كيفية التخلص من العادات السلبية؟

لقد جربتُ معظم الطرائق المختلفة للتخلص من عاداتي السيئة، لكن لم تحقق أيَّاً من الطرائق والنصائح التقليدية نتيجة مستدامة.



نحن نجرِّب نصائح غريبة جداً للتخلص من عاداتنا السيئة، ونصدق بسهولة أيَّ شخص يقدِّم لنا نصيحة بهذا الخصوص، وأكثر النصائح شيوعاً هي النصيحة التي تقول إنَّه ينبغي استبدال العادة السلبية بأخرى إيجابية، لكنَّ هذه النصيحة خاطئة ولا تُجدي نفعاً، ولقد اكتشفت طريقة أكثر فاعلية بكثير لتغيير حياتنا من خلال تغيير عاداتنا، وسأقدِّمها في هذا المقال، لكن بدايةً لنتطرق إلى تعريف العادة السلبية.

ما هي العادة السلبية؟

يمكن القول إنَّ أيَّ شيء تفعله ولا يعود عليك بمردود إيجابي هو عادة سيئة، وبناءً على ذلك قد تكون العادة السلبية هي امتناعنا عن فعل شيء ما، فمثلاً، الكسل هو عادة سيئة، لكن إذا كنت شخصاً كسولاً لدرجة أنَّك لا تستطيع النهوض من فراشك صباحاً، أو الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، فهذا لا يعني أنَّك شخص بلا قيمة، أنت فقط شخص لديه عادة سلبية يحتاج إلى أن يتخلص منها.

قد لا يوجد لدى الجميع الاعتقاد نفسه عن المعنى من الحياة، لكن إذا أردنا أن نعدَّ أنَّ أحد أهداف الحياة الأساسية هي أن يكون الشخص إنساناً نافعاً، فلا بدَّ أن نعترف بأنَّه لا يمكن تحقيق ذلك، إلا بالتخلص من العادات السيئة.

ببساطة أيُّ شيء يمنعك من أن تكون شخصاً نافعاً هو عادة سيئة، ونعلم جميعاً أنَّ معظم سلوكاتنا هي سلوكات سلبية، ولا يتطلب الأمر تفكيراً كثيراً حتى نعلم أنَّ تناول الطعام الرديء والتدخين وتعاطي المشروبات الكحولية والتذمُّر والإدمان على متابعة الأخبار واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي والنميمة والجلوس دون فعل أيِّ شيء طوال اليوم؛ كلُّها عادات سيئة، والسبب أنَّ ليس لها مردود إيجابي، ولا أحد يشعر على نحو إيجابي بسبب هذه العادات، ومع ذلك فإنَّنا نستمر بها لأنَّنا لا نستطيع التخلص منها.

سوء فهم النصائح عن التخلص من العادات:

ما هي أفضل طريقة لإنشاء عادة؟ لقد بحثت عن إجابة لهذا السؤال لأكثر من عشر سنوات، وفي سبيل ذلك جرَّبت كلَّ نصيحة حصلت عليها بهذا الشأن، وقد وجدت أنَّنا إذا أردنا اتباع عادة ما، فيجب أن نركِّز عليها فقط؛ لأنَّ ذلك يزيد من قدرتنا على امتلاكها.

أيُّ شخص لديه خبرة في مجال امتلاك العادات والتخلص من العادات السلبية يعرف هذه الحقيقة، لكن سوء الفهم يكمن في أنَّنا نفترض أنَّ هذه الحقيقة تنطبق أيضاً على التخلص من العادات السلبية.

أضف إلى ذلك، أنَّه إذا كان من الأسهل التركيز على تكوين عادة جديدة واحدة تلو الأخرى، فإنَّنا قادرون أيضاً على تكوين أكثر من عادة في الوقت نفسه، وقد يبدو الأمر متناقضاً الآن، لكن يجب أن نعترف بأنَّ التركيز على عادة واحدة فقط يعني أنَّ إجراء تغيير جذري في الحياة يتطلب وقتاً طويلاً للغاية، وخاصةً إذا ما علمنا أنَّ بعض العادات تتطلب شهوراً من العمل حتى تترسخ لدينا؛ وبذلك يصبح علينا أن نعمل لسنوات حتى نمتلك قاعدة متينة من العادات الإيجابية التي تساعدنا على الوصول لأهدافنا.

على أيَّة حال لا يمتلك الجميع القدرة على الصبر؛ ولذلك يستسلم معظم الأشخاص قبل أن تترسخ لديهم العادة الجديدة تماماً، وعندما نتخلى عن عادة إيجابية فإنَّنا نعود إلى اتباع السلوك السلبي الذي كان لدينا قبل محاولة تغييره.

شاهد: 7 عادات إيجابيّة تقودك نحو الأفضل

أنت بحاجة إلى إجراء أكثر فاعليةً:

مشكلة النصيحة التي تقول إنَّه يجب استبدال العادات السلبية بأخرى إيجابية هي أنَّ معظمنا يطبِّق هذه النصيحة على عادة واحدة فقط من عاداته السيئة؛ ولذلك هي لا تُجدي نفعاً.

خذ على سبيل المثال شخصاً يُدخن ويلتقي بأصدقائه المدخنين يومياً؛ ومن ثمَّ يقرر الإقلاع عن التدخين في حين يستمر بلقاء أصدقائه، من المؤكَّد أنَّه سرعان ما سيشعر بالرغبة في التدخين ببساطة؛ لأنَّه سيتوق حتماً لتدخين سيجارة حينما يشاهد الجميع من حوله يدخنون.

مثال آخر، لنقل إنَّك مدمن على مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة التلفاز، فلن تحقق أيَّ فائدة من حذف تطبيقات التواصل الاجتماعي من هاتفك بينما تستمر في إدمانك على مشاهدة التلفاز، وببساطة ستقوم من جديد بتثبيت تطبيقات التواصل الاجتماعي بسهولة.

إذا كنت تتساءل عن الحل، فيجب أن تعلم أنَّ الإجراءات التي تهدف إلى إحداث تغييرات جزئية لا تفيد، أمَّا إذا كنت تريد تغيير حياتك حقاً فيجب أن تلتزم بذلك، وإذا كنت تريد حقاً التخلص من عاداتك السلبية فلا بديل عن اتخاذ إجراءات صارمة وشاملة؛ أي يجب أن تكون جاداً إلى أقصى حد في تغيير عاداتك السلبية، إذا كانت أنَّ حياتك تهمك جداً.

لذلك فإنَّ النصيحة المفيدة التي يجب أن تتذكَّرها هي: إذا أردت أن تتخلص من عاداتك السلبية فتخلص منها كلُّها دفعةً واحدة؛ لذا يجب عليك أن تغيِّر العادات السلبية كلها أو لا تقم بذلك من الأساس.

أنت بحاجة إلى نمط حياة مختلف:

مدى قدرتك على إجراء التغيير يعتمد على إجابتك عن السؤال الآتي: إلى أيِّ مدى أنت مصمم على عيش حياة ذات مغزى؟ لقد سألت نفسي في الماضي هذا السؤال مرات عديدة، وإلى الآن أطرح هذا السؤال على نفسي؛ لأنَّ العودة مجدداً إلى اتباع العادات السلبية لا يحدث دون سبب.

الحياة صعبة، وهي لا تكاد تخلو من الألم النفسي والجسدي والإخفاقات والقلق، ورد الفعل الطبيعي هو أن نتجنب كلَّ هذه التحديات، وفي كلِّ مرة نفكِّر في الاستلقاء على الأريكة مع تناول طعام غير صحي، فإنَّنا نحاول أن نتناسى مشكلاتنا، ونحاول أن ننسى يأسنا؛ لأنَّنا نشعر بالوحدة والفراغ، ونحاول أن نملأ هذا الفراغ بأسهل الطرائق.

هذه الطرائق السهلة هي العادات السيئة التي تختلف من شخص لآخر؛ فالنسبة إلى معظم الناس يجدون في تناول كيس من البطاطس وسيلة ليحتالوا بها على ألمهم الداخلي، وبعضهم الآخر يشاهد أفلاماً كثيرة، بينما تجد شخصاً يفر من خيبة أمله من خلال التواصل مع أصدقائه طوال الليل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغير ذلك.

لكن إذا كنت ترغب في ترك بصمة إيجابية والتحول إلى شخص نافع، فإنَّك تحتاج إلى نمط حياة مختلف، نمط حياة صحي يهتم بصحتك الجسدية والنفسية، نمط تلتزم فيه بالنوم جيداً، وتناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة، وقراءة الكتب، والتأمل في الحياة، والأهم من كلِّ ما سبق أن تصبح شخصاً يمكن للآخرين الاعتماد عليه، وحتماً لا يمكنك القيام بذلك بينما تتبع عادات سلبية.

شاهد أيضاً: 6 عادات مسائية يقوم بها الشخص الناجح يوميّاً

كيف تفعل ذلك؟

حدِّد موقفك وما إذا كنت مصمماً على عيش حياة ذات مغزى أو لا؛ ومن ثمَّ حدد العادات التي تعوقك، وبمجرد تحديد عاداتك السيئة، خذ قراراً حاسماً بالتخلي عنها كلها، والآن فقط أنت لم تعد تعبث، لقد أصبحت جاداً هذه المرة في ترك عاداتك السلبية، ويمكنك تبني عادات جديدة.

الآن أصبح مقصدنا واضحاً عندما قلنا إنَّك تستطيع تكوين عادات إيجابية جديدة دفعةً واحدة؛ لأنَّك عندما تتخلص من كلِّ عاداتك السلبية، فسيكون لديك الاستعداد النفسي لامتلاك عادات إيجابية عديدة في الوقت نفسه.

يوجد شرط واحد فقط: ركِّز على عادة واحدة لكلِّ مجال من مجالات حياتك، وغالباً هذه المجالات هي العمل والصحة والتعلُّم والقدرة المادية والعلاقات.

إقرأ أيضاً: تجنَّب هذه العادات السلبية لتكون أكثر سعادة

مثلاً بالنسبة إلى حياتك المهنية، عليك الذهاب إلى عملك في وقت أبكر، وعلى صعيد الصحة قد تبدأ بممارسة الجري يومياً، أمَّا بالنسبة إلى التعلم، فعليك تخصيص ساعة يومياً من أجل تعلُّم مهارة جديدة، وبالنسبة إلى علاقاتك، عليك استبدال سلوكك الفظ بسلوك لطيف، وبالنسبة إلى المال، قد ترغب في ادخار 20% من دخلك مثلاً.

نعم، يمكنك فعل كلَّ هذه الأشياء، لِمَ لا؟ لكن تذكَّر أنَّ فرصتك في النجاح تتضاءل عندما تضع أكثر من هدف في المجال نفسه؛ لذلك بدلاً من محاولة تعلُّم مهارات عديدة في الوقت نفسه، ركِّز على تعلُّم مهارة واحدة وستكون فرصك في النجاح أكبر.

إقرأ أيضاً: عادات سلبية تدمر صحتك العقلية

في الختام:

آمن بقدرتك على تحقيق كثير من الأشياء العظيمة في الحياة، وكلُّ ما تحتاج إليه هو العادات الصحيحة التي تساعدك على النجاح.




مقالات مرتبطة