كيفية استعمال أساليب مختلفة لتحفيز الموظفين

ما الذي قد يدفع شخصاً ما إلى ممارسة الرياضة؟ قد يكون السبب رغبته في إنقاص وزنه، أو ربما لأسباب صحية، أو قد يكون السبب هو التعافي من إصابة ما. وإذا كنت لا تعلم السبب، فلن تتمكن من تحفيز هذا الشخص على ممارسة التمرينات الرياضية.



ملاحظة: هذه المقالة مأخوذة عن الباحثة "كارين ويكس" (KAREN WEEKS)، وتُحدِّثنا فيها عن تحفيز الموظفين حسب احتياجاتهم.

ينطبق الشيء نفسه على تحفيز الأشخاص ضمن الفريق؛ إذ إنَّ لكلِّ شخص أسباباً مختلفة تدفعه تجاه النجاح في وظيفته، وغالباً ما ترتبط هذه الأسباب بـ "هرم ماسلو للاحتياجات" (Maslow’s Hierarchy of Needs)، الذي ينص على أنَّ الأفراد لديهم مستويات مختلفة من الاحتياجات التي تحفزهم، وتنطبق هذه الاحتياجات نفسها على حياتهم المهنية.

فيما يأتي، نستعرض هذه المستويات من الاحتياجات التي صنفها "ماسلو" في هرمه:

  • الاحتياجات الفسيولوجية (الدخل العادل والكافي، ومساحة عمل آمنة).
  • احتياجات السلامة (الشعور بالاستقرار في وظائفهم، والأمن الوظيفي).
  • حاجات الحب والانتماء (علاقتهم مع فريقهم ومديرهم).
  • احتياجات التقدير (معرفة أنَّهم يقومون بعمل جيد).
  • تحقيق الذات (الترقية أو الحصول على فرص جديدة).

لا يمكن للاحتياجات المختلفة وحدها أن تحفز الأفراد؛ بل إنَّهم يتحفزون بطرائق مختلفة تتعدى سياسة العصا والجزرة ، أو مبدأ العقاب والثواب؛ إذ يفضل بعض الناس وجود مراقب أو مدرب شخصي يرشدهم إلى ما يجب عليهم القيام به، بينما يفضل بعضهم الآخر النهج الداعم للشخصية الخيالية "ستيوارت سمولي" (Stuart Smalley): "أنا جيد بما فيه الكفاية. أنا ذكي بما فيه الكفاية. يا للروعة، والناس يحبونني".

المشكلة هنا أنَّنا نضع افتراضات حول ما يحفز الناس وكيفية تحفيزهم، وعادةً ما نستند في ذلك إلى تفضيلاتنا الخاصة.

لذا بالنسبة إلى المبتدئين، إذا كنت تريد حقاً أن تعرف ما الذي يُحفِّز فريقك، فاسألهم. هذه هي الطريقة التي استعملتها في الماضي للحصول على مثل هذه الأفكار. اطلب من كل فرد من أعضاء فريقك أن يرتب الأشياء الأكثر أهمية بالنسبة إليه في عمله؛ إذ إنَّ هذا سيُمكِّنك من صياغتها على أساس ثقافة شركتك أو بما يخدم مصالح فريقك. ولكن لا تفترض عدم أهمية أمر ما بالنسبة إلى فريقك وتلغيه من تلقاء نفسك؛ بل دعهم يخبرونك عن مقدار أهميته من خلال تصنيفه.

دعونا نتحدث الآن عن كيفية استعمال أساليب مختلفة لتحفيز الناس:

1. التقدير:

بالعودة إلى هرم "ماسلو"، نجد أنَّ "احتياجات التقدير" تشكل الحافز للأشخاص الهادفين؛ إذ إنَّهم يريدون معرفة ما إذا كانوا يقومون بعملهم على نحو جيد، ويتجاوزون التوقعات، ولديهم فرصة للإنجاز المتميز. تُعَدُّ المسابقات وسيلة رائعة لتحفيز هؤلاء الأفراد، وخاصة مندوبي المبيعات، فضلاً عن الحصول على الكثير من المرح والإبداع من خلال المسابقات. فكِّر في الثقافة الشعبية، أو في أيِّ شيء من شأنه أن يكون ذا مغزى لفريقك عند تحضيرك لهذه المسابقات.

كانت إحدى مسابقات المبيعات المفضلة لديَّ هي تلك التي يحظى الفائز فيها (خاصة الذي قام بإجراء أكبر عدد من المكالمات الهاتفية) بالسمكة الطافية، التي فاز بها المدير في أحد الكرنفالات. كان الأمر مبتذلاً، إلا أنَّه نال إعجاب الفريق؛ فكان الاستمتاع بالسمكة وهي تطير فوق المكتب طوال اليوم بمنزلة وسام شرف.

في آخر شركة عملت بها، صنعنا ملصقاً يحمل صورة جبل، واستعملنا تميمة "هانز ذا يودلير" الجالبة للحظ، مع قبعة بلون مختلف لتمثيل كل فريق. وكلما اقترب الفريق من تحقيق الهدف، صعد "هانز" الخاص بهم خطوةً نحو أعلى الجبل؛ إذ يُعَدُّ الفريق الذي يصل إلى القمة أولاً هو الفريق الفائز. أحب الفريق اللعبة؛ وهذا دفعهم إلى تفقُّد صعود شخصية "هانز" الخاصة بهم بشكل يومي، ومن ثم وضع استراتيجية للتقدم والفوز بالمنافسة.

عليك أن تتأكد من أنَّ المسابقة لن تؤدي إلى تثبيط الناس، ولتتذكَّر أنَّها فعَّالة بشكل أفضل مع الأشخاص الهادفين. كما أنَّ عليك أيضاً أن تشرح القواعد وتوضح للأشخاص أنَّه يمكنهم بالفعل التأثير في النتائج، لكن بشكل أخلاقي. على سبيل المثال، قد لا ينجح توظيف شخص ما عن طريق مسابقة؛ لأنَّها في نهاية المطاف قد تحفز السلوك الخاطئ وتؤدي إلى توظيف شخص غير كفء.

في الوقت نفسه، هناك طريقة أخرى لتحفيز الأشخاص الموجهين نحو تحقيق الأهداف، وهي منحهم هدفاً لتحقيقه وإرشادهم إلى طريق تحقيق هذا الهدف، ومن ثم عقد اجتماعات متكررة للحديث عن تقدمهم وكيفية اقترابهم من الهدف.

على سبيل المثال، عملت ذات مرة مع موظفة هادفة للغاية، وقد أعطيت مشروعاً لطرح نظام جديد للشركة. عملنا معاً على الخطة مع مواعيد نهائية محددة وعوائق محتملة، وكنَّا نلتقي مرة كل أسبوع لمناقشة تقدمها حول خطة المشروع؛ إذ شكل قدومها إلى تلك الاجتماعات مع مهام منجزة من القائمة، حافزاً كبيراً بالنسبة إليها.

إقرأ أيضاً: استراتيجية تحفيز الموظفين .

2. الحب والانتماء:

بالنسبة إلى الأشخاص الذين يرغبون في معرفة ما إذا كان عملهم يُحدِث فارقاً، قم بربط عملهم مباشرة بمبادرة أوسع أو استراتيجية هامة للغاية للشركة (مثل رضى العملاء)، أو اشرح كيف سيساعد عملهم الآخرين على القيام بواجباتهم بشكل أفضل أو أسهل. بالنسبة إليَّ، أنا أربط هذا بالحاجة إلى "الانتماء والحب"؛ لذا تأكد من دمج العنصر العاطفي في العمل؛ لأنَّ ذلك سيشجع الأفراد على تحفيز أنفسهم.

لقد عملت مع شخص كان هدفه الفوز بواحدة من جوائز القيم التي يرشحها الزملاء. وقد أراد أن يعرف ما إذا كان العمل الذي قام به قد ساعد أعضاء فريقه، وزاد متعة عملهم في شركتنا؛ لذا في كل مشروع تم تعيينه فيه، كان يجتهد ويعطي هذا المشروع كل ما لديه، حتى لو كان المشروع رتيباً.

وهذه أيضاً فرصة عظيمة لإحياء قيمك (ليس لأنَّ هذا الشخص أراد الفوز بجائزة القيم فحسب)؛ ذلك لأنَّ كل ما يعزز ثقافتك يجب أن يكون شيئاً حياً في مؤسستك، سواءً كان قيمك أم رسالتك أم اقتراحات الموظفين القيمة.

بالنسبة إلى شخص يريد إحداث فرق، يمكنك تسليط الضوء على كيفية انعكاس عمله على قيم المؤسسة. فمنذ سنوات عديدة، عملت مع شخص عاش وتنفس قيم الشركة؛ فكان يستعملها في أيِّ وقت كان عليه أن يتخذ قراراً صعباً. وقد كان يقول: "إذا كنَّا نؤمن حقاً بالمصلحة العامة للشركة، فهذا ما يجب علينا فعله". لقد كان كثيراً ما يخوض في الاجتماعات الصعبة، ودوماً ما يكون متحمساً للتفاوض خلال تلك الاجتماعات؛ لأنَّه كان يؤمن حقاً بعملنا وهدفنا الأوسع كفريق واحد.

شاهد بالفيديو: 8 خطوات للحفاظ على التحفيز الذاتي حتى في الأوقات الصعبة

3. تحقيق الذات:

يتمتع العديد من الموظفين بالتوجه الوظيفي والتركيز على الترقية والانتقال إلى منصب جديد أو الحصول على مهام رئيسة، مدفوعين بفرص التطور المرتبطة بالمهارات المطلوبة للتطور والرغبة في تحقيق الذات. عملت ذات مرة مع مدير يتضمن فريقه موظفة تناضل لمواصلة التفاعل في العمل؛ إذ أدركت تلك الموظفة عدم ملاءمة عملها لها بعد الآن، ولكن لم يكن الطريق أمامها متاحاً للارتقاء إلى منصب جديد على أساس متطلبات العمل؛ لذلك عملت مع المدير للعثور على مشاريع صغيرة تستطيع العمل عليها.

وبعد أشهر عدة، حصل تغيير في مجرى العمل، وأصبح المنصب الذي كانت تريده متاحاً لها. لو لم يجد المدير تلك المهمات الصغيرة لإثارة حماستها للعمل في ذلك الوقت، ربما كانت لتغادر المؤسسة.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لإزالة الملل وتحفيز الموظفين على العمل

4. المكافأة:

وأخيراً، يسير الدافع والتقدير جنباً إلى جنب؛ لذلك من الهام أيضاً النظر في كيفية تقدير كل شخص؛ على سبيل المثال، قد يكون الأمر محبطاً تماماً إذا احتفلت بشخص ما أمام حشد كبير، في الوقت الذي يكون فيه هذا الأمر أشبه بالكابوس بالنسبة إليه؛ إذ إنَّني قد رأيت أناساً ينسحبون حرفياً من عملهم إذا ما كان هذا العمل يتطلب إلقاء كلمة أمام جمهور.

وفي الوقت نفسه، الأشخاص الذين يعملون لأجل المال، لن يكونوا مرتاحين إذا قمت بمكافأتهم عن طريق إرسال بريد إلكتروني إليهم تمجد فيه ما قاموا به، أو بالتربيت على كتفهم؛ إذ إنَّهم قد يومئون ويشكرونك في المرة الأولى، لكنَّ ذلك لن يشكل لهم أيَّ حافز.

إذاً، فالنقاط الأساسية التي يجب معرفتها، أنَّ كلَّ شخص في فريقك مختلف عن الآخرين؛ فإنَّ كلاً منهم لديه ما يحفزه، وما الهام بالنسبة إليه وطريقة تقديره، فكلٌّ منهم لديه شخصيته، ناهيك بإمكانية تغيُّر هذه الاحتياجات مع مرور الوقت. في الوقت الحالي، ألقت الجائحة وعدم الاستقرار الاقتصادي والظلم الاجتماعي والانتخابات المقبلة المثيرة للجدل، بظلالها على الجميع.

لذا خذ وقتك في تعرُّف فريقك ومعرفة ما يحتاجون إليه في الوقت الراهن؛ فمن المحتمل أن تكون إجاباتهم مختلفة عمَّا كانت عليه قبل ستة أشهر، أو عمَّا قد يقولونه في المستقبل؛ تأكد من أن تسأل، ومن ثم تخصص أساليب التحفيز الخاصة بك.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة