كيف تصنع تغييرات تدوم طويلاً؟

هل حاولت يوماً أن تكتسب عادةً جديدةً ثم بعد أيامٍ أو أسابيعَ أو أشهرَ قليلةٍ وجدت أنَّك تعود إلى عاداتك القديمة؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة ماري جاكش (Mary Jaksch)، وتخبرنا فيه عن تجربتها في إجراء تغيير دائم في حياتها.

ربما يعاني كل شخص بيننا من نفس المشكلة؛ إذ يُعدُّ إحداثَ تغييرٍ دائمٍ أمراً صعباً، وقد اكتشفتُ ذلك عندما بدأت تحدي جي إل زد إيبك فيتنس تشالنج (GLZ Epic Fitness Challenge)، وقد وجدت في البحث الذي أجريته لكتابي القادم عن أسرار شيخوخة الشباب، الاستراتيجية القوية التالية في كتاب غامض عن تأثير التيلومير (Telomere Effect).

يخبرنا علم السلوك: إذا كنت ترغب في إجراء تغيير، عليك أن تعرف لماذا تصنع هذا التغيير؛ ولكن لكي يدوم هذا التغيير، تحتاج إلى المزيد من المعرفة؛ فعندما يتعلق الأمر بالتغيير، فإنَّ عقولنا لا تعمل بصورة منطقية؛ إذ تبدو قطعة الشوكولاتة أكثر جاذبية من وجبة طعام صحيَّة، ويمكن أن يضعف قرارنا عندما يحين وقت ممارسة الرياضة أو التأمل.

كيفية ترتيب أفكارك بالكامل:

إذا كنت ترغب في إجراء تغييرات دائمة؛ فأنت تحتاج إلى ترتيب أفكارك ومشاعرك وأفعالك؛ ولضمان استعدادك للتغيير الكامل، ضع نفسك أمام هذه المقابلة القوية مع ذاتك واسأل نفسك هذه الأسئلة الأربعة الحاسمة، والتي تحتاج إلى الإجابة عنها؛ إذ تتعلق بالاستعداد والمعنى والثقة فيما يتعلق بالتغيير الذي تريد إجراؤه، وحاول استخدام دفتر ملاحظات أو ملف رقمي لتسجيل إجاباتك.

1. ما هو التغيير الذي ترغب في إجرائه؟

اختر عادة جديدة تريد اكتسابها، واذكر التغيير الذي تريده بأكبر قدر ممكن من الوضوح واكتبه.

2. قيِّم مدى استعدادك لإجراء التغيير (استخدم مقياس من 1 إلى 10):

إذا كانت نتيجتك 6 أو أقل؛ فأنت لست مستعداً لإجراء تغيير في المجال الذي اخترته؛ لذا من الأفضل اختيار هدف مختلف أو إيجاد تغيير أصغر في السلوك؛ إذ إنَّ تغييراً واحداً يؤدي إلى آخر، لذلك من الجيد أن تبدأ بخطوات بسيطة، وإذا كان مدى استعدادك هو 7 أو أكثر؛ فأنت جاهز للتعامل مع التغيير الذي تريد القيام به.

إليك هذا المثال: إذا كنت تريد الاستيقاظ باكراً، وحددت وقت الاستيقاظ قبل ساعة واحدة من المعتاد، فقد لا تكون مستعداً لإجراء التغيير، ومع ذلك، إذا قلَّصت هدفك إلى الاستيقاظ قبل 5 دقائق فقط، فقد تكون مستعداً لتحقيق هذا الهدف.

لاحظ ما إذا كان تقليص هدفك يناسبك أم لا، فبالنسبة إلى معظم الناس، إنَّ اختيار هدف أصغر يعزز لديهم الاستعداد، ومع ذلك، هناك أيضاً بعض الأشخاص الذين لا يجدي معهم اختيار هدف أصغر لأنَّه "لا يبدو أنَّه يستحق العناء".

في دورك كمحاور مع ذاتك، لاحظ واحترم الأفكار والمشاعر التي تنشأ مع كل سؤال.

شاهد بالفديو: كيف تصنع التغيير في حياتك من خلال تغيير عاداتك؟

3. كيف يكون هذا التغيير مجدياً بالنسبة إليك؟

إذا وجدنا معنى معمقاً للتغيير الذي نجريه، فمن المرجح أن نجعله يدوم؛ لذا حاول ربط هدفك بأعمق أولوياتك في الحياة؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون الدافع بالنسبة إليك كما يأتي: "أريد أن أحقق هذا الهدف من أجل أطفالي أو أحفادي، وأن أكون بصحة جيدة بما يكفي لأستمتع معهم".

المفتاح هنا هو: اختيار الأهداف الجوهرية المتعلقة بالعلاقات والمتعة والمعنى في الحياة، بدلاً من اختيار الأهداف البعيدة المتعلقة بالثروة أو الشهرة أو كيف يشاهدنا الآخرون.

ومجرد أن تشعر بالدافع الأساسي للتغيير، احتفظ بإجابتك كلقطةٍ ذهنية، ومن الأفضل لو أنَّك تجد صورة تمثل دافعك؛ فهذه الصورة المرئية هي سلاح لاستخدامه عندما تصبح الأمور صعبة.

ابحث عن صورة يمكنك استخدامها لتذكيرك بدوافعك، فهي ستساعدك على المثابرة والنجاح، اطبعها والصقها على الحائط، أو استخدمها كخلفية على هاتفك، وإذا لم يكن لديك صورة مناسبة، فابحث في المجلات أو على الإنترنت عن صورة تعبِّر عن دافعك الأساسي.

إليك هذا المثال: البحث عن حافز مستمر لكتابة سلسلة الكتب عن شيخوخة الشباب، أو صورة كتاب، أو لأشخاص يصفقون لن يجدي نفعاً بالنسبة إليَّ؛ لأنَّ هذه الصورة ستكون متعلقة بالدوافع الخارجية، لكن صورة الأشخاص الناضجين الذين يستمتعون بالحياة ستذكرني بأنَّني في مهمةٍ لتغيير حياة الناس، وهذا حافزٌ قوي؛ لذا ابحث عن حافزك الأقوى وسجله قبل الانتقال إلى السؤال التالي.

4. ما مدى ثقتك في إجراء هذا التغيير؟ (استخدم مقياس من 1 إلى 10):

إذا كنت عند الرقم 6 أو أقل، أقترح عليك تغيير هدفك لجعله أبسط وسهل التحقيق، أمَّا إذا كانت درجة ثقتك تزيد عن 6، فكِّر في المشكلات التي قد يتعين عليك التغلب عليها لتحقيق التغيير الذي تبتغيه، وضع خطةً واقعيةً لكيفية التغلب على هذه العقبات، وفكِّر فيها كأنَّها تحديات عليك مواجهتها؛ ففي هذه المرحلة، من المفيد التفكير في لحظات الفخر الذي شعرت به عندما تمكنت سابقاً من التغلب على تحديات أخرى في حياتك.

السؤال عن الثقة في إجراء التغيير أمر بالغ الأهمية؛ إذ تُسمي حركة علم النفس الإيجابي (Positive Psychology) هذه الخطوة بالكفاءة الذاتية؛ إذ إنَّ بعض علماء النفس يقيِّمون الكفاءة الذاتية بأنَّها أعلى من الموهبة عند تقديم إرشادات تخص تحقيق النجاح؛ ولهذا السبب نحتاج إلى الانتباه لثقتنا عند تحديد الأهداف للتأكد من أنَّ معتقداتنا المتعلقة بالكفاءة تتماشى مع التغييرات التي نريد إجراءها.

قبل ظهور علم النفس الإيجابي (Positive Psychology) بوقتٍ طويل، عبَّر المهاتما غاندي (Mahatma Gandhi) عن التدفق من الفكر إلى الفعل كما يأتي: "معتقداتك تتحول إلى أفكار، والأفكار تتحول إلى كلمات، والكلمات تتحول إلى أفعال، والأفعال إلى عادات، والعادات تصبح قيماً، وهذه القيم تصبح مصيرك".

تُحدد الثقة في إمكاناتك على إجراء التغيير، ما إذا كنت ستجرب السلوك الجديد في المقام الأول وما إذا كنت ستستمر، بمجرد أن تصطدم بعقبة.

وبعد الانتهاء من أسئلة المقابلة الذاتية الأربعة، راجع نتائجك، فقد ترغب في متابعة العملية مرة أخرى بتغيير أصغر أو تغيير مختلف تماماً تريد تحقيقه.

إقرأ أيضاً: 10 استراتيجيات تساعدك في تقبل التغيير في الحياة مهما كان قاسياً

5. إضافة العادة الجديدة إلى جدول أعمالك:

خطوتك التالية هي جدولة عادتك الجديدة وإدراجها في التقويم الخاص بك؛ فعندما يحين وقت العمل والنشاط، لا تحاول اتخاذ قرار، بل افعل ذلك مباشرةً؛ فبعد كل شيء، اتخاذ القرارات أمراً مرهقاً؛ لذا ابدأ بالخطوة الأسهل الممكنة في تسلسل الاستعداد للنشاط؛ فقد تكون شيئاً سهلاً مثل تغيير ملابسك.

على سبيل المثال، عندما استعد لفصل كاراتيه، أضبط منبهاً لبدء تسلسل خطواتي؛ إذ يبدأ هذا التسلسل بكيِّ ملابس الكاراتيه ثمَّ ربط حزامي الأسود، والخطوة التالية هي التقاط حقيبة الكاراتيه الخاصة بي، ثمَّ ركوب السيارة، وبمجرد أن أعبر باب قاعة الكاراتيه، أكون جاهزةً للتدريب الفعلي.

بنفس الطريقة، يمكنك إنشاء تسلسل "الاستعداد" الخاص بك؛ فعندما تطبق تسلسل "الاستعداد"، ركز فقط على الخطوة التالية، وليس على النشاط القادم.

إقرأ أيضاً: كيف تقوم بترسيخ العادات الجيدة في حياتك؟

6. الاحتفاء باكتساب عادتك الجديدة:

احتف في كل مرة تتخذ فيها إجراءً لجعل عادتك الجديدة حقيقة واقعة، وامنح نفسك بعض البهجة وعبِّر عنها برقصة النصر.

ولتلخيص كل ما سبق، إليك هذه الخطوات:

  1. تحديد التغيير الذي تريد القيام به.
  2. تحديد استعدادك لإجراء التغيير على مقياس من 1 إلى 10؛ ويجب أن يكون 7 فما فوق، وإلا اختر تغييراً أسهل.
  3. البحث عن المعنى وراء التغيير والبحث عن صورة تلخص دافعك الأساسي للتغيير.
  4. التحقق من ثقتك في إحداث التغيير على مقياس من 1 إلى 10.
  5. إضافة العادة الجديدة إلى جدول أعمالك.
  6. الاحتفاء في كل مرة تمارس فيها عادتك الجديدة.

المصدر




مقالات مرتبطة