لا تغتر بالثناء

عملتُ في بداية حياتي المهنية، بوصفي مسوقاً عبر الهاتف لمزوِّد خدمة اتصالات، ببساطة كان العمل عبارة عن الاتصال بالناس طوال اليوم ومحاولة بيعهم عقودٍ لهواتف محمولة، ولقد تعلمت كلَّ شيء بسرعة وأصبحت أفضل مندوب مبيعات في الشركة؛ ففي الشهر الأول، قمت بما لا يقل عن خمس عمليات بيع في اليوم، وهذا كان أكثر من ضعف ما باعه الآخرون.



ملاحطة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن أنَّنا يجب ألا ندع غرورنا يزداد عن حدِّه.

تجربة شخصية:

لقد أثنى الناس عليَّ بحرارة، فانتابني شعور كبير بالغرور، لكن بحلول الشهر الرابع، دخلت في حالة ركود كبيرة، ولم أبع أيَّ شيء لمدة أسبوعين تقريباً.

لقد انتقلت من الأفضل إلى الأسوأ في وقت قصير؛ لأنَّ الثناء الذي تلقيته قد زاد من غروري، وعندما بدأت بالعمل، كنت لا أمانع النقد، وكنت أتعلَّمُ بلا كلل وأُصغي إلى الجميع، لكن بعد أن تلقيت الثناء من المديرين ومن زملائي في العمل، توقفت عن فعل كلِّ هذه الأشياء، وقد ازداد غروري دون أن أشعر، وبدأت في الإصغاء إليهـ لقد استقلت من ذلك العمل بعد ستة أشهر، وكنت محبطاً جداً وشعرت بأنَّني فاشل.

إقرأ أيضاً: 4 مخاطر يتعرّض لها الإنسان بعد النجاح

كيف تواجه شعورك بالغرور؟

الإجابة هي وجهة النظر، فيوجد دائماً أشخاص أفضل منك، إضافة إلى ذلك، إذا كنت ناجحاً، فقد يكون ذلك لأنَّك محظوظ فقط، ومن الصعب تحديد السبب الدقيق لنجاحك؛ لذلك بالنسبة إلي، بدلاً من التوق إلى الثناء، أصبح العمل هو ما يحفزني.

بالنسبة إلى الكتابة، بالكاد أنظر إلى إحصاءاتي، فإذا لاقى المنشور الذي أنشره إعجاباً، فغالباً ما أفكر أنَّني كنت محظوظاً، بالطبع، هذا ليس تواضعاً زائفاً؛ بل أنا أؤمن بذلك حقاً، وكذلك، أنا لا أفهم الأشخاص الذين يكتبون منشورات مثل "إليك كيف حصلت على 10 مليارات مشاهدة"؛ لكنَّني أعتقد أنَّ هؤلاء الناس يحبون التباهي فقط، لن يعرف أيُّ أحد على الإطلاق السبب لذلك؛ لذا من الأفضل أن تفترض أنَّ هذا ليس بسبب روعة الشخص.

لا تصغِ إلى غرورك الذي يخبرك أن تُظهر للآخرين مدى روعتك، وهذا الأمر ينطبق على الحياة اليومية أيضاً؛ إذ إنَّنا نُثني على الأشخاص الذين يذهبون إلى النادي الرياضي ثلاث مرات في الأسبوع، ونقول للأشخاص الذين يبدؤون بالمشاريع التجارية أنتم ناجحون.

بالتأكيد، أنا لا أريد التقليل من شأن عملنا الجاد؛ لكنَّني أريد التقليل من شأن غرورنا؛ فالتصرف على أساس أنَّك شخص "جيد جداً" يضر أكثر مما ينفع، كما قال رائد الأعمال الأمريكي مارك كوبان (Mark Cuban): "اعمل كأنَّ شخصاً يعمل 24 ساعة في اليوم ليأخذ منك كلَّ شيء".

إنَّ هذا الكلام صادر عن رجل ملياردير ولديه فريق الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين، وهذا يظهر التواضع، ومجرد الاعتقاد بأنَّ شخصاً آخر يمكن أن ينقضَّ عليك وأداؤه أفضل منك سوف يجعلك حريصاً، تماماً كما في يومك الأول في العمل.

شاهد بالفديو: 6 طرق مبتكرة لرفع معنويات الموظفين

"هل الثناء سيئ دائماً؟"

في أثناء تقدمك في الحياة، قد يُقدِّر الناس فيك أشياء مختلفة، مثل: شخصيتك أو النتائج التي حققتها أو شعرك أو عينيك أو عملك، وما إلى ذلك، بالطبع، لا بأس في تلقِّي الثناء، ولا بأس في الشعور بالرضى عن نفسك أيضاً، لكن لماذا لا تكون متواضعاً في الوقت ذاته؟

إقرأ أيضاً: الشخص المغرور: صفاته وكيفية التعامل معه

في الختام:

استمر في التعلم دائماً، وافهم أنَّ الحظ يؤدي دوراً هاماً في الحياة، ويوجد خيط رفيع جداً بين الثقة بالنفس وبين الغرور، وقد يزداد غرورك قبل أن تشعر حتى، وسوف تبدأ في التفكير في أنَّك شخصٌ هام جداً؛ ومن ثَمَّ ستبدأ في التباهي، وهذا ما قاله الكاتب المسرحي الإنكليزي وليَم شكسبير (William Shakespeare) عن الأشخاص المتباهين: "من يعرف نفسه متباهياً، عليه أن يخشى اليوم الذي ينظر فيه الناس إليه نظرة احتقار".




مقالات مرتبطة