كيف توقف نوبة الهلع في 3 دقائق؟

تعرق، وقشعريرة، وضيق في التنفس، والشعور بفقدان السيطرة، والدوار، وتسرع ضربات القلب، إذا بدت هذه الأعراض مألوفة بالنسبة إليك، فقد تكون تعاني من شيءٍ يُسمَّى نوبة الهلع.



يواجه واحد من كل 4 أشخاص نوبة ذعر واحدة أو أكثر في حياته، على الرَّغم من وجود بعض العوامل الوراثية، إلا أنَّ التعرض لنوبة الهلع أمر طبيعي وليس علامة على ضعفك أو على أنَّك أقل من الآخرين، تعالوا معنا لنتعرف معاً إلى هذه الحالة، وكيف نستطيع إيقافها وتدبيرها.

ما هي نوبة الهلع؟

نوبة الهلع هي شعور مفاجئ وشديد بالرعب دون وجود خطر، عادة ما تكون نوبات الهلع قصيرة ومخيفة طوال فترة استمرارها، وفي بعض الأحيان يوجد زناد محدَّد لتفعيل النوبة، وفي أوقات أخرى تظهر فجأة دون أي سبب، في حين أنَّ أحاسيس الخوف هي استجابة طبيعية للخطر، فإنَّ نوبات الهلع عادة ما تكون غير متناسبة مع أي خطر حقيقي قد تواجهه.

البشر مهيَّئون تلقائياً للاستجابة للضغوطات والأحداث التي تهدِّد الحياة؛ إذ يطلق نظامنا العصبي نظير الودي الطاقة لتحضير الجسم للعمل (استجابة الكر أو الفر)، وبمجرد انتهاء الخطر، يبدأ الجهاز العصبي نظير الودي في تحقيق الاستقرار في الجسم، وعندما يفشل الجهاز العصبي نظير الودي في أداء وظيفته، سيستمر الشخص في الشعور بإحساس متزايد بالأعراض الفيزيولوجية (التعرق وخفقان القلب والضعف) المميزة لنوبة الهلع.

عندما يتكرر حدوث نوبات الهلع، تُدعى حينها باضطراب الهلع، وفي الظروف القصوى، قد يطوِّر الشخص الذي يعاني من أكثر من نوبة ذعر أسلوب حياة يتجنَّب فيه مسبِّبات الذعر لديه، وهذا يمنعهم من مغادرة غرفتهم أو منزلهم بأمان بسبب خوفهم المستمر وقلقهم من التعرض لنوبة هلع أخرى.

ما هو الشعور بنوبة الهلع؟

وصف الناس نوبات الهلع بأنَّها:

  1. الإحساس الجسدي بالغثيان، والإغماء، والتنميل أو الوخز، والإغماء، وخفقان القلب، والرجفة، والتعرق المفاجئ، وألم الصدر.
  2. الشعور بالجنون أو اقتراب الموت بسبب نوبة قلبية أو سكتة دماغية أو اختناق.
  3. الشعور بالانفصال عن الواقع.
  4. الشعور وكأنَّهم فقدوا السيطرة على أجسادهم وعواطفهم.

نوبات الهلع حالة جديَّة، ومع ذلك، فإنَّ نوبة الهلع الفردية لن تقتلك، على الرَّغم من الشعور بأنَّها ستفعل ذلك.

شاهد: 12 أمراً يساعدك في التغلب على الخوف

كيف تُخضع نوبة الهلع في 8 خطوات؟

إليك شيء يمكنك تجربته لعلاج الأعراض الوصفية السابقة، وهي سلسلة من تقنيات التنفس البسيطة التي تهدف إلى مساعدة جسمك على تجاوز الاستجابة الطبيعية للكر أو الفر (الجهاز العصبي).

يمكن القيام بما يأتي عند الجلوس، أو الوقوف، أو الاستلقاء، ويمكنك القيام بذلك في أثناء تنقلاتك إلى العمل، أو عندما تكون في السرير، أو في أثناء اجتماع عمل مرهق، أو في أي موقف يكون من الآمن فيه تحويل انتباهك إلى نفسك لبضع دقائق.

لتقليل الشعور بالذعر، افعل ما يأتي:

  1. خذ نفساً بطيئاً وعميقاً من أنفك مع نفخ البطن.
  2. ثمَّ ازفر من فمك وشفتاك مضمومتان، يستغرق الأمر بضع جولات من التنفس لإبطاء دورة الشهيق والزفير، وهذا أمر طبيعي تماماً.
  3. أغلق عينيك عند الشهيق التالي إذا كان من الآمن القيام بذلك.
  4. كرِّر هذه الخطوة 5 مرات (أبقِ عينيك مغمضتين طوال مدة هذا التمرين، إذا كان ذلك مناسباً).
  5. خذ نفساً عميقاً وبطيئاً، لكن هذه المرة، افعل ذلك على مدار 7 ثوانٍ.
  6. احبس أنفاسك لمدة 3 ثوانٍ.
  7. قم بالزفير بفمك، لكن هذه المرة، قم بالزفير على مدار 7 ثوانٍ.
  8. كرِّر هذه العملية البطيئة في الشهيق، والانتظار، والزفير لمدة 10 دورات، أو حتى تبدأ في الشعور بالتحسُّن.

يعدُّ تمرين التنفس البسيط هذا فعَّالاً؛ لأنَّك عندما تشعر ب، يتغيَّر نمط تنفسك الطبيعي، فعندما نشعر بالقلق، فإنَّ الاستجابة الفيزيولوجية الطبيعية هي التنفس بسرعة وبحركات قصيرة ضحلة.

تسبَّب استجابة الكر أو الفر هذه خللاً في الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون في الدم، ونتيجة لذلك، تتسارع ضربات قلبك، وتتوتر عضلاتك، وقد تشعر بالدوار وأعراض جسدية أخرى، ويؤدي هذا بعد ذلك إلى تغذية مشاعر الذعر و/ أو القلق الموجودة لديك.

يجعلك تمرين التنفس البطني العميق أعلاه واعياً لكيفية تنفسك، وبالنسبة إلى معظم الناس، فإنَّ إخراج زفيرهم هو ما يسمح لأجسادهم بالاسترخاء والهدوء، وهذا يرجع إلى كيفية ارتباط الزفير بالجهاز العصبي نظير الودي، وهذا هو السبب الرئيس لفاعلية تقنية التنفس هذه في تهدئة أعصابك.

هل نوبات الهلع شائعة عند الأطفال؟

ما زلنا لا نفهم تماماً سبب حدوث نوبات الهلع؛ وهذا لأنَّ نوبة الهلع يمكن أن تحدث دون سبب واضح؛ إذ تبدأ نوبات الهلع عادة في مرحلة البلوغ، في حين أنَّه قد يتعرض الأطفال من جميع الأعمار لها.

كيف تختلف نوبة الهلع عن القلق؟

ستصادف عدداً قليلاً من الإشارات إلى "هجمة القلق" على الإنترنت، فمصطلح "هجمة القلق" ليس مصطلحاً معترفاً به طبياً، وقد يعني أشياء مختلفة، فعندما يتعلَّق الأمر بصحتك العقلية، فإنَّ التوصيف الصحيح يساعد المتخصصين الصحيين، مثل المُمارس العام، أو المعالج السلوكي المعرفي، أو اختصاصي علم النفس السريري، على تشخيص وإدارة الأعراض بفاعلية، في حين أنَّ بعض الأعراض قد تكون متشابهة (مثل تسارع ضربات القلب وضيق التنفس والدوار)، فإنَّ الهلع والقلق هما شيئان مختلفان تماماً.

بالنسبة إلى المبتدئين، فإنَّ نوبة الهلع تكون مفاجئة جداً، وتكون الأعراض شديدة، وفي غضون ثوانٍ قد تشعر بألم في الصدر، ورجفة، وتشعر بالانفصال عن واقعك، ومع ذلك، فإنَّ القلق يميل إلى التراكم تدريجياً مع مرور الوقت، فقد تجد نفسك قلقاً كثيراً، وتشعر بالتوتر الشديد على مدار أيام وأسابيع، على عكس نوبات الهلع؛ إذ تميل أعراض القلق لأن تكون أقل حِدَّة، ولكنَّ الأعراض قد تستمر لفترات أطول من الوقت (أيام أو أسابيع أو حتى أشهر).

إذاً؛ تختلف نوبة الهلع عن القلق في شدة الأعراض، وطول الفترة الزمنية التي تظهر فيها الأعراض.

ما هو القلق؟

القلق هو رد فعل طبيعي ومتوقع للتوتر، فمثلاً:

  1. يشعر الطلاب غالباً بالقلق قبل الامتحان.
  2. الذهاب إلى مناسبة اجتماعية؛ ولا تعرف أي شخص فيها قد يجعلك تشعر بالقلق.
  3. الخوف من كشف كذبتك أمام الآخرين سيجعلك قلقاً جداً.
  4. عدم معرفة كيف ستدفع فواتيرك سيجعلك قلقاً.
  5. حتى المواعدة يمكن أن تثير مشاعر القلق.

كما ترون، هذه كلها أحداث حياتية طبيعية جداً، وهذه الضغوطات الشائعة يمكن أن تعمل بوصفها محفزات للقلق.

إذا كان الشعور بالقلق أمراً طبيعياً، فمتى يصبح اضطراباً سريرياً؟

يُشخَّص القلق رسمياً على أنَّه اضطراب القلق العام (GAD)، بعد تلبية هذه المعايير المحددة من DSM-V "الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية":

وجود قلق وتوتر مفرطين بشأن مجموعة متنوعة من الموضوعات أو الأحداث أو الأنشطة؛ إذ يستمر القلق في كثير من الأحيان لمدة 6 أشهر على الأقل، ومن الصعب السيطرة عليه.

يترافق القلق والتوتر مع ثلاثة على الأقل من الأعراض الجسدية أو الإدراكية الآتية (ثمَّة عرض واحد فقط ضروري لتشخيص اضطراب القلق العام عند الأطفال):

  1. التعب بسهولة.
  2. ضعف التركيز أو الشعور كما لو أنَّ العقل أصبح فارغاً.
  3. الغثيان والإعياء.
  4. صعوبات في النوم.
  5. الألم العضلي والتشنجات.
  6. التهيُّج.

سيستخدم الممارس الصحي أدوات التقييم الموحدة ومعايير التشخيص المذكورة أعلاه وحكمهم السريري لإجراء تشخيص للاضطراب المرتبط بالقلق.

ما مقدار شيوع اضطرابات القلق؟

تُقدِّر منظمة الصحة العالمية أنَّ 1 من كل 13 شخصاً (7.69% من سكان العالم)، يعانون من اضطراب القلق، وهذا يعني أنَّه يوجد أكثر من نصف مليار شخص يعيشون بمرض عقلي قابل للعلاج جداً.

ماذا يعني هذا بالنسبة إليك؟

إذا كنت تعاني من القلق لفترة طويلة، فأنت لست وحدك، من الشائع أن يشعر الأشخاص المصابون باضطراب القلق بالعزلة وسوء الفهم، فالخبر السارُّ هو أنَّك تستطيع إدارة القلق بأسلوب فعَّال من خلال النوع الصحيح من التوجيه من اختصاصي الصحة.

كيف أهدِّئ طفلي القلق؟

يشترك القلق والذعر في بعض الأعراض الشائعة، عندما يعاني طفلك من نوبة هلع أو يشعر بالقلق، اتبع هذه الخطوات:

  1. هدِّئ نفسك، فلست أنت من تنتابه النوبة.
  2. اعترف بأنَّ مشاعرهم حقيقية، بدلاً من معاقبتهم أو لومهم على ما يشعرون به.
  3. تدرَّبوا على التنفس العميق معاً، لتشجيع الجهاز العصبي نظير الودي على القيام بعمله.
  4. أخبرهم أنَّك موجود من أجلهم، بالقول: "أنا هنا من أجلك، أنا معك".
  5. امنحهم عناقاً طويلاً (أكثر من 20 ثانية).

شاهد أيضاً: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق

كيف يعالج علماء النفس القلق؟

نتائج علاج القلق إيجابية جداً من خلال جلسات الاستشارة مع طبيب نفسي متمرس؛ وذلك لأنَّ علماء النفس لديهم خبرة في فهم السلوك البشري، ويمكنهم المساعدة على تحديد المحفزات العاطفية، ومن خلال القيام بذلك، يمكن لعلماء النفس تزويدك بحلول عملية لمعالجة المشكلة الأساسية حتى لا يستمروا في العودة.

نظراً لأنَّ ممارسة علم النفس هي ممارسة قائمة على الأدلة؛ فإنَّ معظم علماء النفس سيوظفون التثقيف النفسي والعلاج السلوكي المعرفي لعلاج الأشخاص الذين يعانون من القلق، فالتثقيف النفسي هو عملية يساعدك فيها الطبيب النفسي على فهم طبيعة القلق حتى لا تكون خائفاً منه.

إقرأ أيضاً: نوبات الهلع: أنواعها، وأعراضها، وعلاجها، وطرق التعامل معها

يعتمد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) على الحد من أعراض القلق والقضاء عليها، وقد ثبت أنَّ العلاج المعرفي السلوكي فعَّال جداً على الأمد القصير؛ إذ تشير الأبحاث إلى أنَّ أكثر من 60% من الأشخاص الذين خضعوا للعلاج المعرفي السلوكي يعانون من تحسُّن كبير في أعراض القلق، وإنَّه أيضاً أفضل علاج طويل الأمد للقلق؛ إذ يعلِّمك العلاج المعرفي السلوكي المهارات التي يمكنك تطبيقها عند الطلب.

إقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع نوبات الهلع؟

في الختام:

نوبات الهلع على الرَّغم من كونها شديدة ومخيفة، إلا أنَّها غير مُقلقة، ويسهل تدبيرها بالتصرف الصحيح والسريع، فبادر إلى إجراء الخطوات التي ذُكرت سابقاً، وتذكَّر أن تبقى واثقاً من نفسك، ولا تُحرج من حالتك، فكل الناس لهم مشكلات ولا أحد كامل، والكمال لله.




مقالات مرتبطة