ما هو أسلوب القيادة المستقبلي؟

يعرف الكثير من الناس القيادة التحوُّلية، والتي ترى احتياجات الناس كوسيلة لتحقيق غاية، وتؤمن بأنَّ تلبية احتياجات الناس ستُحدث فيهم تغييراً إيجابياً، لكنَّ القيادة الخدمية هي أسلوب قيادة اكتسب شعبية في الآونة الأخيرة؛ وذلك لأنَّه يرى احتياجات الناس على أنَّها غايةٌ في حدِّ ذاتها؛ إذ لا تتوقع القيادة الخدمية أيَّة نتيجة سوى تلبية احتياجات الناس؛ حيث تشير إلى أنَّ خدمتهم ستعود عليهم بالخير.



لم تعد القيادة الخدمية نهجاً نظرياً؛ حيث حوَّل الباحثون دراساتهم إلى نتائج بحثية يمكن التحقُّق منها تجريبياً، ونجح العديد من الباحثين أيضاً في توقع أثر وفوائد نهج القيادة الخدمية عند تطبيقه بدقةٍ، ومن السهل مراقبة وتقييم مدى فاعلية القيادة الخدمية التي تؤدي إلى نتائج محددة باستخدام هذه الاكتشافات.

توجِّه المنظمات حول العالم تركيزها في مساعدة الناس على النمو والتركيز، وعلاوةً على ذلك؛ فإنَّ دوافع أولئك الذين يشغلون مناصب قيادية تتماشى مع خدمة الآخرين، وليس فقط للقيادة؛ حيث إنَّ كل صاحب مصلحة في مؤسسة ما، لديه حق الوصول إلى جميع المعلومات بنقرة واحدة، فلقد ولت الأيام التي كانت فيها القيادة والبيانات حق خاص للنخب القليلة.

شاهد بالفيديو: 18 إشارة تدل على أنّ ممارسة القيادة تحتاج إلى التحسين

من الناحية التنظيمية، تُمكِّن القيادة الخدمية المرؤوسين ليصبحوا قادة في أقسامهم، ومن ثم سيكون المستقبل التنافسي لهؤلاء القادة وهذه المنظمات؛ وذلك لأنَّها تُشرِك الموظفين كلهم في تحديد المشكلات وحلها، وسينتج ما يسمى المواطنة المنظماتية من خلال القيادة الخدمية؛ وبمعنى أنَّ الموظفين لن يُظهروا الإيثار ويعملوا بدافع الواجب فحسب؛ بل يجب على القائد أن يُمكِّن كلَّ فردٍ منهم ويُشعره بأنَّه عضو هام، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا عندما تهتم قيادة المنظمة بالسلامة والعافية الشاملة والنمو العام.

الأداء الوظيفي هو حاصل مساهمة جميع الأفراد في الهدف المنظماتي مع مرور الوقت؛ حيث يساهم أداء المهام في السلع والخدمات، ومن السهل قياسه نسبياً ومراقبته، ومن الناحية الأخرى، يرتبط الأداء السياقي بالنشاطات الشخصية والتطوعية، والتي تساعد المنظمة على تحقيق أهدافها الأساسية في سياقٍ أوسع؛ إذ لا يمكن تحقيق الأهداف التنظيمية السياقية إلا من خلال فريق متماسك من الموظفين المتمكنين وبيئة تركز في سلامة وعافية الموظفين.

لقد حوَّلَت العولمة العالم إلى قرية صغيرة؛ حيث تؤثر الثقافات والأعراف المختلفة الآن في بعضها بعضاً عبر القارات، وتقوم الشركات متعددة الجنسيات بتصدير أفضل المتدربين بينما تتعلم في الوقت نفسه من المجتمعات المضيفة، ولفتت حركات حقوق الإنسان الناشطة في جميع أنحاء العالم إلى الاحتياجات الإنسانية.

وفي القرن الحادي والعشرين التنافسي، فإنَّ المؤسسات التي ستنجو هي المؤسسات التي تتبنى التغيير، ولديها قيادة خدمية في صميم هيكلها التنظيمي، ومع ذلك، فإنَّ النقابات العمالية وأساليب الإدارة والقيادة السابقة القائمة على إصدار الأوامر والمظاهر والسلطة ستختفي.

إقرأ أيضاً: 7 أساليب إدارة فاعلة

كيف ستغير القيادة الخدمية العالم؟

يقترح المروجون والممارسون للقيادة الخدمية أنَّه بمجرد استيعاب القيادة الخدمية وتطبيقها وفقاً لمبادئها، فستؤتي ثمارها الناجحة في معظم جوانب المجتمع؛ وذلك من خلال معظم السمات المختلفة التي ذكرها العلماء؛ حيث سيُصغي الجميع ويُصغَى إليهم، ومن ثم سيكون هناك القليل من سوء الفهم أو لا يكون على الإطلاق، كما سيساعد هذا على السعي إلى بناء مجتمع موحد ومتماسك يواجه التحديات المشتركة في تناغم تام، وعلى هذا النحو، سيكون المجتمع أكثر وداً؛ مما يؤدي إلى مجتمعات أكثر التزاماً بنمو كل فردٍ من أفرادها.

ستكون المنظمات أكثر استجابة إلى احتياجات العاملين لديهم وأفراد المجتمع الذي يعملون من أجلهم، وجوهرياً، وهذا سيعزز المسؤولية الاجتماعية للشركات أكثر من أي وقت مضى، كما سيلجأ الناس إلى الإقناع والحوار لحلِّ الخلافات وليس إلى السلطة التي يمكن أن تعزز الاستياء وحتى العنف، وسيطوِّر الناس حس الإيثار، وهذا سيجعل الجميع يعمل ليس فقط من أجل الواجب؛ بل حتى خارج واجباتهم الرسمية، الأمر الذي سيعود بالنفع على المنظمة ككل أو المجتمع بأسره.

ومع ذلك، فإن فشلَت القيادة الخدمية، فسوف يكون السبب هو أولئك الذين يرفضون التعاون ويختارون التمسك بالطرائق القديمة، وربما لن يجارونا في سعينا، ولكنَّهم في خطر دائم لأن يصبحوا من الماضي وخارج سوق العمل.

المصدر




مقالات مرتبطة