كيف تفوِّض المهام بكفاءة!

تُعَدُّ رياضة سباق التتابع إحدى الرياضات المفضلة بالنسبة إليّ، حيث يصل العدَّاؤون إلى العصا دون أن يبدو عليهم العناء وهم بسرعة 20 كم في الساعة، حيث يبقون واقفين في المسارات وعلامات الارتياح بادية عليهم بشكلٍ لا يُصدَّق. إنَّ ما يفعلونه في الحقيقة أمرٌ في غاية الصعوبة وأنا أرى أنَّه يشبه التفويض. إذ إنَّه يبدو عملاً هيِّناً والذين يستطيعون تأديته بشكلٍ جيد هم الذين يجعلونه يبدو هيناً، لكنَّ تسليم العصا بنجاح يحتاج إلى كثيرٍ من الثقة، والالتزام، والتنسيق، وإذا قمت به بشكلٍ جيد سيكون جميع أفراد الفريق رابحين.



لماذا يجب على الناس أن يمارسوا التفويض؟

أن تكون قائدا عظيماً لا يعني أن تقوم بكل شيءٍ وحدك، بل يعني أنَّك تُجيد حقاً تحديد الأشخاص المناسبين لإنجاز مهمة أو تنفيذ مشروع وتمكينهم من القيام بذلك.

إنَّ تفويض المهام يمكنه أن يخفف عبء العمل عنك بكل تأكيد، لكنَّ التفويض هو أكثر من مجرد التخلص من الواجبات وفقاً للدكتور "سكوت ويليامز" أستاذ الإدارة في جامعة (Wright State University).

فأولاً سيكون الموظفون الذين يعملون لصالحك قادرين على تطوير مهارات جديدة، وزيادة اطلاعهم، وهذا سيجعلهم مستعدين لتحمل مزيدٍ من المسؤوليات في المستقبل.

حيث كتب الدكتور "ويليامز": "قد يكون التفويض أيضاً دليلاً واضحاً على أنَّك تحترم القدرات التي يتمتع بها المرؤوسون، وأنَّك تثق في رجاحة عقولهم، والموظفون الذين يشعرون أنَّهم يحظون بالثقة والاحترام، يميلون إلى إبداء مستويات التزام أعلى تجاه أعمالهم، ومنظماتهم، ومديريهم بشكلٍ خاص".

ويذكر "ويليامز" أنَّ التفويض في الشركات التي يتعامل موظفوها مع الزبائن وجهاً لوجه يمكنه أن يحسِّن تعامل الموظفين مع الزبائن، حيث يقول: "إنَّ الموظفين الذين ينالهم النصيب الأكبر من التواصل مع الزبائن -سواءً كانوا زبائن خارجيين أم داخليين-، هم عادةً الموظفون الذين يمتلكون أبرز المعلومات الوافية حول الطريقة الأفضل لخدمة أولئك الزبائن".

فالتفويض يمكنه أن يُعزّز قدرة الموظفين على اتّخاذ خطوات تزيد رضا الزبائن.

لماذا لا يمارس الناس التفويض:

ثمَّة بعض الخرافات والمفاهيم الخاطئة حول التفويض يمكن أن تجعل الناس يترددون في إسناد العمل إلى الآخرين، حيث يعتقدون بأنَّ التفويض هو تسليم العمل إلى شخصٍ آخر فقط.

كتب "هارفي ماكاي" مؤسس شركة (MackayMitchell Envelope Co): "يعتقد المديرون في أغلب الأحيان بأنَّ التفويض هو التنازل عن العمل لذلك لا يمارسونه، ويضيعون في النهاية وقت الشركة أيضاً ومواردها".

ويَذْكُر "ماكاي" أنَّ التفويض قد يكون فرصةً للتحكم بعبء العمل بشكلٍ أفضل، لكنَّه إضافةً إلى ذلك يمكنه أن يوفر للموظفين فرصاً ثمينةً للتعلُّم.

التفويض ليس دليلاً على الضعف بل دليلٌ على قوة القائد.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات ضروريّة لتفويض ناجح

يعتقدون بأنّهم قادرون على إنجاز المهمة بشكلٍ أفضل:

وجدت إحدى الدراسات أنَّ ثمَّة حالتَيْن نفسيَّتَيْن تجعلان الناس يترددون في تفويض أعمالهم:

  • تأثير التعزيز الذاتي: وهو ميل المديرين إلى النظر بتقديرٍ أكبر إلى نتائج الأعمال كلما كان لهم دورٌ أكبر في الوصول إلى تلك النتائج.
  • تأثير الإيمان بأهمية الإشراف: وهو ميل الناس إلى الاعتقاد بأنَّ العمل الذي يُؤَدَّى تحت إشراف شخصٍ ما أفضل من العمل الذي يُؤَدَّى دون إشراف أحد.

احترس من الوقوع ضحية حالات التحيز هذه في العمل، فقد تكون مؤشراً على حاجتك إلى تركيز الاهتمام على بناء مزيد من جسور الثقة داخل الفريق.

القلق بشأن التخلّي عن الصلاحيات:

قد يكون التخلي عن الصلاحيات أمراً شاقاً، لكنَّ تقبُّل الفكرة التي تقول إنَّك لا تستطيع فعل كل شيءٍ وحدك يُعَدُّ مهماً.

تقول "كارول ووكر" رئيسة شركة (Prepared to Lead)، وهي شركة استشارية تركز الاهتمام على تطوير القادة من الشبان والشابات، في حديثها لمجلة (Harvard Business Review): "التخلي عن مكانة الخبير الذي يقصده الجميع طلباً للمساعدة يحتاج إلى قدرٍ كبيرٍ من الثقة وسعة الأفق، حتى في أفضل بيئات العمل التي تسودها أجواءٌ صحية".

المصادر




مقالات مرتبطة