لماذا لن يساعدك السعي إلى الكمال في تحقيق أهدافك؟

نمتلك جميعاً أهدافاً هامة بالنسبة إلينا، ولكن، هل دافعنا إلى تحقيق نتيجة معينة هو ما يجعلنا أفضل؟ أم شيء آخر تماماً؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ من كتاب العادات الذرية (Atomic Habits) للكاتب والمدون جيمس كلير، والذي يحدثنا فيه عن مساوئ السعي إلى المثالية.

يشاركنا المؤلفان ديفيد بايلز (David Bayles) وتيد أورلاند (Ted Orland) في كتاب "الفن والخوف" (Art & Fear)، قصة مدهشة عن صانع خزف محترف، والتي قد تعيد صياغة طريقة تفكيرك في تحديد الأهداف وإحراز التقدم والتحسن في الأمور الهامة بالنسبة إليك.

1. خطر السعي إلى الكمال:

قسَّم الأستاذ الجامعي في جامعة فلوريدا "جيري أويلسمان" (Jerry Uelsmann) في اليوم الأول من الفصل الدراسي طلاب تصوير الأفلام إلى مجموعتين، وأوضح أنَّ كلَّ شخص على الجانب الأيسر من الصف سيكون في مجموعة "الكم"، وستُوضَع درجاتهم وفقاً لمقدار العمل الذي ينتجونه، ليحدد في اليوم الأخير من الفصل عدد الصور المقدمة من كلِّ طالب؛ حيث تأخذ كلُّ مئة صورة الدرجة A، وكلُّ تسعين صورة الدرجة B، وكلُّ ثمانين صورة الدرجة C، وهكذا…

في الوقت نفسه، سيكون كلُّ شخص على الجانب الأيمن من الصف  في مجموعة "النوع"،  وستُوضَع درجاتهم وفقاً لتميز أعمالهم؛ إذ عليهم تقديم صورة واحدة فقط خلال الفصل الدراسي، ولكن لكي يحصلوا على الدرجة A يجب أن تكون الصورة مثالية تقريباً.

فُوجِئ الأستاذ في نهاية الفصل الدراسي عندما وجد أنَّ أفضل الصور كانت تلك التي أنتجتها مجموعة "الكم"، حيث كان هؤلاء الطلاب خلال الفصل الدراسي منشغلين بالتقاط الصور وتجربة التركيبة والإضاءة، واختبار مختلف الطرائق في غرف مظلمة، والتعلم من أخطائهم؛ حيث صقل هؤلاء الطلاب بذلك مهاراتهم من خلال التقاط مئات الصور.

من جهة أخرى، كانت مجموعة "النوع" تسعى إلى المثالية، ولم يكن لدى أعضائها في نهاية الفصل الدراسي الكثير لتقديمه سوى نظريات غير محققة، وصورة واحدة دون المستوى المطلوب.

إنَّه لمن السهل التورط في محاولة العثور على الطريقة المثلى للتغيير مثل: أسرع طريقة لفقدان الوزن، وأفضل برنامج تدريبي لبناء العضلات، والفكرة المثالية للقيام بنشاط تجاري جانبي؛ فنحن نركز بشدة لمعرفة أفضل طريقة لتفادي القيام بالعمل المطلوب؛ وكما كتب فولتير(Voltaire) ذات مرة: "الأفضل عدو الجيد".

إقرأ أيضاً: كيف تتخلّص من السعي إلى المثالية!

2. ابدأ بالتكرار وليس بالأهداف:

ليست استديوهات الفن وحدها من يستفيد من التكرار؛ فكلَّما بذلت جهداً ثابتاً ومتكرراً وتعلمت من أخطائك، حققت تقدماً مذهلاً؛ فعندما تجبر نفسك على العمل مراراً وتكراراً، ستحقق هدفاً ما بالتأكيد.

يمكن التعامل مع أيِّ هدف وتحقيقه باستخدام هذه الطريقة، كما في المجالات الأتية:

  • الفن: إذا أردت أن تكون مصوراً رائعاً، فيمكنك السعي إلى التقاط صورة مثالية كلَّ يوم، أو التقاط 100 صورة يومياً والتعلم من أخطائك وصقل إبداعك ومهاراتك.
  • الرياضة: إذا أردت أن تكون أكثر قوة، فيمكنك تحليل كلِّ حركة ومرحلة من تقنية لعبك، أو مباشرة التمرن والتعلم من أخطائك والتركيز فقط على القيام بمزيد من التمرينات.
  • الكتابة: إذا كنت ترغب في كتابة كتاب ناجح، عليك قضاء 10 سنوات في تأليف كتاب واحد مثالي، أو تأليف كتاب واحد كلِّ عام والتعلم من أخطائك واكتساب الثقة بأنَّ كتبك ستتحسن في كلِّ مرة.
  • العمل: إذا أردت أن تكون رجل أعمال ناجحاً، فيمكنك التخطيط والتفكير ووضع خطة لتحقيق عمل مثالي، أو يمكنك محاولة الحصول على عميل واحد والتعلم من أخطائك وتجربة أفكار جديدة حتى يصبح الأمر سهلاً.

لا يجعلك السعي إلى تحقيق هدف واحد مثالي شخصاً أفضل، بل هي المهارات التي تطورها من خلال تكرار العمل؛ وبمعنىً آخر: عندما تفكر في أهدافك، لا تفكر في النتيجة المرجوة منها فحسب؛ وإنَّما ركز على التكرارات التي تقودك إلى ما تسعى إليه، وعلى حجم العمل الذي يسبق النجاح؛ أي ركز على صنع مئات من الأواني الخزفية العادية التي تسبق صنع "تحفتك الفنية".

إقرأ أيضاً: 7 خطوات مهمة يجب ان تتقيّد بها لتصل إلى هدفك المنشود

3. ضع كلَّ شيء في قائمة التكرارات:

عندما تنظر إلى أهدافك مركزاً على تحقيقها فحسب، تبدأ إدراك أنَّ إنشاء طريقة للتكرار أكثر أهمية من اختيار الهدف؛ إذ يسعى الجميع إلى تحقيق التقدم، ولا توجد طريقة لذلك سوى وضع قائمة للتكرارات.

يعدُّ الهدف مجرد حدث لا يمكنك التحكم أو التنبؤ به تماماً، ولكن يتحقق هذا الحدث بالتكرار؛ فإذا تجاهلت النتائج وركزت على التكرارات، حصلت على مزيد من النتائج؛ وإذا تجاهلت الأهداف وعززت العادات بدلاً من ذلك، فستحصل على النتائج على أيِّ حال.

تجاهل أهدافك هذا العام، وفكر في خطتك للتكرارات التي تحتاجها، وفي جدولك الزمني لبذل جهدك على الأمور الهامة بالنسبة إليك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة