ما أهمية ممارسة التعاطف بصفتك قائداً، وكيف لك أن تفعل ذلك؟

ينهار كل شيء من دون قادة أقوياء؛ إذ يقع على عاتق القادة إنشاء الهيكل والتنظيم والمساهمة بصورة مباشرة في الإنتاجية، فيُلهم القادة الجيدون الفِرق للإنجاز، ويؤثرون في نهاية المطاف في أرباح الشركة، ويدير رواد الأعمال الأقوياء فِرقاً عن بُعد بطريقة تؤدي إلى نمو شركاتهم؛ إذ يُلهمك القادة الجيدون لتكون أفضل بينما يحبطك القادة السيئون.



أهمية القيادة من خلال التعاطف:

أحد مفاتيح القيادة الفعَّالة هو القيادة من خلال التعاطف، ففي الوقت الذي يتنشر فيه مفهوم التنوع والإدماج، أصبحت القيادة من خلال التعاطف أهم من أي وقت مضى؛ إذ لا يريد الناس العمل مع قائد لا يشعرون بأنَّه يمثِّلهم أو يصغي إليهم.

يحصل التعاطف حين يريد الشخص أن يفهم البشر الآخرين؛ إذ ينشئ القادة المتعاطفون فِرقاً قوية؛ لأنَّهم يُشعِرون موظفيهم بأنَّهم محطُّ تقدير وأنَّهم يفهمونهم؛ لذلك فإنَّ التعاطف جزء لا يتجزَّأ من القيادة والنمو.

لماذا يمارس القادة الأقوياء التعاطف؟

لا يهتم القادة المتعاطفون بأتباعهم فحسب، بل إنَّهم يقودون مع فهم عميق للأشخاص الذين يقودونهم، ما يؤدي في النتيجة إلى اكتساب قادة يتمتَّعون بشخصية جذَّابة تُرغِّب الفِرق والمستهلكين على حدٍّ سواء في اتِّباعهم، فهي صفة جذَّابة جداً لدى القادة.

عرف الجميع معنى القيادة السيئة في مرحلةٍ ما، فإذا كنت موظفاً، مرَّ عليك مديرٌ يمارس القيادة التفصيلية، وأخبرك بما يجب عليك فعله، وشعرت أنَّه يراقبك طوال الوقت الذي قمت فيه بما طلبه، فهذا النوع من القادة لا يثير الإلهام في نفوس الأتباع.

إذا كنت رائد أعمال، فكان لديك بلا شك عميل مررت معه بتجربة مماثلة؛ إذ عيَّنك لأنَّك بارع فيما تفعله، لكنَّه حاول إدارة كل تفصيل، وألحَّ عليك للإسراع في أداء عملك، ولم تستطع أن تكون قائداً جيداً؛ لأنَّ العميل لم يولِّك أهمية ولم يمارس التعاطف.

القادة المتعاطفون لا يتَّبعون أسلوب الإدارة التفصيلية، فهم متعاطفون ويحاولون فهم أفضل الطرائق للتعامل مع الناس، ويركِّزون على البشر أولاً؛ لأنَّهم يعرفون أنَّ هذا ما يؤدي إلى زيادة الإنتاج، وأنَّ فهم الناس يؤدي إلى نتائج أفضل.

شاهد بالفيديو: ما العلاقة بين الذكاء العاطفي والقيادة؟

صفات القادة المتعاطفون الأقوياء:

  1. يدرسون أفضل الطرائق للتواصل مع الآخرين.
  2. لا يديرون الأشخاص أو المشاريع إدارة تفصيلية.
  3. يقدِّمون للعملاء والفرق كل ما يحتاجون إليه للنجاح.
  4. يراعون التنوع والاندماج في كل ما يفعلونه.
  5. يفهمون أنَّ الناس يلتزمون أكثر بالعمل عندما يشعرون بأنَّ القائد يهتم بهم.
  6. يملكون رغبة حقيقية في رؤية مرؤوسيهم ينجحون في الحياة.
  7. يلتزمون بتعلُّم ممارسة القيادة بصورة أفضل.

يصبح القادة الجيدون قادة أفضل عند ممارسة التعاطف؛ إذ يسمح لهم بفهم أنَّ ممارسة الديكتاتورية تؤدي إلى فرق غير سعيدة وغير منتجة، ويستخدمونه لإدارة التقدم بدلاً من إجبار الناس على فعل الأشياء.

كيف تنمِّي التعاطف بصفتك قائداً يركِّز على النمو؟

بعد فهم أهمية التعاطف في القيادة، ستحتاج إلى معرفة كيف تكون أكثر تعاطفاً؛ إذ يتطلَّب النمو الرغبة في التعرف إلى نفسك، وكيف يمكنك أن تنمو بصفتك شخصاً وقائداً؛ لأنَّ القائد المتعاطف هو من يسعى دائماً إلى التعلُّم، ويقدِّر التعليم والنمو الشخصي الذي يكسبه عند معرفة المزيد عن نفسه وعن والقيادة.

فيما يأتي بعض الطرائق التي يستطيع القادة اتباعها لتعزيز قدرتهم على ممارسة التعاطف:

1. فهم أنَّ مصدر التعاطف هو التعليم:

التعاطف هو سِمة تتطوَّر عندما تشاهد مقاطع فيديو عن القيادة من خلال التعاطف، أو حين تتعلَّم المزيد عنه عندما تقرأ كتب القيادة التي تتحدَّث عن موضوع التعاطف في قيادة الناس، أو يمكنك تنمية التعاطف عندما تقرأ مقالات مثل هذا المقال عن القيادة من خلال التعاطف وفهم الناس.

تكسبك القيادة من خلال التعاطف مصداقية؛ إذ يدرك للناس ما هو حقيقي وما هو متصنع، ولا يرغبون في اتباع قائد يشعرون بأنَّه غير صادق.

يعلِّمك الاطلاع على موضوعات القيادة والتعاطف كيفية فهم الناس، ويساعد القادة على فهم أنَّ حدوث الأخطاء طبيعي، وأنَّ ثمة دروساً يمكن استخلاصها من كل موقف، ولا يتوقع القادة المتعاطفون أن يكون هؤلاء الذين يقودونهم مثاليين فهذا غير واقعي.

2. إجراء محادثات مع أولئك الذين تقودهم:

الطريقة الحقيقية الوحيدة لفهم تأثيرك وفاعليتك هي سؤال من تقودهم، ولمعرفة ذلك يمكنك إنشاء استطلاعات تُخفي هويات من يجرونها ليملأها أولئك الذين تقودهم ويقدموا من خلالها تغذية راجعة صادقة، أو يمكنك عقد اجتماعات جماعية والتحدث عمَّا يحدث، فالهدف هو إجراء محادثات ومعرفة أدائك بصفتك قائداً.

عندما تتلقَّى المعلومات كن منفتحاً، لا تعدها إهانة أو تحاول الدفاع عن نفسك، فالقادة المتعاطفون يصغون وهم مستعدون لإجراء تغييرات تساعدهم على أن يكونوا قادة أفضل، ويوجد شيء آخر يجب مراعاته، وهو لغة جسدك؛ إذ يمكن أن تعطي لغة جسدك الانطباع الخاطئ، ويدرك القادة المتعاطفون ذلك ويفهمون كيف يؤثر فيهم.

سيساعدك الوعي الكامل لما تقوله وتفعله على التواصل بفاعلية أكبر واستخدام لغة الجسد بطريقة صحيحة، فلا تقاطع عندما يتحدث معك أحد، واسمح للغة جسدك بأن تعبِّر عن تعاطفك ورغبتك في فهم الناس، وقدِّر المحادثات والتغذية الراجعة التي يمكن أن تتلقاها بصفتك قائداً، وتعلَّم منها، وأجرِ التعديلات بناءً عليها، والتزم بالنمو، ولا تتصرَّف بطريقة تنفِّر الناس بعيداً عنك.

3. عدم إطلاق الأحكام:

قد لا نريد الاعتراف بذلك، لكنَّنا بطبيعتنا نصدر الأحكام، ونميل إلى الحكم على الكتاب من عنوانه قبل أن نقرأه، لكنَّ إطلاق الأحكام هو أصل الكراهية ونقيض التعاطف.

لا ينسجم التعاطف وإطلاق الأحكام معاً، وسبب وصف عدد كبير من القادة بالديكتاتوريين هو إطلاقهم للأحكام، ويدرك المرؤوسون هذه الصفة على الفور، فالحكم على الآخرين صفة بغيضة ولا تمتُّ للقيادة بصلة؛ إذ يعني كونك قائداً متعاطفاً ويؤمن بالاندماج أن تحاول فهم ظروف الشخص الآخر، وألَّا تُطلق حكماً حتى تحصل على كل المعلومات، وبعد ذلك فهم السياق.

نحن بشر والحياة قصيرة، تعلَّم كيفية فهم ما يمر به الشخص الآخر كي تصبح شخصاً أكثر تعاطفاً وقائداً أفضل؛ إذ يمكن للتعاطف أن يحدث فرقاً كبيراً في النتيجة؛ لأنَّ الأشخاص الذين تقودهم سيلاحظون رغبتك في فهم ما يمرون به، ممَّا سيقوي رغبتهم في اتباعك، قد يكون الحكم عادة إنسانية طبيعية، لكن يمكنك تغييرها واستبدالها بالتعاطف.

شاهد بالفيديو: تعلم كيف تمارس التعاطف وتصبح قائداً مؤثراً

القيادة من خلال التعاطف وليس الديكتاتورية:

القادة المتعاطفون متحمِّسون ليكونوا قدوة وليس ليأمروا العالم، عندما يشعر الناس بأنَّهم مُلزمون بشيء ما تقلُّ احتمالية رغبتهم في فعله؛ لذا يتطلَّب إلهامهم للعمل والتعاطف، وهكذا يحفِّز القادة المتعاطفون حصول التغيير؛ إذ يمكنك أن تكون رب عمل دون أن تُشعِر من تقوده بأنَّه ضعيف.

القادة الذين يديرون الموظفين ويثيرون لديهم الرغبة في اتباعهم هم أفراد ملتزمون بنموهم الشخصي، ويفهمون أنَّهم لكي يكونوا قادة أفضل، يجب أن يكونوا أشخاصاً أفضل؛ لذا يكرِّس القادة المتحمِّسون الوقت والطاقة ليصبحوا أفضل في كل مجال من مجالات حياتهم، ويساعدهم العمل على التطوير الشخصي على أن يصبحوا أكثر تعاطفاً.

استثمر وقتك في النمو حتى تتمكَّن من القيادة بعقلية الوفرة، وعندما تفهم الحاجة إلى زيادة وعيك ستلاحظ اللحظات التي لم تكن فيها متعاطفاً، وبعد ذلك ستجري تغييرات وتتكيَّف لتفاديها مستقبلاً، وسيجعلك كل هذا قائداً أقوى.

إقرأ أيضاً: القيادة المتعاطفة من خلال التحدث الارتجالي

في الختام:

توجد في الحياة عدة وجهات نظر مختلفة، ويجب أن يفهم القادة أنَّ ما يرونه من العالم ليس هو الطريقة أو المنظور الوحيد، فكلٌّ منَّا يختبر الحياة بطريقة مختلفة، ولا تعرف ما مر به شخص آخر أو ما الذي يمر به حالياً، ولا تعرف سبب قيام شخص ما بشيء ما.

إقرأ أيضاً: التعاطف: مستقبل القيادة ومصلحة الشركات

يحاول القادة المتعاطفون فهم جميع وجهات النظر، ويأخذون جميع العوامل في الحسبان، ويفكِّرون قبل أن يتحدثوا، ويدرسون الإجراءات التي يتخذونها جيداً، ويفهمون عواقب عدم التعاطف.

القيادة من خلال التعاطف هي مهارة يمكنك ويجب أن تتعلَّمها بصفتك قائداً، ربما لم تصل إلى هذه المرحلة في رحلتك القيادية بعد، لكن إذا التزمت بتعلُّم أن تكون أكثر تفهماً، فسيساعدك ذلك في النهاية على القيادة.




مقالات مرتبطة