كيفية مساعدة شخص مصاب باضطراب ثنائي القطب

لا يوجد في هذه الحياة شيء اسمه راحة مطلقة بتاتاً، فالأيام متقلبة بين صحة ومرض وبين عسر ويسر وبين فرح وحزن، ولكنَّ الجميل في الأمر أن تجد صديقاً لك يشاركك في أفراحك ويقاسمك أحزانك، فوجود داعم ولا سيما إذا كان صديقاً يخفف كثيراً من المشكلات التي تتعرض لها، لذلك سنتحدَّث في هذا المقال عن مهمتك بصفتك صديقاً في مساعدة صديقك للتغلب على مرض ثنائي القطب الذي يُعَدُّ من أكثر الأمراض النفسية الشائعة والمنتشرة في أغلب بلداننا.



قم بإنشاء طريقة تواصل جيدة:

1. تحدَّثا بصراحة مع بعضكما بعضاً:

تتطلب مساعدة صديقك المصاب بالاضطراب ثنائي القطب أن يتواصل كل منكما بصدق وانفتاح مع الآخر، فيمكنك مثلاً إخبار صديقك عندما تكون قلقاً بشأنه، وفي هذه الحالة تحدَّث إلى صديقك على انفراد وقل شيئاً مثل: "لقد لاحظت أنَّك تتصرف بشكل مختلف مؤخراً هل يحدث أي شيء؟"، ويمكنك أيضاً أن تذكر له بعض السلوكات التي يقوم بها وتجدها مقلقة مثل: "عندما لا ترد على مكالماتي لبضعة أيام أبدأ بالقلق، هل كل شيء على ما يرام؟"، ولا بأس في إثارة غضب صديقك، لكن أوضح له أنَّك مهتم به، وعبِّر عن مشاعرك ومخاوفك بطريقة جميلة ومقنعة.

2. احترم حاجة صديقك إلى الوقت وحده:

قد يكون من الصعب إدارة الاضطراب ثنائي القطب، ففي بعض الأحيان قد تدفع بعض المستويات للحالة صديقك إلى البحث عن بعض الوقت وحده، لذلك احترم حاجة صديقك إلى أن يكون وحده أحياناً حتى يتمكن من التخفيف من الضغط النفسي، فكل شخص يحتاج إلى بعض الوقت ينفرد فيه مع نفسه من حين لآخر، وقد يتعب صديقك من محاولة إدارة مشاعره مع الناس ويحتاج ببساطة إلى الاسترخاء، لكن إذا كنت قلقاً من أنَّ صديقك قد يؤذي نفسه فلا تتركه وحده.

3. استمع دون إصدار حكم أو محاولة حل المشكلات:

في بعض الأحيان قد يحتاج صديقك فقط إلى أذن صاغية، لذلك استمع لما يقوله صديقك دون الحكم عليه أو الحكم على الموقف، ولا تقدِّم حلولاً لكل مشكلة بشكل فوري، ففي بعض الأحيان قد يحتاج صديقك فقط إلى شخص يمكنه من خلال الحديث معه الترويح عن نفسه، فبمجرد الاستماع لصديقك المريض يمكن أن يساعد على التحقق من إشكالية مشاعره ومساعدته على الشعور بمزيد من السيطرة والفهم.

4. حدِّد متى يحتاج صديقك إلى المساعدة:

إذا لم يتم علاج الاضطراب ثنائي القطب الذي يعاني منه صديقك فقد ترغب في الانتباه إلى العلامات التحذيرية التي تشير إلى أنَّ حالة صديقك قد تجعله يشكل خطراً على نفسه أو على الآخرين، حتى إذا كان صديقك يخضع للعلاج فيجب أن تظل على دراية بالعلامات التي تدل على أنَّ حالته تزداد سوءاً.

إذا بدأ صديقك يعاني من مشكلات في النوم وزيادة النشاط والتهيج، فقد يكون قد بدأ بالانتكاس أو قد تتفاقم حالته، وفي حالة أخرى إذا بدأ صديقك بالنوم أكثر من المعتاد بكثير أو أصبح خاملاً، فقد يكون يعاني من الاكتئاب أيضاً، وبذلك يكون بحاجة إلى طلب المساعدة.

5. تجنَّب النصائح العامة والمثالية:

غالباً ما تكون الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب مرضاً يتحمله الأشخاص طوال حياتهم، وخلال ذلك الوقت غالباً ما يتعرضون لاقتراحات أو نصائح مبتذلة، لذلك تجنَّب الوقوع في نفس الفخ؛ إذ إنَّ تقديم توصيات عامة جداً مثل: "ابحث فقط عن الجانب المشرق" أو "ابتهج" غير فعال، وقد يكون له تأثير معاكس سلبي في المريض.

يمكن أن يؤدي استخدام الردود "الجاهزة" على مشكلات صديقك الحقيقية إلى جعله يشعر بالعزلة والوحدة بشكل متزايد؛ وذلك لأنَّه يشعر بأنَّه ليس لديه شخص يفهم ما يمر به، لذلك بدلاً من استخدام الردود الجاهزة حاول أن تقول له شيئاً مثل: "أعلم أنَّ هذا صعب عليك، ولكنَّك تبلي بلاءً حسناً" أو "لم أجرب شيئاً كهذا من قبل، فهل يمكنك أن تخبرني كيف تشعر؟".

كن مستعداً للحالات الطارئة:

1. ضع خطة للأوقات السيئة:

تذكَّر أنَّه عندما يعاني شخص مصاب بالاضطراب ثنائي القطب من نوبة هوس، فقد يصدق أشياء غير صحيحة ويقول أشياء لا يقصدها أو يصبح عدوانياً بشكل متزايد، لذلك من المفيد أن تساعد صديقك بإقناعه ببدء علاج بينما هو في حالة جيدة، فقد يمنحك بدء العلاج القدرة على اتخاذ خطوات لحماية صديقك إذا احتاج إليها مثل الاتصال بطبيبه أو مساعدته على أخذ بعض الأدوية المخصصة للنوبات الطارئة.

2. تعرَّف إلى العلامات التي تدل على وجود الأفكار الانتحارية لدى صديقك المصاب:

يمكن أن يمثل الانتحار خطراً كبيراً على أولئك الذين يعانون من الاضطراب ثنائي القطب؛ لذلك احرص دائماً على الانتباه إلى العلامات التحذيرية التي تدل على أنَّ صديقك يفكر في الانتحار بجدية؛ إذ يمكن أن تنقذ أفعالك حياة صديقك.

إليك بعض العلامات التحذيرية الشائعة التي تدل على أنَّ صديقك يفكر بالانتحار وهي زيادة تعاطي الكحول أو المخدرات أو التراجع عن التصرف أو التحدث عن الشعور باليأس، وإذا بدا أنَّ صديقك فقدَ الاهتمام بالأشياء التي كانت تثير اهتمامه فقد يشير ذلك أيضاً إلى أنَّه يفكر في الانتحار، وإذا وجدت إحدى هذه الدلالات في صديقك فهذا يعني أنَّه يفكر في الانتحار فابحث عنه ولا تتركه وحده.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح فعّالة للتخلص من فكرة الانتحار

3. ضع خطة للأطفال والأشخاص المقربين من صديقك:

إذا كان صديقك لديه أطفال أو كان مسؤولاً عن رعاية شخص ما فيجب أن تضع خطة للحفاظ على سلامتهم ورعايتهم في حالة تعرَّض صديقك لنوبة هوس، فخطط ليبقى الأطفال مع شخص آخر بينما يمر صديقك بأصعب مراحل نوبات الهوس، وتأكد أيضاً من أنَّ الأطفال يفهمون طبيعة الموقف ويعرفون أنَّ جميع التصرفات الصادرة عن صديقك هي ليست بقصد الأذى؛ إنَّما هي أعراض مَرَضية، ووضح للأطفال أنَّ الموقف ليس خطأهم للتأكد من أنَّهم لا يشعرون كما لو أنَّهم تسببوا في ظهور أي تصرف غير لائق في صديقك المريض.

إرشادات يجب عليك أن تلتزم بها لمساعدة صديقك المريض:

1. كن صبوراً:

يمكن أن تكون المعاناة من الاضطراب ثنائي القطب مُحبِطة للغاية وطبيعة المرض يمكن أن تجعل التعامل مع هذه المشاعر أمراً صعباً في بعض الأحيان، لذلك الخطوة الأولى لمساعدة صديق مصاب بالاضطراب ثنائي القطب هي التحلي بالصبر معه ومراعاته.

إذا كان صديقك يخضع للعلاج فقد يستغرق الأمر وقتاً حتى يحدث فرقاً نحو الأحسن، لذلك تحلَّ بالصبر معه وتقبله، فإنَّ هذا أيضاً يمكن أن يجعل صديقك صبوراً حتى ينجح العلاج، وإذا كان صديقك لا يسعى إلى العلاج فكن صبوراً وشجِّعه على ذلك؛ إذ إنَّه لن يؤدي فقدان صبرك إلا إلى تفاقم الوضع بدلاً من تحسينه.

2. شجِّع صديقك على طلب العلاج:

الاضطراب ثنائي القطب هو حالة طبية حقيقية تتطلب العلاج من أجل إدارتها إدارةً فعالةً، لذلك إذا كان صديقك لا يرغب في طلب العلاج الطبي لاضطرابه فشجعه على إعادة النظر في الموضوع واذكر له محاسن العلاج وفوائده.

إنَّ الاعتراف بأنَّ الاضطراب ثنائي القطب ليس خطأ أي شخص وأنَّه في الواقع مرض هو خطوة جيدة نحو البحث عن العلاج الطبي؛ إذ يمكن أن يزداد الاضطراب ثنائي القطب سوءاً إذا تُرك دون علاج، فإذا لم تكن لديك فكرة عن كيفية طرح موضوع العلاج على صديقك، فخذه جانباً وقل له شيئاً مثل: "أعلم أنَّك تمر بوقت عصيب، فهل فكرت في معرفة ما إذا كان الطبيب يمكنه المساعدة؟".

3. ثقِّف نفسك بالمعلومات الطبية المتعقلة بالاضطراب ثنائي القطب:

قد يساعدك هذا على معرفة التعامل إذا طوَّرت فهماً أفضل للاضطراب ثنائي القطب؛ إذ يساعدك هذا على التعامل مع المواقف فور ظهورها، إضافة إلى تزويدك بوسيلة للتعاطف مع صديقك، فقم بالبحث على الإنترنت لمعرفة المزيد عن الاضطراب ثنائي القطب على بعض المواقع الموثوقة ولا سيما الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.

إذا لم يتم تشخيص حالة صديقك بسرعة فتعلم كيفية التعرف إلى أعراض الاضطراب ثنائي القطب، لكن تذكر أنَّ كل شخص يعاني من اضطراب ثنائي القطب بطريقة مختلفة، لذلك إذا لم تظهر على صديقك الأعراض تماماً كما بحثت عنها فقد يكون ذلك جزءاً من وضعه.

إقرأ أيضاً: ثنائي القطب، أخطر الأمراض النفسية على الإطلاق

4. أشرِف على البرنامج العلاجي لصديقك:

إنَّ الأدوية عموماً ولا سيما المتعلقة بالأمراض النفسية تحتاج إلى دقة في أخذها من حيث الوقت وكمية الجرعة؛ إذ إنَّ أخذ الدواء لفترات متقطعة أو الانقطاع عنها بشكل تام يمكن أن يسبب للمريض اختلاجات، وأيضاً الإفراط في تناولها يمكن يسبب بعض حالات التسمم، لذلك من الهام جداً مراقبة صديقك في أخذه للدواء لكيلا نقع في مصيبة جديدة.

في الختام:

نستطيع أن نقول إنَّ وجود صديق داعم ووفي يساعد صديقه في أثناء مرضه يمكن أن يكون أحد أهم الأدوية التي يمكن أن يتلقاها المريض، لكن يجب أن يكون الصديق على دراية ومعرفة واسعة بكل النواحي المتعلقة بالمرض الذي أصاب صديقه، لكن لا يكون التأثير سلبياً، لذلك ننصح إذا شعر أي منا بوجود عارض مرضي في صديقه أن يستشير الطبيب الاختصاصي والتعرف إلى ماهيته.




مقالات مرتبطة