كيف تقيِّم أداء موظفيك؟

ارتفع عدد المنظمات في العالم وتعددت مجالات عملها، كما اشتدت المنافسة فيما بينها؛ وذلك نظراً للتطورات الحاصلة على مستوى العالم التي أثرت في المنظمات في كافة جوانبها، ودفعتها إلى السعي بحثاً عن استراتيجيات تمكِّنها من المحافظة على مكانتها وتضمن نموها واستمرارها، ولعلَّ أهم استراتيجية فكرت فيها تلك المنظمات لتطوير كفاءتها وقدرتها التنافسية هي الاهتمام بالموارد والطاقات البشرية التي تمتلكها.



يُعَدُّ العاملون في المنظمة أهم الموارد الاستراتيجية التي تمتلكها والتي تحدد مستوى أداء المنظمة ونجاحها؛ لذا إنَّ عملية تحقيق المواءمة بين الأفراد والوظائف التي يشغلونها تؤثر تأثيراً كبيراً في أدائهم؛ لذا من أهم وظائف إدارة الموارد البشرية حالياً وظيفة (تقييم الأداء)، فمن المعروف أنَّ أداء العامل في المنظمة غير ثابت ومتغير بتغير الظروف المحيطة به؛ لذا يتعين على إدارة المنظمة متابعة أداء عامليها وتقييمه من أجل التعرف إلى أوجه القوة فيها وتطويرها وتحديد أوجه القصور وتصحيحها في الوقت المناسب.

عملية تقييم أداء الموارد البشرية عملية يمارسها الإنسان في العديد من المواقف الحياتية اليومية، فمثلاً عندما نقابل إنساناً جديداً ونتحدث معه لبعض الوقت نطلق الأحكام عليه بالقول إنَّه ذكي أو اجتماعي أو غير محبوب، كما نعمد أحياناً إلى ترتيب الأفراد ضمن جماعات بالاستناد إلى معايير محددة، واليوم ومع تطور علوم الإدارة في الوقت الحالي أصبحت عملية (تقييم الأداء) عملية منظمة تعتمد على البيانات والمعلومات، وهي عملية سابقة لكل برامج التنمية وتطوير الموارد البشرية.

أولاً: ما هو تقييم الأداء؟

يخضع العاملون في كافة المنظمات سواء أكانت قطاعاً عاماً أم خاصاً لتقييم أداء للأعمال التي نفذوها خلال فترات سابقة وبشكل دوري، ولهذه العملية دور كبير وتأثير مباشر في العاملين من حيث زيادة الأجور والمكافآت أو ترقية إلى وظيفة أعلى أو حدوث خلاف ذلك؛ أي فرض العقوبات المختلفة بدءاً من توجيه الإنذارات وصولاً إلى الفصل من الوظيفة.

الأداء كما ورد في معجم المصطلحات الاجتماعية يعني القيام بمهام الوظيفة من المسؤوليات والواجبات وفقاً للمعدل المفروض أداؤه من العامل الكفء المدرب، ويمكن معرفة هذا المعدل عن طريق تحليل الأداء؛ أي دراسة كمية العمل والوقت الذي يستغرقه وإنشاء علاقة عادلة بينهما، ولترقية الموظف تُجرى له اختبارات أداء، ويُعتمد في ذلك على تقارير الأداء؛ أي الحصول على بيانات من شأنها أن تساعد على تحليل وفهم وتقييم أداء العامل لعمله وسلوكه فيه في فترة زمنية محدودة.

حتى تتحقق فاعلية الوظيفة وكفاءتها يجب أن يتم تحليل كل وظيفة وتحديد المهام التي يجب على شاغلها القيام بها، إضافة إلى تحديد مسؤوليات الوظيفة وواجباتها وأساليب العمل وكذلك القدرات التي يجب أن يتمتع بها ومقارنتها بمعايير ومقاييس محددة للتأكد من كفاءة كل عامل.

تقييم الأداء هو تحليل ودراسة أداء العاملين للأعمال المكلفين بأدائها بموجب القانون، إضافة إلى ملاحظة سلوكهم في أثناء ممارستها؛ وذلك للحكم على مدى كفاءتهم في أدائها واتخاذ القرارات المتعلقة بمسيرتهم المهنية بناءً عليها.

يعرِّفه "فايز الزعبي" في كتابه (الرقابة الإدارية في منشآت الأعمال) هو العملية التي يتم بموجبها تقدير جهود العاملين تقديراً منصفاً وعادلاً، لتجري مكافأتهم بقدر ما يعملون وينتجون، وذلك بالاستناد إلى عناصر ومعدلات تتم على أساسها مقارنة مستويات أدائهم بها لتحديد مستويات كفاءتهم في الأعمال الموكلة إليهم.

كما يعرِّفه "زهير ثابت" في كتاب (كيف تقيم أداء الشركات والعاملين) بأنَّه قياس مدى قيام العاملين بالوظائف المسندة إليهم وتحقيقهم للأهداف المطلوبة منهم، ومدى تقدمهم في العمل وقدرتهم على الاستفادة من فرص الترقية وزيادة الأجور.

إذاً تقييم الأداء هو تقييم عمل الفرد العامل وليس الفرد العامل نفسه، فهو عملية تتم بصورة دورية ومستمرة، وتُمارس عملية التقييم بالاستناد إلى معايير محددة وموضوعية وتُجرى لتحقيق هدف بعينه، كما أنَّها عملية عامة وشاملة؛ إذ تشمل كل العاملين دون استثناء، وذلك يُشعر العاملين بالمصداقية والنزاهة والعدالة من قِبل المنظمة.

تقييم الأداء أداة تسمح بمراجعة ما إذا كانت النتائج المحققة تتطابق مع النتائج المنتظرة، وبتعبير آخر مقارنة الأداء الفعلي بالمعايير الموضوعة بشكل مسبق والبحث عن أسباب الاختلالات الموجودة وإعلام كافة مستويات المنظمة واتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة، ومن ثمَّ تمثل عملية تقييم الأداء العملية الأخيرة من العمليات الإدارية في المنظمة.

شاهد بالفيديو: كيف تقدم تغذية راجعة بناءة في مكان العمل؟

ثانياً: فوائد تقييم الأداء

  1. تمثل عملية تقييم الأداء مقياساً لمعرفة مدى نجاح المنظمة في تحقيق أهدافها الموضوعة.
  2. توفر عملية تقييم الأداء معلومات متنوعة عن المستويات الإدارية المختلفة في المنظمة وتستخدمها في عمليات الإدارية (التخطيط، الرقابة، اتخاذ القرارات).
  3. رفع الروح المعنوية للعاملين؛ إذ يسود جو من العلاقات الإنسانية الجيدة في التنظيم عندما يعلم العاملون بأنَّ جهودهم هي محط اهتمام وتقدير من قِبل المنظمة، وأنَّ هدفها من التقييم هو الوقوف على جوانب الضعف لدى بعضهم لمعالجته وتحسينه، إضافة إلى أنَّ اعتماد الترقيات والعلاوات على التقييم الموضوعي سيرفع ثقة العاملين بإدارة المنظمة وتقييمها.
  4. تعويد العاملين على تحمُّل المسؤولية، فعندما يدرك العامل أنَّ عمله سيكون محط تقييم من قِبل المنظمة وأنَّه سوف يترتب على نتائج التقييم قرارات مصيرية تتعلق بمستقبله العملي، فإنَّه يشعر بالمسؤولية تجاه نفسه وعمله معاً فيحاول تأديته على أفضل وجه ممكن.
  5. تقييم الأداء الموضوعي يضم عدالة المعاملة، فعند استخدام الإدارة أداة التقييم الموضوعي لتقييم أداء العاملين تضمن أن ينال كل فرد ما يستحقه من علاوة وترقية ومكافآت على أساس الجهد الذي يبذله وإتقان العمل الذي يؤديه.
  6. تستطيع الإدارة العليا من خلال تقييم الأداء ممارسة دورها الرقابي على أداء الرؤساء وتقييم جهودهم الإشرافية والتوجيهية، كما يمكن لهذا التقييم إعطاء الإدارة فكرة عن كيفية معاملة الرؤساء لعامليهم في المنظمة ونمط العلاقات الإنسانية السائد.
  7. يفيد تقييم الأداء في الحكم على سلامة برامج الاختيار والتدريب، فتقييم الأداء الجيد للعاملين يُعَدُّ دليلاً على سلامة طرائق الاختيار ونجاعة برامج التدريب الموجودة، وخلاف ذلك صحيح.
  8. تقييم الأداء وسيلة تفيد العامل في معرفة جوانب قوَّته وضعفه في العمل وتحديد إيجابياته وسلبياته، ونظراً لأنَّ هذا التقييم سوف يحدد مستقبله المهني سيكون حافزاً لديه لتحسين جوانب القصور لديه وتطوير نفسه وعمله.
  9. تقييم الأداء هو جزء لا يتجزأ من تحقيق الجودة الشاملة التي تؤكد على التحسين المستمر في الموارد البشرية.

ثالثاً: طرائق تقييم الأداء

1. تقييم الأداء السلوكي:

تركز هذه الطريقة على ثلاثة أساليب لتقييم الأفراد عبر تدريبهم من الأفضل إلى الأسوأ وهذه الأساليب هي:

أسلوب الترتيب:

يقوم على مبدأ مقارنة الأفراد العاملين وترتيبهم ترتيباً تنازلياً وفقاً للمستوى العام من الأفضل أداءً إلى الأسوأ.

أسلوب الترتيب المزدوج:

يقوم هذا الأسلوب على مبدأ المقارنة الزوجية؛ إذ يقارن بين شخصين في ترتيب معين، ثم يتم جمع عدد المرات التي حصل فيها الشخص على الترتيب الأفضل نتيجة أداء مهامه.

أسلوب التوزيع الإجباري:

يقوم المقيِّم هنا بوضع العاملين في مجموعات مختلفة ودفع الترتيب بحيث يكون طبيعياً بناءً على الافتراض القائل إنَّ نسبة قليلة من العاملين يحصلون على الترتيب الأفضل ونسبة قليلة أخرى تحصل على الترتيب الأسوأ، بينما يحصل باقي الأفراد على الترتيب الوسط.

طرائق تقييم الأداء

5. أساليب التقييم التي تقوم على النتائج:

1. أسلوب القوائم:

يستخدم المقيِّم في هذه الطريقة القوائم المرجعية للمنظمة التي تحدد الأوصاف السلوكية المطلوب توفرها في العاملين؛ إذ يعمد المقيِّم على وضع إشارة (نعم/ لا) إلى جانب العبارة التي تصف أداء العامل وتحدد الدرجات والأوزان لكل عبارة حسب درجة أهميتها، وبعد حساب الدرجات يعود التقييم إلى الرئيس المباشر للعامل لمناقشة العامل به وتصحيح السلوكات.

2. أسلوب رسم الدرجات:

يتضمن خصائص متصلة لأداء الأفراد محددة بدرجات ومقسمة إلى مستويات من 1 إلى 5 وتتضمن صفات تبدأ وتنتهي بنقيضين مثل (ضعيف جداً، ضعيف ، متوسط، جيد، جيد جداً) وعلى المقيِّم هنا قراءة الصفة المقرونة بالدرجة، وتُجمع العلامات عمودياً وتحدد علامة الأداء النهائية.

3. أسلوب الاختيار الإلزامي:

يُستخدم للتقليل من ذاتية المقيِّم؛ إذ يضطر لاختيار بند من بين بندين بحيث يحدد إجابة واحدة من بين إجابتين مخصصتين لتقييم الأداء.

إقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع التقييم السلبي في العمل وتحوله إلى فرصة للتطوير؟

4. أسلوب الأحداث الحرجة:

هي تقارير قصصية قصيرة توضح الأحداث التي مر بها الأفراد واعترضت سير عملهم، وعلى المقيِّم أن يسجل الحدث والموقف المحرج معاً ويحتفظ بها.

إقرأ أيضاً: مقياس مراقبة السلوك لتقييم الأداء

في الختام:

إنَّ الأداء الوظيفي هو درجة تحقيق وإتمام المهام الموجودة واللازمة للوظيفة التي يشغلها أحد العاملين وبما يحقق الأهداف الموضوعة من قِبل المنظمة وتسعى إلى تحقيقها عبر استغلال كافة الإمكانات المادية والبشرية المتاحة فيها، ويُعَدُّ تقييم الأداء جزءاً أساسياً من عمل المنظمة، ولا يمكن الاستغناء عنه إذا ما أرادت المنظمة أن تحجز لنفسها مكاناً متميزاً بين المنظمات المرموقة؛ لذا يجب عليها قياس الأداء المحقق من قِبل العاملين ومقارنته بالمعايير الموضوعة وتحديد إذا كان الأداء جيداً أو ضعيفاً وتعزيز نقاط القوة الموجودة وإجراء التعديلات على جوانب الضعف والقصور.




مقالات مرتبطة