كيف يتم تقسيم المهام المنزلية بعدل بين الزوجين؟

يواجه كل زوجين، سواء كانا شابين أم كبيرين في السن، ثريين أم فقيرين، مجموعة من المهام العملية التي يحتاجون إلى إنجازها، سواء كانت إدارة الشؤون المالية، أم جز عشب الحديقة، أم ترتيب الحياة الاجتماعية، أم رعاية الأقارب المسنين.



تقليدياً، تقوم الزوجة التي لم يكن لديها عمل خارج المنزل بأغلب هذه الأعمال، ولكنَّ الزوجين اللذين يعملان كلاهما يواجهان تحدي الاتفاق على كيفية تقسيم المهام التقليدي للزوجة بينهما.

عندما يكون الأزواج في العشرينيات والثلاثينيات من العمر في فترة شهر العسل، غالباً ما يكون لديهم القليل من المسؤوليات وتكون حياتهم بسيطة نسبياً، ففي هذه الفترة، يكون حملهم اللوجستي خفيفاً، ونادراً ما يتخاصمان بسببه.

ولكن مع ازدياد تعقيد الحياة تصبح حياة الزوجين أكثر تشابكاً، ويزداد العبء اللوجستي؛ إذ يصبح هناك ببساطة المزيد من الأشياء التي يجب القيام بها، ويمكن أن تكون الطريقة التي يديران بها هذا العبء ويتقاسمانه مصدراً مستمراً للصراع.

لنأخذ زوجين افتراضيين سنسميهما "طارق" و"سناء" مثلاً، يبني وصول طفلهما عالماً جديداً تماماً من الخدمات اللوجستية؛ إذ لا تتألف هذه المهام الجديدة من رحلات التوصيل إلى رياض الأطفال والعودة منها فقط؛ بل تتضمن أيضاً أكوام الملابس التي يجب غسلها باستمرار، والزيارات الدائمة إلى الطبيب، والملابس الكثيرة التي يجب شراؤها، والمنزل الذي يجب تنظيفه، ومئات المهام الأخرى التي يكافح الآباء لإنجازها.

كان "طارق" يشارك في العمل على واجبات المنزل قبل أن يصبح أباً، ولكن بمجرد أن أخذَت "سناء" إجازة الأمومة، تغيَّرت الأمور، ومثل العديد من الأمهات الجدد، تكبَّدَت "سناء" عناء إنجاز معظم الخدمات اللوجستية خلال إجازة الأمومة الخاصة بها ولم تتوقف عن القيام بهذا عند عودتها إلى العمل.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح تساعد المرأة العاملة على إدارة وقتها بفعالية

وسرعان ما اكتشفَت هي و"طارق"، أنَّ تقسيم العمل هذا الذي يعتمده الأزواج التقليديون؛ بحيث يقوم أحدهما بنسبة 80% أو أكثر من الأعمال المنزلية، لا ينجح مع زوجين يعملان كلاهما خارج المنزل. يؤدي قيام الزوجة بمعظم العبء اللوجستي مع الحفاظ أيضاً على مهنتها إلى الاستياء والإحباط الذي يمكن أن يدفع الأزواج إلى الانفصال.

ما هي أفضل طريقة يمكن أن يتبعها الزوجان العاملان خارج المنزل لتقسيم مهامهما إذاً؟

في السنوات الأخيرة، جذبَت فكرة تساوي مهام الزوجين، التي يسعى فيها الزوجان إلى تقسيم جميع المهام بالتساوي، خيالنا الجماعي، وعلى الرغم من كون هذه الفكرة مثالية ونبيلة، إلا أنَّنا وجدنا أنَّ الزوجين اللذين يتفاوضان بشكل جيد لتقسيم الخدمات اللوجستية ويسعدان بتقسيم العمل ولا يستاءان من بعضهما ولا يزال في إمكانهما التقدم في حياتهم المهنية هم أولئك الذين يقسمون المهام تقسيماً مدروساً، ولكن ليس بالضرورة بالتساوي.

إليك عملية يمكنك اتباعها للوصول إلى تقسيم مدروس للعمل يناسب احتياجات الزوجين بدلاً من صيغة عامة لا تناسب بالضرورة وضعهما الخاص:

1. وضع قائمة بالمهام اللوجستية:

تُظهِر الأبحاث أنَّ الرجال والنساء يبالغون باستمرار في نسبة الأعمال المنزلية التي يقومون بها؛ إذ تعتقد النساء أنَّهن يقمن بمعظمها، بينما يعتقد الرجال أنَّه يتم تقاسم العمل بالتساوي، وفي الواقع، في المملكة المتحدة، يعمل الرجل العادي 16 ساعة في الأسبوع في الأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر، بينما تعمل المرأة العادية 26 ساعة في الأسبوع.

من الواضح أنَّ هذا ليس تساوياً، لكن إحدى الكفتين لا ترجح على الأخرى أيضاً؛ إذ ينبع جزء كبير من هذا التناقض بين اعتقاداتنا والواقع من عدم معرفة ما يفعله شركاؤنا، والعكس صحيح.

لا يعني أنَّك تسقي النباتات وحدك دائماً، وتحضِّر الحقائب الرياضية للأطفال، وتحفظ الفواتير أو تنظف المزاريب أنَّ شريكك يعرف ذلك، ففي الواقع، أوضحَت "تيفاني دوفو" (Tiffany Dufu) في كتابها "أسقط الكرة" (Drop the Ball)، أنَّنا نميل إلى أن نصرف النظر عن الوظائف المنزلية التي لا نقوم بها، فيؤدي هذا الجهل إلى مشاعر الاستياء والاستخفاف.

يُعَدُّ بدء استراتيجيتك اللوجستية من خلال تدوين قائمة كاملة بالمهام المنزلية بشكل مشترك أمراً حيوياً لتجنُّب الوقوع في فخ الجهل هذا؛ حيث سيضمن ذلك أنَّك تتعامل مع 100% من مهامك ولا تتغاضى عن أي منها.

2. محاولة معرفة المهام التي يمكنك التوقف عن فعلها:

عندما تكتبان قائمة مهامكما، من المغري المبادرة مباشرةً إلى تقسيمها، وقبل أن تفعلا ذلك، ألقيا نظرة فاحصة على قائمتكما واسألا نفسيكما السؤال الآتي: "ما الذي يمكننا التوقف عن فعله؟".

أحياناً نقوم بأشياء لأنَّها مُتوقعة منا في مجتمعنا، أو ربما بشكل أكثر دقة؛ لأنَّنا نعتقد أنَّها مُتوقعة منا، وفي بعض الأحيان نكرر المهام التي رأينا آباءنا يفعلونها أو رأينا دائرة أصدقائنا الحاليين يفعلونها؛ لذا سيخفف التفكير المدروس فيما يمكنك التوقف عن فعله على الفور بعض الضغط من أعبائك اللوجستية ويبدأ بإبعادك عن فخ الرغبة في القيام بكل شيء.

3. تحديد المهام التي ترغب في فعلها:

للخدمات اللوجستية سمعة سيئة، فهي تُعَدُّ عبئاً ويُعَدُّ تنفيذها تضحيةً، لكنَّ الواجبات العائلية ليست كلها مملة ومرهقة؛ حيث يسعد معظمنا ويستمد الراحة من بعضها؛ لذا قبل أن تفكر في المهام التي يجب الاستعانة بمصادر خارجية لإتمامها والتي يجب تقسيمها، من الهام أن تدرك ما تريد الاحتفاظ به شخصياً.

ربما تكون طاهياً وتحب إعداد وجبات عائلية أو ربما تكون البستنة هي الشيء الذي تفضله أو تستمتع بمساعدة الأطفال على إنجاز المهام التي اعتادوا القيام بها كل ليلة قبل النوم.

أحد أكثر الأزواج نجاحاً في هذا المجال هما رئيسة تنفيذية لمنظمة غير ربحية، وزوجها الشريك في شركة محاماة، وكلاهما يعملان في وظائف تشغلهما للغاية، وكانا ملتزمين بها بنسبة 100%، وكان أطفالهما الأربعة قد غادروا المنزل، وكان لديهما ما يكفي من المال لتغطية أيَّة مهمة لوجستية اختاروها.

ومع ذلك، كانت تكوي كل مساء يوم أحد قمصانه التي سيرتديها في الأسبوع المقبل، قد يُدهشك ذلك، لكن عندما سُئِلَت عن السبب الذي يدفعها لتفعل هذا؟ جاء ردها: "أنا أحب ذلك، لطالما فعلتُه، أجده مريحاً، كأنَّه تأمل، إذ إنَّه طريقة للتعبير عن حبي، وإنَّه في الواقع جزء كبير من هويتي بصفتي زوجته".

مثل هذه الرئيسة التنفيذية التي تحب كيَّ القمصان، غالباً ما تكون الأشياء التي نحب القيام بها تعبيرات عن هوياتنا كأزواج أو زوجات أو آباء أو أمهات، ويُعَدُّ التعرف إليها على هذا النحو والقيام بها نقطة انطلاق هامة، بالطبع، عند القيام بذلك، من المحتمل أن يكون هناك الكثير من الأشياء المتبقية في قائمتك؛ لذا طبِّق الخطوة التالية على المهام المتبقية.

إقرأ أيضاً: 7 ممارسات جيدة يجب أن تقوم بها قبل خلودك للنوم

4. تحديد المهام التي يمكنك الاستعانة بمصادر خارجية لتنفيذها:

إنَّ عمل الزوجين كليهما لا يجعلهما ثريَّين تلقائياً، لكن مع وجود راتبَين، هناك أحياناً أموال إضافية للاستعانة بمصادر خارجية للمهام التي لا تحبها حقاً أو التي تستغرق وقتاً غير ملائم، سواء كان الأمر يتعلق بالكي أم التنظيف أم البستنة أم التسوق من البقالة، فإنَّ الاستعانة بمصادر خارجية لبعض المهام يوفر وقتك للتركيز على الأشياء التي تقدرها حقاً.

يختلف بعض الأزواج حول ماهيَّة أو مقدار الخدمات اللوجستية العائلية التي يجب الاستعانة بمصادر خارجية لتنفيذها، كما يمكن أن يكون قرار تحديد المصادر الخارجية التي يمكن الاستعانة بها لرعاية الأطفال وعدد الساعات في الأسبوع التي سيقضيها الأطفال مع تلك المصادر قراراً مليئاً بالعواطف.

لذا، ارجع إلى قائمة مهامك وحدد كل ما لا يتعلق برعاية الأطفال، وحدد الأعمال المنزلية التي لا تفضلها، وميزانيتك الأسبوعية، واستعن بمصادر خارجية قدر الإمكان في حدود إمكاناتك المالية.

بعد ذلك، عندما تواجه فترة صعبة أو مرهقة خاصةً، كمشروع كبير في العمل، أو الاستعداد للترقية، أو قدوم طفل جديد، من الهام إعادة النظر في ترتيبات الاستعانة بمصادر خارجية، فالحصول على القليل من المساعدة الإضافية خلال هذه الأوقات، حتى مع الأشياء التي لم تكن معتاداً على الحصول على المساعدة فيها، يمكن أن يحدث فارقاً في حياتك، ويتيح لك إدارة حياتك بشكلٍ جيد ويحميك من الإرهاق.

إقرأ أيضاً: 8 مؤشرات تدل على أن زواجكما سيدوم إلى الأبد

5. اكتشاف كيف يمكنك تقسيم المهام المتبقية:

عند حذف المهام غير الضرورية من قائمتك، والحصول على فرصة تنفيذ المهام التي تحبها والاستعانة بمصادر خارجية لبعض الأشياء غير المفضلة عندك، يُترَك لك تقسيم الباقي، فعندما لا يوجد حل واحد يناسب الجميع لتقسيم المهام، فإنَّ الطريقة التي تتبعها يمكن أن تحدث فارقاً يمنحك الانسجام في العلاقة ويبعدك عن الصراع.

هناك نوعان من الاستراتيجيات الرئيسة لفعل هذا:

  1. الاستراتيجية الأولى هي التقسيم: حيث تقوم بتقسيم المهام ويتحمَّل كل واحد منكما المسؤولية عن المهام الموكلة إليه؛ إذ يختار بعض الأزواج تقسيم المهام بالتساوي، بينما يقوم الآخرون بإسناد مهام أكثر لأحد الشريكين الذي قد تكون مهنته أقل صعوبة أو يكون لديه رغبة أكبر في إنجاز الأمور.
  2. الاستراتيجية الثانية هي تبادل الأدوار: أي تشارك المسؤولية عن كل مهمة، والتناوب على القيام بها، وقد يتوافق دورك الخاص مع أيام الأسبوع التي تكون فيها أقل انشغالاً نسبياً في العمل، على سبيل المثال: يقوم أحدكما بطهي العشاء من يوم الاثنين حتى الخميس، والآخر يطبخ في يوم الجمعة وفي عطلة نهاية الأسبوع.

أياً كان ما تختاره، فإنَّ المفتاح هو الوضوح؛ إذ تنبع التوترات في أغلب الأحيان من الافتقار إلى الوضوح، وليس من الافتقار إلى العدالة.

المصدر




مقالات مرتبطة