كيف نعود إلى التقشف؟

ما الذي يتبادر لذهنك عند سماع كلمة "متقشف"؟ ربما تتخيل شخصاً لديه زيٌّ واحد فقط وسرير صغير في منزل صغير مكونٍ من غرفة واحدة وتتميز بأسلوب رتيب وجدران خالية من الزينة، وحياته مملَّة، أو محروم من المتعة، أليس كذلك؟ لكنَّ الأمر ليس هكذا.



1. مفهوم التقشف:

يرتكز مفهوم التقشف على أمرين:

  1. التركيز على الأمور الهامة في الحياة.
  2. التقليل من المشتتات التي تصرفنا عن هذا التركيز.

يتضمن هذا إدراك أنَّ شراء المزيد من الأشياء لن يجلب لنا المزيد من السعادة، وأغلب الظن أنَّ السبب الرئيس لانتشار التقشف هو كثرة المنتجات والعروض، ولكنَّها لم تجعلنا أكثر سعادة في الواقع، فمع كل الزخم والتكاليف والديون التي تثقل كاهلنا قد نكون غير سعداء بسبب ذلك.

كل هذه الفوضى والزخم، تسبب لنا آلاماً جسدية، ونفسية وروحية، ويمكن عَدُّها عدواً لأهدافنا يحاول جذب انتباهنا، فلا بد أنَّ غالبيتنا تشعر بهذا؛ حيث إنَّ الفوضى تجعل من الأثير أو الجو المحيط بها مربِكاً وخانقاً، فهي تجعلنا نشعر بالارتباك وعدم الاستقرار، ويمكن أن يؤدي العيش ضمنها إلى الخوف والاكتئاب والعجز.

إنَّ الهدف الأساسي من التقشف ليس امتلاك أقل ما يمكن؛ وإنَّما بإبعاد تلك الأشياء التي إما لا تهم أو لم تَعُد هامة، فعندما نحذو هذا الحذو، سيكون لدينا الوقت والمجال للنمو، والوقت للتعرف إلى عالمنا، والأهم من ذلك، المجال لفهم أنفسنا، فلن يكون لدى الجميع النهج نفسه، لكنَّ المبادئ الأساسية تبقى.

شاهد بالفديو: 8 أشياء لا يهدر الأشخاص الناجحون وقتهم في فعلها

2. كيف يفعل الشخص المتقشف ذلك؟

إنّه شخصٌ يعرف استخدام ما يشبه الفلاتر للتركيز بشكلٍ أقلٍ على الأشياء المادية وبشكل أكبر على الأشياء الهامة في الحياة، فالأمر أشبه باللجام الذي تضعه على رأس حصان تمنعه ​​من النظر يمنة ويسرة وتجعله ينظر إلى الأمام مباشرة، بغضِّ النظر عما نفكر فيه حول هذا الموضوع، يمكننا أن نتعلَّم بعض الدروس القيِّمة من المتقشفين، فكر في هذه المبادئ العملية:

اعرف ما تود شراءه، واسأل نفسك لماذا تحتاج إليه، هل سيحسن من حياتك، أم سيجعلك تتبع الملهيات؟ وهل سيساعدك على التقدم نحو هدفك، أم أنَّه "متعة" تجعلك تشعر بالذنب فيما بعد؟

احذر من عبارات "إنَّه ضمن التخفيضات"، و"إنَّها صفقة ممتازة"، فهذا فخ متكرر للمسوقين الماهرين، فتمهَّل واسأل نفسك فيما إذا كنتَ في حاجة إليها، وإذا كانت نيتك هي الابتعاد عن التركيز على الأشياء المادية والتركيز على هدفك، فلن تغريك تلك الأشياء التافهة التي تراها على الرفوف في المحال التجارية أو رف التخفيضات؛ إذ تُعَدُّ هذه الأمور صفقة جيدة فقط إن كنتَ في حاجة إليها.

لستَ ضمن منافسة مع أحد، ولستَ بحاجة إلى الأشياء الحديثة الرائعة، بغض النظر عما يحاول المعلنون إقناعك به؛ إذ يمكنك العيش دونها جميعاً، فلن تمنحك الأشياء المادية المزيد من المكانة الاجتماعية، ولن تجلب سوى المزيد من المتاعب والديون.

إقرأ أيضاً: كيف تركز على نفسك وتحقق أهدافك في الحياة؟

3. ما هي الأمور التي تشعرك بالسعادة والنشاط والحيوية؟

اسع وراءها، فمع أقل عدد من الأشياء المادية التي يجب صيانتها وتنظيفها والعناية بها باستمرار، سيتوفر لديك المزيد من الوقت لمتابعة شغفك وأهدافك، مثل العبادات والدراسة.

لا تهدر أي شيء، فإذا كان له قيمة بالنسبة إليك، فلن تتجاهله، واعتنِ بالأشياء المستدامة، بدلاً من شراء الكثير من الإصدارات الرخيصة من سلعةٍ ما، واشترِ سلعاً عالية الجودة وباهظة الثمن على الأمد القصير ولكنَّها تمنحك في النهاية خدمة أكثر ديمومة؛ مما يجعلها ذات قيمة أفضل، وكفائدة إضافية، سيكون لديك أشياء أفضل في منزلك؛ لذا، يمكننا جميعاً تعلُّم الكثير من التفكير المتقشف، بغض النظر عن هدفنا، فاتباع ما تعلَّمناه هنا لا ينتج عنه حياة رتيبة وغير ممتعة؛ بل حياة أكثر ثراءً.

وباختصار، فلنحدد ما هو الأكثر أهمية في الحياة ونسعى وراءه؛ حيث ينبغي لنا تحديد الأهداف وإعطاء أولوية للقيمة والغرض على اقتناء الأشياء، كما يمكن لمعظمنا أن يدرك أين يحتاج إلى إجراء تغييرات، فلنأمل أن تساعدك مبادئ التقشف هذه على اتخاذ خيارات أفضل من شأنها تحسين نوعية حياتك، وحياة من هم حولك.

كما هو الحال مع أي مسار جديد، قد يبدو غريباً وغير مألوف في البداية، ولكن عند الالتزام به، سيثري ما يهم حقاً في حياتك ويهبك مزيداً من الحرية للاستمتاع بها.

المصدر




مقالات مرتبطة