لماذا عليك أن تطوِّر نفسَك كلَّ 3 سنوات؟

عندما أنهيت دراستي الجامعية بحلول نهاية عام 2010، ومثل أيِّ شخصٍ، كان عليَّ بناء حياتي المهنية، ولم أفكر بتحقيق إنجازات مميزة حينها، وبدلاً من الحصول على تدريب إداري كما فعل معظم زملائي في كلية إدارة الأعمال، أسست مشروعاً تجارياً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويشرح فيه عن تجربته في تطوير نفسه باستمرار.

أجبرني ذلك على تغيير طريقة حياتي بالكامل؛ إذ تعتاد بصفتك موظفاً أو طالباً على تلقِّي الأوامر من الناس، لكن بصفتك رائد أعمال، فأنت من يُصدر الأوامر وينفذها.

واصلت العمل على تطوير نفسي كلَّ عام، واكتساب مهارات جديدة واحدةً تلو الأخرى؛ فتعلمت كيفية إنشاء موقع على شبكة الإنترنت، وكتابة الإعلانات، وكلَّ ما أحتاج إلى معرفته لإدارة عملي الخاص.

لكنَّني فقدت صوابي حين أدركت بعد مُضيِّ ثلاث سنوات أنَّني لم أعمل أبداً لمصلحة شركة كبرى، وشعرت أنَّني بحاجة إلى هذه الخبرة لتطوير مهاراتي في القيادة كي أتمكن من النهوض بعمل شركتي.

لذلك غيرت حياتي من جديد؛ إذ حصلت على وظيفة في شركة أبحاث كبرى في مجال تكنولوجيا المعلومات في مدينة لندن، وطوَّرت مهاراتي في البيع والإقناع والتواصل والقيادة، لكنَّ الأمر استغرق عامين هذه المرة قبل إجراء تغيير جديد، لأعود إلى ريادة الأعمال بدوام كامل في عام 2015، وأُصبح مدوناً في وقت لاحق.

أثبتتِ المهارات التي اكتسبتها حتى ذلك الحين أنَّها مفيدة للغاية، لكن كان عليَّ اكتساب مهارات جديدة أيضاً مثل كتابة المقالات، وسرد القصص، والشرح والتوضيح، والتسويق عبر البريد الإلكتروني.

كانت هذه المرة الثالثة التي أُغيِّر فيها حياتي، والآن بعد تسع سنوات من عملية التغيير الأولى، أعمل على تحقيق إنجاز جديد لنفسي، سأركز هذا العام تركيزاً أكبر على صناعة الفيديو، وهو تحدٍّ مختلف كلياً؛ فأنا لا أعمل على تطوير مهاراتي في الخطابة فحسب؛ بل أتعلم أيضاً كلَّ الأمور التقنية المعقدة المتعلقة بتسجيل الفيديو.

شاهد: مهارات تطوير الذات

للمعرفة تاريخ صلاحية:

لماذا أتحدث عن خلفيتي المهنية؟ كنت أقرأ مؤخراً كتاب "رسائل دراكر اليومية" (The Daily Drucker)، وهو عبارة عن مجموعة اقتباسات كتبها بيتر دراكر (Peter Drucker)، أحد المستشارين الإداريين الأكثر احتراماً في عصرنا، وذكر في كتابه ما يأتي: "تتراجع كفاءة العامل في مجال المعارف إذا لم يعد إلى مقاعد الدراسة كلَّ ثلاث أو أربع سنوات".

أدركت أنَّ خشيتي بأن أُصبح معدوم الفائدة هي ما دفعتني لأُجدد حياتي كلَّ بضع سنوات، وهذا قد يبدو قاسياً؛ لكنَّ العمل تغير بسرعة كبيرة في العقدين الماضيين لدرجة أنَّنا بحاجة إلى تطوير معرفتنا طوال الوقت كي نتمكن من مواكبته.

لقد ولَّى الزمن الذي يكتسب فيه الشخص معارف يمكنه الاعتماد عليها لبقية حياته المهنية؛ فشهاداتكَ ومؤهلاتك لها تاريخ صلاحية، وفي مرحلةٍ ما تصبح معظم المعرفة منتهية الصلاحية؛ لذا يجب أن نكتسب باستمرار معارف ومهارات جديدة كما يقول دراكر.

يتابع كلامه قائلاً: "يعتمد الناس في المجتمع والمنظمات المعاصرة بصورة متزايدة على المعرفة بدلاً من المهارة؛ فتختلف المعرفة والمهارة بصفة جوهرية؛ فالمهاراتُ تتغير ببطء شديد؛ لكنَّ المعرفة تُغيِّر نفسها، وتصبح باطلة بسرعةٍ كبيرة".

المهارات مقارنةً بالمعرفة:

كلُّنا نرتكب خطأ التركيز على أهمية المعرفة تركيزاً مبالغاً به، فوفقاً لدراكر، تشمل المعرفة معلومات ونظريات، على سبيل المثال: كان بوسعك تعلُّم الكثير عن الهواتف السلكية في الماضي، لكن لأنَّ تلك الصناعة تكاد تندثر؛ تُصبح هذه المعرفة معدومة الفائدة.

لذا كان يلزمك أمران لمواكبة التطورات في صناعة الاتصالات السلكية واللاسلكية: اكتساب معارف جديدة حول الهواتف المحمولة، وامتلاك مهارات قوية في مجال الهندسة أو البرمجة.

المهارات تتغير ببطء، أمَّا المعرفة فتتغير على نحوٍ سريع، وهذا هو الفرق، كما ذكرت من قبل، يزيد العاملون في مجال المعرفة فرص نجاحهم باكتساب مزيد من المهارات، وأُسمِّي هذا المفهوم تراص المهارات (Skill Stacking)؛ لكنَّ تحقيق النجاح لا يقتصر على هذا الأمر وحده.

يجب أن نتحمل مسؤولية تطوير أنفسنا، ونتكيَّف مع التغيير، وهذا يعني من الناحية العملية أنَّ علينا إعادة تكوين أنفسنا كلَّ ثلاث إلى أربع سنوات.

ما هي الخطوات التي عليك اتخاذها الآن؟

أمامك مسيرة مهنية طويلة، خاصةً إذا كنت في العشرينيات أو الثلاثينيات من عمرك؛ لذا فكِّر في المهارات والمعارف الجديدة التي اكتسبتها خلال السنوات الثلاث الماضية، وإذا لم تكتسب أياً منها، فقد حان الوقت لإجراء تغيير.

يقول دراكر: "إذا ما تحدثنا عن خمسين عاماً من الحياة المهنية، عليك أن تُغيِّر حياتك، وتصنع من نفسك شخصاً جديداً، بدلاً من الاكتفاء بالعثور على طريقة جديدة لتجديد طاقتك".

إقرأ أيضاً: 17 طريقة لتتعلم مهارات جديدة بسرعة واستمتاع

الحياة طويلة، وكذلك مسيرتك المهنية؛ فسن التقاعد يزدادُ بمرور السنين، فهل تريد حقاً أن تتحول إلى شخصٍ معدوم الفائدة لعقودٍ قبل التقاعد؟

نُدرك جميعاً شعور الركود، فلن يشعر أحد بالسعادة حين يصل مساره الوظيفي لنهايةٍ مسدودة، فكر بالمستقبل وبالخطوات التي عليك اتخاذها الآن لمواكبة التغيرات في مهنتك، واكتسابُ مهارات جديدة هو السبيل لتحقيق ذلك، وباعتقادي فإنَّ المهارات العامة، مثل الكتابة والإقناع والكفاءة الشخصية ستكون مفيدة دائماً، واكتسابها سيزيد تلقائياً من فرص نجاحك.

إقرأ أيضاً: 18 خطوة صغيرة تمكنك من تطوير نفسك

في الختام:

طوِّر نفسك كلَّ يوم، وأجرِ تغييراً جذرياً في حياتك كلَّ ثلاث إلى أربع سنوات، واسلك مساراً مختلفاً، واصنع من نفسك شخصاً جديداً، فهذا ليس الخيار الأفضل لحياتك المهنية فقط؛ بل إنَّه مثير للحماسة كذلك.




مقالات مرتبطة