لقاء مع ضحى فتاحي في جريدة الوحدة السورية

أجرى الحوار هدى سلوم

في عصر تتزايد فيه اهمية الثقافة والمعرفة , وتتسابق الامم في مجالات العلوم المخلفة وراءها من يأبى ان يركب قطارها , ويثبت نفسه بجدارة في ميادينها , بات من الواجب علينا كأمة تسعى الى اللحاق بالركب الحضاري , وتبحث لها عن مكان بين الامم ان نتساءل عن السبل الممكنة الى ذلك ..



وما تقدم امة من الامم الا بأبنائها وشبابها الواعين المجدين المبدعين , وانطلاقاً من الرغبة بإخراج جيل متميز بتفكيره وأفعاله , كان لا بد من الاهتمام بجيل الاطفال , الذين سينحتون المستقبل بأكفهم ويرسمونه بإبداعاتهم , ودعماً لهذا التوجه اقيمت في الاونة الاخيرة العديد من الدورات في التنمية البشرية والتي تكرس الاهتمام بتنشئة الاطفال السليمة , والعناية بتفكيرهم وتنمية الابداع لديهم .‏على هامش دورة » صناعة الطفل المبدع « التي اقامتها جمعية النماء الخيرية في الحفة , التقينا المدربة ضحى فتاحي مدرب معتمد من / ايلاف ترين - بريطانيا ومن مركز دي بونو لتعليم التفكير- الاردن / حيث قالت بداية :‏

استقطبت الدورة امهات ومدرسات جمعتهن الرغبة في التعلم وانتهاج اساليب جديدة في تربية الاطفال , والتعرف على كيفية غرس بذور الابداع في فكر الطفل , وعلى مدى خمسة ايام تناولنا فيها عدة محاور اهمها :‏

المفاهيم الاساسية : كمفهوم التفكير , والتفكير الابداعي , والابداع , والذكاء ...وغيرها .‏

- الذكاءوالابداع والتفوق الدراسي :‏

اشارت المدربة فتاحي الى الفروقات بين الذكاءوالابداع والتفوق الدراسي والتي ترتبط غالباً معاً كمفهوم واحد في اذهان كثير من الناس , كما اكدت على اهمية التفكير الابداعي وحرص المجتمعات على تعليمه لابنائها كونه وسيلة فاعلة يمتطيها المبدعون ليسهموا في بلورة افكارهم نظرياً وفي انجازها واقعياً لمواكبة التقدم و تحسين نوعية الحياة والتجديد وكسر الروتين .‏

 

دوافع الابداع: كما تناولت في حديثها دوافع الابداع الداخلية منها والتي تنبع من ذات الانسان وتتعلق بحب الانجاز والتحدي واشباع الحاجات الداخلية كما وصفها العالم ماسلو , والخارجية المتمثلة في الحاجة الى الابداع في مجالات العمل المختلفة , وحل المشكلات بالاضافة الى الدوافع المادية والمعنوية من مكافآت وحوافز , ولكن يبرز سؤال هام :‏

 


هل الابداع فطرة ام مكتسب? تقول :‏ اذا كان الابداع صفة فطرية وراثية فمن الصعب اثارته وتحسينه بالتعليم , ولكن الواقع ينبئنا بغير ذلك , حيث اثبتت الدراسات ان تعليم الابداع والتدريب على ممارسته يحسن القدرات الابداعية , فكما ان للجسد عضلات لا تنمو الا بالتمرين الصحيح , فكذلك المخ لا بد ان نمرن عضلاته مثل عضلة الخيال والتمييز والاستنتاج والتحليل وغيرها .. وكلها تحتاج الى مران مستمر وصبر ومثابرة واصرار للوصول الى اللياقة العقلية , اي ان الابداع مهارة مكتسبة عبر التدريب , واشارت الى اننا جميعاً مبدعون بالفطرة ولكن التعليم التقليدي واسلوب الحياة الروتيني يكرس النمطية , والتي هي العدو الاول للابداع , ومع تقدم العمر تضمر القدرات الابداعية لدى الفرد شيئاً فشيئاً اذا لم يتعمد تنميتها , وهذا لا يعني ان الابداع لا يقتصر على العباقرة فقط , فأي فرد يمكنه ان يبدع وفي اي مجال من مجالات الحياة سواء العمل منها او العلاقات الانسانية وغيرها , واضافت :‏

 


تناولنا في محور اخر العوامل المؤثرة في العملية الابداعية كالعوامل الذاتية او البيئية من مستوى ثقافي واجتماعي و اقتصادي وغيرها, كما تعرفنا على مراحل الابداع وكيفية تسلسل العمليات بدءاً بالاعداد والخيال مروراً بالكمون والاشراق وانتهاء بالمنتج الابداعي .‏

 

التعرف على الطفل المبدع : تابعت حديثها قائلة :‏ واما عن كيفية التعرف على الطفل المبدع , فهو يتحلى بعدة صفات منها : الثقة بالنفس والمبادرة والمغامرة والعناد والمرونة وحب الاستطلاع وكثرة الاسئلة والمرونة والايجابية , وقد دارت حوارات مطولة حول الاساليب التربوية السليمة التي تحفظ الابداع عند االطفل وتنزع الاقفال الذهنية عنه وتفتح آفاق التفكير عنده , ونذكر منها على سبيل المثال ازالة كلمة » مستحيل « من قاموس مفرداته وتعليمه ان كل شيء ممكن اذا اخذ بالاسباب , وانه يمكن ان يبدع كما ابدع كثيرون وتشجيعه على المناقشة والتعبير عن افكاره بحرية وتثمين ما يقوله او يفعله وتشجيعه على مقاومة الخوف من ارتكاب الاخطاء وتعليمه احترام التنوع والانفتاح , وتشجيعه ايضاً على المخاطرة والتفاعل مع الاخرين , وعدم ترك اسئلته مهما كانت دون اجابة وتعريفه بنماذج من المبدعين , فإن لم يكن فعن طريق مطالعة سير حياتهم وتوفير الادوات والاجهزة اللازمة ليمارس هواياته وتخصيص دفتر خواطر ليدون فيه ما يخطر في باله والحذر كل الحذر من التلفاز .‏

 

التطبيقات العملية: كان لها النصيب الاوفر في الدورة , فقد كانت التطبيقات العملية والتمارين لتنمية الابداع عند الطفل , تمثلت بمهارات الاصالة والمرونة والطلاقة , وكيفية ترسيخ هذه المهارات عند الطفل عن طريق الالعاب والتمارين الفردية والجماعية , اما الاصالة فتعني الجدة حيث انه من معايير الفكرة الابداعية ان تكون جديدة , والمرونة فهي القدرة على تغيير طريقة التفكير , والطلاقة هي القدرة على الاتيان بأكبر عدد ممكن من الافكار والمفردات , كما ان تنمية كل مهارة من هذه المهارات الثلاث تتطلب استراتيجيات وطرائق معينة مثل : التفكير بالمقلوب واعادة التنظيم والاثارة العشوائية والدمج والحذف وغيرها .‏

 

اخيراً:‏ ختمت المدربة حديثها قائلة :‏ في النهاية قمنا بتوزيع شهادات على المشاركات , معتمدة من مديرية الشؤون الاجتماعية واخرى معتمدة من ايلاف ترين , وقد لاحظنا ان هذه الدورة تميزت بجوها الهادىء المريح والنقاش المثمر والجدية في الالتزام ورغبتهن في التغيير وكل الشكر لجمعية النماء الخيرية والتي تسعى الى التطوير ونشر ثقافة التنمية البشرية في المجتمع المحلي .‏

الاحد 16/8/2009

المصدر: أخبار إيلاف ترين