كيف يحدث التركيب الضوئي في النباتات الصحراوية؟

تحتاج النباتات إلى تبادُل الغازات والمياه مع بيئتها بصفتها جزءاً من عملية التمثيل الضوئي، وتطوَّرت بعض الخلايا النباتية خصيصاً لهذا الغرض.



توقَّف لحظة وتخيَّل أنَّك تعيش في الصحراء الكبرى، وليس في منزل أو خيمة؛ بل في الخارج مع الشمس والرمل والنسور، تخيل الآن أنَّ المياه الوحيدة التي تستطيع الوصول إليها في واحتك الصحراوية هي مياه الأمطار.

تتلقى معظم مناطق الصحراء الكبرى أقل من 2 سم من الأمطار سنوياً، هل تقلق بشأن عدم الحصول على كمية كافية من الماء؟ ماذا ستفعل لتتأكد من أنَّك لن تُصاب بالجفاف؟

دعونا نرى ما إذا كانت الطريقة التي تعيش بها النباتات في هذه البيئة تعطينا بعض الأفكار.

ما هي البشرة وماذا تفعل؟

كل من النباتات والحيوانات لها أجسام مكونة من طبقات عديدة من الخلايا، والطبقة الخارجية هي البشرة وهي هامة جداً للحماية.

تحمي البشرة النبات من أشياء كثيرة:

ما هي بشرة النبات؟

تأتي معظم الحماية التي قرأتها للتو من طبقة شمعية فوق البشرة، وتغطي أجزاء النبات المعرضة للهواء، وتحتوي البشرة على بوليمرات تسمَّى كوتين وكوتان، وهذه المواد كارهة للماء، تجعل البشرة مقاومة للماء، كما تمنعه من التبخر خارج النبات.

إقرأ أيضاً: نباتات الزينة المنزلية وكيفية العناية بها

ما هي الثغور وماذا تفعل؟

تحتاج النباتات مثل كل الكائنات الحية إلى خلايا تسمح لها بتبادُل الغازات مع محيطها، ويتنفس البشر الأوكسجين ويخرجون ثاني أكسيد الكربون من خلال عملية تسمى التنفس، وتقوم النباتات بالعكس؛ فهي تطلق الأوكسجين وتأخذ ثاني أكسيد الكربون من خلال عملية تسمى التمثيل الضوئي، وبخلاف الحيوانات، ليس للنباتات أفواه تتنفس من خلالها، وتحتوي بشرة النبات على فتحات صغيرة تسمى الثغور، وكل ثغر محاط بخلايا حراسة تستطيع فتحه وإغلاقه، وتسمح خلايا الحراسة للغازات والمياه بالانتقال داخل المصنع وخارجه حسب الحاجة.

التركيب الضوئي لدى النباتات الصحراوية:

التركيب الضوئي في النباتات الصحراوية

تستخدم الأوراق الخضراء للنباتات الصحراوية في عملية التركيب الضوئي، الماء وثاني أكسيد الكربون وأشعة الشمس بصفتها من المواد الخام لتصنيع الغذاء (الكربوهيدرات) والأوكسجين، وورقة الشجرة أو الشجيرة عبارة عن مصنع صغير؛ إذ يُصنَّع الطعام باستخدام الأشعة والمواد الخام.

تستخدم الأوراق الكلوروفيل، وهو صباغ أخضر مُستقبِل للضوء (مادة كيميائية تستقبل الضوء) توجد ضمن خلايا تجميع الضوء المعروفة باسم "البلاستيدات الخضراء"، وهي المجمعات الشمسية المجهرية التي تساعد على التقاط الطاقة الشمسية.

تأخذ الورقة الماء من الرطوبة التي امتصتها جذور النبات من التربة ونقلها من خلال هياكل تشبه الأوردة في جسم الإنسان، وتأخذ ثاني أكسيد الكربون عن طريق استنشاقه من الغلاف الجوي من خلال الثغور، وهي الهياكل المتخصصة الدقيقة التي تقارن بمسام الجلد.

تستخدم الورقة الطاقة الشمسية بصفتها وقوداً في عملية التصنيع، وهي عبارة عن تفاعل كيميائي معقد من مرحلتين يحول الماء وثاني أكسيد الكربون إلى كربوهيدرات وأوكسجين.

بعد الانتهاء من العملية، ترسل الورقة الكربوهيدرات من خلال هياكل تشبه الوريد إلى النبات الأم، والتي تستخدم بعض الطعام المُصنَّع فوراً لصنع أوراق وسيقان وجذور وأزهار وثمار جديدة، كما أنَّها توفر بعض الطعام في شكل طاقة كامنة لاستخدامه، كما هو مطلوب للبقاء على قيد الحياة في حالة الجفاف أو الشتاء القاسي أو للنمو في الربيع.

يوفر النبات - بصفته منتجاً - الكربوهيدرات للمستهلكين عندما يأكلون أوراقه أو ثماره؛ فالنبات هو أساس السلاسل الغذائية، وتطرد الورقة أيضاً الأوكسجين، وهو منتج ثانوي لعملية التمثيل الضوئي، من خلال الثغور إلى الغلاف الجوي الذي تتنفسه الكائنات الحية.

كيف يختلف التركيب الضوئي في النباتات الصحراوية عن النباتات الأرضية الأخرى؟

تتم عملية التركيب الضوئي في النبات الأرضي بواسطة الأوراق التي تحتوي على الكلوروفيل بمساعدة الماء وثاني أكسيد الكربون في وجود ضوء الشمس، بينما في النباتات الصحراوية، تتحول الأوراق إلى أشواك لمنع فقدان الماء؛ لذلك يحدث ما يدعى بـ CAM (التركيب الضوئي باستقلاب حمض Crassulacean) في النباتات الصحراوية.

تفتح الأوراق ثغورها في النباتات الأرضية، خلال النهار وتغلقها في أثناء برودة الليل عندما تجد رطوبة كافية، وتتابع الورقة عملية التمثيل الضوئي طوال اليوم؛ إذ تمتص ثاني أكسيد الكربون وتطرد الأوكسجين وكذلك بخار الماء خلال النهار الحار، عندما يحل الظلام تُغلِق مجمعات الطاقة الشمسية وتغلق الأوراق ثغورها، عندها تنتهي عملية التصنيع وتستريح في أثناء الليل.

تفتح الثغور في النباتات الصحراوية في أثناء الليل للحصول على ثاني أكسيد الكربون لعملية التمثيل الضوئي خلال النهار، تظل ثغور نبات الصحراء مغلقة لمنع فقدان المياه.

كيف تمتص النباتات الصحراوية ثاني أكسيد الكربون وتؤدي عملية التركيب الضوئي؟

تحتوي بشرة النبات على فتحات صغيرة تسمى الثغور، وعادة ما يكون كل ثغر محاطاً بخلايا حامية تستطيع فتح الثغرة وإغلاقها، وتسمح خلايا الحماية للغازات مثل ثاني أكسيد الكربون والماء بالانتقال داخل النبات وخارجه حسب الحاجة.

تغلق الأوراق ثغورها في النباتات الصحراوية، مثل الأغاف واليوكا في أثناء النهار وتفتحها خلال الليل، وتمتص النباتات الصحراوية ثاني أكسيد الكربون وتشكل مادة وسيطة، ثم خلال النهار، عندما تغلق الثغور لتقليل تبخر الماء، تستخدم ثاني أكسيد الكربون المُخزَّن لإجراء عملية التركيب الضوئي.

ما هي التحديات التي تواجهها النباتات في الصحراء؟

تواجه الأوراق في النباتات الصحراوية مهمة صعبة، فخلايا الأوراق لها جدران رقيقة، والمساحات بين الخلايا مشبعة ببخار الماء، وعندما تمتص الأوراق ثاني أكسيد الكربون، فإنَّها تحتاج إلى الحد من كمية الماء المفقودة من الورقة عبر الثغور؛ لذلك يوجد تعارض بين متطلبات تثبيت ثاني أكسيد الكربون والحفاظ على المياه.

تطلق الورقة أيضاً بخار الماء من خلال ثغورها في عملية تسمى "النتح"، وقد تكون هذه العملية مسرفة وضارة بالنباتات في الصحراء، على سبيل المثال قد تفقد بعض النباتات في الصحراء مثل شجرة كبيرة من الحور الدالي مخزونَ المياه خاصتها بما يصل إلى 100 جالون في الساعة بسبب النتح في يوم حار، على سبيل المثال، تفقد النباتات التي تستخدم تثبيت الكربون C3 فقط 97٪ من المياه التي تمتصها من خلال الجذور من أجل النتح، وهي خسارة عالية تتجنبها النباتات  الصحراوية باستخدام التركيب الضوئي باستقلاب حمض Crassulacean.

كيف تعيش النباتات في الصحراء؟

النباتات في الصحراء

تكيفت بعض النباتات في الصحراء، حيث المياه نادرة جداً، وتطورت لتوفر المياه لعملية التركيب الضوئي، ومعظم هذه النباتات عبارة عن نباتات عصارية تتميز بأوراق خضراء شمعية أو ساق بأنسجة مُصمَّمة لتخزين المياه.

قد تُبقي النباتات العصارية خلال فترات الجفاف الشديد ثغورَها مغلقة ليلاً ونهاراً للحد من فقد الماء، مما يؤدي إلى إيقاف عملية التمثيل الضوئي، والتي يسميها العلماء "الخمول"، وعندما تتوفر الرطوبة تفتح النباتات ثغورها بسرعة وتستأنف عملية التمثيل الضوئي.

توجد طريقة أخرى لتوفير المياه لعملية التركيب الضوئي طورها الصبار، مثل أنواع التين الشوكي والتشولا والباريل، إنَّ سيقانها الخضراء وليست أوراقها المجهزة بالثغور التي تفتح في الليل وتُغلَق في النهار.

بخلاف ذلك، فإنَّها تتبع التسلسل نفسه في التركيب الضوئي والتنفس؛ إذ تعمل أوراق الصبار بصفتها أشواكاً، وهي تحمي النباتات من شمس الصحراء والأوراق ليس بها ثغور.

في الأيام الدافئة الصافية، تعمل وظائف الأوراق عملاً أفضل، عندما يسقط ضوء الشمس على سطحها ويتحرك الماء الممتص بحرية عبر أنسجته، ومع ذلك حتى في الأيام الصافية والدافئة، إذا فشلت إمدادات المياه، فقد لا تستطيع الورقة إكمال عملية التركيب الضوئي.

هذا هو الوضع الشائع للنباتات الصحراوية، وفي هذه الحالة يجب على المصنع الأم إيقاف إنتاج الكربوهيدرات والأوكسجين، وفي صحراء تشيهواهوان وسونوران، تسقط النباتات مثل الأوكوتيلو أوراقها لتوفير المياه المستخدمة في عملية التركيب الضوئي أو إهدارها من خلال النتح.

تأتي الحماية أيضاً من البشرة، وهي طبقة شمعية فوق الأدمة، وتغطي أجزاء النبات المعرضة للهواء، وتحتوي البشرة على بوليمرات تُعرف باسم كوتين وكوتان، كما أنَّها تغطي أنواع عدة من الشمع، وهذه المواد كارهة للماء، مما يجعل البشرة مقاومة له ويمنع الماء من التبخر خارج النبات.

إقرأ أيضاً: هل تحتاج الحيوانات إلى ضوء الشمس؟

ما هو استقلاب حمض الكراسولاسين (CAM)؟ وما هي فوائده؟

استقلاب حمض الكراسولاسين (CAM) هو تكيف ضوئي مع مخازن المياه الدورية الموجودة في النباتات في المناطق القاحلة مثل الصبار أو النباتات الاستوائية مثل الأوركيديا والبروميليا؛ إذ تغلق النباتات المستقبلة في أثناء النهار لحمض الكراسولاسين ثغورها نهاراً وتمتص ثاني أكسيد الكربون ليلاً عندما تكون درجة حرارة الهواء منخفضة، وتستطيع تقليل فقد الماء حسب الحجم، ويحدث استقلاب حمض الكراسولاسين فيما بين 5٪ و10٪ من النباتات ودائماً ما ترتبط بالعصارة، على الأقل على المستوى الخلوي.

في الختام:

فائدة CAM للنبات قادرة على ترك معظم ثغور الأوراق مغلقة خلال النهار، وتستخدم النباتات في المناطق القاحلة التركيب الضوئي باستقلاب حمض الكراسولاسين؛ إذ يأتي الحفاظ على المياه بأعلى مرتبة، وقد تبقي هذه العملية الثغور مغلقة خلال الجزء الأكثر سخونة وجفافاً من اليوم، ممَّا يقلِّل من فقد الماء من خلال التبخر، ممَّا يسمح لمثل هذه النباتات بالنمو حتى في تلك البيئة شديدة الجفاف.




مقالات مرتبطة