كيفية تخطي الأوقات الصعبة

بدأتُ العلاج الكيميائي لمرض سرطان الغدد الليمفاوية بعد أربعة أسابيع فقط من إزالة الأورام الفقرية من أسفل ظهري؛ إذ أدخلوا قفصاً معدنياً مكان الفقرات لتثبيت ظهري، وقال الطبيب إنَّ هذا الإجراء سينجيني من الجلوس على الكرسي المتحرك لبقية حياتي، وقد كان عمري آنذاك 33 عاماً، ولكنَّني عدت إلى الجلوس على كرسي متحرك، فبعد جرعتين من العلاج الكيميائي فقط، كانت استجابة جسدي ضعيفة جداً لدرجة أنَّني لم أعد قادرة على المشي، وكنت أشعر بالضعف والخوف والخذلان، كما قلَّ وزني وتناولت كثيراً من الحبوب المسكِّنة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "كريستي نيلسون" (Kristi Nelson)، وتُحدِّثنا فيه عن كيفية تخطي الأوقات الصعبة.

لقد كانت فترة عصيبة جسدياً وعاطفياً ونفسياً، ممَّا أدى بي إلى التأثر الشديد في محيطي، وكانت المشكلة أنَّ تلك التأثيرات الخارجية بدت وكأنَّها تتدفَّق من كل مكان، فقد كان الجميع ينهال عليَّ بنصائحه، إمَّا عبر رسالة أو اتصال أو بريد إلكتروني، فقد سمعوا جميعاً عن بعض العلاجات في "أمريكا الجنوبية" (South America)، أو "المكسيك" (Mexico)، أو "اليابان" (Japan)، وأنَّه ثمَّة دواء جديد في السوق يعالج مرضي بنسبة 100%، وكثير من النصائح الأخرى.

كان كل فرد من هؤلاء الأشخاص يحاول مساعدتي؛ إذ كنت أعلم أنَّ كل فكرة واقتراح أرسلوه لي كان مُحمَّلاً بالحب والأمل، ولكنَّني كنت في مرحلة صعبة جداً على كل مستوى، وكنت ضائعة بين هذا الكم من النصائح.

بعدها، في جلسة العلاج الكيميائي الثالثة المخيفة، اتصل بي زميل قديم من المدرسة الثانوية، والذي سمع عن حالتي، فقد كان هو أيضاً يعاني من مرض سرطان الغدد اللمفاوية، ولقد كان متقدِّماً في مسار علاجه أكثر ممَّا كنت عليه، وكان يستجيب جيداً مع بروتوكول العلاج الخاص به، والذي كان مختلفاً عن بروتوكول العلاج الخاص بي؛ إذ تمسَّكت بكل كلمة قالها، متشبثة بالهاتف كغريق يتعلق بقشة، وقد نصحني بزيارة مركز علاجه في مدينة "فلوريدا" (Florida)، وأخبرني كثيراً عن الفيتامينات المضادة للأكسدة التي كان يتناولها، واقترح أن أقرأ بعض الكتب، وأصرَّ على ألَّا أضيع أبداً ولو لجزء من الثانية في التفكير في إمكانية الموت، وقد كان متحمساً جداً لإجراء عمليته، لكن بعد ذلك، أخبرني أنَّه يعرف شخصاً كان يتبع نفس نظام العلاج الكيميائي الذي كنت أتَّبعه، وأنَّه قد توفي منذ فترة.

أغلق زميلي الخط، وشعرتُ بأنَّني مُحطمة تماماً، فالصدمة العاطفية هي أصعب شعور، ولكنَّها تقدِّم لنا دافعاً لنتخطاها، لقد توصَّلت إلى الاعتقاد بأنَّ هذه هي الطريقة الوحيدة التي نولِّد بها الدافع ونغرس التغيير الدائم في حياتنا.

شاهد: كيف أحافظ على حماسي في ظل الظروف القاسية؟

استكشاف الخيارات في خضمِّ الأوقات العصيبة:

لا بدَّ أنَّك مررت بأوقات في حياتك شعرت فيها بأنَّك في أسوء ظرف ممكن، وظننت أنَّك لن تتحمَّل، لتكتشف عندها أنَّه لم يتبقَّ أمامك سوى طريق واحد، وهو التقدم إلى الأمام، ففي خضمِّ صدمتي العاطفية، تساءلت كيف كان من المفترض أن أعالج كل هذه المعلومات، وكيف كان من المفترض أن أكتشف ما هو مناسب لي، في حين كنت أراهن على حياتي الخاصة؟

في بعض الأحيان، يجعلنا وجود عدة خيارات نخشى اختيار أحدها، فماذا لو كنَّا مخطئين؟ وماذا لو كان اختيارنا يحرمنا من خيار آخر صحيح؟ وماذا لو كان لا رجوع فيه، مثل الخيار الذي كنت أواجهه في تلك اللحظة؟

هذه هي اللحظة التي حدَّدت خياري؛ إذ أدركت أنَّني استسلمت لمخاوف كثير من الناس، ولم تكن لدي طريقة للعثور على الحقيقة، بينما كنت غارقة في أفكار ومشاعر وتوقعات الآخرين، فالشعور بالضيق تجاه الخيار المناسب جعلني أشعر بضيق أكبر؛ إذ لم أستطع التعامل مع كل ما يحدث، وشعرت بالضعف الشديد، عندها أدركت أنَّني جعلت تفكيري مسؤولاً عن الوضع.

إذ يريد عقلي مثل عقلك وعقل أي شخص آخر، المزيد والمزيد من المعلومات والخيارات دائماً، فهذا ما صُمِّمت العقول للقيام به؛ جمع كل معلومة صغيرة ثمَّ تقييمها وفرزها، وأخيراً اتخاذ القرار المثالي، ونظن أنَّ كل شيء سيكون مثالياً بعد ذلك؛ إذ تعتقد عقولنا أنَّ ثمَّة قراراً واحداً مثالياً لكل موقف، وإذا تمكَّنا من تحديده، فستتلاشى جميع المشكلات.

الإصغاء إلى الحدس هو الحل:

لكنَّ الحياة لا تعمل بهذه الطريقة، فقد كنت أعلم ذلك، وأنَّ مشاعر الذعر والفوضى التي كنت أشعر بها كانت بمنزلة تحذير كبير مفاده أنَّني فقدت تواصلي مع حدسي الذي يرشدني، فعندما نحاول اتخاذ قرارات جيدة دون أن نركِّز على قلوبنا وحدسنا، فإنَّنا نرتكب الأخطاء؛ لذا لم يكن هناك شيء أحتاج إليه الآن أكثر من الإصغاء إلى صوتي الداخلي واكتساب الوضوح، وكان هذا يعني إنشاء حدود صحية بيني وبين كل من كان يقدِّم لي النصائح.

إقرأ أيضاً: أقوال وحكم تساعدك على تجاوز الأوقات الصعبة

لقد كانت روحي تناديني كي أتمسَّك برحلة حياتي، حتى خلال هذا الوقت المخيف من حياتي، وحتى لو أدى ذلك إلى نهايتي، فالطريقة الوحيدة للنجاة هي الوقوف بثبات والثقة في معرفتي، وكان من الواضح أنَّ أيَّ طريقة فعَّالة للمضي قدماً ستعتمد على قدرتي على الاستقاء من حكمتي الداخلية وتنميتها والثقة بها.

إقرأ أيضاً: اجعل الأوقات الصعبة حافزاً لك

في الختام:

بدأت على الفور في التركيز على إعادة التواصل مع نفسي، والإصغاء إلى الصوت الكامن بداخلي، ومن الواضح أنَّني نجحت في النهاية، فأنا بخير اليوم، وأكثر التزاماً بالاعتقاد بأنَّ اختيار الثقة في حدسنا أمر ضروري، بصرف النظر عن المكان الذي تعتقد أنَّ هذا الصوت ينشأ منه، فهذه هي خطوة النمو التي تسمح لنا ببناء الثقة واكتساب الوضوح في خضمِّ أي أزمة، والتي ستوجهنا خلال الأوقات الصعبة.




مقالات مرتبطة