كيف تعيش حياة سعيدة في منتصف العمر؟

يمرُّ الوقت مسرعاً، فقد تظن وأنت في عمر الـ 18 بأنَّ الحياة ما تزال بأكملها أمامك، وفجأةً تجد أنَّك بلغت الـ 38 من العمر، ولا تدري كيف مرَّ الوقت بهذه السرعة، وكيف أصبحتَ في منتصف عمرك.



قد تشعر أنَّك كنت مليئاً بالطاقة في الأمس، واليوم أصبحت تشعر بالحماسة لمجرد الذهاب إلى فراشك في وقت مبكِّر، لكن لا بأس بذلك؛ لأنَّ الحياة عابرة؛ إذ إنَّ الشيئين الحقيقيين الوحيدين في الحياة هذه هما الولادة والموت، ولا تصبح حقيقة الوقت أكثر وضوحاً إلا مع تقدُّمنا ​​في العمر، ثمَّ فجأةً نصبح غير قادرين على تجاهل تقدُّمنا في العمر، ونختتم كل لحظة من كل يوم نحو نهايتنا المحتمة.

هل نستطيع أن نعيش حياة سعيدة حتى لو كنَّا في منتصف العمر؟

عندما نكون صغاراً في العمر من السهل الاستمتاع في الحياة، فهناك حياة واحدة لنعيشها، وأملنا هو معرفة قيمة كل ثانية من يومنا، وإنشاء ذكريات لا تُقدَّر بثمن.

لكن مع تقدُّمك في العمر، يحدث التغيير، وتفقد تلك النظرة الكبيرة للحياة بصفتها مكاناً مليئاً بالعجائب، وتغرق في أمور الحياة المُمِلَّة؛ إذ يمكن لحقيقة الوصول إلى عُمر النضوج والتغيُّرات التي تطرأ على الجسم أن تجعل أي شخص أقل سعادةً وطاقةً.

يمكن أن يدفعنا التلفاز والأفلام إلى الظنِّ بأنَّه في اللحظة التي ندرك فيها أنَّنا أصبحنا في منتصف العمر، سنقع في أزمة منتصف العمر على الفور، كما سيدفعنا إلى تصديق أنَّ حقيقة التغيير والتطور والطبيعة العابرة لهذا الوجود، ستبعث أي شخص إلى دوامة من القلق لا يمكن معالجتها إلَّا عن طريق القيام بشيء غير منطقي، ومع ذلك فإنَّ خلاف ذلك هو الصحيح.

من المُمكن أن تختبر السعادة وتشعر بالسلام الداخلي في منتصف عمرك؛ لذلك إذا كنت تريد أن تعيش حياة سعيدة في منتصف عمرك، فهذه بعض الأشياء التي يجب أن تضعها في الحسبان:

1. عدم تصديق ما يُشاع عن فترة منتصف العمر:

لا تقتصر الحياة السعيدة على الصغار أو الكبار في السن، فلست ملزماً بالتوقُّف عن ذلك عندما تبلغ عمر الـ 45، فمواجهة أزمة منتصف العمر ليست أمراً حتمياً، لكنَّ الأمر الحتمي هو التغيير، فإذا استسلمت لكل الأفكار السلبية المتعلِّقة بمنتصف العمر، فقد تحرم نفسك من فرصة عيش تجربتك الخاصة.

فإنَّ الجملة القائلة: "إنَّك تجذب ما تركِّز عليه"، صحيحة تماماً، وإذا كنت تركِّز على مدى سوء فترة منتصف العمر، فهذا ما ستجذبه إليك، ومع ذلك، إذا كنت تركِّز على تحسين ذاتك، وتنمية السلام الشخصي، فإنَّك تقلِّل من قدرة الدماغ في التفكير السلبيِّ، لا سيما فكرة أنَّ هناك أزمة وشيكة محتمة ناجمة عن العمر.

شاهد: 9 نصائح لتعيش حياة مفعمة بالسعادة

2. تعلُّم كيفية التعايش مع التغيير وتقدير الأشياء الصغيرة:

كلُّ شيءٍ يتغيَّر باستمرار، فلا يوجد يوم مثل أمس ولن يأتي يوم مثل غد؛ إذ لديك خيارين: إمَّا أن تتمرَّد على تلك الحقيقة، أو أن تتقبَّلها، والحقيقة هي أنَّه لا داعي للخوف من التغيير أو المجهول، فلا شيء يستحق الخوف، فإذا استطعت أن تتعلَّم قبول حقيقة أنَّ كل شيء في حالة تغيير مستمر، فستكون قادراً على التعامل مع الحياة بطريقة أفضل.

قد يمرُّ البشر ببعض التغييرات الحتمية مع تقدُّمهم في السن؛ إذ يتغيَّر مظهرك وجسدك وحتى وظائفك المعرفية مع مرور الوقت، وستشاهد كيف سيكبر العالم من حولك، وسيكون أمامك مجدداً بعض الخيارات:

  1. الهوس بالمطالب التي لا تنتهي والتغيير المستمر الذي يرافق مرحلة النضج.
  2. تجاهُل التغييرات الواضحة التي تحدث فيك ومن حولك.
  3. قبول التغيير لأنَّك تدرك أنَّه أمر لا مفر منه، والشعور بالسلام.

فكلما تمردت ضد التغيير، أصبحت أكثر إرهاقاً، وبصرف النظر عن مقدار صعوبة محاولتك لمقاومته، فإنَّه سيغلبك دائماً ويجرفك معه، ومع ذلك إذا كنت حكيماً، فستستخدم التغيير لمصلحتك؛ أي ستسمح لنفسك بالشعور بالراحة للتغيير حتى تتمكَّن من الوصول إلى حيثما تريد بطريقة أسرع؛ إذ إنَّ الاستسلام لتيار التغيير هو مفتاح السعادة في منتصف العمر.

فإنَّ تعلُّم تقدير الأشياء الصغيرة يعني الاستسلام وحب الذات، فسرُّ تنمية السلام الشخصي هو تقدير الأنشطة اليومية العادية واللحظات التي غالباً لا يتذكَّرها أي شخص، فإذا استطعت التواصل مع العالم من حولك من خلال أفعال واعية - مهما كانت صغيرة - فسيؤدي ذلك إلى تحسين تجاربك اليومية التي تعيشها؛ إذ إنَّ الاستسلام لسحر اللحظات التي تمرُّ بها، يخلِّصك من المخاوف التي تنشأ من التركيز على المجهول.

إقرأ أيضاً: نصائح بسيطة تجعلك تستمتع بكل لحظة في حياتك

3. العمل على تجاوز مشكلاتك حتى تتمكَّن من أن تكون على سجيتك:

يرافقك عقلك دائماً على الرغم من تطور التكنولوجيا، أو انشغالك يومك كله، أو حتى لو سافرت؛ إذ لا يمكنك الهرب من عقلك، فإذا كان هناك أمور كبيرة لم تأخذ الوقت الكافي لمواجهتها، أو لتجاوزها، فقد تكون عائقاً أمام السلام والسعادة اللذين تستحقهما.

أن تكون شجاعاً بما يكفي لبذل الجهد لتجاوز مشكلاتك هو أمر مرهق، وعندما تبدأ العمل على تحسين ذاتك بجدية، لن يكون لديك الطاقة إلا عندما تكون على طبيعتك، فليست هناك حاجة إلى إخفاء عاداتك الغريبة، أو إزالة حدودك الخاصة، أو المساومة على راحة بالك.

إقرأ أيضاً: كيف تعيش حياة سعيدة وهانئة لآخر العمر

في الختام:

نريد جميعنا أن نعيش حياة سعيدة في كل الأعمار التي نبلغها في حياتنا، ولا أحد يريد أن يشعر بالعجز، أو أنَّه محكوم عليه بأن يمرَّ بأزمة مخيفة لمجرد أنَّه أصبح في منتصف العمر، فمجرد التفكير في هذه المحنة قد تشعر وكأنَّها أبشع شيء قد يمر عليك، لكن كما يقترح الشاعر "ويليام إرنست هينلي" (William Ernest Henley): "يجب أن تتقبَّل روحك التي لا تُقهر، وتتولَّى زمام رحلة حياتك، وتثق ب أنَّك سيد مصيرك وقبطان روحك".

فليس عليك التخلِّي عن قوتك بسبب أفكار المجتمع القديمة عن التقدُّم في السن، أو عن المخاوف التي لا أساس لها من الصحة، فأنت تملك القدرة على التحكم بأمور حياتك، فيجب عليك ألَّا تصدِّق ما يُشاع عن أزمة منتصف العمر، وتقبَّل التغيير، وقدِّر الأشياء الصغيرة، واعمل على تجاوز مشكلاتك، وكن على طبيعتك فحسب.

المصدر




مقالات مرتبطة