كيفية تطبيق قانون الزخم في الحياة العملية

أطلقت شركتا سبيس إكس (Space X) وناسا (NASA) صاروخاً إلى الفضاء في 30 مايو (أيار) عام 2020، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تعمل فيها شركة ناسا مع شركة خاصة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب داريوس فوروكس (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن كيفية تطبيق قانون الزخم في الحياة العملية.

كانت هذه علامة فارقة هامة في تاريخ السفر إلى الفضاء؛ إذ يتطلب الأمر كمية لا يمكن تصورها من الطاقة لإطلاق صاروخ في الفضاء.

يَزِن صاروخ فالكون 9 (The Falcon 9) من إنتاج شركة سبيس إكس 1.2 مليون رطل (549 ألف كيلوغرام)، وتستخدم المحركات التسعة الأوكسجين السائل (LOX) والكيروسين (RP-1) بوصفه وقوداً.

لقد نشر موقع ناسا الرسمي مقالاً عن استهلاك الطاقة قال فيه: "صاروخ فالكون 9 يولِّد أكثر من 1.7 مليون رطل من الدفع عند مستوى سطح البحر؛ لكنَّه ينتج أكثر من 1.8 مليون رطل من الدفع في فراغ الفضاء"، وإحدى الطرائق للنظر في إطلاق صاروخ بحجم 1.2 مليون رطل هي من خلال قوانين نيوتن للحركة (Newton’s laws).

ينص قانون نيوتن الأول على أنَّ كلَّ جسم سيبقى في حالة سكون ما لم يُجبر على تغيير حالته بفعل جهد خارجي، فإذا لم تكن هناك قوة خارجية مُطبَّقة على جسم ما، فلن تكون هناك حركة على الإطلاق، لكن إذا طُبقَت قوة خارجية على هذا الجسم، فإنَّ حركة الجسم ستتغير بسبب تلك القوة، وسر كلُّ شيء يتطلب الحركة في الحياة هو: هذا السؤال: ما مقدار القوة التي تحتاج إليها لتحريك جسم ما؟

تتطلب عملية البدء مزيداً من الطاقة:

إنَّ إطلاق صاروخ من الأرض هو خير مثال لقوانين نيوتن، وفي مدونة ناسا غلين ريسيرش سينتر (NASA Glenn Research Center)، قرأت ما يأتي: "قبل اشتعال المحرك مباشرة، كانت سرعة الصاروخ صفر والصاروخ في حالة ثبات"؛ إذ كانت القوة معدومة على الجسم؛ ومن ثَمَّ سيظل الصاروخ في وضع السكون إلى أجل غير مسمى، وعند تشغيل المحرك، تولِّد قوة دفع المحرك قوة إضافية معاكسة للوزن، وطالما أنَّ الدفع أقل من الوزن، فإنَّ الجمع بين الدفع وقوة إعادة العمل من خلال الزعانف يوازن الوزن ولا توجد قوة خارجية صافية ويبقى الصاروخ في مكانه.

أمَّا عندما يكون الدفع مساوياً للوزن، فلا يكون هناك أيَّة قوة إعادة عمل من خلال الزعانف، لكن القوة الكلية على الصاروخ ما تزال صفرية، وعندما يكون الدفع أكبر من الوزن، توجد قوة خارجية صافية تساوي قوة الدفع مطروحاً منها الوزن، ويبدأ الصاروخ في الارتفاع"، فأنت بحاجة إلى قوة خارجية أكبر من وزن الجسم لتحريكه.

كما في مثال شركة سبيس إكس يَزِن صاروخ "فالكون 9" 1.2 مليون رطلاً، ويولد أكثر من 1.7 مليون رطل من الدفع عند الإقلاع، وبعد الإقلاع، ما تزال بحاجة إلى استخدام القوة للتأكد من أنَّ الجسم سيستمر في الحركة، إضافة إلى ذلك، عليك أن تتعامل مع المقاومة، وفي حالة الصاروخ، إذا كنت ترغب في إبقائه متحركاً، فيجب أن يكون الدفع مساوياً للوزن إضافة إلى مقاومة الهواء، ودائماً ما يكون البدء هو الجزء الأصعب؛ لأنَّك بحاجة إلى مزيد من الطاقة، لكن بمجرد أن تكون في حالة حركة، فإنَّك تحتاج إلى طاقة أقل لمواصلة الحركة.

شاهد بالفديو: 7 عادات تضمن لك استمرار النجاح

قانون الزخم (The Law Of Momentum):

يجب عليك عندما تطلق صاروخاً أن تضمن استمراره في الحركة، وهكذا أنظر إلى كلِّ شيء في الحياة؛ ففي كثير من الأحيان، نفكر فقط في بدء شيء ما في الحياة؛ إذ نبدأ عملاً تجارياً أو وظيفة جديدة أو إنشاء قناة على منصة يوتيوب (YouTube) أو عادة جديدة دون التفكير ملياً فيما يحدث بعد أن نبدأ، والسبب هو أنَّ البدء صعب ويتطلب طاقة كبيرة، وعندما نبدأ، غالباً ما نستهلك كلَّ طاقتنا.

تخيل لو أنَّ شركة سبيس إكس صممت صاروخاً انطلق انطلاقاً مثالياً؛ لكنَّه احترق في مكان ما قبل أن يصل إلى المدار؛ فكلُّ شيء سيفشل، ومع ذلك هذه هي الطريقة التي يعمل بها معظمنا في الحياة، لكن لماذا تنفق طاقة كبيرة لتحريك نفسك لتفشل لاحقاً؟

بدلاً من العمل ضد قوانين نيوتن، اعمل تبعاً لها، وخاصة القانون الثالث، المعروف أيضاً باسم قانون الزخم (The Law Of Momentum)؛ إذ ينص هذا القانون على أنَّ الجسم سيستمر في التحرك في الاتجاه نفسه ما لم يتأثر في قوة خارجية، وله نتيجتان:

  1. من السهل إبقاء الجسم المتحرك في حالة حركة.
  2. من الصعب إيقاف حركة جسم متحرك.

الأول واضح، لكن غالباً ما يُهمَل الأثر الثاني لقانون الزخم في الأعمال والمهن والإنتاجية وبناء العادات، فإذا حافظت على زخمك، فمن المرجح أن تستمر في العمل؛ لأنَّه من الصعب عليك التوقف.

كيفية تطبيق قانون الزخم:

قانون الزخم هو المبدأ الرئيسي الذي استخدمته لبناء حياة مهنية بوصفي مدوناً؛ إذ بدأت في عام 2015، والبداية تطلبت طاقة كبيرة؛ إذ قضيت مئات الساعات في البناء والتصميم واختيار الاتجاه وإيجاد جمهور لمدونتي، واستغرق الأمر كثيراً من أجل إنشاء مدونتي؛ بل في الواقع، لقد جربت تجربة صغيرة قبل عامين، ولقد بدأت مدونة جديدة؛ إذ ركزت على الكتابة عن أعمال التدوين.

لقد نسيت مقدار الطاقة التي استغرقتها لإطلاق مدونتي، والسبب المفهوم الخاطئ للمعرفة؛ فعندما تفعل أو تتعلم شيئاً ما، لا تستطيع تخيل كيف كانت الحياة قبله؛ لكنَّني أدركت بسرعة أنَّ البدء يتطلب كثيراً من العمل، لكن في الوقت نفسه، كانت متابعة مدونتي الحالية أسهل، بالتأكيد ما زلت أقضي وقتاً كبيراً في البحث عن محتوى جديد، لكن لم يعد عليَّ إنفاق الطاقة على الأشياء التي كان عليَّ العمل عليها في البداية.

النتيجة الثانية لقانون الزخم هامة أيضاً، فنظراً لأنَّ مدونتي قيد البدء، فمن الصعب حقاً إيقافها، فقد آخذ استراحة لمدة أسبوع أو أسبوعين، لكن بعد ذلك، أعود لنشر مقالات جديدة، وبطريقة ما، أخذت المدونة حياة خاصة بها، وترى المفهوم نفسه مع الأشخاص الذين عملوا طوال حياتهم؛ فهم لا يستطيعون التوقف عن العمل؛ فلديهم زخم.

إقرأ أيضاً: لماذا يجب على الشركات الصغيرة أن تجرب خطة استمرارية العمل؟

كم من الوقت يستغرق بناء الزخم؟

هذا هو الدرس الذي تعلمته، إذا كنت ملتزماً حقاً ببدء شيء ما، فابدأ لكن تأكد من أنَّك ستستمر؛ فالاستمرار هو أهم شيء؛ إذ يجب عليك الاستمرار حتى تصل إلى نقطة لا يمكن إيقافك فيها.

من واقع خبرتي، عادةً ما يستغرق الأمر عامين لأغلب الأشياء الجديرة بالاهتمام في الحياة، وهذه ليست إجابة يحب معظمنا سماعها؛ فنحن نتوقع فترة قصيرة؛ لكنَّنا بحاجة إلى الصبر، وهذا أسهل كثيراً إذا احترمنا قانون الزخم؛ فعندما تبدأ شيئاً جديداً، امنحه كلَّ انتباهك لأول عامين، وإذا كنت لا تستطيع فعل ذلك، فلا تبدأ حتى تستطيع منحه كل طاقتك، وخلاف ذلك، ستكون النتيجة حلقة مفرغة من البدء والتوقف، وهذا يأخذ منك الكثير.

إقرأ أيضاً: 13 طريقة مذهلة تساعدك على الاستمرار في تحقيق أهدافك

في الختام:

يوجد استثناء واحد فقط لقانون الزخم، وهو أنَّه يعمل في اتجاه واحد فقط، فمن السهل بالنسبة إلي الحفاظ على زخم مدونتي، لكن إذا أردت التحرك في اتجاه آخر، فلا يمكنني الاعتماد على الزخم نفسه، وفي بعض الأحيان، نحتاج إلى التحرك في اتجاه آخر لسبب ما، فإذا كنت عالقاً في مهنة أو عمل بلا اتجاه، فقد يكون من الأفضل الاستقالة وإجراء التغيير، لكن إذا كنت تعلم أنَّك تسير في الاتجاه الصحيح، فافعل كلَّ شيء للاستمرار.




مقالات مرتبطة