ما هو بروتوكول "عديم الحالة"؟

نتعامل كل يوم مع آلاف الأشياء، وتشغلنا المهام والأعمال الروتينية، إلى درجة يمكن أن تصبح منهكة. سنتحدث في هذا المقال عن فكرة تسمى بروتوكول "عديم الحالة" (Stateless Computing)، التي تهدف إلى تخفيف الإرهاق ومساعدتنا على التركيز على الحاضر.



بروتوكول "عديم الحالة" للبشر:

يحاول البرنامج عادةً في الحواسيب تذكُّر كل شيء، فيتتبع ما قمت به ومكان وجود كل شيء وحالة جميع المتغيرات، وهذه صفة جيدة بالنسبة إلى برنامج؛ ذلك لأنَّ أجهزة الحاسوب مفيدة في تتبُّع الكثير من الأشياء.

هكذا يعمل معظمنا في الحياة الواقعية، فنحاول تذكُّر آلاف الأشياء ومعالجة المعلومات الجديدة فور الحصول عليها واتخاذ الكثير من القرارات، كل ذلك معاً؛ لكنَّنا بصفتنا بشراً نحن غير مصممين للعمل بهذا الأسلوب، والذي يمكن أن يكون مرهقاً ومقلقاً.

في مجال الحوسبة، هناك نوع آخر من برامج الحاسوب يدعى "عديم الحالة" (Stateless Computing)، لا يتتبع هذا النوع ما حدث من قبل ولا يخزِّن المعلومات دائماً؛ وعوضاً عن ذلك، يجمع مدخلات الحاسوب أو برنامج آخر ويعالجها ويقدِّم نتيجة، وحين ينتهي يبدأ من الصفر مجدداً ويتولى المهمة التالية؛ لذا يعمل على المهام كل واحدة على حدة، ويعالجها ثم ينتقل إلى التالية.

مثال عن ذلك هو الشخص الذي يعمل على خط التجميع، من المفترض أن يستلم المنتج من الشخص الذي سبقه ويؤدي مهمته ثم يمرره إلى العامل التالي، فيعمل على منتج واحد كل مرة، دون أن يقلق بشأن ما حصل قبل مهمته أو بعدها. تجرِّد هذه الطريقة الإنسان من إنسانيته وتجعله روبوتاً.

ولكنَّ هناك طريقة أخرى للتعامل مع الأمر، ما عليك سوى فعل المهمة التي بين يديك الآن، على سبيل المثال: إذا كنت تبدع عملاً فنياً، فاعمل على اللوحة التي أمامك، وركز تفكيرك عليها، فلا حاجة لأن يكون لكل عمل فني علاقة بكل الفن الذي نتج قبله، أو كل الأمور الأخرى التي يجب عليك القيام بها. ركز فقط على اللوحة والألوان واللحظة الراهنة.

يمكننا التعامل مع أي شيء بهذه الطريقة، على سبيل المثال: اغسل الطبق الذي بين يديك دون القلق بشأن الضرائب، ثم احسب الضرائب، ولا داعي للقلق بشأن ما إذا كنت شخصاً صالحاً بما يكفي أو ما إذا كان العالم سينهار من حولك، فقط اعمل على ضرائبك، أو ردَّ على البريد الإلكتروني فقط، أو اكتب تلك الرسالة أو تحدَّث مع ذلك الشخص. فلتكن اللحظة والمهمة في حد ذاتهما كل ما يشغل بالك، وهذا هو بروتوكول "عديم الحالة".

تطبيق بروتوكول "عديم الحالة" في الحياة:

أول شيء ستلاحظه هو أنَّ العمل على كل شيء على حدة يبدو أسلوباً مريحاً، لكن لديك الكثير لتنجزه؛ لذلك يجب أن تتبَّع مع هذا البروتوكول طرائق سهلة لضمان أنَّك تركز على الشيء الصحيح الآن، فالأمر ليس بسهولة العمل على مهمة واحدة فقط؛ بل يجب أن تعمل على المهمة الصحيحة أيضاً؛ لذا يجب أن يكون هناك بعض العناصر الأخرى للبروتوكول:

1. إنشاء قائمة مهام:

هذه طريقة سهلة لتتبُّع ما يجب عليك إنجازه الآن، فأنشئ قائمة لكل ما يحب عليك القيام به مقسمة إلى جزأين: ما الذي يجب إنجازه اليوم، والأمور الأخرى التي يجب إنجازها فيما بعد، على سبيل المثال: التسوق من البقالة والتمرين والاجتماعات والرد على البريد الإلكتروني. لا تبالغ في تعقيد هذه القائمة، فهي مجرد مكان واحد تذكر فيه كل ما يجب القيام به، ولا تقضي الكثير من الوقت في إنشائها.

2. تحديد الأولويات:

عندما تكون لديك قائمة، فيجب أن تكون هناك طريقة لتحديد أولوية المهام ومقدار استعجالها، حتى تعرف المهمة التي يجب العمل عليها مباشرةً، على سبيل المثال: كل صباح، المهمة الأولى بعد التأمل هي إلقاء نظرة على قائمة المهام وإضافة الأشياء التي يجب إنجازها اليوم في قائمة اليوم، ثم ترتيبها حسب الأولوية.

حدد أهم مهمة يجب أن تنجزها اليوم، والتي تليها، وتلك التي يجب القيام بها في وقت معين، ثم يصبح الأمر سهلاً جداً، واعمل على المهمة الأعلى أولوية، ثم التالية، ولا تبالغ في تعقيد الأمر.

شاهد بالفديو: 13 تقنية فعّالة لتحديد الأولويات

3. معالجة المعلومات الواردة:

قد تكون إحدى المهام في قائمة الانتظار كل يوم هي التعامل مع البريد الوارد. بالنسبة إلى البريد الإلكتروني يعني ذلك أنَّ الوقت حان لتفقُّد صندوق البريد الوارد، ويكون الخياران الرئيسان هما الإجابة والأرشفة قدر الإمكان، وإذا تعذَّر الرد على البريد مباشرةً، فيمكنك إضافته إلى قائمة المهام.

ويمكن تطبيق الطريقة نفسها على رسائل منصة "فيسبوك" (Facebook) و"واتس آب" (WhatsApp) وغيرها. فلتكن إحدى مهامك هي مهمة التعامل مع هذه الرسائل والرد عليها، وأضف أي شيء آخر يجب القيام به إلى قائمة مهامك.

4. تدوين ملاحظات:

في بعض الأحيان، ستحتاج إلى طريقة لتذكُّر الأشياء؛ لذا اكتب ملاحظات، على سبيل المثال: يمكن أن تحتفظ بها في تطبيق على هاتفك المحمول أو حاسوبك، أو اكتبها على أوراق ملاحظات لاصقة، لا يهم أي خيار يناسبك، فقط اكتب الملاحظة كي تتمكَّن من الرجوع إليها عندما تحتاج إليها. إذا كانت المهمة التي تنوي القيام بها في المستقبل تحتاج إلى ملاحظة، فأضف إشارة إلى الملاحظة في تلك المهمة.

من المفيد بالطبع أن يكون لديك بعض الطرائق للتعامل مع كل واجباتك، وهناك قيم أو مبادئ لتعيش بها يمكن أن تكون مفيدة، على سبيل المثال: النزاهة، والفضول، والرحمة، والمرح، والهدف، والتعلُّم، والنمو، وتقدير الحياة. البروتوكول "عديم الحالة" هو أسلوب جميل لعيش حياة يقظة.

المصدر




مقالات مرتبطة