كيف تفصل حياتك المهنية عن إحساسك بالثقة بالنفس واحترام الذات؟

إنَّ الشعور بالشغف حيال العمل هو أمر جيد؛ إذ تلهمك وظيفتك لتجاوز العقبات وإجراء تغييرات ملموسة، ولكن إذا تكلمنا عن الثقافة الحديثة؛ فهي مهووسة جداً بالعلاقة بين الوظيفة والإحساس بالقيمة الذاتية، وغالباً ما تظهر الدراسات أنَّ تجارب العمل تؤثِّر في احترام المرء لذاته وخلاف ذلك صحيح.



من الضروري أن تفهم أهمية فصل "النجاح" في وظيفتك عن إحساسك الشخصي بالثقة بالنفس واحترام الذات؛ إذ توجد عدة طرائق لتتذكر أنَّ عملك لا يحدد نجاحك، وأنَّ ما تفعله لا يحدد من أنت وفي الواقع إنَّ تحديد هويتك بوصفها إجراء وقائياً يمكن أن يحميك من التغييرات الحتمية التي ستحدث خلال الحياة، وإذا أمضيت حياتك كاملة في إثبات نفسك من خلال العمل فقد يكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل أن تتغير وتعيد تقييم أولوياتك فجأة، وإن كنت تستمتع بحياتك المهنية فمن الجيد أن تتحدى نفسك داخلياً لكسر الرابط بين إحساسك بقيمتك الذاتية ووظيفتك، إذاً كيف يمكنك أن تبدأ؟

إليك 5 نصائح للبدء:

1. اضبط ردودك:

عندما تتلقى رد فعل سلبي على تقرير أو عرض تقديمي قمت به من أجل العمل تذكر أنَّه يوجد كثير من المواقف التي لا يكون فيها النقد مؤشراً حقيقياً لعملك، ولقد لاحظت الاختصاصية النفسية السريرية جيسيكا كوبلنز (Jessica Koblenz) أنَّه غالباً ما تكون ثمة تغذيات راجعة ملموسة في أماكن العمل وخاصة من قبل الرؤساء الذين يخبرونك بأن تقوم بشيء ما بشكل أفضل.

عندما يحدث ذلك، تقول جيسيكا: "تمهل قليلاً وضع التعليقات في منظورها الصحيح: هل يقوم رئيسك في العمل بالتحليل النقدي مع الجميع؟ وبالمقابل خذ لحظة للتفكير الذاتي، فإذا أثر فيك تعليق من التعليقات من الناحية العاطفية وشعرت بتوتر في جسدك وارتفاع في ضغط دمك، اسأل نفسك عمَّا إذا كنت تقاوم الصوت الداخلي الذي واجهته في وقت سابق من حياتك، وسيطر على مشاعرك السلبية قبل أن تترسخ.

2. ضع حدوداً بين حياتك الشخصية والعملية:

ابذل الجهد للفصل بين حياتك الشخصية والمهنية دائماً، وعندما يحدث شيء سيئ في وظيفتك، لا تدع حياتك المنزلية تتأثر بذلك لكي يساعدك كلُّ مجال في الحفاظ على الطاقة للمجال الآخر.

تقترح جيسيكا تطوير طقوس يمكن أن تساعدك على الدخول في "وضع العمل" أو "وضع المنزل" من خلال بناء مساحات انتقالية لتجنب إغلاق جهاز الكمبيوتر الخاص بك والاستلقاء على سريرك، وبدلاً من ذلك التفكير في القيام بجولة في الحي بعدِّه رحلة مجازية إلى العمل أو القيام بشيء بسيط مثل شرب الشاي أو الاستحمام بعد الانتهاء من العمل على سبيل المثال، وتقول أيضاً: "إنَّك نوعاً ما تتجاهل ما حدث في اليوم وتكون قادراً على تقبُّل ما سيحدث بعد ذلك".

شاهد: 10 نصائح للموازنة بين الحياة والعمل

3. خصِّص وقتاً للقيام بأشياء تحبُّها:

تذكَّر إن كنت تشعر بشغف تجاه وظيفتك أنَّ لديك عدة طرائق لإيجاد المعنى إضافة إلى العمل، فهل تستمتع بالقيام بإنجازات رياضية أو قراءة كتاب جيد؟ حاول أن تزيد من شغفك سواء كنت مهتماً بزراعة الزهور في حديقتك أم تعلم كيفية العزف على آلة موسيقية أم ممارسة التأمل أم قضاء الوقت مع عائلتك، ضع في حسبانك أنَّ ثمة أكثر من مجرد العمل الروتيني في المكتب؛ لذلك تحدَّ نفسك لتذكر الأشياء الأخرى التي تشعرك بالسعادة وخصص وقتاً للقيام بها حتى عندما تنشغل.

4. كن صريحاً:

تقترح جيسيكا أنَّك عندما تذهب إلى حفلة ما تجنب أن يكون سؤالك الأول عن مهنة الشخص الذي تتحدث معه وبدلاً من ذلك اسأله عن المدة التي عاش فيها في مدينتك أو عن الأشخاص الذين يعرفهم في تلك الحفلة، وإذا سألك شخص ما عن مهنتك، ففكر في استخدام الفعل بدلاً من الاسم؛ أي بدلاً من أن تقول: "أنا مهندس"، حاول مشاركة شيء عملي، مثل "أنا أعثر على المشكلات غير المتوقعة التي تحدث في الكمبيوتر" ويمكن أن يساعدك القيام بذلك على تذكر أنَّ عملك هو شيء تقوم به؛ ولكنَّه ليس الغرض الوحيد من حياتك.

5. ردِّد شعار أو عبارات دعم إيجابية:

فكِّر في ثلاث صفات تعجبك كثيراً في أقرب صديق لك، فمن غير المحتمل أن تقول إنَّ الوظيفة التي يعمل بها هي أكثر ما تحبه بشأنه، بدلاً من ذلك قد تشير إلى قدرته على إيجاد الفرح أو الموازنة في حياته، ثمَّ فكِّر في ثلاثة شعارات أو عبارات دعم أو صفات إيجابية تحبها في نفسك.

إقرأ أيضاً: 12 عادة لتحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية

عندما تتعرض للتوتر بسبب مهمة صعبة وكلت إليك من العمل، ذكر نفسك بتلك الصفات ولا تنسَ الأشياء الرائعة التي أنجزتها بالفعل؛ إذ تقول جيسيكا: "لا يمكنك إجبار نفسك على القيام بشيء رائع والضغط على زر ما لكي يحدث هذا الأمر؛ ولكنَّ إدراك كل شيء استطعت تحقيقه ونسب الفضل فيه لنفسك كلَّ يوم، يمكن أن يكون مفيداً في إعادة صياغة كلِّ المواقف؛ ففي النهاية سيساعدك البقاء لطيفاً مع نفسك أكثر ممَّا سيساعدك الضغط؛ بعبارة أخرى، أعدَّ قائمة بالأشياء التي أنجزتها بدلاً من قائمة المهام".

إقرأ أيضاً: كيف تحقق التوازن بين العمل وحياتك الشخصية؟

في الختام:

بعد مرور ما يقرب من ثلاث سنوات على جائحة كوفد-19 (covid-19) لا يوجد وقت أفضل من اليوم لإعادة تقييم التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وفي الواقع فقدت الصحة العقلية وصمة العار التي كانت ترتبط بها، ولقد استقال الملايين من الأشخاص من وظائفهم في الأشهر الأخيرة، وعلى الرَّغم من أنَّنا لا نقول: يجب عليك فعل الشيء نفسه، ولكن يجب ألا تنسى أنَّ الوظيفة ليست سوى ذلك حتى الوظائف المُرضية والممتعة يمكن أن تصبح متعبة تماماً، ولكنَّ الاستمتاع بهواية ما، والاتصال بشخص تحبه على سبيل المثال أفعالٌ يجب أن تُعطى الأهمية في حياة مليئة بالسعادة والإنجازات.




مقالات مرتبطة