كيف تُظهر صلابتك الذهنية؟

بالطبع، عندما يتعلق الأمر بالنجاح الملحوظ، تكون العقبة هي الحل في بعض الأحيان، إذ يتطلَّب النجاح في أي مسعى جدير بالاهتمام قِوى خارقةً معيَّنة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "جيف هيدن" (Jeff Haden)، يُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية مع اكتساب الإصرار وإظهار الصلابة الذهنية.

يعتقد "ستيف جوبز" (Steve Jobs) - وهو المُعتاد على تحقيق الإنجازات - أنَّ الصلابة بالنسبة إلى روَّاد الأعمال هي أساس النجاح، ويقول: "أنا مقتنع أنَّ حوالي نصف ما يفصل روَّاد الأعمال الناجحين عن أولئك غير الناجحين هو مجرد المثابرة، فهذا أمرٌ صعبٌ جداً، فأنت تبذل الكثير من حياتك وجهدك في سبيل هذا الشيء، وتوجد لحظات عصيبة يستسلم فيها معظم الناس، أنا لا ألومهم، إنَّها حقاً قاسية".

من المنطقي أن يكون امتلاك أو إيجاد القدرة على تخطِّي الفشل والشدائد والتمسك بشغفك وأهدافك طويلة الأمد هو غالباً ما يسمح للأشخاص "العاديين" بإنجاز أشياء أكثر من عادية، ففي معظم الأحيان، يكون الشخص الفائز هو آخر الأشخاص الذين يفقدون الأمل بأنفسهم.

لكن لماذا يستسلم بعض الأشخاص بينما يستمر آخرون؟ والأهم من ذلك، لماذا يستطيع كل واحد منا أحياناً الاستمرار في الطريق بينما يستسلم في أوقاتٍ أخرى؟

المفتاح هو التأقلم في المقام الأول:

نُشِرَت دراسة في مجلة "طب الحياة البرية والبيئة" (Wilderness and Environmental Medicine) بعنوان: "الألم حتمي ولكنَّ المعاناة اختيارية" - وهو أروع عنوان بحثي على الإطلاق - تابعت أكثر من 200 مشارك في سباق ماراثون صحراوي متعدد المراحل يبلغ طوله 155 ميلاً؛ أي حوالي 250 كيلومتر.

ربط الباحثون بين استراتيجيات التكيف لدى المشاركين وما إذا كانوا قد أنهوا السباقات، واستخدم بعضهم ما أسماه الباحثون "استراتيجيات التأقلم التكيفية"، فبدلاً من رؤيتهم يعانون، قرروا النظر إلى معاناتهم الشديدة على أنَّها تحدٍّ لهم: كشيء اختاروه بأنفسهم - وهو ما فعلوه بالطبع - أو إيجاد طرائق لتجاهل الألم أو تشتيت انتباههم بعيداً عنه.

على الجانب الآخر، وقع بعض المشاركين فريسةً لـ "استراتيجيات التأقلم غير التكيفية" مثل الشعور بالخوف من المعاناة والألم الذي عاشوه واختبروه، أو النظر إلى مستوى معيَّن من الألم على أنَّه إشارة واضحة للتوقف، ولكي نكون منصفين يبدو هذا استجابةً معقولة.

بالمحصلة، يضاعف اتِّباع استراتيجية التأقلم غير التكيفية مرة واحدة احتمال انسحاب أحد المشاركين من السباق ثلاث مرات، ويمكننا جميعاً أن نتأثر بذلك، وأحياناً تكفي لحظة ضعف واحدة للانهيار في سيل من السلبية واليأس وعدم اليقين؛ ولذلك نحن نستسلم ونغادر.

شاهد بالفيديو: 12 عادة لتعزيز القوة الذهنية

عدم الاستسلام مفتاح آخر:

من الواضح أنَّ النظر إلى انتكاسة أو عقبة على أنَّها تحدٍ - كمجرد مشكلة أخرى يجب حلها - يمكن أن تساعدك على الاستمرار في الطريق، لذلك يمكن تبنِّي قاعدة "العالم الصغير"، فقد أوصى "كيفن آلتشولر" (Kevin Alschuler) - المؤلف الرئيس لكتاب "الألم حتمي ولكنَّ المعاناة اختيارية" - في مقال صدر مؤخراً في مجلة "آوت سايد" (outside)، باستراتيجية تكيف مفاجئة.

يقول "آلتشولر" (Alschuler): "أستعرض مع المريض الخيارات المطروحة وهي إما خيار أول أو ثانٍ، وهم يريدون الخيار الثالث، ثمَّة بعض الأحيان التي لا يتوفر فيها خيار ثالث"، ويقول أيضاً: "بالنسبة إلى الرياضيين المتميزين، يبدو أنَّهم جميعاً يقومون بعملٍ جيد باختيارهم للخيارين الأول والثاني طالما أنَّ الخيار الثالث غير مطروح".

فكِّر في الأمر، لقد تعلَّمنا أنَّ التغلب على التحديات والشدائد يتطلب التفكير المبتكر والجديد، كالبحث عن حلول إبداعية، وألا تتوقف أبداً عن محاولة إيجاد طريقة جديدة، وقد فعلتُ ذلك عندما نفَّذتُ مهمةً شاقة فنال مني التعب وبدأتُ أفكر في الخيارات، وكان في إمكاني توفير كل المعدات، وتوظيف الناس، كما كان في إمكاني أن أفعل الكثير من الأشياء، لكن لم يكن أي منها ملائماً.

الأسوأ من ذلك كله، أنَّ المحاولة - ثمَّ الفشل مراراً وتكراراً - لاكتشاف طريقة أسهل جعلَت المهمة الأصلية تبدو أكثر صعوبةً، فلم تهزمني المهمة فقط، ولقد هُزِمتُ بسبب عدم قدرتي على حل المشكلة وإيجاد طريقة أسهل، وكنتُ أستسلم في النهاية.

لكن بعد ذلك تذكُّرتُ أنَّ الطريق كان أمامي بالفعل، وكان في إمكاني الاستمرار في البحث، مثل معظم الأشياء، وكان النجاح مجرد مسألة وقت وجهد، الخيار (الأول)، وستسمح لي المواظبة على العمل في النهاية بتمهيد الطريق وإيجاد الحل؛ لذا قبلتُ هذه الحقيقة وعدتُ إلى العمل، وشعرتُ بالكثير من الأمل في داخلي.

إقرأ أيضاً: نصائح فعّالة لتسير إلى الأمام وتُحارب الاستسلام واليأس

في الختام:

في بعض الأحيان لا تكون الطريقة في كثرة الخيارات أمامنا، وأحياناً تكون الطريقة الوحيدة هي الخيار الأول أو الثاني أو حتى مجرد الخيار الأول فقط، وعندما تقبل ذلك، فإنَّ البقاء في المسار الصحيح يصبح في الواقع أسهل، وليس أصعب؛ وذلك لأنَّك حينها لن تركز على ما ليس لديك، أو ما لا يمكنك التحكم به، وفي هذه الحالة ستُذعن وتفعل ما تريد القيام به، وهو أساس أي نجاح جدير بالاهتمام.

المصدر




مقالات مرتبطة