كيف توازن بين الإنتاجيَّة والإبداع؟

التركيز أكثر من اللازم على الإنتاجية يمكن أن يؤذي الإبداع، والذي هو أول شيء يستحق أن يُؤدَّى العمل من أجله.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب تايلر تريفورين (Tyler Trevooren)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته مع تحقيق التوازن بين الإنتاجية والإبداع.

"ما هذا؟" أسأل نفسي هذا السؤال وأنا أقرأ وأدقق الجداول الزمنية، فأنا أجني مئات الدولارات بالساعة الواحدة لقاء عملي، ولكنَّني أجني بضعة دولاراتٍ فقط لقاء القيام بهذا.

هذه هي هوايتي الجديدة، معرفة كمية النقود التي أجنيها مع الوقت لقاء الأمور المختلفة التي أقوم بها، وأنا استخدم جدولاً زمنيَّاً لمعرفة المدة الزمنيَّة التي يستغرقها كل عملٍ أفعله؛ إذ أستطيع الرجوع إليه لمعرفة أيَّ عملٍ مربح أكثر، لكنَّ المثير للاهتمام أنَّ عملية تدقيق الأعمال هذه كان لها تأثير كبير في جوانب حياتي المختلفة، ومع الأسف لم يكن هذا التأثير إيجابياً أبداً، فكُلَّما حاولت زيادة أجري في الساعة توترت أكثر عند شعوري أنَّني أضيُّع وقتي.

لا يقتصر الأمر على العمل؛ بل على كل شيء، فأنا أشعر أنَّني أضيع وقتي عند القيام بعدد من الأمور، مثل مشاهدة فيلم مع زوجتي، أو أخذ الكلاب في نزهة، أو حتى الذهاب لرؤية أصدقائي، فعندما تريد زيادة أجرك، لا يحدث الأمر بلمح البصر؛ إذ توجد عدة تنازلات يجب تقديمها.

لكنَّ الشيء الذي لم ألاحظه عند بدئي بهذه التجربة، أنَّني كنت أقحم نفسي بدوامة فكرية في عقلي الباطن، ألا وهي جعل وقتي محكوم بالمال، فإن لم أجني المال من خلال فعل شيءٍ معين، فهذا الشيء لا يستحق وقتي؛ فهل سبق لك ووقعت في نفس المعضلة الفكريَّة النفسيَّة؛ أي كلَّما ازداد أجرك ازداد شعورك بالتوتر؟ على الرَّغم من أنَّه يجب أن يكون التأثير على النقيض من ذلك، لا تقلق فأنت لست الوحيد، وفيما يأتي إليك بعض الحلول لهذه المعضلة.

كيف تزيد الأجور العالية من توترك؟

عندما يتحدث الناس عن التوتر المتعلق بالأمور المالية، فهم يقصدون أنَّهم لا يملكون المال الكافي، لكن وَفقاً لدراسة بسيطة ومثيرة للاهتمام، فإنَّ النقيض من ذلك صحيح أيضاً، فكُلَّما جنيت مزيداً من المال ستشعر بمزيدٍ من القلق والتوتر أيضاً.

يبدو الأمر غريباً، ولكنَّه منطقيٌّ إذا فكرت بالجهد الذي يبذله دماغك لإنشاء أنماط تفكير معينة - حتى لو لم تكن صحيحة - ودون أن تنتبه للطريقة التي تربط بها المال والوقت، فسيصعب على عقلك التفريق بين الساعات التي تقضيها في العمل أو التفكير في العمل، والساعات التي تقضيها في التفكير أو فعل أمور مسليَّة وغير مرتبطة بالعمل.

فعندما تقوم بصبِّ تركيزك على زيادة أجرك الساعي، فإنَّ دماغك سيفكر في هذا الأمر سواء أكنت تقوم بمهمة صعبة مرتبطة بالعمل أم كنت تشاهد غروب الشمس، فأنت تقيس قيمة وقتك بالنقود التي تكسبها؛ فهل من خلال مشاهدة غروب الشمس ستكسب 100 دولار بالساعة؟ إنَّ التفكير بهذه الطريقة يجعلك تطالب نفسك بالعودة إلى العمل.

شاهد بالفيديو: أسرار الإبداع والنجاح في العمل والحياة

من أين ينبع الإبداع؟

إنَّ المشكلة تكمن بالطبع بوجود عدة أمور تجعلك تعمل بأفضل ما عندك، وهي أمور قيمة، مثل: العلاقات الاجتماعية، وأوقات الفراغ، ومشاهدة غروب الشمس، ولا يمكنك ربطها بالمال، فهذه الأمور ستطلق شرارة الإبداع عندك، وتجعل عملك أفضل.

من أجل فهم هذه الفكرة أكثر أسال نفسك: "هل سيرسم فنان مبدع تحفته الفنية بالرسم باحترافية فقط؟ أم هل يحتاج إلى قضاء وقتٍ للتفكير في الفكرة التي سيرسمها أيضاً؟ أو هل سيجني المحاسب مزيداً من المال إذا قام بتدقيق الجداول فقط؟ أم عليه فهم ما يريده الزبائن أيضاً؟

ففي الحالتين سيكسَبان المال مقابل القيام بمهمة واحدة، لكنَّ المهمة الأخرى هي التي ستجعلهما أكثر إبداعاً، وأكثر مهارة بالقيام بالمهمة الأولى.

أعد تنسيق عملك بطريقة تجعلك تصبح أكثر إبداعاً لكسب المزيد من المال

فقد تعلَّمت هذا الأمر بنفسي، فإذا أردت كسب مزيد من المال، يجب عليَّ الانتباه إلى الطريقة التي أقضي بها وقتي؛ إذ يجب عليَّ تحسين طريقة قضاء وقتي، كي أجعل مهامي أكثر إنتاجيَّة، لكن يجب علي في نفس الوقت القيام ببعض الأمور الأخرى كي أحافظ على إبداعي وسعادتي، إنَّهما أمرين يصعب الموازنة بينهما.

إليك أمرين يساعداني على إنشاء هذا التوازن:

1. مراقبة ساعات العمل:

لفعل هذا، عليك تحديد ساعات عملك والالتزام بها؛ إنَّه أمرٌ يسهل قوله ويصعب فعله أن تقوم بعملك الخاص، بالنسبة إلي فإنَّ تحديد ساعات عملي والالتزام بها أمرٌ أساسي، كي لا أعمل خلال ساعات يفترض أن أفعل بها أموراً أخرى، إنَّ هذا الفصل يساعد عقلي على عدم ربط مفهوم الإنتاجيَّة بوقت العمل فقط.

إقرأ أيضاً: انفوغرافيك: 10 برامج وأدوات لتعزيز الإنتاجية

2. تنظيم وقت الاستراحة خلال يومك:

مهما كان عدد ساعات العمل التي تحددها لنفسك، احرص على تحديد ساعات استراحة لتسمح لنفسك بالقيام بنشاطاتٍ مختلفة، فإنَّ فترات الاستراحة هذه بالنسبة إلي تتمثل بممارسة التمرينات الرياضيَّة صباحاً، أو أخذ الكلب بنزهة قصيرة، وفترة استراحة لدفع بعض الضرائب في فترة ما بعد الظهر؛ فهذا يمنحني فرصة خلال اليوم للتفكير في العمل، وليس فقط للقيام به.

إقرأ أيضاً: 6 خطوات فعّالة لتنظيم الوقت

في الختام:

لم أتمكَّن من حلِّ مشكلة الموازنة هذه بعد، وما زلت أحاول فهم واكتشاف طرائق جديدة لتحسين التوازن بين الإنتاجيَّة والإبداع.

 المصدر




مقالات مرتبطة