كيف نتدرب على اتخاذ القرارات؟

يقول الكاتب والمتحدث الأمريكي "توني روبينز" (Tony Robbins): "يتشكل مصيرك في لحظات اتخاذ القرار"؛ إذ نتخذ مئات القرارات الصغيرة على مدار اليوم؛ كالعمل على شيء ما أو التحقق من البريد الإلكتروني أو تصفح موقع أو الرد على الرسائل أو تناول الطعام أو ممارسة تمرينات التأمل أو اليوغا أو احتساء الشاي ومشاهدة مقطع فيديو، أو التفكير في هدف عميق؛ إذ إنَّ العديد من القرارات الصغيرة تشكل يومنا وتحدد ما إذا كان لدينا يوم من التركيز والهدوء من خلال العمل الهادف، أو يوم من الإلهاء والمماطلة.



اتَّضح أنَّه يمكننا تدريب أنفسنا على اتخاذ القرارات، فعندما يكون لدينا واحد من مئات القرارات الصغيرة التي نحتاج إلى الاختيار بينها، يمكننا تدريب أنفسنا على اختيار الأفضل، فدعونا نلقي نظرة على كيفية التدريب على اتخاذ القرارات:

تحديد الدافع:

إذا كان الدافع وراء هذا التدريب هو لأنَّه يبدو جيداً أو حتى لتكون أكثر إنتاجية، فمن المحتمل ألَّا تلتزم به؛ إذ يجب أن يعني لك الأمر أكثر من ذلك؛ لذا اسأل نفسك هذه الأسئلة واكتبها في مدونتك وخذها على محمل الجد إذا كنت تريد أن تكون جاداً بشأن هذا التدريب.

  • مَن الذي أَهتمُّ بمساعدته بشدة؟ وعليك أن تتجاوز الإجابة الواضحة؛ أي الأشخاص الذين تحبهم، فمن تريد أن تساعد؟
  • كيف أستجيبُ لواحد من مئات القرارات الصغيرة؟ ومتى أسعى إلى شعور الراحة؟ وما هو نمطي المعتاد؟ كن واضحاً في إجاباتك عن هذه الأسئلة.
  • كيف يؤثر هذا النمط فيَّ؟
  • كيف يؤثر في الأشخاص الذين أهتم بهم؟
  • ما هو مدى تأثير التغيير بالنسبة إليَّ وإليهم؟

اهتم بهذه الأسئلة واجعل القرارات التي تتخذها الآن ذات مغزى أكثر من التي تتخذها في العادة، واجعلها تتمحور حول أمور أكبر من نفسك.

البدء بالتدريب:

لبدء التدريب نريد أن نجعله سهلاً حقاً؛ إذ نريد أن نتعرَّف اللحظة التي نتخذ فيها القرار، ثم مقاطعة النمط المعتاد لدينا.

فإليك ما يجب فعله:

  1. ضع ملاحظات لنفسك في كل مكان؛ حيث تراها دائماً على شاشة قفل هاتفك وملاحظات على جهاز الحاسوب وتذكيرات منبثقة وملاحظات في غرفتك ومرآة الحمام وما إلى ذلك؛ حيث تريد أن تتذكر أن تلاحظ.
  2. تحقق على مدار اليوم مما إذا كان في إمكانك ملاحظة مئات القرارات الصغيرة التي تتخذها، وعندما تقرر التغيير إلى شيء جديد، مثلاً أنت تتصفح موقع ويب وتريد الانتقال إلى موقع آخر، ولقد انتهيت من مهمة واحدة وأنت تقرر ما يجب القيام به بعد ذلك، فلاحظ لحظات اتخاذ القرار هذه.
  3. عندما تلاحظ لحظة اتخاذ قرار، أخبر نفسك بأيَّة طريقة أنَّك اكتشفت هذه اللحظة.
  4. في هذه اللحظة، كل ما عليك فعله هو التوقف وأخذ ثلاثة أنفاس عميقة وتأمل محيطك.

هذا كل ما عليك القيام به؛ إذ إنَّها محاولة لمدة أسبوع وبعد أن تتوقف مؤقتاً وتتأمل، يمكنك المضي قدماً وفعل ما تريد القيام به، فربما تريد أن تشاهد مقطع فيديو على منصة "يوتيوب" (YouTube) أو تريد أن ترد على رسالة - لا يهم ما هو قرارك في هذه اللحظة - فقط تأمَّل وتوقَّف وتنفَّس، فأنت الآن تجلب الوعي إلى اتخاذ القرار وتقاطع نمطك قليلاً.

إقرأ أيضاً: لماذا يعتبر النوع الصحيح من التجاهل أمراً جيداً في اتخاذ القرار؟

التعمق في التدريب:

بعد أسبوع من هذه الممارسة ستكون أفضل من ذي قبل، وليس عليك أن تكون مثالياً؛ بل فقط أفضل، وستتحسن بشكل أفضل كل أسبوع بينما تتدرب. فامنح نفسك شهراً على الأقل لترى بعض التأثيرات، وفي هذه المرحلة تريد أن تتعمق في التدريب:

  1. بعد التوقف وأخذ ثلاثة أنفاس عميقة يتوسع نطاق تفكيرك، فاطرح على نفسك سؤالاً: ماذا عليَّ أن أفعل الآن؟
  2. افتح قلبك للأشخاص الذين تريد خدمتهم ولمهمتك ولهدفك،وتواصل مع نيتك لخدمة شيء أكبر منك، سواءً كان ذلك عائلتك أم فريقك أم مجتمعك أم أي شيء آخر.
  3. حدِّد الآن نية لخدمتهم من خلال هذه المهمة التالية، فما يزال من الممكن أن يكون بريداً إلكترونياً أو رداً على رسالة نصية إذا شعرت بأنَّها مرتبطة بهدفك.

لنتحدث عن السؤال: ماذا عليَّ أن أفعل الآن؟ لا توجد إجابة صحيحة عن هذا السؤال؛ ولكنَّه يضعك في حالة ذهنية؛ إذ تشعر في جسدك بما ترى أنَّه مناسب لك، والغاية منه ليست الشعور بالراحة أو المتعة، والذي غالباً ما يكون المشتت الأساس اللاواعي لقرارك؛ بل الشعور بأنَّك تخدم شيئاً أكبر؛ وهذا يعني بسهولة التنفس والشعور بالأحاسيس في جسدك وفتح ذهنك على السؤال.

عادة ما يظهر شيء واحد محدد، على سبيل المثال: أحتاجُ إلى الكتابة أو أحتاجُ إلى الرد على مجتمعي أو أحتاج إلى القراءة مع أطفالي، ومهما كانت الإجابة التي تأتي، فقط ثق بها؛ فغالباً ما ندخل في وضع التردد؛ إذ نسأل أنفسنا ما إذا كنا نفعل الشيء الصحيح، فلا يوجد شيء صحيح، فقط ثق بما تشعر بأنَّه صائب بالنسبة إليك ثم التزم به.

شاهد بالفديو: 5 خطوات لإتقان فن اتخاذ القرارات

الاستمرار في التدريب:

كما ترى، بعد أسبوع من هذا التدريب ستكون أكثر وعياً بما تفعله وتقرره، وستصبح أكثر وعياً عند اتخاذ القرار، ومن ثم بعد أسبوعين ستصبح أفضل بكثير في اتخاذ قرارات هادفة وواعية، ولن تكون متفاعلاً أو مرتبطاً بأنماطك المعتادة للراحة والسيطرة والتهرب، وعلاوة على ذلك تستمر في نشر الوعي حتى تكون قادراً على اتخاذ القرار المناسب بنسبة 80% أو أكثر من مئات القرارات الصغيرة، فأنت تتدرب على تحقيق المزيد من الارتباط بهدفك في كل مهمة؛ إذ تشعر بأنَّها ذات مغزى أكبر؛ وهنا يبدأ النجاح ولكن عليك أن تتدرب أولاً وتبدأ اليوم.

المصدر




مقالات مرتبطة