كيف يمكنك أن تخطط لحياتك؟
كنت أعمل وفق خطة على مدى السنوات الستة الماضية؛ إذ كنت أضع خطَّة تنظم الأيام والأشهر والسنوات، سأتحدث في هذا المقال عن كيف أفعل ذلك، وما التأثير الذي أحدثه في حياتي الشخصية وحياتي المهنية؟
ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن كيفية التخطيط لحياته وفوائد هذه الممارسة.
لقد ألهمني رائد الأعمال "جيم رون" (Jim Rohn) بالتخطيط على الأمد الطويل؛ إذ يتحدث عن هذا في ندوته الشهيرة "كيف تتولى زمام حياتك؟" (How To Take Charge Of Your Life)، وعلى الرَّغم من أنَّه قدمها منذ 30 عاماً؛ لكنَّ نصيحته أصبحت أهم اليوم من أيِّ وقت مضى.
أمامنا كثير من الفرص والأشياء التي تجذب انتباهنا لدرجة أنَّها قد تحيرنا وتجعلنا عاجزين عن اتخاذ قرار بشأنها؛ فمعظمنا يعيش دون هدف واضح، لكن من خلال التخطيط، يمكنك تجنب إضاعة الوقت والافتقار إلى الهدف.
بالنسبة إلي، لدي خمسة أسباب رئيسة تجعلني أخطط للأيام والشهور والسنوات المقبلة:
- زيادة الوضوح: عندما لا أعرف ماذا يجب أن أفعل، أؤجل التصرف وأضيع وقتي وأشعر بالضيق.
- توفير الوقت: عندما أفكر فيما أريد أن أفعله مقدماً، أكون أكثر فاعلية.
- تعزيز الإبداع: يساعدني التخطيط على فعل أشياء أكثر إبداعاً في حياتي، كما أنَّه يساعدني على التوصل إلى حلول إبداعية للتحديات التي أواجهها.
- الزخم: يمنحني التخطيط الدافع للمضي قدماً؛ لذلك نادراً ما أشعر بالعجز.
- التفكير الجيد: تجبرك عملية التخطيط على التفكير ملياً فيما تريد القيام به، وكيف ستفعله، ممَّا يحسن مهاراتك في التفكير.
يوجد أمر واحد أود أن أنوِّه إليه بشأن التخطيط قبل شرح العملية، وهو أنَّك تستطيع التخطيط للحياة وتحديد الأهداف، لكن لا يمكنك التحكم في النتائج، في الواقع لا علاقة للتخطيط بالسيطرة على ما يحدث؛ بل بالبدء في العمل.
لتخطيط حياتك بفاعلية وضمان تطبيقك لهذه الخطط، أوصي بإنشاء خطة لمدة 5 سنوات وخطة لمدة سنة واحدة، وخطط شهرية ويومية.
كيفية إنشاء خطة لمدة 5 سنوات:
يجب أن تبدأ في التفكير في المستقبل البعيد، وأن تفكر في طموحاتك، وإن لم تحددها بدقة، لتوضيح العملية سأشرح الخطة الخمسية التي أنشأتها في عام 2015 قبل أن أطلق مدونتي وحياتي المهنية عبر الإنترنت.
الخطة ليست أكثر من مجموعة من الأهداف التي تريد تحقيقها والإجراءات التي ستتخذها لتحقيقها، ومثل معظم الأشخاص حين يضعون أهدافاً لأول مرة، بدأت بتحديد هدف عام وهو كسب مال كثير.
لم أعد أحدد أهدافاً لأشياء لا أتحكم فيها بعد الآن، لكنَّ مجرد وضع هدف كان أمراً جيداً في ذلك الوقت لأنَّه ساعدني على التفكير تفكيراً مختلفاً، لا يمكنك أن تكون موظفاً إذا أردت كسب مبالغ كبيرة من المال؛ بل يجب أن تكون رائد أعمال.
اكتب ببساطة لإنشاء خطتك الخمسية بعض الأهداف الكبيرة التي تريد التركيز عليها، وإذا لم تكن متأكداً من خطتك الخمسية حتى الآن، أو إذا شعرت أنَّ أهدافك غير واضحة فقد لا تكون وجهتك في الحياة واضحة، ولا بأس بذلك، ما يهم هو أنَّك أدركت ذلك الآن ويمكنك إجراء تغيير إيجابي.
لهذا أوصي جداً بكتابة اليوميات؛ فالكتابة عملية تعبير عن الذات، وهكذا تحسِّن قدرتك في التعبير عن نفسك وعن رغباتك، وفي النهاية، تحدد الحياة المهنية التي تريدها لنفسك، وأشجع القراء دائماً على أن يطوروا مهاراتهم في الكتابة؛ فكلَّما أصبحت أفضل في الكتابة، أصبحت عملية تفكيرك أفضل.
ناهيك عن كسب مزيد من المال، أردت أن أعيش في مكان دافئ، وأن يكون لدي بعض الموظفين، لاحظ أنَّ خطتي الخمسية لم تكن واضحة المعالم تماماً، على سبيل المثال توجد خيارات كثيرة لذلك المكان الدافئ، أحب أن أكون مرناً لأنَّ هذا هو النهج الأكثر واقعية في الحياة.
لم أحقق كلَّ أهدافي التي وضعتها قبل 5 سنوات، لكن لا بأس في ذلك، فوجود خطة أرشدني في الاتجاه الصحيح، وأنا الآن مستقل مالياً، ولدي شخصان يعملان لمصلحتي أيضاً، وعلى الرَّغم من أنَّني لا أعيش حالياً في مكان دافئ، فمن المحتمل أن أُقْدِم على هذه الخطوة قريباً.
شاهد بالفيديو: كيفية إنشاء خطة يومية
كيفية إنشاء خطة لمدة عام:
قد تستغرب الحاجة إلى الانتقال من خطة مدتها 5 سنوات إلى خطة مدتها عام واحد مباشرة؛ ولكنَّ إنشاء خطة للسنوات 2 أو 3 أو 4 القادمة ليس منطقياً بالنسبة إلي، الغرض من الخطة الخمسية هو مساعدتك على تحديد وجهتك، أمَّا الهدف من الخطة التي تبلغ مدتها عاماً واحداً فهو مساعدتك على التحرك نحوها.
من الهام دائماً تحديد أهداف واقعية وعملية، فيجبرك وضع خطة لمدة عام على تقييم ما إذا كانت أهدافك قابلة للتحقيق في هذا الإطار الزمني، على سبيل المثال لنفترض أنَّ هدفك للعام هو ترك وظيفتك الحالية لتصبح رائد أعمال.
عندما نضع الخطط، فإنَّنا نريد تحقيق كثير من الأشياء، على سبيل المثال، قد ترغب في إنشاء موقع إلكتروني وتوظيف بعض الأشخاص وتقديم منتجات وخدمات وغيرها من الأمور، لكن على الأغلب لن تتمكن من فعل كلِّ ذلك في غضون عام، عوضاً عن ذلك يجب أن تقرر ما الذي ستركز عليه أولاً؛ لذا اسأل نفسك ما الذي يجب أن تحققه هذا العام للاقتراب قليلاً من تحقيق خطتك الخمسية.
أكبر خطأ ألاحظ أنَّ الأشخاص الطموحين يرتكبونه هو أنَّهم يغالون في تقدير ما يمكنهم تحقيقه في غضون عام، تذكر أنَّ مفتاح التقدم المستمر هو اتخاذ خطوات ثابتة إلى الأمام، وعند المواظبة على ذلك، ستندهش ممَّا يمكنك تحقيقه في غضون خمس سنوات.
كيفية إنشاء خطة شهرية:
بدأت في المرحلة التالية في تقسيم الأهداف إلى إجراءات شهرية، أولاً، كتبت كتاباً، ثم أنشأت موقعاً إلكترونياً، وهكذا دواليك؛ أي اختر كلَّ شهر شيئاً ما ستركز على إنشائه، شيء يقربك من تحقيق أهدافك لذلك العام، ويتعلق الأمر كلُّه في هذه المرحلة بالعمل، ستدرك فائدة ترتيب خطوات تحقيق أهدافك بهذه الطريقة لاحقاً.
أحب شخصياً التركيز على شيء واحد في كلِّ مجال من مجالات حياتي، على سبيل المثال لنفترض أنَّ هدفك هو إنشاء موقع على الإنترنت هذا الشهر، حدِّد بوضوح كلَّ خطوة تحتاج إلى إنجازها قبل إكمال المشروع.
حتى الآن، أستخدم تطبيق تدوين الملاحظات "إيفرنوت" (Evernote) ببساطة لتدوين أهدافي وما يجب أن أفعله على شكل قائمة نقطية، لا أحب التطبيقات التي تعج بالعناصر المرئية، والتي تعتني كثيراً بالناحية الجمالية، تكفيني قائمة بسيطة.
لكن عندما يتعلق الأمر بخطتي الشهرية، أحب استخدام تطبيق "تريلو" (Trello) لإدارة مشاريعي؛ إذ أستخدم لوحاتهم وقوائمهم لتوضيح كلِّ ما عليَّ فعله، على سبيل المثال بالنسبة إلى موقع الويب يمكن أن يكون لديك قائمة بالإجراءات الفنية، وقائمة أخرى لإنشاء المحتوى، وقائمة أخرى للتصميم.
لن أخوض في التفاصيل؛ لأنَّ كلَّ شخص يفكر بطريقة مختلفة، وأنت تتحمل مسؤولية وضع خطة لإحراز هدفك، ما عليك سوى أن تسأل نفسك: ما هي الخطوات التي يتعين عليَّ اتخاذها لتحقيقه؟ لذا يجب أن يكون لديك فكرة واضحة عمَّا يجب عليك القيام به.
كيفية إنشاء خطة يومية:
بمجرد أن تحدِّد الخطوات جميعها التي تحتاج إلى اتخاذها في ذلك الشهر، ما عليك سوى اختيار 3-4 إجراءات ستركز عليها كلَّ يوم، عادة ما أمضي بضع دقائق كلَّ ليلة للتفكير فيما سأفعله غداً، ألقي نظرة على قائمة مهامي للشهر وأختار أهم المهام، وكذلك المهام التي أرغب في إنجازها غداً.
أولاً، أُنجز المهام الهامة، ثم أفعل ما أرغب في العمل عليه وهي الأشياء التي تحمسني، وأتبع النهج نفسه في الكتابة، لدي قائمة ضخمة من أفكار المقالات التي أتصفحها وأختار الفكرة التي أشعر بالرغبة في كتابتها، فعندما تكون متحمساً لمهمة ما، يكون تنفيذها أسهل بكثير.
لقد قضى معظمنا بالفعل حياته في فعل أشياء نكرهها، ولنكن صادقين، ما يزال يتعين علينا القيام بأشياء لا نحبها طوال الوقت، لكن عندما يتعلق الأمر بالعمل، اتبع نهجاً مختلفاً، اعمل على شيء تستمتع به بالفعل، ولتحقيق ذلك، أنت بحاجة إلى خطة؛ لذا جرب هذه الاستراتيجية.
في الختام:
تجنب وضع خطة حياة ومتابعتها والتمسك بها بشدة، عوضاً عن ذلك يجب أن تراجع بانتظام خططك اليومية والشهرية والسنوية وإعادة تقييمها، وإذا لم ترَ أنَّ خطتك تحقق أيَّ نتائج فلا تستمر فيها؛ بل عدِّل عليها حتى تنجح.
يجب أن ننظر إلى الوراء وننتقد أنفسنا وإلا لن ننمو، وفي النهاية، هذا هو الغرض الحقيقي الوحيد لوضع خطة، إذا حققت كلَّ ما حددته، سيكون ذلك رائعاً، ولكن وإن لم تحققه، سيكون وضعك أفضل ممَّا لو لم تضع أيَّ خطة.