هذه الشركات مزيداً من الوقت والطاقة في إدماج الموظفين كي تصبح بيئات عملٍ رائعة؛ لذا إنَّ الإدماج الإجمالي أعلى بين هؤلاء المشاركين.

ومع ذلك، فإنَّ هذا يجعل النتائج أكثر دلالةً، وإذا كانت هذه الاختلافات في الإدماج تمثِّل مشكلةً حتى بالنسبة إلى أفضل أماكن العمل، فلا بُدَّ أنَّها متفشيةٌ في جميع أماكن العمل الأخرى. وتشير هذه الاختلافات أيضاً إلى أنَّه لا يوجد حل واحد يناسب الجميع لحل مشكلة الضعف في إدماج الموظفين؛ بل توجد حاجة إلى نهجٍ أكثر تفصيلاً؛ وهذا يعني أنَّه يجب عليك أن تكون على درايةٍ ببعض المواقف والتغيرات التي تؤثر في اتجاهات إدماج الموظفين.

إقرأ أيضاً: 6 خطوات لتحسين أداء الموظفين باستخدام الكوتشينغ

فيما يأتي ثلاث حالاتٍ يكون فيها الإدماج معرَّضاً لخطر التراجع:

1. بعد السنة الأولى من التوظيف:

خلال السنة الأولى من التوظيف، تكون المشاركة عاليةً بشكلٍ لا يصدق، فقد وجد الاستطلاع الذي أجريناه أنَّ 77.6% من الموظفين الذين عملوا مع شركةٍ لمدةٍ تقل عن 12 شهراً متفاعلون، ومع ذلك، فإنَّ عدد الموظفين المتفاعلين سينخفض انخفاضاً كبيراً خلال السنوات القليلة المقبلة.

وقد وصل الانخفاض إلى 63.2% من الموظفين الذين تتراوح فترة عملهم بين ست وتسع سنوات؛ وهذا يعني أنَّه بين العامين الثاني والخامس، هناك شيءٌ ما يحدث يسبب عدم تفاعل العديد من الموظفين.

سواء كان ذلك بسبب تلاشي حداثة الشركة أم لأنَّ الموظفين يحظون باهتمامٍ أقل بعد أن يصبحوا أكثر اكتفاءً ذاتياً، فإنَّ أعداداً أكبر من الموظفين يتوقفون عن التفاعل مع مرور الوقت، وإذا كنت لا تريد من موظفيك المتمرسين المغادرة بحثاً عن وظيفةٍ أكثر إرضاءً، فالأمر متروكٌ لك لإعادة إدماجهم.

تكمن إحدى الطرائق للقيام بذلك في منح الموظفين الذين قد يشعرون بالملل في منصبهم، مزيداً من التنوع في مهامهم اليومية، وبالطبع، هناك بعض المسؤوليات التي لا يمكن إلغاؤها مهما بدت مملة، لكنَّ هذا لا يعني أنَّه من غير الممكن منح الموظف الفرصة للعمل في أنواعٍ مختلفةٍ من المشاريع أو تعلُّم مهاراتٍ جديدةٍ من خلال المساعدة في أشياء خارج إطار العمل المنوط به.

كما أنَّ هذا الأمر يساعد على إبقاء الموظفين على اتصالٍ بمهمة الشركة والدور الذي يؤدونه في تحقيق الأهداف العامة، فاحرص على أن تكون واضحاً حيال سبب طلبك من كلِّ شخص القيام بأشياء معيَّنة، وكيفية مساهمة ذلك في المنظمة ككل؛ سيؤدي ذلك إلى تنشيط المهام التي أصبحت مملةً من خلال تذكير الموظفين بمقدار أهميتهم.

2. عندما تنمو الشركة:

يوجد وقتٌ آخر ينخفض فيه الإدماج بوضوحٍ؛ وذلك عندما يزداد عدد الموظفين في المؤسسة؛ فعندما يتفاعل 72% من الموظفين في شركةٍ يقل عدد العاملين فيها عن 250 عاملاً، فإنَّ ذلك ينخفض انخفاضاً مطرداً إلى 56.1% في الشركات التي يعمل بها أكثر من 5000 موظف.

وربما يكون السبب في هذه الحالة هو أنَّه عندما يعمل الموظفون في شركةٍ أكبر، يحصلون على اهتمامٍ ودعمٍ فرديٍّ أقل على الرغم من أدائهم؛ ويقودهم ذلك إلى نسبةٍ أكبر من القوى العاملة غير المتفاعلة، ومفتاح إصلاح هذا الموقف يكمن في الحرص على عدم انهماك المديرين في العدد الكبير للموظفين الذين يشرفون عليهم.

حتى يدعم المديرون فرقهم ويدمجونهم دمجاً فعَّالاً، فهم يحتاجون إلى الوقت لإعطاء كل عضوٍ الاهتمام الفردي الخاص به، فإذا اضطُر مديروك إلى التعجيل بالاجتماعات مع الموظفين، أو لم يتمكنوا من الاجتماع معهم بانتظامٍ فرداً لفرد، فمن المستحيل عليهم تقديم تغذيةٍ راجعةٍ شاملة، ومن دون هذا التوجيه، من المرجح أن يتأثر الإدماج سلباً.

شاهد بالفديو: المبادئ 12 لتحقيق أهداف النجاح

3. في مكان عملٍ متعدد الأجيال:

بالطبع، أنت لن تشتري لشخصٍ يبلغ من العمر 50 عاماً الهدية نفسها التي تشتريها لشخصٍ يبلغ من العمر 16 عاماً؛ ذلك لأنَّ اهتمامات الشخص واحتياجاته ورغباته تتغير مع مرور الوقت، وينطبق هذا أيضاً على ما يحتاج إليه الموظفون كي يبقوا متفاعلين مع تقدمهم في السن، فما يريده شابٌّ يبلغ من العمر 22 عاماً من وظيفةٍ ما، لن يكون مشابهاً لما يريده شخصٌ يبلغ من العمر 60 عاماً وعلى وشك التقاعد.

وفي مكان العمل متعدد الأجيال في يومنا هذا، يمكن أن يجعل ذلك من الصعب وضع استراتيجيةٍ لإدماج الموظفين المختلفين مثل جيل الألفية وجيل طفرة المواليد؛ إذ يكمن السر في معرفة ما الذي يؤثر في إدماج الفئات العمرية المختلفة.

على سبيل المثال، وجدت دراستنا أنَّه في حين أنَّ التطوير الوظيفي هو المحرك الأول لإدماج الموظفين الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً، فإنَّ هذا العامل ينخفض إلى المركز السادس عشر الأكثر أهميةً للموظفين الذين تزيد أعمارهم عن 66 عاماً، وبالنظر إلى ذلك، ستركز استراتيجية المشاركة العظمى على تقديم مزيدٍ من التدريب المكثف إلى الموظفين الأصغر سناً.

سيساعدك إدراك هذه الاختلافات على تلبية استراتيجية الإدماج الخاصة بك لأنواعٍ مختلفةٍ من الموظفين، لكن اعلم أنَّه ليس كل فردٍ ينمو ويتغير بالطريقة نفسها؛ إذ إنَّ الهام بالنسبة إلى أحدهم في الثلاثين من العمر، قد لا يهم غيره في سن الخامسة والأربعين مثلاً.

إقرأ أيضاً: 4 تكتيكات فريدة يفعلها المديرون العظماء

والطريقة الوحيدة للتأكد من مواكبة اتجاهات الإدماج داخل شركتك هي إجراء استطلاعات إدماجٍ منتظمة، التي ستمنحك معلوماتٍ قيمةً عن موظفيك الفعليين واحتياجاتهم مع مرور الوقت، ومن دون استطلاعات الإدماج، لن تتمكن أبداً من البقاء على اطلاعٍ بتوجهات الإدماج الفريدة في مؤسستك.

إنَّ إدماج الموظفين ليس ثابتاً، وكون الموظف سعيداً ومنتجاً في وقتٍ ما، لا يعني أنَّه سيبقى كذلك على الدوام؛ لذا إن لم تكن على درايةٍ بكيفية تأثير التغييرات التي تطرأ على مؤسستك وحياة الموظفين في الإدماج، فسيكون من المستحيل تقريباً الحفاظ على استمرارية الإدماج، ناهيك عن تحسينه.

المصدر




مقالات مرتبطة