ما هو البرق والرعد وكيف يتكونان؟

الظواهر الطبيعية منتشرة حولنا بشكل مستمر؛ وهي الأحداث التي تتكون أو تظهر دون أي تدخُّل من الإنسان؛ وإنَّما بفعل عوامل طبيعية كالعوامل المناخية أو الجيولوجية أو الكونية، ولهذه الظواهر مظهر تقشعر له الأبدان، ورغم جمالها إلَّا أنَّ بعضها قد يسبب عواقب خطيرة جداً كالزلازل والفيضانات والبراكين وسقوط الشهب والنيازك والبرق، وفي مقالنا هذا سنتعرَّف إلى إحدى أشهر الظواهر الطبيعية وأكثرها شيوعاً والتي تنتشر خاصة في فصل الشتاء؛ ألا وهي ظاهرة البرق والرعد.



ما هو البرق؟

البرق هو ظاهرة طبيعية تحدث عند تفريغ شحنات كهربائية هائلة بين الغلاف الجوي والأرض، أو بالمعنى الأدق هو تدفق كبير بين الإلكترونات الموجودة في السحب التي تجذبها البروتونات الموجودة في الأرض؛ الأمر الذي يؤدي إلى ظهور تلك الشرارة المهولة التي تضيء السماء الممتلئة بالغيوم.

مع جمال هذه الظاهرة إلَّا أنَّها تُعَدُّ من أخطر الظواهر الطبيعية في الكون؛ إذ يتسبب هذا التفريغ الكهربائي بموت ما يقارب 4500 شخص سنوياً، وتعطيل واحتراق العديد من المنشآت والبنى التحتية، إضافة إلى نفوق العديد من الحيوانات، وتُعَدُّ أحد أشهر أسباب حرائق الغابات السنوية.

كيف يتكون البرق؟

يرتبط البرق بفصل الشتاء، وخاصة بالأمطار ودورة الماء في الطبيعة التي تبدأ بتشكل الغيوم نتيجة عملية التبخر وتشكُّل الأمطار بفعل عملية التكاثف، وعند حدوث العواصف الرعدية يجب أن تمر الغيوم بظروف خاصة؛ إذ إنَّ الغيوم تتألف من نسبة كبيرة من قطرات الماء وحبيبات الثلج صغيرة الحجم، ونتيجة لعملية التبخر تزداد نسبة بخار الماء في الجو، وبسبب المناخ الشتوي المسيطر عادة ما تكون الرطوبة الجوية مرتفعة، وعندها تبدأ حركة الرياح والتيارات الهوائية بعملها في حمل بخار الماء إلى الغلاف الجوي ويتجمع مع قطرات الماء وحبيبات الثلج ويبدأ تكوُّن ما يسمى بالغيوم الركامية؛ وهي الغيوم التي تلاحَظ في العواصف الرعدية.

عندما يتكاثف بخار الماء في الغلاف الجوي يبدأ بالاصطدام بجزيئات الماء والثلج الموجودة ضمن الغيوم، وعندها تتجرد الإلكترونات سالبة الشحنة من هذه الجسيمات وتتركز في الجزء السفلي من الغيوم، ونتيجة الخصائص الكهرومغناطيسية ترتفع البروتونات إلى الأعلى؛ إذ تصبح قمة الغيوم إيجابية الشحنة وأسفلها سالب الشحنة؛ ويتشكل مجال كهربائي ضمن الغيوم ويزداد قوة وكثافة بازدياد التصادمات بين الجسيمات، وتكون الغيوم هنا أشبه بمكثِّفة كهربائية مشحونة تنتظر التفريغ.

بعد وصول الغيوم إلى الحد الأعلى من التكثيف ومرورها فوق سطح الأرض أو إذا مرَّ قاع غيمة سالب الشحنة فوق قمة غيمة موجبة الشحنة، يحدث التفريغ الكهربائي العظيم وتظهر الشرارة المضيئة التي تُعرَف بالبرق.

تبلغ سرعة البرق بين 120،000م في الثانية 300،000م في الثانية حسب حجم وكثافة التفريغ وهي أبطأ نسبياً بالقياس مع سرعة الضوء التي تبلغ 300،000،000كم في الثانية.

ما هو الرعد وكيف يتكون؟

عند حدوث البرق يتسبب بتسخين الهواء المحيط به لدرجة حرارة تصل إلى أكثر من 30000 درجة مئوية، ومن ثم يبرد بسرعة الأمر الذي يسبب تمدداً فورياً فيه ويزداد ضغطه أكثر بـ 100 مرة من الضغط الجوي الطبيعي، ويهتز وهذا الاهتزاز يصدر صوتاً أشبه بالانفجار وهو ما يُدعى بالرعد.

تبلغ سرعة الرعد الصوتية ما يقدر بـ 350م في الثانية وهي نفسها سرعة الصوت، وبالمقارنة بين سرعة البرق والرعد نلاحظ وبقسمة السرعتين على بعضهما أنَّ البرق أسرع من الرعد بمقدار 882353 مرة.

شاهد بالفيديو: 8 حلول للحد من ظاهرة التلوث البيئي

أنواع البرق:

تختلف أنواع البرق حسب طبيعة المنشأ، وهي:

  1. البرق الوشاح: يتكون بفعل التيارات الهوائية العاتية المترافقة مع العواصف الرعدية.
  2. البرق بين الغيوم: يتكون نتيجة التفريغ الكهربائي بين غيمة وأخرى، وينتقل إلى الغيوم المجاورة، وعادة لا يُرى من الأرض ولا ينزل إليها بل يبقى عالياً في السماء.
  3. البرق من الغيوم إلى الأرض: يتكون من مرور الغيوم التي يكون قاعها سالب الشحنة فوق سطح الأرض إيجابي الشحنة وبفعل عملية الحث يحدث التفريغ الكهربائي بينهما وينشأ البرق، ويُدعى في هذه الحالة بالصاعقة، وقد ينجم عنه العديد من الأخطار على الأرواح والممتلكات، ويظهر بشكل شرارات مضيئة برتقالية اللون.
  4. البرق داخل الغيمة نفسها: يتكوَّن هذا النوع من تفريغ في الشحنات ضمن الغيمة نفسها؛ حيث يكون قاعها سالب الشحنة وقمتها موجبة الشحنة.
  5. البرق الكروي: يتكون بشكل كرة مضيئة في السماء، ويتبعه صوت رعد يعد أقل تواتراً من غيره.
  6. البرق الخرزي: وهو شكل من البرق يظهر عند اضمحلال القناة التي يتشكل فيها البرق، وتتشكل قناة على شكل حبيبات أو أجزاء صغيرة.
  7. البرق من الغيوم والهواء: هو البرق المتكوِّن نتيجة فارق الشحنة بين غيمة ما وشحنة الهواء المحيط بها من جانب معيَّن.
  8. البرق الورقي: يتكون البرق الورقي على شكل صفائح ضمن الغيوم نتيجة تشكل قنوات التفريغ الكهربائي داخلها.
  9. البرق الشريطي: يتشكل هذا البرق نتيجة الرياح القوية التي تدفع التفريغ من الأعلى إلى الأسفل ويتظاهر على شكل أشرطة وخطوط.
  10. البرق الأزق النفاث: هو نوع نادر من البرق يتشكل فوق الغيوم في طبقات الجو العليا ولا يمكن رؤيته إلا من الأماكن شديدة الارتفاع أو من الفضاء، ويُعتَقد أنَّه يتكون نتيجة التفريغ الكهربائي بين قمم الغيوم إيجابية الشحنة وطبقات الجو العليا سلبية الشحنة.

وغيرها من الأنواع الأخرى كالبرق المتقطع، والحراري، والجاف، والمتفرغ، والموجب، والشبح، والصاروخي، وبرق الغلاف الجوي العلوي.

معلومات عن البرق:

  1. يحتوي شريط واحد من البرق على ما يزيد عن مليار فولت من الكهرباء.
  2. الفارق الزمني بين كل ومضة برق وصوت رعد ما يقارب الـ 5 ثوان، وتساوي ميلاً واحداً.
  3. 20% من الصواعق المسببة للخطر تضرب الأرض.
  4. صوت الرعد يساعد على تقدير مكان حدوث الصاعقة.
  5. يومياً يوجد ما يزيد عن 8،600،000 لمعة برق في كافة أنحاء الأرض.

موانع الصواعق:

  1. مانعة الصواعق عبارة عن أداة تعمل على تأريض الصواعق لحماية الأجهزة الكهربائية والممتلكات والأرواح من آثار زيادة الجهد الكهربائي المتشكل من العوامل الجوية.
  2. صاحب هذا الاختراع البسيط العظيم هو عالم الكهرباء بينجامين فرانكلن، الذي رغب في اختراع وسيلة للحد من أضرار الصواعق.
  3. تتكون مانعة الصواعق من قضيبين معدنييَّن أحدهم يُثبت على سطح البناء، والآخر يُغرس كالوتد في الأرض ويتصلان معاً بواسطة شريط من الأسلاك النحاسية المتينة صغيرة الممانعة.
  4. تحدث الصواعق نتيجة تفريغ البرق في الأجسام التي يصطدم بها، وخاصة في المناطق العالية والأبنية المرتفعة؛ لذا يأتي دور مانعة الصواعق عن طريق إغراء الشحنة المفرغة وجذبها إليها؛ إذ تُصنَع مانعة الصواعق من مواد معدنية أهمها النحاس وتُوضَع في أعلى المباني.
  5. وبحسب خواص المعدن الناقل للكهرباء تنجذب الشحنة المفرغة - بدلاً من أن تضرب البناء والأدوات الكهربائية - إلى مانعة الصواعق التي بدورها تكون موصولة بأسلاك ممتدة إلى وتد مغروس بالأرض، فتحدث عملية التأريض الكهربائي وتفرغ الشحنات في الأرض وتحد من التأثير المدمر الذي قد تسببه الصاعقة.

فوائد البرق:

  1. تنقية الجو: يعمل البرق على تعقيم الجو والتخلص من الأتربة والمواد الضارة كالدخان والجراثيم والملوثات الأخرى.
  2. يساهم البرق في عملية التسميد: إذ إنَّ البرق يعمل - بفعل الضغط والحرارة اللذين ينتجان عنه - على تحويل غاز النيتروجين الموجود في الهواء بشكل لا يمكن للنبات الاستفادة منه إلى أكسيد النيتروجين وحمض النتريك اللذين يتَّحِدان مع ماء المطر ويسقطان معه ليشكلوا سماداً طبيعياً تحتاج إليه النباتات لتنمو.
  3. يساعد البرق على المحافظة على التوازن الكهربائي بين الغلاف الجوي وسطح الأرض بسبب استمرار تبادل الشحنات بينهما.
  4. يساعد البرق على انفجار الينابيع: إذ يسهل من عملية خروج الينابيع من الجبال المرتفعة في الربيع؛ فالخزانات الجوفية تكون في ذروة امتلائها بعد مرور الشتاء.
  5. يسهم البرق في تكوين غاز الأوزون، وهو أحد أهم الغازات التي تشكل درعاً يقي الأرض من خطر الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس.
  6. يسهم البرق في رفع معدل الهطولات المطرية.
  7. يُحدث البرق ظاهرة الماء المؤكسد؛ وذلك نتيجة تفكك الأوكسجين واندماجه مع جزيئات المياه في الجو، وهذا الماء المؤكسد له دور كبير في القضاء على الجراثيم ويُستَعمل كثيراً في الصناعات الطبية.
  8. نتيجة شرارة البرق والضغط والحرارة الناجمة عنه، ترتفع مستويات الأوكسجين في الجو؛ الأمر الذي يسبب حالة من الانتعاش بعد يوم عاصف رعدي مميَّز.
  9. يساهم البرق بفضل الضغط والحرارة الناجمَين عنه في تحويل الرمال إلى زجاج في المناطق الرملية.
  10. نتيجة البرق وتحويله للآزوت الحر الموجود في الغلاف الجوي إلى أكسيد الآزوت وحمض النتريك واختلاطهما بماء المطر، تتفعَّل في التربة أبواغ محددة لتشكل ما يُدعى بفطر الكمأة، أو نبات الرعد أو بنت الرعد.
إقرأ أيضاً: تأثير الكوارث الطبيعية على البيئة

أضرار العواصف الرعدية:

تُعَدُّ العواصف الرعدية من أشد العواصف خطراً، رغم أنَّ خطر حدوث الصواعق لا يتجاوز الـ 20%، ولكنَّ ما يترافق مع العواصف الرعدية أحياناً من أعاصير وهبوب تيارات هوائية قد تتجاوز سرعتها الـ 100 كم/سا وسقوط البَرَد والفيضانات وغيرها، هي ما تُعَدُّ عوامل خطر كبيرة؛ إذ تؤدي إلى دمار في المحاصيل الزراعية وتُلحِق أضراراً بالبيوت والمصانع والسيارات والأرواح، وغرق العديد من المدن والقرى وزيادة أعداد الوفيات.

إقرأ أيضاً: أغرب 5 ظواهر طبيعية

في الختام:

تعرَّفنا في هذا المقال إلى ظاهرة من أجمل الظواهر الطبيعية وأخطرها؛ ألا وهي البرق والرعد وعرفنا كيفية تكونهما، وعرفنا أنواع البرق وفوائده وأضراره، وتحدثنا عن موانع الصواعق وتأريض الشحنة، على أمل تحقيق الفائدة المرجوة منه.

المصادر:1،2،3،4،5،6،7،8




مقالات مرتبطة